الإسكان الاجتماعي: 50 ألف من مستأجري الإيجار القديم تقدموا بطلب «سكن بديل»    تكريم الزميل عبد الحميد جمعة خلال المؤتمر السادس لرابطة تجار السيارات 2025    بوتين يصف اتفاقية الحدود بين دول آسيا الوسطى بالتاريخية    مغادرة 388 شاحنة مساعدات إنسانية من معبر رفح لدعم قطاع غزة.. صور    منتخب مصر يختتم تدريباته استعداداً لمواجهة زيمبابوي غداً    تخفيف الحكم على مدرب كونغ فو للحبس 6 سنوات بتهمة التعدي على تلميذته بمدرسة بحدائق الأهرام    بعد 18 عاماً من الإشارة إليها فى «أخبار الأدب» |قريبًا .. السيرة الشعبية المفقودة للحاكم بأمر الله متاحة للقراء    وزير الثقافة يشهد ختام فعاليات الدورة العاشرة من "ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي" ويُكرم الفائزين ورموز الخط العربي    هنادي مهنى تنضم ل " اتنين غيرنا" في دراما رمضان    من قلب عين شمس إلى قمة الدراما.. أحمد العوضي يروي رحلته في «صاحبة السعادة»    الصحة: إغلاق 11 مركزًا للنساء والتوليد بسبب مخالفات تهدد سلامة الأمهات    رئيس الإمارات يلتقي إيلون ماسك    نوعية بنها تنظم معرضا لتقييم التدريب الميداني لمشروعات طلاب الإعلام    الصحة توضح أسباب اعتداء الطلاب على زميلهم في أكتوبر    ترتيب الدوري الإنجليزي بعد مباريات الأحد.. أرسنال يتفوق على السيتي    تامر أمين: الهجوم على محمد صبحي خناقة في حارة مش نقد إعلامي    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    فلكية جدة: هلال رجب يزيّن سماء الوطن العربي    المعهد القومي للاتصالات يفتح التقديم ببرنامج سفراء الذكاء الاصطناعي    قناة ON تنقل قداس عيد الميلاد من مصر وبيت لحم والفاتيكان    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بعددٍ من المدن الجديدة    ديانج: مستعد للتضحية بنفسي للتتويج بأمم إفريقيا مع مالي    حفل توقيع كتاب "وجوه شعبية مصرية" بمتحف المركز القومي للمسرح.. صور    مصر تتقدم 47 مركزًا فى تصنيف مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2025 الصادر عن البنك الدولى    جامعة العاصمة تنظم معرضا متكاملا بالتعاون مع محافظة القاهرة    تعليم الغربية: عقد لجنة القيادات لتدريب 1000 معلم لقيادة المدارس كمديرين    ضبط طرفي مشاجرة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    سيسكو يقود هجوم مانشستر يونايتد أمام أستون فيلا في البريميرليج    محمود توفيق يبحث مع وزير الحج والعمرة السعودي أوجه التعاون بين البلدين    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    وزير الخارجية يعقد اجتماعاً ثلاثياً حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    تشكيل برشلونة - جارسيا في الوسط بدلا من بيدري.. وتوريس يقود الهجوم ضد فياريال    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    انطلاق المسح الصحي لرصد الأمراض غير السارية بمحافظة قنا    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    توجيهات الرئيس السيسى خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزى ووزير المالية (إنفوجراف)    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف المواهب الرياضية    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    أمم إفريقيا – المغرب.. هل يتكرر إنجاز بابا؟    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هموم المرحلة الانتقالية الثانية
نشر في الوطن يوم 05 - 09 - 2013

أخشى أن يذكر التاريخ أن الشعب المصرى قد نجح فى مطالع القرن الحادى والعشرين فى شن اثنتين من أروع الانتفاضات الشعبية الثورية فقط لكى تخذله سلطات المرحلة الانتقالية بإفساد عملية التحول إلى الحكم الديمقراطى السليم سبيلا إلى النهضة الإنسانية.
ويجب التنبه إلى أن السلطة الانتقالية فى الحالتين لم تكن منتخبة من الشعب. وكان واجبا عليها من ثم ألا تورط الوطن فى ترتيبات سياسية ذات طابع طويل الأجل تهدد مستقبله.
