جامعة الأقصر تناقش سبل تنفيذ ورش عمل متخصصة بمجال التعليم الإلكتروني.. صور    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    أخبار مصر اليوم: سحب منخفضة على السواحل الشمالية والوجه البحري.. وزير العمل يصدر قرارًا لتنظيم تشغيل ذوي الهمم بالمنشآت.. إغلاق موقع إلكتروني مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    واعظات الأوقاف يقدمن دعما نفسيا ودعويا ضمن فعاليات شهر التطوع    استمرار حملات إزالة التعديات على الأراضي الزراعية بكرداسة    زيلينسكي: بعض وثائق التسوية السلمية جاهزة وقضايا حساسة تتطلب مزيدًا من العمل    (أ ش أ): البرهان وأردوغان يبحثان في أنقرة سبل دعم وتعزيز علاقات التعاون المشترك    جوتيريش يدعو لضمان انتخابات سلمية وشاملة في جمهورية أفريقيا الوسطى    استطلاع رأي: أكثر من ثلث مؤيدي حزب العمال البريطاني يرغبون في رحيل ستارمر    جيش الاحتلال الإسرائيلي يصيب فلسطينيين ويعتقل أحدهما    ضياء رشوان: نتنياهو يحاول اختزال المرحلة الثانية من اتفاق غزة في نزع سلاح حماس وتغيير مهام قوة السلام    بوشكوف: لن يرضى دافعو الضرائب والمتقاعدون الأوروبيون تمويل الحرب في أوكرانيا من جيوبهم    الزمالك يستعد لمباراة غزل المحلة دون راحة    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    أمم إفريقيا - طالبي: آمل أن يستغل الركراكي قدراتي.. وعلينا أن نتعامل مع الضغط بإيجابية    أمم إفريقيا - لاعب مالي: نريد الفوز باللقب وإعادته إلى باماكو    صعقا بالكهرباء، وفاة المغني البرازيلي كيفين كوستا عن عمر 25 عاما    حاضنين النعش.. جنازة مينا ضحية الهجرة غير الشرعية باليونان في المنيا    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    السيطرة على حريق داخل شونة إطارات بالغربية    فاروق جويدة: هناك عملية تشويه لكل رموز مصر وآخر ضحاياها أم كلثوم    عقب واقعة ريهام عبد الغفور.. أشرف زكي: هناك ضوابط يُجرى إعدادها خلال ال48 ساعة المقبلة    تطور جديد في قضية عمرو دياب وصفعه شاب    مفاجأة بشأن طلاق الإعلامي عمرو أديب لزوجته لميس الحديدي    جلا هشام: شخصية ناعومي في مسلسل ميد تيرم من أقرب الأدوار إلى قلبي    ياسمينا العبد: تفاجأت بتمثيل زياد ظاظا في ميد تيرم.. فنان بمعنى الكلمة    كجوك: طرح 3 استراتيجيات متوسطة المدى للدين والسياسات الضريبية والمالية العامة نهاية الشهر الجاري    مستشار شيخ الأزهر للوافدين: نُخرّج أطباء يحملون ضمير الأزهر قبل شهادة الطب    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب سيارة جامبو بصحراوي البحيرة    دهس طفل تحت عجلات ميكروباص فوق كوبري الفيوم.. والسائق في قبضة الأمن    البابا ليو الرابع عشر يتضامن مع غزة في يوم عيد الميلاد    مناسبة لأجواء الكريسماس، طريقة عمل كيك البرتقال بالخلاط بدون بيض    تراجع جماعي لمؤشرات البورصة بختام تعاملات اليوم الخميس    تعيين محمد حلمي البنا عضوًا بمجلس أمناء الشيخ زايد    هي تلبس غوايش وأنا ألبس الكلبش| انفعال محامي بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات    «مؤسسة محمد جلال الخيرية» تكرم أكثر من 200 حافظة وحافظ للقرآن الكريم    أخبار كفر الشيخ اليوم.. إعلان نتائج انتخابات مجلس النواب رسميًا    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    أخصائي يُحذر: نمط الحياة الكارثي وراء إصابة الشباب بشيخوخة العظام المبكرة    كيف نُصلِح الخلافات الزوجية بين الصم والبكم؟.. أمين الفتوى يجيب    ختام مبهج ل «الأقصر للتحطيب»    خبير: صناعة التعهيد خلقت فرص عمل كبيرة للشباب وجذبت استثمارات أجنبية لمصر    جمارك السلوم تحبط محاولة لتهريب كمية من البذور الزراعية الموقوف تصديرها    برلمانية: الاستحقاق البرلماني الأخير يعكس تطورًا في إدارة العملية الانتخابية    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    التفاصيل الكاملة لافتتاح المركز النموذجي بالغرفة التجارية بالقليوبية    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    التشكيل المثالي للجولة الأولى في كأس الأمم الإفريقية.. صلاح ومرموش في الصدارة    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    صراع النقاط الثلاث يشعل مواجهة بيراميدز والإسماعيلي في كأس عاصمة مصر    الزمالك يواجه سموحة الليلة في اختبار جديد بكأس عاصمة مصر.. صراع الصدارة وحسابات التأهل    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلطة المؤقتة تُفسد على الشعب خريطة الطريق
نشر في الوطن يوم 03 - 10 - 2013

لم وضعتم السكين فى يد «النور» لذبح لجنة الخمسين لإفشال تعديل الدستور، أو لتكدير الحياة السياسية لمصر فى المستقبل!
