كل شىء فى هذه الدنيا ممكن، عليك فقط أن تجعله ممكناً، عليك أن تغتنم فرصتك يا صديقى، فقد تكون الفرصة الأخيرة التى إن ضاعت ضللتَ إلى الأبد سبيلَك لتحقيق تلك الأمنية الحلوة. الأمنية التى أحدثك عنها اليوم هى أن تعيش الحياة التى تحبها مع الشخص الذى تحبه. الشخص الذى تمنَّيتَ أن تكبر معه، وتشيخ إلى جواره. قرأتُ يوماً: «إذا أردت أن تعرف حقاً مَن الشخص الذى تحبه، فقط أغلق عينيك قليلاً وتَخيَّل أنها لحظاتك الأخيرة فى الحياة، مَن هذا الشخص الذى تتمنَّى أن يكون بجوارك الآن؟». طبِّق هذه المقولة معى الآن. لا تتردد. إن كانت لديك الإجابة، فأنت من المحظوظين يا عزيزى، واعلم أن هذا هو حقاً الشخص الذى تحبه من قلبك، فلا تتنازل عنه. وإن لم يكُن لديك إجابة، فانتظره يا صديقى، ما دامت لديك الفرصة لانتظاره، أما إن فاتتك فرصة انتظاره، فاعلم أنك حتماً ستقابله يوماً ما، وعليك حينها أن تتحمل تبعات مشاعرك، ولا تهرب. نعم، فجميعنا يقابله، ولكن معظمنا -للأسف- يقابله فى الوقت الخطأ، فتتكسر مَنابِت أحلامنا كلما أدركنا كم هم بعيدون عنا، وكلما كثُرَت الجدران بيننا وبينهم، هنا تعرف حقاً كيف يكون الواقع مُؤلِماً وتغييره يحتاج إلى أن نؤمن ألف مرة بأن كل شىء فى هذه الدنيا ممكن. فكل هذه الأشياء التى نمتلكها فى الحياة، هذه الأشياء التى -ربما- سعينا وراءها سنوات وسنوات، تتضاءل وتتلاشى فى حضرة المشاعر. فهى صاحبة العزة، الآمر الناهى الذى نرفع أمامه راياتنا طائعين ونتنازل عن كل شىء مسلمين ومستسلمين، وإن لم نفعل متنا ألف مرة كلما واجهتنا، وانفردت بقلوبنا دون أقنعة بعيداً عن ضجة الناس وأعينهم، وألسنتهم التى لن تصمت يوماً عنَّا ولا عن أنفسهم أيضاً. إن أردت أن تعرف لماذا أريدك حقًّا أن تنجو من هذا الوجع، فتعالَ معى لنرى هؤلاء، وهؤلاء، وهؤلاء: - هؤلاء الذين يرسمون صوراً فى خيالهم ويتأهبون دائماً ليُسقِطوها على أول مَن يقابلون فى حياتهم، يصبُّون الألوان التى تَخيَّلوها فى الإطار الجاهز سلفاً، وبعد قليل حين يتأملون الواقع يدركون أنهم لن يجدوا هذا الشخص حقيقيًّا أبداً، فهو لم يكُن موجوداً إلا فى خيالهم، وقعوا فى الوهم، فمَن سيلومون؟ - أما هؤلاء الذين يُعجَبون بشخص ما ويضعون شروط اكتمال الوظيفة ويخططون ليغيروا فيه ما فيه، فأنا أحبُّكِ، ولكن لا بد أن نغيِّر هذه الصفة وتلك النظرة وطريقة الكلام والجلسة والتصرفات.. واهِمٌ حقًّا من يتخيل أنه يستطيع تغيير الآخَر. أنت لا تحبها يا عزيزى، أنت تحب شخصاً آخر، فمن يحب شخصاً يقبله كما هو. اترك هذا إذن وابحث عن الشخص الحقيقى الذى تريده لا المصطنَع، وأرجوك لا تخُض هذه التجربة، فهى محكوم عليها بالفشل. هؤلاء وهؤلاء هم تحديداً من سيقول لك: «الحب ينتهى بعد الزواج». لا تصدقهم، فهذا ليس حقيقياً يا صديقى، لأن الحب الحقيقى هو هذا الكون الذى تجد نفسك فيه مكتملاً، تتوحد فيه رُوحاً وجسداً مع نصفك الغائب حتى التمام، تصبح فيه «أنت»، شخصاً كاملاً، فكيف إذن لهذا الاكتمال -إن حدث- ألا يدوم! لا تستمع إليهم إذن ولا تُهدِر مشاعرك، فيوماً ما ستحتاج إليها، وستندم جدًّا على كل ما أضعته منها فى غير مكانه الحقيقى. هناك حيث ستجد الجمال الحقيقى الذى يستحق أن تدَّخر نفسك من أجله. - أما هؤلاء الذين تراهم خلف الأبواب يعيشون حياة زوجية روتينية، هؤلاء غالباً مِن الذين قيل لهم يوماً إن الحب يأتى غالباً بعد الزواج. هل تصدق هذا حقاً؟ أعرف جداً أن العِشْرة يمكن أن تصنع التعود، وتُضفِى صيغة الاحترام الراقى قدْرَ ما تَوافَق الطرفان، وقد تقود إلى الحب، ولكن أجبنى بصدق، كم شخصاً حولك فشل فى تحقيق معادلة الحب بعد الزواج؟ فنراهم يفعلون كل شىء من أجل استقرار البيت، ولكن قلبه يسبح فى فضاء آخر كلما خلا إلى نفسه. هل ترغب فى مثل هذه الحياة؟ يا صديقى الطيب، أنا لا أدعوك إلى التمرُّد، بل أدعوك إلى التريُّث، قبل أن تدخل فى كل هذه المتاهات انتظر قليلاً وتَفَكَّر. اعرف نفسك واكتشف هذا الجزء الناقص الذى ستكتمل بمجيئه. عندما تعرفه، تَيَقَّن أنك ستجده قريباً، فنصف الطريق فى المعرفة. أما هؤلاء، وهؤلاء، وهؤلاء، فلنا لقاء آخَر هنا نكشف فيه الغطاء عن الجرح، فقد نستطيع أن نمنح أنفسنا الفرصة الأخيرة لنحقِّق هذه الأمنية التى أتعبنا النظر إليها من وراء شباك الواقع.