استعرضت محكمة جنايات القاهرة أمس برئاسة المستشار مصطفى حسن عبدالله، وحضور المستشار وائل شبل، رئيس نيابة الاستئناف، عددا من الفيديوهات التى تضمنتها أقراص مدمجة قدمها دفاع المتهمين فى قضية التحريض على قتل المتظاهرين بميدان التحرير يومى 2 و3 فبراير العام الماضى، التى اشتهرت ب«موقعة الجمل». وشهدت الجلسة حديثا من المتهمين صفوت الشريف وفتحى سرور للمحكمة حاولا فيه إثبات براءتهما، عقب عرض فيديوهات لكل منهما وقت الأحداث عبارة عن مداخلات تليفزيونية لبعض البرامج، وتسجيلات لاجتماعات مع صحفيين تمت فى وقت معاصر للواقعة. فى بداية الجلسة قدم المحامى طارق فتحى سرور، للمحكمة، قرصا مدمجا و14 صورة فوتوغرافية، وقدم دفاع صفوت الشريف قرصين مدمجين، بينما قدم بعض محاميى المتهمين أقراصا مدمجة تحتوى على بعض الفيديوهات. واستعرضت المحكمة القرص المدمج الأول الذى قدمه دفاع المتهم صفوت الشريف، الأمين العام للحزب الوطنى الديمقراطى، ورئيس مجلس الشورى السابق، وظهر فيه لقطة فيديو لمداخلة هاتفية من المتهم، تحدث خلالها لبرنامج بلدنا بالمصرى على قناة أون تى فى، مدافعا عن النظام السابق والحزب الوطنى، مؤكدا أن مظاهرات 25 يناير لم تكن معبرة عن جميع المصريين، وقال إن المظاهرات «عمل لا يفيد» وأن من تظاهروا انساقوا وراء أشخاص يريدون العبث بالبلاد، ووجه رسالة للشعب طالب فيها المواطنين بأن يكونوا على قدر المسئولية، وقال إن المتظاهرين لم يتجاوزوا ستة آلاف متظاهر. تم استعراض سى دى آخر، ظهرت فيه مداخلة من صفوت الشريف، مع برنامج مصر النهارده مع المذيع خيرى رمضان على القناة الفضائية المصرية، وقال إنه هو من طلب المداخلة، وإنه يشار بشكل خفى إلى أن الحزب الوطنى كان له دور فى بعض المظاهرات بميدان التحرير، وقال إن الحزب لم يدفع أحدا للتظاهر أو للاعتداء على المتظاهرين، وهذه الفوضى والغوغائية والأعمال الصبيانية، والأحصنة والجمال التى دهست المتظاهرين ليس للحزب أى علاقة بها، وقال إنهم يجب أن يقدموا للمحاكمة، والحزب الوطنى برىء من هذا العمل قائلاً: «الحزب الوطنى برىء برىء، ولا يعلم شيئا عن هذه الواقعة». وخلال الفيديو، رد عليه خيرى رمضان بأنه يعرف عددا من قيادات الحزب الوطنى كانوا يتفقون مع الشباب على الخروج للتظاهر وكلفوا أعدادا كبيرة ودفعوا بها إلى الشوارع ولا نعلم إذا كانوا قد ذهبوا إلى التحرير من عدمه، فرد عليه الشريف بأن هذا عمل غير مقبول ولا بد من التحقيق معهم، واصفاً موقعة الجمل ب«العمل المجنون»، الذى يجب أن يتم التحقيق فيه، وقال إن الحزب الوطنى «ناس مسالمين»، وإن من يثبت تورطه من أعضاء الحزب فسيتم فصله، والتحقيق معه. طوال مدة عرض الفيديوهات وقف صفوت الشريف سانداً ظهره إلى حائط القفص من الداخل، وكان يتابع الفيديوهات بعناية شديدة، بينما وقف إلى جانبه عدد من المتهمين، وعقب انتهاء العرض، قال صفوت الشريف من داخل القفص: «إن المداخلة فى نفس يوم موقعة الجمل، وأردت أن أوضح أن المتهم الأول (متحدثا عن نفسه) ليس رجلا شريرا ولكنه رجل سياسى، ولم أجد فى كلام الشهود إلا كلاما مرسلا، وأنا لم أطلب شهود إثبات أو شهود نفى»، فرد عليه رئيس المحكمة: «هذه ليست مرافعة ووقت المرافعة سنسمح لك بالحديث كما شئت»، فقال الشريف: «حاضر يا افندم». وعرضت المحكمة «سى