وأرجو ألا تنتهى المرحلة الانتقالية الثانية بفشل يستوجب شن موجة كبيرة ثالثة من الثورة الشعبية العظيمة التى يقينا ستفضى فى النهاية إلى انتصار الشعب ونيل غايات الثورة فى الحرية والعدل والكرامة الإنسانية للجميع، فكما يقول العامة «الثالثة ثابتة». وقد أخطأ الشعب بعد الموجة الأولى، وأخطاء الشعوب تكون حتما جسيمة. ولكن الشعب العظيم تعلم من خطئه وصححه. فى الفترة الانتقالية الأولى أسلمت سلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة نفسها رهينة لتيار اليمين المتأسلم بقيادة جماعة الإخوان المخادعين تحت التهديد بإحراق مصر إن لم يستجب لمطالبهم. ووضعت الوطن على المسار المختل القاضى بإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية قبل وضع الدستور ليتمكنوا من الوثوب على السلطة وبعدها يضعون دستورا يخدم أغراضهم فى ظل مخطط التنظيم الدولى للإخوان وليس الوطنية المصرية. وكان جزاء قيادات المجلس العسكرى هو الإعفاء المهين فى أول فرصة حانت لسلطة اليمين المتأسلم، وربما بتدبير من هذه السلطة المخادعة، فور حادثة رفح الأولى.
ومن حسن الطالع أن قضت الموجة الكبيرة الثانية من الثورة الشعبية العظيمة على هذا المسار المختل وأسقطت حكم اليمين المتأسلم، بمدد مشكور من القوات المسلحة لشعب مصر، مصححة الخطأ الجسيم لقيادات المرحلة الانتقالية الأولى.
لكن من أسف، تبدو السلطة المؤقتة فى الفترة الانتقالية الثانية، وقد أسلمت نفسها أيضاً رهينة لجماعات اليمين المتأسلم الإرهابية، التى ثبت إجرامها. وتتصرف الحكومة، شاملة الرئاسة والوزارة، وكأنها فرقة مذعورة لم تستوعب دروس المرحلة الانتقالية الأولى ولم تتعظ من أخطاء حكامها ولا من أخطائها هى نفسها. إن عليهم أن يتذكروا قول العلى القدير «فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ» (المدثر، 49-51).
وفى هذا المسلك تكرر الحكومة المؤقتة خطأ جسيما ارتكبته قيادة المرحلة الانتقالية الأولى.
إذ فوق الإرهاب الخسيس للشعب، حتى أعملت ميليشياتها المسلحة القتل الأعمى فى أبناء مصر الأبرياء وسمت جماعة الإخوان الضالين تظاهراتها فى 30 أغسطس مليونية «حرق مصر»، فإن اليمين المتأسلم وتحديدا جماعة الإخوان الضالين تجاهر بعمالتها للأجانب واستعداء الأغراب على العدوان على مصر، انظر فى هتاف الإخوان الخائنين: «يوم الجمعة العصر أمريكا حتدخل مصر». مصداقا لمقولة محمد مرسى للفريق السيسى قبل خلعه «أمريكا مش حاتسيبكم». وعلى الرغم من كل ذلك، يقدم أولو الأمر فى الحكومة المؤقتة كل يوم أدلة على أنهم ليسوا رجال دولة مناسبين لحكم مرحلة تحول ديمقراطى بعد ثورة شعبية قامت لإحداث تغييرات جذرية فى بنية الحكم وأساليب أدائه سعيا وراء الحرية والعدل والكرامة الإنسانية للجميع على أرض مصر. وليس هذا بغريب. ولنأخذ الوزارة المؤقتة، فنسبة من يمكن اعتبارهم من معسكر الثورة من أعضائها لا تتجاوز العُشر. فى الواقع باستثناء كمال أبوعيطة وحسام عيسى، فإن جميع أعضاء هذه الوزارة كان يمكن أن يعينهم جمال مبارك باسم أبيه.
هذا على حين أنه لكى تنجح مرحلة انتقالية بعد موجة ثورة شعبية ضخمة، يتعين أن يتوافر لها قادة من صنف رجال الدولة المتميزين بالحسم والإقدام المناصرين للثورة والمتبنين لغاياتها بما يكفى للعمل بجد واجتهاد وإخلاص وعلى إيقاع ثورى سريع ومبادر، من أجل نيلها.
ظنى أن المدنيين فى الحكومة المؤقتة، الرئاسة والوزارة، يثقلون من حركة وزير الدفاع الذى نقدّر حرصه على ألا يظهر وكأنه حاكم مصر الفعلى من وراء ستار مدنى رقيق. ومصدر التقدير هنا هو وفاء الفريق وزير الدفاع بوعده بألا تحكم مصر عسكريا. لقد كان محمد البرادعى زعيم المدنيين الساعين للوساطة بين أضداد يستحيل أن يتلاقيا، منطلقا على الأغلب من رغبة فى تفادى إراقة الدماء ولتفادى غضب قوى خارجية، أو كسب ودها. ولكن استقالته لم تنه وجود أمثاله فى الحكومة المؤقتة.
