تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» تكشف: 4 مبيدات إسرائيلية تنهش التربة الزراعية فى مصر
«الترايدمينول الإسرائيلى» ممنوع فى الاتحاد الأوروبى ومقيد فى الولايات المتحدة ويستخدمه الفلاحون
نشر في الوطن يوم 11 - 03 - 2015

فى لفحة الحر التى أعلن سبتمبر عن قرب انتهائها، يدور «المعلم» بين فدادين الطماطم التى يمتلكها وأسرته. مقرفصاً، جلس المزارع السويسى يتفقد وريقات زرعه وقد أصابتها البقع الحمراء.
بضع سنوات مرت أفرغت بعدها عربات النقل حمولات من الرمل استبدلها «المعلم» بتربة أرضه الأصلية: «المبيدات الإسرائيلى التى استخدمتها لمواجهة العنكبوت الأحمر، كانت سبباً فى هلاك أرضى» يقول «المعلم» الذى تكلف 40 ألف جنيه لتغطية فدان واحد من أرضه الزراعية التالفة برمال جديدة.
على المستوى الرسمى، تعد مصر واحدة من أقل الدول استهلاكاً للمبيدات، إذ لا يتجاوز ما تتداوله السوق المعلنة 8.2 ألف طن من المبيدات، من أصل 5.2 مليون طن حول العالم، (بقيمة تقترب من 90 مليون دولار)، لكن فجوة هائلة تظهر فى تقديرات غير رسمية تشير إلى أن الحجم الحقيقى لتجارة المبيدات فى مصر يصل إلى 2 مليار دولار بما فيها المبيدات المهربة و«مجهولة النسب».
«المبيدات» هى مركبات كيميائية، توصف بأنها «سامة» وتُستخدم لعلاج آفات وأمراض تصيب المزروعات. وبحسب الدكتور ولاء عبدالغنى، أستاذ المبيدات بجامعة عين شمس، فإن تداول هذه المبيدات «يجب خضوعه لوزارة الزراعة؛ حتى لا يستمر انتشار المبيدات المهربة التى يأتى جانب كبير منها من إسرائيل».
على أرفف بيع المبيدات فى مصر، تنتشر مبيدات إسرائيلية الصنع، دخلت بطريق غير رسمى إلى مصر، بحسب تصريح سابق لرئيس اللجنة العليا للمبيدات بوزارة الصحة، إذ لا ترخص مصر استيراد هذه المبيدات لأسباب مختلفة.
«شفيط، روماكتين، فيرتميك، شربال، كوراجين، وأردوميل» أسماء تجارية لمبيدات إسرائيلية وجدت طريقها إلى أيدى المزارعين بطول خط القناة وفى منطقة شرق الدلتا (على رقعة زراعية تشمل نحو 1.3 مليون فدان، من أصل 8.5 مليون فدان فى مصر) مهربة عبر الحدود المصرية مع إسرائيل وقطاع غزة.
عمر محمد، واحد من بين مئات المزارعين الذين يستصلحون أراضى فى مدينة الصالحة الجديدة، يقول إن أطناناً من المبيدات الإسرائيلية بأنواع متباينة تصل إلى الفلاحين عبر الوافدين من سيناء، وتتركز لدى «ذوى الأصول البدوية».
وتنجم آثار سلبية عديدة جراء استخدام الفلاحين لتلك المبيدات الإسرائيلية، منها ما يعدّده أستاذ المبيدات ولاء عبدالغنى: «ضعف إنتاجية الفدان، وانخفاض مستوى المعادن المهمة للزراعة فى التربة التى تقل مناعتها للأمراض، فضلاً عن صعوبة ذوبان المواد الفعالة السامة لتتراكم فى مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية والتربة ذاتها، مما يعرض البيئة بما فيها من حيوانات وأسماك ونباتات وإنسان للتسمم».
«4 مواد فعالة» تقتل التربة المصرية
«مميتة للتربة»، هكذا يصف أحد الفلاحين أثر استخدام المبيدات الإسرائيلية التى رصدت «الوطن» انتشارها فى العديد من مدن القناة، وشرق الدلتا. أسماء تجارية لأدوية قلما يعرف الفلاحون أسماء المواد الفعالة بها. «أس الخطورة فى المبيد» بحد وصف الدكتور سعيد الزميتى، أستاذ المبيدات ورئيس الجمعية العربية لوقاية النباتات.
فى 2007، أصدر وزير الزراعة قراره رقم 630 بشأن تصنيف المواد الفعالة التى تدخل فى تصنيع المبيدات الزراعية، وكانت مادة «ترايدمينول/ Tridemenol»، وهى المادة الفعالة التى تدخل فى صناعة المبيد الإسرائيلى «شفيط»، إحدى المواد الواجب مراجعة تسجيلها، لخطورتها.