السؤال موجّه لأولى الأمر فى هذه المرحلة الانتقالية الثانية بعد الموجة الثانية الكبيرة من الثورة الشعبية العظيمة فى يونيو/يوليو 2013، وموجّه فى الأساس إلى السيد الرئيس المؤقت، غير المنتخب من الشعب، والمفوّض فقط بالسهر على تنفيذ خريطة المستقبل. ولكن سلوكه منذ تولى المنصب يبدو أنه سينتهى بإفشال المهمة من خلال سلسلة من الأخطاء السياسية يقارب بعضها الخطايا، فى تكرار لما جرى فى حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة على المرحلة الانتقالية الأولى من عثرات. ولكن السؤال موجّه أيضاً بالتبعية إلى الوزارة التى عيّنها الرئيس المؤقت، فهى متضامنة معه فى المسئولية عن نجاح المرحلة الانتقالية الثانية.
نعلم أن الرئيس المؤقت ربما معذور، فهو بالمهنة قاضٍ لم يجترح السياسة ولم يتمرس فى ألاعيبها. ولكنه على الأقل خبر المرحلة الانتقالية الأولى، ولنا أن نتوقع أنه لا بد تعلم منها دروساً كباقى المصريين المستنيرين. وما دام تصدى لمسئولية قيادة هذه المرحلة الحرجة فى تاريخ مصر بعد الفشل الذريع للمرحلة الانتقالية الأولى، فعليه أن يكون أهلاً للمسئولية التى قبل تحملها، وواجب علينا أن نُخضعه للمساءلة عن أدائه.
ولننظر أولاً إلى موقف حزب النور فى لجنة الخمسين.
قال المهندس صلاح عبدالمعبود عضو المجلس الرئاسى لحزب النور، وممثل الحزب بلجنة الخمسين لتعديل الدستور: إنه فى حالة المساس بما سماه «مواد الهوية» فى الدستور، فستكون جميع الخيارات مفتوحة أمام الحزب، بما فيها الانسحاب من اللجنة والدعوة إلى رفض الدستور شعبياً، على حد تعبيره. وقال إنه «من الظلم لحزب النور أن يختزل دوره فى الحياة السياسية بشكل عام -وفى لجنة الخمسين بشكل خاص- فى الحديث عن المادة 219».
والحق أن الحزب هو الذى يختزل دوره دوماً فيما يسميه بمواد الهوية فى الدستور وما يقابله فى الحركة المجتمعية، ويقصدون بها الفهم المتشدّد للشريعة، المنتقص للحقوق والحريات، والذى يضفى الصبغة الدينية المتشددة على الدولة والمجتمع، كما أفلحوا فى تضمينها فى دستور 2012 برعاية الإخوان المحظورين مجدداً، فى مناقضة صريحة لرغبات غالبية المصريين الذين خرجوا لإسقاط سلطتهم ودستورهم فى الموجة الثانية الكبيرة من الثورة.
