الهدوء الذى يحتل وجهه لا يدركه سوى مؤيديه.. ومن سواهم لا يرون فيه إلا تأخراً مبالغاً فيه.. قبل عام ونصف العام تقريباً سيطر اليأس تماماً على أداء رئيس السلطة الفلسطينية الذى لطالما بحث عن إنجاز يكتب لمصلحته فى سجلات التاريخ ويذكره العالم به كأول من ساهم فى جلب السلام إلى الشرق الأوسط وإنهاء صراع عميق راح ضحيته الآلاف على مدار أكثر من 6 عقود كاملة، ولكن سرعان ما تبدد اليأس وظهرت بارقة الأمل بمبادرة أمريكية تسعى إلى التوصل لاتفاق دائم للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. تشبث هو بها وأصر على متابعتها والمشاركة فيها بقوة رغم كل الانتقادات التى واجهته من بين أبناء جلدته. لم يكن لدى الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن» سوى السعى بكل قوته وراء حلم تحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية، لكن أمراً واحداً كان ينقصه.. أنه كان يتحدث باسم فصيل واحد من عدة فصائل من الشعب الفلسطينى، فقرر السعى إلى المصالحة بين حركتى «فتح» و«حماس» لإنهاء انقسام تسبب فى إنهاك الشعب الفلسطينى، وبشكل مفاجئ، حتى للمراقبين والمتابعين، وقَّع اتفاقاً للمصالحة قيل عنه إنه لن يستمر يومين حتى ولن يدخل حيز التنفيذ الفعلى، ولكن ظل الوضع مفاجئاً وتحقق بالفعل واجتمع الفصيلان على رئيس للوزراء وحكومة أعلن عنها قبل شهر تقريباً. أمر واحد لم يضعه «أبومازن» فى الحسبان، أو ربما وضعه ولم ينتبه إليه بشكل كبير، هو أن قطاع غزة على وشك الانفجار.. ف«حماس» تبحث عن وسيلة تستعيد بها شعبيتها فى أوساط الفلسطينيين.. والاحتلال الإسرائيلى يستغل المصالحة الفلسطينية لزيادة الضغوط على حركة «حماس». حاول هو التهدئة فى بادئ الأمر، ولكن مجريات الأحداث كانت أسرع من أن يستطيع الرئيس العجوز مواكبتها، فعادت الأمور إلى نصابها الطبيعى.. «حماس» و«فتح» تتبادلان الاتهامات، وإسرائيل تلقى الاتهامات على الطرف الآخر، فقد سارعت باتهام «أبومازن» بعدم جديته فى السعى فى عملية السلام. رغم التحركات الضئيلة ل«أبومازن» على المستوى الدولى لمحاولة إنقاذ الوضع الإنسانى فى غزة على خلفية العدوان الإسرائيلى الأخير، فإن المراقبين يقولون عنه إنه صوت العقل فى وقت غاب فيه المنطق عن كلا طرفى الصراع، خاصة بعد إعلان أنه ينوى زيارة مصر اليوم للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى، لبحث تطورات التصعيد الإسرائيلى على قطاع غزة، فى وقت طالب فيه «حماس» بقبول المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار. من جديد، عادت الأمور كما كانت على سابق عهدها، ومع تشبث «حماس» بموقفها الذى يحرج «أبومازن» وتمسكها بحمل السلاح وتصويت منصات صواريخها المصنعة بقطاع غزة صوب المدن الإسرائيلية لا تكف إسرائيل عن اتهام الجانب الفلسطينى بالتقاعس فى اتجاه تحقيق السلام ولا تتوقف حصيلة القتلى الفلسطينيين فى قطاع غزة.