«الهيئة الأوروبية للسلامة الغذائية» فى عام 2008 أبرزت فى دراسة لها خطورة مادة ال«ترايدمينول» ذات السمية الحادة على مياه الصرف الزراعى، وبحسب الصفحة 38 من الدراسة الأوروبية، فإن ال«ترايدمينول» مادة ثبت صعوبة تحلل متبقياتها مما يشكل خطورة عالية على التربة.
لأعوام متتالية، بات استخدام مبيد الحشائش الإسرائيلى «أوراست»، عادة زراعية لدى فلاحى سيناء ومحافظات القناة وشرق الدلتا، حيث يُستخدم بوفرة قبيل جمع المحصول، السبب مدون على العبوة باللغة العبرية: «أوراست يخصص لزيادة نضوج الطماطم والباذنجان والفواكه بكل أنواعها».
لكن زيادة النضوج التى يسببها المبيد المقاوم لنمو الحشائش ليست النتيجة الوحيدة لمادته الفعالة «الأسيتو كلور» التى تقيد وكالة البيئة الأمريكية (EPA) استخدامها بعد سلسلة من التجارب على حيوانات البيئة الزراعية والتربة والأسماك، ومياه الصرف الزراعى، حيث ذكر تقرير ختامى فى 2007 أن متبقيات مادة «الأسيتو كلور» و«الألا كلور» الشبيهتين فى التركيب يصعب ذوبانها حتى بعد استخدام جرعات بسيطة.
وتدخل مادة الألاكلور فى تركيب مبيدات زراعية إسرائيلية، غير أن هذه المادة تحظرها «المفوضية الأوروبية» حظراً تاماً، لخطورة متبقياتها على التربة والإنسان وصعوبة تحللها، وهو ما أثبتته الدراسات الأمريكية فى 2007.
وبرغم إعلان وزارة حماية البيئة الإسرائيلية، وقف استعمال مبيدات الكلوربيريفوس، فإن مبيد «دروسبان» الإسرائيلى، لا يزال يُهرب إلى الأراضى المصرية، وأكدت دراسة أمريكية من جامعة «كولومبيا» أن استخدام هذه المبيدات «يغير من تلافيف المخ لدى الأطفال، وله أضرار مماثلة على الأطفال» بحسب الدراسة الأمريكية فى 2012.
تدرج وزارة الزراعة مبيدات «الكلوربيريفوس» ضمن المواد المحرمة، فى ملحق 3 من قرار الوزير 630 لسنة 2007.
الرقابة تتراجع أمام المبيدات الإسرائيلية
السويسى.. «ملك الطماطم» يتكبد 40 ألف جنيه لترميم أرضه بسبب استخدامه المبيدات الإسرائيلية المهربة، فقد إبراهيم المعلم، المزارع بقرية جنيفة فى محافظة السويس، نحو 10 فدادين من أرضه: «العنكبوت الأحمر، مرض من أمراض الطماطم، لما أصاب زرعى لجأت فى البداية للمبيدات المصرية، لكن فعاليتها كانت محدودة، فاستخدمت مبيدات إسرائيلية مفعولها سريع مثل روماكتين وفيرتمك لمواجهة العنكبوت الأحمر، وفوجئت بزيادة غير مسبوقة من محصول الطماطم» يقول «المعلم».
«كانوا يسموننى ملك الطماطم»، يعاود «المعلم» الحديث قبل الانتقال إلى قصة الخسارة التى مُنى بها فى أعوام متتالية، قائلاً: «خصوبة الأرض قلّت، والمحصول تناقص بشكل مفاجئ، وانتشر مرض النيمتودا، وهو مرض مميت يقتل الزرعة قبل إنبات الثمرة».
النيمتودا، وتلوثات أخرى غير معروفة، أودت بخطط «المعلم» لزراعة المزيد من الطماطم، «اضطررت أزرع محاصيل أخرى لكن بعد غسيل التربة».
يقصد «المعلم» ب«غسيل التربة»، إزالة الطبقة السطحية من التربة التالفة بفعل استخدام المبيدات الإسرائيلية المُلوِثة، واستبدالها بطبقة جديدة من نفس النوع (رملية، طينية.. وهكذا). وترتفع تكلفة غسيل التربة إلى 40 ألف جنيه للفدان الواحد من التربة الرملية (متوسط سعر الفدان الزراعى الرملى 1.5 مليون جنيه)، وهى أرخص الأنواع، ويزداد السعر بابتعاد الأرض عن محاجر الرمال.