دى» آخر، قال فيه فتحى سرور، فى تصريحات للتليفزيون المصرى، إن ما تشهده مصر هو نوع من التعبير عن الرأى وإن السماح بها (أى التظاهرات)، ما دامت سلمية، يحسب للنظام المصرى، ولكن موجة الغلاء التى شهدها العالم تنعكس على كل الصعوبات التى يواجهها الشباب، «والشباب عاوز يشتغل، عاوز يتجوز وعاوز شقة، يجب أن نستمع له، ونحل له المشكلات، وهو دور الحكومة، والحكومة قامت بإنجازات كبيرة جدا، اقتصادية واجتماعية». بينما قال سرور فى فيديو آخر مسجل من «قناة العربية»: «يجب أن يحدث تحقيق مع المسئولين حول الانفلات الأمنى وحرق أقسام الشرطة، وسنحاسب المسئولين عن التقصير والمسئولين عن عنف ميدان التحرير ونرفض التدخل الأجنبى، عيب الكلام ده، دى مصر يا جماعة». وظهر سرور فى لقطة أخرى فى جانب من اجتماعه مع الصحفيين البرلمانيين والمسجل لبوابة الوفد، قال فيه إن المظاهرات اتسمت بالهدوء والسلمية وهى تعبير عن الرأى، رغم بعض التجاوزات، ويجب أن نناقش كل ذلك، والواضح أن هناك مشكلات معينة يجب أن نحلها للشباب، وهى البطالة والارتفاع فى الأسعار وعدم التناسب بين الأسعار والأجور، والفساد ونزاهة الانتخابات، وكل هذه المشاكل ليس غريبا علينا أن نسمعها، ومهمة البرلمان أن يكون نبض الشعب، وقمنا بتكليف اللجان الخاصة لبحث تلك الموضوعات، وذلك من مظاهر الديمقراطية، وقال: «دعوت رئيس مجلس الوزراء لحضور جلسة مجلس الشعب الأحد القادم، للرد على البيانات العاجلة التى قدمها أعضاء المجلس من الحزب الوطنى ومن المعارضة، ويأتى انعقاد المجلس الأحد بطريقة طبيعية، ورئيس الحكومة يجب أن يتكلم لكى يجيب بنفسه على ما يحدث فى الشارع، وعلى هذا فإن البرلمان هو المعبر الدستورى والطبيعى عن لسان الشعب». ووقف سرور يتابع الفيديوهات التى قدمها دفاعه بترقب داخل القفص مرتديا الزى الأبيض، ثم طلب من رئيس المحكمة الحديث، وقام بتقديم مستند، قائلا: «هل تسمح لى المحكمة بتقديمه؟» فأمر رئيس المحكمة بفتح القفص، وخرج سرور فى حراسة الأمن، وقال «(والذين يلبسون الحق بالباطل وهم يعلمون)، أتقدم بنسخة من الإعلان العالمى للديمقراطية، والذى قدمته عندما كنت رئيسا للبرلمان العالمى، فى شهر سبتمبر 1997، والذى يحتفل العالم به كل عام، وأطالب بضم الأعمال التحضيرية بالبندين الثالث والرابع لدستور 17 والخاصة بالحريات والحقوق العامة وسيادة القانون، والذى شاركت فى إعداده.. هذا هو أحمد فتحى سرور المنادى بالحريات، وهذه هى القيم التى أؤمن بها، والكاذبون المفترون زجوا به هنا، والأمل الوحيد هو عدالة المحكمة، وشكراً سيدى الرئيس»، وأمر رئيس المحكمة بإعادته للقفص مرة أخرى. بدأت المحكمة فى عرض باقى الفيديوهات، وتم عرض جزء من حلقة برنامج «شاهد على الثورة»، على قناة الجزيرة يتحدث فيه صفوت حجازى، حول ضابط مسيحى أطلقوا عليه لقب «ماجد قلب الأسد» كان يطلق الرصاص لترويع المواطنين، وأن هناك هجوماً من البلطجية كان من كل الاتجاهات على الميدان ما عدا قصر العينى بسبب سيطرة الجيش على هذا المدخل، وقال محمود كبيش محامى المتهم إنه يطلب تدوين ما جاء بحديث صفوت حجازى بقوله إن البلطجية حضروا من كل الاتجاهات ما عدا شارع قصر العينى. ثم تم استعراض قرص مدمج آخر به تسجيل صوتى فقط لفتحى سرور تحدث فيه مع بعض الصحفيين عن الفقر