جاء اعتقال السلطات السعودية الأميرين أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك وعم ولي العهد، ومحمد بن نايف ولي العهد السابق، واعتقال قرابة 18 آخرين من الأمراء وأبنائهم، واتهام السلطات لهم بالخيانة وتدبير انقلاب ضد الملك سلمان ونجله؛ ليطرح تساؤلات حول ما يجري في المملكة، وهل هو انقلاب فعلا كما تدعى السلطة، أم محاولة من بن سلمان لإخلاء الساحة من المعارضين في الأسرة الملكية لتوليه العرش عقب والده الملك؟. وزاد من البلبلة عدم إعلان السعودية في أي بيانات رسمية عما يجري، ونشر قوات في الشوارع وإلغاء الصلاة في الحرم ثم إعادتها للمقيمين فقط وغلق المدارس واعتقال ضباط في الحرس الجمهوري والجيش والشرطة تقول السلطة إنهم موالون للأمراء المعتقلين؛ حيث كان من بين الموقوفين وزير الحرس الوطني المقال الأمير متعب بن عبد الله نجل الملك الراحل عبد الله، وشقيقه أمير الرياض السابق تركي بن عبد الله، والأمير الملياردير الوليد بن طلال، والأمير فهد بن عبد الله بن محمد نائب قائد القوات الجوية الأسبق. وتقول صحف غربية إن ما جري لا علاقة له بأي انقلاب ضد بن سلمان، وإنما هي محاولة منه لتولي العرش دون نزاعات خاصة مع عمه شقيق الملك أحمد عبد العزيز الذي رفض اصلا بيعة محمد بن سلمان كولي للعرش، والذي يطالب سعوديون بتوليه العرش واعتباره الأحق والأفضل. وأن بن سلمان يرغب في أن ينهي هذا الصرع لصالحه ويتولى العرش – سواء مات الملك أو تمت تنحيته –قبل نوفمبر المقبل وقمة العشرين وقبل نتائج الانتخابات الامريكية واحتمالات سقوط ترامب ومجيء رئيس ديمقراطي وكلهم يعادون بن سلمان وينتقدونه ويطالبون بمحاكمته لتورطه في قتل الصحفي جمال خاشقجي. وبحسب عدة صحف غربية، فإن عملية الاعتقال تمت بأمر مباشر من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان من قبل عناصر مقنعة من حرس الديوان الملكي، وأن سبب الاعتقال هو "خيانة الوطن" بحسب ما قالت السلطات. وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إنه “قد يكون واحدا من الدوافع المحتملة للاعتقالات الجديدة متعلقاً بتقدم الملك سلمان في العمر، إذ يبلغ 84 عاماً، فقد يكون ولي العهد يسعى إلى احتجاز كل المنافسين المحتملين لخلافة والده قبل وفاة الملك أو تنحيه عن العرش. كذلك لفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن ولي العهد السعودي يواجه مؤخراً تضجراً في المملكة والعالم الإسلامي الأكبر، “إزاء قراره أحادي الجانب بتعليق الزيارات إلى مكة على خلفية انتشار فيروس كورونا، وهي خطوة رغم ندرتها تمثل سابقة في التاريخ الإسلامي”. في هذه النقطة تحديداً، جادل المحافظون بأنه في حين علق الأمير محمد دخول الحجيج فإن أماكن الترفيه العصرية التي أدخلها محمد بن سلمان على المملكة، مثل دور السينما، لا تزال مفتوحة أمام الجمهور.