«الوافدون من العريش»، كما يصفهم «المعلم»، هم السبب الرئيسى وراء انتشار تلك المبيدات فى مدن القناة، حيث يقول المزارع الخمسينى «الواحد منهم يستأجر الأراضى، ويعالجها بمبيدات إسرائيلية خطيرة تضاعف إنتاجية الفدان فى هذا الموسم، لكن ولا فلاح يمكنه زراعة هذه الأرض بعد ذلك لأن آثار هذه المبيدات الخطيرة على التربة لا يظهر إلا فى المواسم التالية».
يشهد صلاح سعيد، عامل رش المبيدات، على اتساع مجال استخدام المبيدات الإسرائيلية فى نطاق سكنه، حيث يقول: «بعض هذه المبيدات يباع بدون عبوات، وبعضه يُوضع فى عبوات مرخصة، لأن تداوله واستخدامه ممنوعان»، ومن بين الأدوية المهربة التى يطلب المزارعون من «صلاح» رشها: «الداميثويت، والتيتوفان، والدروسبان، وهذه هى المبيدات التى تسببت فى تلف أراضى أحمد خليل فى كبريت بالسويس».
يردف عامل رش المبيدات أن «بعض الفلاحين يلجأون لمبيدات النمو الإسرائيلية، رغم علمهم بخطورتها، حتى يتمكنوا من تسريع نمو المحاصيل وبيعها فوراً وقت ارتفاع السعر، حيث يمكن للفلاح جمع المحصول بعد ساعات من رش مبيدات النمو، حيث تظهر الثمرة بخلاف الحقيقة وكأنها تامة النضج».
الإسماعيلية.. الحيازات الكبرى تستهلك المبيدات المهربة
أكثر من 30 كيلومتراً تفصل بين المكانين، لكن المبيدات الإسرائيلية التى عبرت الحدود، اجتازت الحواجز الأمنية بين محافظتى السويس والإسماعيلية، حيث وصلت إلى أيدى بعض المزارعين فى القصاصين.
«الروماكتين» هو المبيد الإسرائيلى الذى استخدمه هانى أحمد، المزارع العشرينى، فى وقت سابق، ووفقاً لكلامه، فإنه لم يكرر استخدامه «لأننى متعاقد مع شركة عالمية، تحلل عينات من محصول الفراولة قبل شرائه منى»، وعندما رشّ «هانى» أرضه ب«الروماكتين» المهرب ظهرت متبقياته فى عينات التحاليل ورفضت الشركة شراءه.
استخدام المبيدات الإسرائيلية يشيع، وفقاً ل«هانى»، بين أصحاب المزارع والحيازات الكبيرة، «لأن سعر زجاجة المبيدات تصل أحياناً إلى 700 جنيه، وهذا ليس فى مقدور أصحاب الحيازات الصغيرة» يتابع «هانى». أما من يبيعون محاصيلهم فى أسواق الخضراوات أو للمصانع المصرية «فيستخدمون هذه المبيدات الإسرائيلية بلا رقابة» كما يضيف المزارع الإسماعيلاوى.
ويقول على إبراهيم، المزارع من القصاصين فى الإسماعيلية، إن استخدام هذه المبيدات المهربة «ازداد بكثافة مع مجىء سكان سيناء إلى مدن القناة فى السنوات الأخيرة، وهو ما تسبب فى تلوث المياه الجوفية، وتلف التربة الزراعية، وانتشار البكتيريا والنيمتودا فى غالبية الحيازات الزراعية، خصوصاً التى يستأجرها الوافدون من العريش وسيناء».
الشرقية.. «الوافدون من سيناء إلى الصالحية».. فتش عن المصدر
يعانى عمر ومحمد، الشقيقان من مدينة الصالحية، إحدى مدن محافظة الشرقية، من سوء وضع تربة الأرض الزراعية التى استأجروها، بعدما غادرها، قبلهم، «أحد السيناوية»، الذى كان يستخدم بحسب «عمر» كميات من المبيدات الإسرائيلية المحظور استخدامها وهو ما تسبب فى «انخفاض مستوى الأملاح المعدنية المهمة للزراعة فى التربة» بحسب ما نقله أحد الزراعيين ل«عمر».
«رش الأدوية والمبيدات، تقلل إنتاجية الفدان، وتضاعف احتمالية إصابة الأرض بالأمراض، حيث تقل مناعتها»، لكن البعض من سكان الصالحية يلجأون إلى تلك المبيدات الممنوعة من قبل وزارة الزراعة، «لأن تركيز المادة الفعالة بها أقوى منه فى المبيدات المصرية، مما يضمن نتيجة فورية فى مواجهة الأمراض الحقلية»، كما يقول «عمر».
