لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟

مع حلول الشتاء، وانخفاض درجات الحرارة، يجد الكثيرون أنفسهم أمام رغبة متزايدة في تناول الطعام، خاصة الأطباق الدافئة والمريحة.
قد يظن البعض أن السبب الوحيد هو برودة الجو، لكن العلماء يؤكدون أن الأمر أعمق من ذلك، مرتبط بتغيرات الساعة البيولوجية، ونقص ضوء الشمس، وتقلبات هرمونية دقيقة تؤثر على الشهية والمزاج.. هذه التغيرات تجعل الجسم يسعى لتعويض نقص الضوء وتحسين المزاج، مما يؤدي أحيانًا إلى الإفراط في الطعام وزيادة الوزن بشكل خفي خلال الأشهر الباردة.
تشير دراسات حديثة إلى أن الأشخاص قد يكتسبون بين نصف كيلوجرام إلى كيلوجرام واحد في المتوسط خلال فصل الشتاء، رغم أن التغيرات الحقيقية في الشهية تتعلق أكثر بقصر ساعات النهار والتعرض للضوء، وليس بانخفاض درجات الحرارة فقط.
أسباب الجوع الموسمي
أكد تيموثي فراي، عالم الأعصاب التغذوي ورئيس الأكاديمية الوطنية للتغذية العصبية، أن قلة ضوء النهار تؤثر مباشرة على الساعة البيولوجية للجسم، ما يؤدي إلى اضطراب هرمونات الشهية.
وأضاف أن الأدلة على تأثير الطقس البارد المباشر على هرمونات الجوع مختلطة وغير قاطعة، ولا تنطبق على جميع الأفراد.
من جانبها، أشارت الدكتورة البريطانية كريستال ويلي، إلى أن تغير المزاج وانخفاض مستويات الضوء يحفزان الدماغ على البحث عن مصادر سريعة للراحة، مثل الكربوهيدرات، التي تحسن المزاج مؤقتًا.
هذا التكيف العصبي يؤدي إلى تناول الطعام بكميات أكبر من المعتاد، في دوامة قد تصعب السيطرة عليها إذا لم يتم الانتباه لها.
كيفية التحكم في الشهية شتاءً
يقدم الخبراء عدة استراتيجيات عملية لمواجهة الرغبة الشديدة في تناول الطعام خلال الشتاء، منها:
وجبة إفطار غنية بالبروتين: تساعد على استقرار مستوى السكر في الدم وتقليل الجوع خلال اليوم.
الأطعمة الغنية بالألياف: مثل الشوفان، العدس، الفاصوليا، البروكلي، التفاح، وبذور الشيا، حيث تعزز الشعور بالشبع بسرعة.
بداية الوجبات بأطباق منخفضة السعرات: مثل حساء الخضار أو السلطة مع الفاصوليا، لتقليل كمية الطعام المتناولة لاحقًا.
مصادر أوميجا 3: مثل السلمون والجوز، التي تحسن التواصل بين الأمعاء والدماغ وتنظم الشهية.
الشوكولاتة الداكنة: تحتوي على 70% كاكاو على الأقل، تساعد على الإحساس بالشبع وإبطاء الهضم، وتحفيز هرمونات الشبع.
استخدام التوابل: مثل الفلفل الحار، الفلفل الأحمر، الفلفل الأسود، والزنجبيل، إذ تساعد مركبات مثل الكابسيسين على زيادة إنتاج الحرارة في الجسم وكبح الشهية قليلًا.
شرب الماء أو شاي الأعشاب قبل الوجبات: كوبان من الماء قبل 30 دقيقة من الطعام يمكن أن يقلل السعرات المستهلكة عن طريق تعزيز الشعور بالشبع.
- عوامل أخرى مؤثرة
يشدد فراي على أن التحكم في الشهية لا يقتصر على النظام الغذائي وحده، بل يشمل جودة النوم، المزاج، التعرض للضوء، التوتر، والنشاط اليومي.
هذه العوامل جميعها تؤثر على رغبة الشخص في الطعام، خصوصًا خلال الأشهر الباردة، حيث يميل الجسم إلى البحث عن راحة إضافية وتعويض انخفاض الطاقة والمزاج.
الجوع في الشتاء ليس مجرد شعور عابر، بل نتاج تفاعل معقد بين ضوء الشمس، الساعة البيولوجية، المزاج، وعوامل هرمونية دقيقة.
ومع الفهم الصحيح لهذه العملية، يمكن للأفراد تبني استراتيجيات غذائية ونمط حياة يساعدهم على التحكم في الشهية، والتمتع بفصل الشتاء دون زيادة وزن غير مرغوبة، مع الحفاظ على توازن الجسم والمزاج.