والواقع أن كل مقترحات الحزب فيما يتصل بمواد الهوية هذه ستؤدى إلى محاولة ضرب التوافق الوطنى داخل لجنة الخمسين وافتعال مزيد من الجدل والخلاف، إن لم يكن الآن فمستقبلاً، فحذف كلمة المبادئ كوصف للشريعة كمصدر للتشريع أو استبدالها بكلمة «الأدلة» كما يقترحون، ليست إلا مناورة الهدف الواضح منها هو ترك مجال فى تفسير الشريعة للسماح بالعودة إلى إعمال أحكام الفقه، وكثير منها جهول ومتخلف، بما يسمح بفرض الصبغة الدينية على الدولة والمجتمع والعصف بحقوق النساء وغير المسلمين وحتى غير السنة بين المسلمين، ويتيح لمشايخ الكراهية والبغضاء والقوى السياسية الممثلة لهم أو المتحالفة معهم الحكم بالتشدد والتعسير على الخلق فى الدستور وفى القوانين بعده.
وعلى قدر ترحيبى فى البداية بكون الرئيس المؤقت قاضياً دستورياً جليلاً فإن الرئيس المؤقت -لشديد الأسف- فتح الباب لتحكم السلفية المتشددة فى مسار المرحلة الانتقالية الثانية بإعلانه الدستورى، وهناك خلاف على أحقيته بالسلطة التأسيسية، وهو غير منتخب من الشعب، صاحب السلطة التأسيسية الأصيل.
لم يكتف السيد الرئيس المؤقت بإصدار إعلانه الدستورى المشكوك فى صحته. بل حمّله غزلاً صريحاً لقوى اليمين المتأسلم بتضمينه النص، المادة الثانية من دستور 2012 فى إعلانه سالباً لجان تعديل الدستور الحرية والحق فى تعديلها، أو على الأقل موحياً إليهم بتفضيله بالإبقاء عليها باعتباره الرئيس المؤقت الذى انتزع لنفسه فى الإعلان الدستورى ذاته سلطات واسعة تقارب الاستبدادية.
بالأمرين معاً، أى النص على المادة الثانية من دستور اليمين المتأسلم، وبسلطات واسعة لرئيس مؤقت فى إعلانه الدستورى المشكوك فى صحته، فتح الرئيس باب تدليل تيار اليمين المتأسلم، وفتح له باب التحكم فى مسار المرحلة الانتقالية. وزاده تدليلاً بأن أعطاه، فى صورة حزب النور السلفى، حق الاعتراض على شخص رئيس الوزارة. وزاده تدليلاً بإعطائه بعد ذلك حق تغيير ممثليه فى لجنة الخمسين، بقرار جمهورى خاص بهذا، بعد أن كشف ممثل الحزب فى اللجنة للجميع أنهم إما أن يحصلوا على مرادهم، أو يفسدوا اللجنة وخطة المستقبل كلها على الوطن، كما عوّدهم السيد الرئيس المؤقت، إفراطاً فى التدليل، إلا أنه، إحقاقاً للحق، لا يمكن التغافل عن كون السلفية المتشددة شريكاً كاملاً فى جميع جرائم جماعة الإخوان الضالين فى الحكم وبعد إسقاط سلطتهم، وعلى رأسها دستور الدولة الدينية الذى سرقه اليمين المتأسلم ذات ليلة ويوم فى 2012، فقد كانوا شركاء للإخوان فى السلطة، إلى أن اختلفوا على تقسيم المغانم.
ومن ثم، بدلاً من تدليلهم وإفساد المرحلة الانتقالية الثانية بتمكينهم من سلطة النقض للقرارات الرئيسية لخريطة المستقبل، قد يكمن العدل فى أن يمتد إليهم قرار حل جماعة الإخوان وما تفرع عنها من أشكال تنظيمية.
ولكن إلى أن يحكم القضاء فى الموضوع، وما بقى حزب النور قانونياً، فله كل الحق فى التعبير عن رأيه، ولكن دون تعويق لكتابة الدستور أو محاولة قهر أو تهديد أو ابتزاز، أو إدخال البلد فى جدل لا ينتهى حول هويته.