لا محاولة انقلاب وعقب اتهام الأمراء بالتخطيط لانقلاب على ولي العهد، قال مصدر ل “واشنطن بوست” إنه “لم تكن هناك أي محاولة للانقلاب على الحكم”، مضيفاً أن توقيفهم جاء بسبب “تراكم سلوكيات الأمراء”، دون أن يعطي مزيداً من التفاصيل. ايضا ذكر تقرير ميدل إيست آي، نقلا عن مصادر: "لم يكن أحمد يخطط لانقلاب قبل إلقاء القبض عليه كما زُعم بحسب تقرير لرويترز؛ وذلك أساساً لأن الأمير لم يكن لديه أي سلطة للقيام بمثل هذه الخطوة". وقال المصدر “كان الأمير أحمد يعترض علانية على انضمام ابن أخيه، كعضو في مجلس البيعة إذا مات الملك وكانت مسألة الانضمام إلى العرش تأتي رسمياً قبل ذلك، لقد قال بوضوح لا. لكن لم تكن هناك محاولة انقلاب”. في هذا السياق، قال مايكل ستيفنز، من معهد رويال يونايتد للخدمات في لندن، إن “حبس اثنين من الأمراء من هذه الرتب العليا يرسل رسالة إلى الأمراء الصغار مفادها أن الاحتجاز يحصل مع كبار الأمراء؛ وبالتالي هو ليس مستبعداً على أحد. ولذلك ذكرت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، أن السلطات السعودية أفرجت عن أميرين تم توقيفهما ضمن حملة اعتقالات طالت أمراء بعد اتهامهم بالتخطيط لانقلاب ضد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في حين ذكرت صحيفة Washington Post أن الأمراء سُجنوا في فلل ملكية. ونقلت صحيفة “وول ستريت” عن مصادر مطلعة – لم تذكر اسمها – قولها إن السلطات أخلت “سبيل وزير الداخلية السعودي السابق الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف، ووالده أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز”، لافتةً إلى أنه تم الإفراج عنهما عقب استجوابهما. في سياق متصل، تحدث تقرير جديد لصحيفة “واشنطن بوست” عن أن الأمراء تم احتجازهم في فلل خاصة تابعة للقصر الملكي، مشيراً إلى أن السلطات سمحت للأمراء بالاتصال بأفراد أسرهم. الصحيفة نقلت عن مصدر مقرب من العائلة الملكية – لم تذكر اسمه – قوله إن الأمير أحمد بن عبد العزيز “طلب من أفراد أسرته أن يرسلوا له البشت (هو زي مرتبط باللقاءات الرسمية)، مما يعني أنه قد يظهر قريباً أمام الجمهور، ولكن “تحت الإكراه”، وفقاً لقول المصدر.
استدعوا عمه للقاء الملك ثم اعتقلوه! وقد كشف موقع Middle East Eye على لسان مصادر لم يسمها أن الأمير أحمد أصغر أشقاء الملك سلمان أُعطي فرصة أخيرة، بعد سنوات من المعارضة لينضم لحملة تأييد وصول الأمير محمد بن سلمان إلى الحكم ومنحه كافة السلطات لكنه رفض، حيث جاءه العرض قبل إلقاء القبض عليه يوم الجمعة. قال الموقع، إن الأمير أحمد تعرض لضغوط من أجل تقديم دعمه الكامل لمحمد بن سلمان أثناء لقاء سابق له مع الملك سلمان، بعد توجيه الدعوة له للقاء الملك، والذي تكلم معه بأسلوب مهذب لتشجيعه على دعم ابنه، لكن الأمير أحمد أوضح أنه “لن يدعم هذا المشروع”، أخبر أحمد الملك أنه هو نفسه ليس حريصاً على أن يصبح ملكاً ولكنه سيتطلع إلى الآخرين للتقدم. وأكد الموقع إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعتزم أن يصبح ملكاً قبل قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها الرياض السبت، 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وأنه مهد لذلك بقيامه باعتقال 3 من أبرز الشخصيات داخل الأسرة الحاكمة وأن الأمير بن سلمان لن ينتظر وفاة والده الملك سلمان لكي يصبح بعد ذلك ملكاً.
خمسة أسباب للاعتقالات ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن احتجاز الأميرين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف له صلة بمحاولة انقلاب مزعومة وأن السلطات تتهم الأميرين بالخيانة العظمى، وأنهما يواجهان عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة. استبعد بعض المحللين فرضية الانقلاب الداخلي. وقال الكاتب والباحث السياسي علي ناصر الدين -في لقاء مع الجزيرة-إنه إن كان هناك تحرك ما، فقد يكون بسبب معارضة التغييرات التي يقوم بها ولي العهد. قالت وكالة "رويترز" نقلا عن مصدرين تحدثا لها أن بعض أفراد الأسرة الحاكمة سعوا لتغيير ترتيب وراثة العرش معتبرين أن الأمير أحمد أحد الخيارات الممكنة الذي يمكن أن يحظى بدعم أفراد الأسرة والأجهزة الأمنية وبعض القوى الغربية. ونقلت عن المصدرين قولهما إن بن سلمان أثار استياء بين بعض الفروع البارزة للأسرة الحاكمة بسبب تشديد قبضته على السلطة، وتساءل البعض عن قدرته على قيادة البلاد عقب قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي في القنصلية بإسطنبول عام 2018 وتعرض البنية التحتية النفطية لأكبر هجوم على الإطلاق العام الماضي. بعض المعتقلين سعوا عند الملك للشفاعة للمعتقلين من آل سعود من أجل الإفراج عنهم، وأنهم خلال حديثهم مع الملك قسوا عليه، فبادر بن سلمان لاعتقالهم. المعتقلون انتقدوا قرار إيقاف العمرة والطواف حول الكعبة المشرفة، وبالمقابل استمرار حفلات الترفيه وتأشيرات السياحة، وأن ذلك قد يشكل خطرا جراء موقف العالم الإسلامي وهو يشاهد الحرم المكي خاليا من الطائفين، فأحس بن سلمان أن هناك ما يشبه التحرك للانقلاب عليه جراء ذلك، فأمر بإيداعهم السجن.