ولكن لماذا هم، المدنيون، كذلك مترددون عن الحسم الواجب فى هذه المرحلة؟
الأسباب عديدة. ربما لا يصلح كثير من المثقفين والفنيين لأن يكونوا رجال دولة خاصة فى مرحلة ثورية لم يشاركوا فى صنعها بداية. وبالإضافة، هناك أسباب فسيولوجية، فالتقدم فى العمر يعنى عادة ذهنية ووجدانا محافظين وقد يرتبطان بأمراض عضوية مثل تصلب الشرايين، تمنع الحركة بالإيقاع الثورى والجسارة المطلوبة. وهناك طبعا أسباب سياسية وذاتية، فعند أولى الأمر فى الحكومة المؤقتة مبرر مفهوم للتخوف على شخوصهم وأسرهم من جماعات لم تتورع أبدا عن اغتيال قادة السلطة الذين حاولوا وضع قيود على حركتهم وإحباط مخططاتهم الإرهابية. فقد سبق لهذه الجماعات اغتيال سياح أجانب أبرياء وقضاة ورئيس وزراء، بل حاولوا اغتيال رئيس الجمهورية الزعيم جمال عبدالناصر فى أوج تألقة كقائد تاريخى ليس فقط لمصر ولكن للعرب ولحركة التحرر فى العالم.
غير أن الجماعات الإرهابية يجب ألا يجرى التعامل معها بالدبلوماسية المفرطة والتدليل والاسترضاء وبالتأكيد لا تمنح حقوق الاعتراض والنقض من قبل سلطة غير منتخبة وغير مفوضة من الشعب إلا بمكافحة الإرهاب.
فلا يوجد مبرر على الإطلاق لأن يقايض الرئيس المؤقت، غير المفوّض شعبيا، الجماعات السلفية على الإبقاء على الهوية الطائفية المتشددة التى فرضوها فى دستور 2012 المعيب مقابل دعم الدولة. إن الدولة التى تطلب الدعم من جماعة وتدفع لها رشوة فى المقابل تحكم على نفسها بالضعف والهوان وتهين الشعب. وإن كانت الهوية المتشددة هذه هى عقيدة الرئيس المؤقت نفسه فليتعبد بها ولكن ليس من حقه فرضها على الشعب كما حاول فى إعلانه الدستورى المنعدم أصلا فى نظر بعض ثقاة القانونيين.
إن هذا التخاذل والخضوع للابتزاز بالتهديد باللجوء للعنف الإرهابى يستدعى أخطارا هائلة يمكن أن تضر بمستقبل مصر وشعبها. ولنذكر مثلين مهمين.
إن مغازلة الرئيس المؤقت لجماعات اليمين المتأسلم باختياره أن يضمّن إعلانه الدستورى نص الهوية الدينية الطائفى الذى وضعته الجماعة التأسيسية معيبة القوام لليمين المتأسلم فى الدستور المختطف، والذى انتهى بإقرار لجنة العشرة للنص ذاته ربما تأثرا بموقف الرئيس المؤقت ومستشاره الدستورى مقرر اللجنة. ويدخل فى النطاق نفسه حرص السلطة المؤقتة المغالى فيه على اشتراك حزب النور السلفى فى لجنة الخمسين، الأمر الذى قد ينتهى بتعطيلها أو تفجيرها. وبذلك تكون السلطة الانتقالية قد أفسدت على الشعب مشروع الدستور المؤسس لدولة مدنية حديثة، للمرة الثانية فى خلال ثلاثة أعوام.
ونتمنى ألا تعيد الحكومة المؤقتة خطايا المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى الفترة الانتقالية الأولى بالتصريح لأحزاب دينية، بالمرة!
والمثل الثانى فى مجال آخر.. إن التردد فى القضاء على معسكر تدريب الإرهابيين من جماعات اليمين المتأسلم فى قرية كرداسة قد يفضى إلى مذبحة جديدة أبشع مما كان سيحدث لو أسرعت الحكومة المؤقتة بتطهير هذه البؤرة الإجرامية، فتكون الحكومة قد كررت خطأ فض البؤرتين الإرهابيتين فى رابعة والنهضة متأخرا وبدون سابق إعداد محكم، ومكنت تيار اليمين المتأسلم من استغلال الواقعة للتنديد دوليا بما يسمونه «جرائم حكم الانقلاب الدموى». وسواء طهّرت الحكومة المؤقتة بؤرة كرداسة متأخرة أو فشلت فى هذه المهمة، فسينتهى الأمر بمعاناة سلسلة من العمليات الإرهابية سيقاسيها الشعب والوطن ولن تستطيع الحكومة المؤقتة إعفاء نفسها من المسئولية التاريخية عنها. وهكذا تكرر الحكومة المؤقتة أخطاءها نفسها وليس فقط أخطاء المرحلة الانتقالية الأولى!
تجاسروا يشكركم الوطن، ويرحمكم الله!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.