إن مصر لم تكن تنتظر الإخوان الضالين أو السلفيين المتشددين ليعطوها هويتها، وإنما شكّل شعب مصر العظيم هوية وطنه الفريدة عبر ألفيات سنين من صنع الحضارة، وعندما دخل الإسلام مصر منذ قرون قليلة أصبح، بفهمه الوسطى السمح، مكوناً محورياً من هذا النسيج الحضارى الرائع. وأصبحت مصر بفقهائها وأزهرها الشريف منارة للإسلام القويم فى العالم أجمع. ولم يحط السلفيون المتشددون على مصر كأسراب الجراد الصحراوى إلا كأحد الآثار السلبية للهجرة للعمل فى بلاد النفط والقحط الحضارى التى أنتجت إمامهم محمد بن عبدالوهاب المفرط فى التشدد والتعسير.
فليحتفظ السلفيون المتشددون بهويتهم المعسرة والمنفرة وليدعوا إليها بالحكمة والموعظة الحسنة فقط، كما أمر المولى عز وجل، إن استطاعوا. فالخبرة أنهم لضعف حجتهم وغربتهم عن إسلام أهل مصر، كان دائماً أقرب إلى العنف والإجبار. هذا وإلا فلا مكان لهم فى الحياة السياسية والمجتمع على أرض مصر، وليلحقوا بحلفائهم السابقين فى معزل الحظر.
وفى النهاية، من حق حزب النور أن ينسحب من كتابة الدستور، ومن حقه أن يحشد من أجل رفض الدستور الناتج عن لجنة الخمسين. وسيرون وقتها مدى عزوف الشعب عنهم وعن المشروع السياسى لليمين المتأسلم الذى خرج الشعب المصرى فى أكبر حشد بشرى فى التاريخ لإسقاطه.
لماذا يفعل الرئيس المؤقت كل ذلك؟
أول الاحتمالات المنطقية أنه رجل السلفية الذى تسلل إلى السلطة المؤقتة، وهو ما نستبعد ونرجو أن يكون خطأً.
والاحتمال الثانى هو أن السلطة المؤقتة تحمل للسلفيين جميل المشاركة فى إعلان خريطة المستقبل، حتى لا تتهم السلطة المؤقتة بإقصاء الإسلاميين، وتخوفاً من ضغوط حلفاء اليمين المتأسلم فى المنطقة والعالم. ولكن ليس من حق أى كان أن يجامل قوة سياسية فى الداخل أو الخارج على حساب حقوق الشعب ومستقبله. ويسمح لفصيل من تيار خدع الشعب واستبد به أن يجنى أرباحاً سياسية من خيانته حليفاً سابقاً عندما لاحت بشارات سقوطه. كما أنه من الناحية العملية، بعد خطاب الرئيس الأمريكى فى دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً، ينبغى على السلطة المؤقتة أن تطمئن لأن أعتى حلفاء اليمين المتأسلم قد بانت لهم الحقيقة، ومن الآن فصاعداً ستتحدد مكانة مصر على الساحة الدولية، وفرصها فى نيل غايات الثورة الشعبية العظيمة سوياً، بمدى نجاح خريطة المستقبل فى إقامة الحكم الديمقراطى السليم بالسرعة الواجبة. فلا بد إذن من أن تضع السلطة المؤقتة هذه الغاية فوق أى اعتبار.
والاحتمال الثالث لإجابة السؤال، الذى نتمنى استبعاده بناءً على أفعالهم فى المستقبل القريب، هو أن رجال السلطة المؤقتة يخشون على أنفسهم وأسرهم من إرهاب اليمين المتأسلم. ولهم الحق فى ذلك إنسانياً فى التخوف، فالتيار المعنى له تاريخ إرهابى مشين أكده مجدداً فى الشهور القليلة الماضية. ومن ثم، فهذا تخوّف إنسانى طبيعى نتعاطف معه ولكن يجب ألا نقبله من رجال دولة مقتدرين فى مرحلة عصيبة من تاريخ الوطن.
يُعرّف القاموس المصدر الثلاثى «جبُن» على أنه «تهيّب الإقدام على ما لا ينبغى الرعب منه». وعن خالد بن الوليد رضى الله عنه، أنه قال عند موته: «لقد شهدت مائة زحف وما فى جسدى موضع شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح، وها أنا أموت على فراشى حتف أنفى كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء».
تجاسروا يرحمكم الله، وأدوا أمانة إنجاح خريطة الطريق للشعب العظيم الذى ائتمنكم عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.