ومن المبيدات الإسرائيلية المهربة إلى مصر، تنتشر مبيدات «الروماكتين؛ لعلاج الحمرة (العنكبوت الأحمر)، والشفيط، وزيت السمك؛ لتكبير حجم الثمار، والأردوميل، والكوراجين، وشربال»، بحسب محمد، المزارع بقرية الصالحية، الذى يشير إلى أن «إنتاج الفدان المعالج بتلك المبيدات الإسرائيلية يتضاعف فى أول سنة، لكن الآثار السلبية لا تظهر إلا فى الأعوام التالية».
يفرك «محمد» جذور نبتة الفلفل، التى جفت قبل أن تثمر، ويشير إلى عقد بأصابع يختبئ فيه طين الأرض خلف الأظافر؛ قائلاً: «دفعت حتى الآن أكثر من 10 آلاف جنيه لزراعة الفدان، ولكن دون جدوى، لأن المستأجر السابق للأرض استخدم مبيدات إسرائيلية بوفرة ظهرت آثار متبقياتها الآن».
اتسعت دائرة تداول المبيدات المهربة من إسرائيل إلى مصر، والتى تضر موادها الفعالة بالتربة المصرية، فيذكر «عمر» أن المبيدات منتشرة فى مراكز الشرقية، مثل: العامرية والصالحية والصالحية الجديدة، وفى مناطق مختلفة فى السويس والإسماعيلية وكل خط القناة وشرق الدلتا بحكم قربها من سيناء (مصدر المبيدات المهربة، بحسب المزارعين)».
خبراء يحذرون: الرقابة غائبة والبيئة فى خطر
«ضعف الرقابة»، هو السبب الذى يرجع إليه دكتور ولاء عبدالغنى، أستاذ المبيدات بجامعة عين شمس، انتشار هذه المبيدات بين فلاحين من سيناء والقناة وشرق الدلتا، ويشير أستاذ المبيدات إلى أن 25% فقط من حجم المبيدات فى العالم تستخدمها الدول النامية، فى مقابل 75% فى الدول المتقدمة.
بحسب الدكتور سعيد الزميتى، أستاذ المبيدات، رئيس الجمعية العربية لوقاية النباتات، فإن خطورة المبيد قد لا تكمن فى مادته الفعالة، وإنما فى «الشوائب المضافة إليه، والتى قد تفوق الحد المصرح به عالمياً». وتزداد الشوائب فى المبيدات «مجهولة النسب».
تنفى وزارة البيئة أى تقصير من جانبها، حيث يشير الدكتور محمد خليفة، مدير إدارة المواد الخطرة بالوزارة، إلى أن دور وزارته يتلخص فى «التأكد من عدم إدراج مبيدات فى قوائم تراخيص وزارة الزراعة، يدخل فى تركيبها مواد فعالة خطيرة على البيئة الزراعية».
«الزراعة» ترد: 40 مفتشاً فقط
يرد الدكتور مصطفى عبدالرازق، نائب رئيس اللجنة العليا للمبيدات بوزارة الزراعة (المنوطة بالرقابة على المبيدات المتداولة فى السوق)، بأن السبب فى ضعف رقابة الوزارة «يرجع إلى قلة عدد مفتشى أقسام المبيدات فى مديريات الزراعة بالجمهورية، البالغ عددهم نحو 40 مفتشاً فقط، لديهم الضبطية القضائية».
40 مفتشاً فقط، يمرون على أكثر من 2800 محل بيع مبيدات مرخص والتى تخدم أكثر من 8.5 مليون فدان على مستوى الجمهورية، (بحسب إحصاءات وزارة الزراعة والجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء).
وبحسب نائب رئيس اللجنة العليا للمبيدات، «فبعض هؤلاء المفتشين فى الإدارة المركزية فى القاهرة، وبقيتهم موزعون على أقسام المبيدات فى المحافظات، لكن يصعب تعيين أعداد جديدة فى ظل الظروف الراهنة».
ويشير «عبدالستار» إلى أن وزارة الزراعة «تبذل جهوداً فى ضبط كميات من المبيدات المهربة ومحظورة الاستخدام بمساعدة شرطة المسطحات وقوات حرس الحدود وغيرها من الجهات».
نقابة الفلاحين تنتقد: تقصير حكومى.. وعقوبات لا تردع
فى المقابل، ينتقد مظهر عيسى، عضو نقابة الفلاحين، أداء لجنة المبيدات فى وزارة الزراعة فى مكافحة انتشار المبيدات الإسرائيلية المهربة «التى لها أضرار على صحة الإنسان»، بحد تعبيره. مشيراً إلى أن «الإجراءات العقابية فى القانون لا تردع تجار المبيدات المهربة من إسرائيل لبيع وتداول تلك السموم بين المزارعين».
وينص قانون قمع الغش والتدليس رقم 48 لسنة 41 المعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994، على «عقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة وعشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر» لتداول مثل هذه المبيدات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.