لم يطلق على محاكمة «محمد مرسى» وصفاً معيناً، بل تم تسميتها باسمها: «محاكمة المعزول»، وهو أمر لم يحدث مع «حسنى مبارك» الذى وصفت محاكمته ب«محاكمة القرن»، وقد كان أمراً طبيعياً أن يستخدم هكذا وصف فى الحديث عن محاكمة «المخلوع»، لأن الحدث كان فارقاً إلى حد كبير فى تاريخ المصريين، بل وتاريخ الإقليم الذى نعيش فيه، ودول العالم المختلفة التى تتابع باهتمام ما يحدث فى مصر، فلأول مرة يشاهد المصريون رئيساً لهم يتمدد على سرير داخل قفص ليحاكم بتهم قتل المتظاهرين السلميين فى ثورة يناير 2011، واستغلال النفوذ والفساد والتربح من المنصب هو وأولاده ورجال حكمه، رئيساً ظل حاكماً بأمره لمدة ثلاثين عاماً يدعم حكمه: خوف الشعب من آلته القمعية البوليسية، ومساندة غير مسبوقة من الحكام العرب، وحماية كاملة تضفيها عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية بدعم وتحريض من إسرائيل. وقد تم إطلاق وصف «محاكمة القرن» على محاكمة «المخلوع» قبل بدء فعالياتها، وسبقها تمهيد ضخم من وسائل الإعلام التى بثت وقائع جلساتها الأولى حتى اتخذ القاضى «أحمد رفعت» قراراً بمنع البث المباشر لما تبقى من جلساتها عدا الجلسة الأخيرة التى سوف ينطق فيها بالحكم. لا تنطبق هذه الأمور جميعها على محاكمة «المعزول»، لأن السلطة المؤقتة الحالية لخبطتنا فى التهمة التى سوف يحاكم بها، وهل هى قتل المتظاهرين عند قصر «الاتحادية» أم التخابر مع دول أجنبية، أم الفساد المالى أم هذه التهم جميعها؟. الدنيا «ملخبطة» لخبطة لا تتوقف عند تحديد التهمة التى سوف يحاكم بها المعزول، بل ب«مكان محاكمته» فقد ظلت المصادر الأمنية تدلى بمعلومات متضاربة، حتى استقرت الداخلية أخيراً على معهد أمناء الشرطة ب«طرة» كمكان للمحاكمة، وحتى لحظات كتابة هذا المقال لم تحسم بعد مسألة بث وقائع الجلسة الأولى للمحاكمة، وهل ستبث أجزاء منها أم ستنقل كاملة، وهل النقل الجزئى أو الكلى لفعالياتها سيتم على الهواء مباشرة أم عبر تسجيل يتم إجراء المونتاج اللازم عليه؟. إذن كل ما نسمعه عن محاكمة «المعزول» كلام و«زعيق» يشبه «زعيق «كلاكسات السيارات»، سواء فى أسلوب إدارة السلطة المؤقتة لموضوع المحاكمة أو لطريقة تعامل الإخوان معها فالكل يتعامل بأسلوب «الهُرن».. والهرن يعنى «زمارة العربية»، وقد كان المعزول من جانبه محباً جداً للخطابة بصوت عالٍ يصل أحياناً إلى حد الصخب.. ولعلك ما زلت تذكر خطبه الرنانة التى كان يتحفنا بها كل «جمعة» على الأقل ليشنف آذاننا بلغته «العكاظية» التى تستمد مفرداتها من متاحف اللغة، أظن أن «المعزول» لو واتته الفرصة خلال المحاكمة فسوف يتحفنا بواحدة من تلك الخطب.. وبما أننا -ونحن بصدد الحديث عن محاكمة «المعزول»- نتعامل مع ظاهرة صوتية متكاملة الأبعاد، أقترح أن نطلق على هذه المحاكمة وصف «محاكمة الهُرن»!.