مع اتجاه نظام الانقلاب بقيادة عبدالفتاح السيسي إلى تدويل قضية سد النهضة الإثيوبي، حذر خبراء من خطر التدويل وفشله، مؤكدين أن هذا الفشل سيكون لصالح إثيوبيا، ويجعل مصر تفقد حقوقها التاريخية فى مياه النيل إلى الأبد. وقال الخبراء إنهم غير متفائلين بالتدويل فى ظل التعنت الإثيوبي، محذرين من أن تضييع الوقت يصب فى صالح إثيوبيا. وأكدوا أنه مع فشل 10 سنوات مفاوضات ستكون المواجهة العسكرية هى الحل لتلك الأزمة. كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية قد كشفت عن استراتيجية جديدة لدفع الأطراف المتنازعة بشأن ملف سد النهضة، للوصول إلى مقاربة تؤكد على حق إثيوبيا في بناء منشآتها المائية، مع أهمية حصول دولتي المصب السودان ومصر على البيانات والمعلومات التي تمكنهما من وضع توقعات مستقبلية صحيحة، تجنب أي اضرار محتملة من السد. وفي محاولة لكسر جمود مفاوضات سد النهضة المستمرة منذ عام 2011، زار المنطقة، وفد من الكونجرس الأميركى بقيادة السناتور كريستوفر كونز، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، ورافقه السناتور كريس كريس فان هولن. كما عينت الإدارة الأمريكية مؤخرا جيفري فيلتمان مبعوثاً جديداً للولايات المتحدة في منطقة القرن الإفريقي، التي تعاني من أزمات شائكة، أبرزها الخلافات الحادة حول سد النهضة بين إثيوبيا والسودان ومصر. وتتصدر أزمة سد النهضة، الذي تبنيه إثيوبيا على بعد 15 كيلومترا من الحدود السودانية بكلفة 5 مليارات دولار، وبطاقة تخزينية تقدر بنحو 74 مليار متر مكعب، أجندة المبعوث الأميركي الجديد في المنطقة، حيث تتزامن مهمته مع وصول أطراف النزاع الثلاثة إلى طريق مسدود بعد فشل الاجتماعات التي استضافتها كنشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية، خلال أبريل الماضى . المواجهة حتمية حول هذه التطورات، أكد الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري والموارد المائية الأسبق، أنه ليس متفائلا بتدويل ملف سد النهضة، مشيرا إلى أن النظام المصري ذهب قبل ذلك إلى مجلس الأمن ولم يكن هناك دعم كاف من المجتمع الدولي خاصة من الدول الكبرى. وقال علام فى تصريحات صحفية، إن الأمور من وجهة نظره تسير في اتجاه المواجهة، لافتا إلى أن إثيوبيا دولة كاذبة تمارس العربدة وتحاول كسب الوقت من أجل استكمال مشروعها على حساب دولتى المصب. وأشار إلى أن عدم اعتراف إثيوبيا بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل لا يهم لأن القانون الدولي يعترف بهذه الحقوق لكنه يكشف أحد أبعاد المخطط الإثيوبى. لعبة خبيثة وقال الدكتور عباس شراقي، أستاذ المياه والموارد المائية والشئون الإفريقية بجامعة القاهرة، إن نظام السيسي تقدم بشكوى لمجلس الأمن مرتين في شهري مايو ويونيو 2020، والسودان تقدم بشكوى مرتين كذلك، ومجلس الأمن استجاب وعقد جلسة في 29 يونيو 2020، لكن إثيوبيا نجحت في أعادة الملف مرة أخرى للاتحاد الأفريقي، رغم أن الاتحاد الأفريقي فشل في حل الأزمة حتى الأن. وأكد «شراقي»، في تصريحات صحفية، أن مهمة مجلس الأمن الدولي هي الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وبالتالي من حق أي دولة اللجوء لمجلس الأمن بشكل منفرد إذا رأت أن هناك من يهدد الأمن والسلم الدوليين، معتبرا أن ما تقوم به إثيوبيا في ملف سد النهضة يهدد الأمن والسلم الدوليين. ولفت إلى أن إثيوبيا دولة مراوغة، مؤكدا أن التأخير في رفع الملف إلى مجلس الأمن يترتب عليه مخاطر جسيمة على مصر لاسيما وأن إثيوبيا تسير في اتجاه الملء الثاني للسد في يوليو القادم، وبالتالي يجب على مصر التحرك بسرعة ودونما تأخير. وأشار «شراقي» إلى أن عدم اعتراف إثيوبيا بالاتفاقيات الدولية أو كما تسميها «الاتفاقيات الاستعمارية» يصب في صالح مصر والسودان، لأن هذا يعني أن الأرض المقام عليها السد سوف تعود للسودان، مؤكدا أن لجوء نظام الانقلاب إلى مجلس الأمن تأخر كثيرا، فكان من الأفضل لمصر أن ترفض وساطة الاتحاد الأفريقي وتبقى مع مجلس الأمن. وحذر من أن إثيوبيا تلعب لعبة خبيثة وهي أنها تحاول فك التحالف المصري السوداني من خلال إرسال رسائل طمأنه للجانب السوداني والحديث عن أن سد النهضة يصب في صالح السودان، وهذا غير حقيقي وكذب، مؤكدا أن الدول الكبرى مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا تحركها مصالحها ولن تعمل من أجل حقوقنا فى مياه النيل. تكتيك إسرائيلي وقال السفير محمد الشاذلي، سفير مصر السابق لدى السودان، أن إثيوبيا تستخدم التكتيك الإسرائيلي في مفاوضات سد النهضة، حيث تتفاوض إسرائيل منذ سبعين سنة وتأكل الأرض حتة حتة وتغير الجغرافيا والتضاريس، مشيرا إلى أن الدور الإسرائيلي في ملف سد النهضة مؤكد ولا يحتاج إلى رأي. وأضاف الشاذلى فى تصريحات صحفية، أن التفاوض استنفذ كل مراحله، معتبرا أن إعادة الإثيوبيين مرة أخرى لمائدة التفاوض مضيعة للوقت. وحذر من أن وقوع صدام على موضوع المياه فى المنطقة سيؤدي إلى حالة عدم استقرار ستضر بالقارة الأفريقية بل والعالم كله. وشدد الشاذلى على ضرورة الوقوف في وجه هذا النزق الإثيوبي المتهور حتى نحمي أنفسنا ونحمي غيرنا من نتائج هذا التهور ونحافظ على حقوقنا.