الاجتماعى، وأن المريض بغير علاج نوع من الفقر، وقال إن الحكومة يجب أن تتعاون مع البرلمان لحل تلك المشكلة الضخمة، وقال: «مش عاوز الصحفيين ياخدوا سطر ويسيبوا سطر»، ثم عرضت المحكمة الصور ال14 التى قدمها دفاع سرور وظهر فيها خلال أحد الاجتماعات التى ترأسها بمكتبه بمجلس الشعب. وسلمت المحكمة بتسليم الخبير القرص المدمج المقدم من المتهم السابع، وتم عرضه وظهر به فيديو كتب ببدايته، «موقعة الجمل» وظهرت به لقطات للواقعة نفسها، وكتب عليه «انظر كيف كانت الخيول والجمال تسير ببطء، ودون اعتداء على المتظاهرين، ولكن عندما تم الهجوم عليهم من جانب البلطجية اضطروا للسير بسرعة والاشتباك مع المتظاهرين»، وأضاف الفيديو كتابة: «إن أهالى نزلة السمان كانوا يريدون التعبير عن رغبتهم فى الاستقرار عقب خطاب مبارك، توجهوا بأكثر من 200 حصان إلى ميدان مصطفى محمود واستقبلهم الموجودون هناك بالتصفيق لكن لم تكن هناك تغطية إعلامية بشكل متعمد». وفى تلك اللحظات وقف المتهمون داخل القفص لمشاهدة الفيديو باهتمام، وقال رئيس المحكمة: «يتم تشغيل القرص المدمج المقدم من المتهم الثامن شريف والى»، وقام الخبير بتشغيله، وظهر فيه فيديو لمتظاهرين مؤيدين للرئيس السابق، بميدان مصطفى محمود، وقال الدفاع إن الفيديو يوضح وجود المتهم فى المظاهرات المؤيدة لمبارك وقت الواقعة، وتضمن القرص المدمج بعض اللقطات للمواطنين الذين يحملون لافتات ويهتفون هتافات مؤيدة لمبارك، فقال المتهم ال 20 سعيد عبدالخالق متحدثا من داخل القفص، «حتى السلفيين» تعليقا على ظهور بعض السلفيين حاملين لافتات مكتوب عليها «لا للخروج على الحكام» وأخرى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، فقال رئيس المحكمة: «مين اللى قال السلفيين؟»، فرد المتهم من داخل القفص: «أنا يا افندم»، فأمره القاضى بالصمت وعدم الحديث مرة أخرى. وقال القاضى لدفاع المتهم التاسع: «إنت جايبلى فيديو لموقعة العباسية، وانا مش هاعرضها، إحنا بنحقق فى واقعة يومى 2و3، مش موقعة العباسية، وجايبلى فيديو لوائل غنيم، أنا مالى وماله، وفيه جزء ليوم 5 فبراير وده اللى أنا هاعرضه». واستعرضت المحكمة فيديو للواء حسن الروينى قائد المنطقة المركزية واللواء حمدى بدين قائد قوات الشرطة العسكرية، يتجولان بميدان التحرير يوم 5 فبراير، تحدث فيه الروينى عن الواقعة وتحدث مع بعض الأفراد قائلا لهم: «أنا مش عاوز حد يحرسنى، أنا اللى حارسكو كلكو هنا»، وذلك بعد أن قيل له أن يمشى وسط مجموعة من الشباب، ثم رد على أحد الأشخاص: «اتق شر من أحسنت إليه، فقالوا كيف يا رسول الله؟، قال: بزيادة الإحسان إليه»، ثم تحدث مرة أخرى مع مجموعة من مصابى موقعة الجمل، وقال لأحدهم: «خليك قاعد، وشوف مين اللى هيقبضك أول الشهر»، ثم قال لإحدى الصحفيات «دى زيطة عشان يضغطوا على الحكومة، ما حدش هيقدر يضغط على الحكومة، هنشكل حكومة حرة ومش هنعمل حاجة عشان فئة معينة». علق الدفاع عن المتهم بقوله إن الروينى قال لشخص ينتمى لجماعة الإخوان: «أنا كلمت البلتاجى ينزّل الناس بتوعه عشان عندنا كاميرات بتصور كل حاجة»، وذلك عندما حاول إقناعه بأنه لم يعرف هؤلاء الأشخاص، مشيرا إلى أن هذا الشخص أخبره بوجود آخرين أعلى إحدى العمارات، يقذفون المولوتوف والحجارة على المتظاهرين يوم موقعة الجمل.