القوى المدنية تشهد ساحتها منذ أكثر من أسبوعين ثلة من التحالفات بين أركانها، هذه التحالفات وصل عددها حتى الآن إلى خمسة، هى تحالف المؤتمر الوطنى وتألف الثلاثاء الماضى ويضم عشر قوى سياسية منها غد الثورة والجبهة الديمقراطية والأحرار وغيره من القوى، ويتزعم هذا التحالف عمرو موسى المرشح الرئاسى السابق. التحالف الثانى هو التحالف الديمقراطى الثورى، وتألف الأربعاء الماضى ويضم تيارات يسارية وعمالية وفلاحية ويتزعمه كمال خليل. التحالف الثالث وهو التحالف الناصرى تحت التأسيس ويتزعمه سامح عاشور، ويضم ثلاثة أحزاب ناصرية. التحالف الرابع وهو التحالف الشعبى بزعامة حمدين صباحى ويضم الكرامة ويسعى لضم قوى ليبرالية ويسارية عديدة. أما التحالف الأخير فهو تحالف نواب الشعب ويضم نواب البرلمان الأسبق من فلول الحزب الوطنى البائد كهشام طلعت مصطفى وحيدر بغدادى وغيرهما. كل هذه التحالفات تلتئم استعداداً للانتخابات البرلمانية. بعبارة أخرى أن تلك التحالفات هى تحالفات يغلب عليها الطابع أو الهدف الانتخابى وليست ائتلافات حزبية ذات طابع دائم. المهم فى المشهد القائم حالياً أن تلك التحالفات تنعقد فى الوقت الذى تتشرذم فيه ساحة التيار الإسلامى، بين العديد من القوى السياسية ذات المرجعية الإسلامية، فبعد أيام معدودة ستشهد الساحة مولد حزب مصر الحياة بقيادة عمرو خالد، الذى يتوقع أن يجذب إليه قطاعا لا بأس به من الشباب، وسيكون بعض من هؤلاء الشباب خصماً من رصيد الأحزاب الإسلامية المعتدلة. هناك أيضاً حزب مصر القوية بزعامة عبدالمنعم أبوالفتوح، الذى ما فتئ يفتح النار كلما سنحت له الفرصة على جماعة الإخوان، كونها جماعة دعوية تمارس العمل السياسى، وكون موازنتها خارجة على نطاق الرقابة. وفى المشهد الإسلامى أيضاً حازم صلاح أبوإسماعيل، الساعى إلى محاكاة جماعة الإخوان المسلمين من خلال سعيه لتأسيس حركة إسلامية ذات طابع دولى، وهو يهدف إلى تأسيس حزب قوى فى الداخل المصرى. كل هذه الأمور تتم فى ظل وجود أحزاب عديدة ذات مرجعيات إسلامية كالحرية والعدالة والوسط والبناء والتنمية والأصالة، وأخيراً وليس آخراً حزب النور، وهو الحزب السلفى الذى يتعرض الآن لعملية انشقاق كبيرة ربما تقود لتقسيمه، وسط شواهد يرصدها البعض لوجود أنف خيرت الشاطر لتنفيذ الانشقاق. هذه التوليفة الكبيرة من الأحزاب سوف تخوض الانتخابات التى يرغب غالبية التيار المدنى أن تكون بالقائمة، ويميل الإخوان إلى أن تكون بالنظام الفردى. القائمة تقوى من شوكة التيار المدنى باستثناء الفلول الساعين للعودة للمشهد عبر الدوائر الصغيرة. أما الإخوان فالمهم لديهم الحفاظ على التنظيم القوى الذى يكسبهم أى انتخابات مهما كان نظامها. هناك أيضاً الدعاية التى تضيف لرصيد التيار الدينى رغم تعدده. بمعنى أن الدعاية الدينية التى تستهوى قطاعا عريضا من الناخبين تصبح فى رصيد هذا التيار. تبقى المشكلة الرئيسية لهذا التيار وهى تعدد مشاربه فى تلك الانتخابات مقارنة بالانتخابات البرلمانية والرئاسية السابقة. كما أن هذا التيار يعانى الإخوان المسلمين فيه من مشكلة أخرى وهى مدى رضاء الناخبين عن تجربة عمل برلمانية استمرت زهاء 145 يوماً وتجربة رئاسة استمرت شهورا معدودة قبل الانتخابات. لكن هذا الأمر لن يفقد التيار الإسلامى الأمل فى إحراز النصر بسبب ضعف التنظيم والتمويل فى جانب القوى المدنية، ناهيك عن شرذمته بين أكثر من تيار، إضافة إلى مرضه العضال المتمثل فى الأنانية المفرطة لقياداته، مما يحول دون تعاون كوادره بشكل مثمر أو بنوايا تتسم بالصفاء. وعلى أى حال، دعونا ننتظر ربما تمتلئ الجعبة بما هو جديد فى المستقبل القريب. وعلى الله قصد السبيل