يوم 14 مارس 1976، وتحديدا في الدقيقة 88 من مباراة المغرب وغينيا في نهاية الدور النهائي لكأس أمم إفريقيا، سجل أحمد مكروح الشهير بلقب "بابا" هدفا أهدى منتخب المغرب لقب البطولة. منتخب المغرب حصل على لقبه الأول في كأس أمم إفريقيا بعدما سجل "بابا" هدف التعادل في شباك غينيا، في البطولة التي أقيم دورها النهائي بنظام المجموعة، وحصل أسود الأطلس على لقبها. 50 عاما مرت على إنجاز بابا، وهو اللقب الوحيد لمنتخب المغرب في تاريخ أمم إفريقيا، إذ مرت الجماهير المغربية بالعديد من خيبات الأمل في النسخ الماضية، رغم القوائم المدججة بالنجوم. آخر هذه الخيبات كان في النسخة الماضية التي أقيمت في كوت ديفوار، إذ ودع أسود الأطلس البطولة من دور ال16 على يد جنوب إفريقيا، بعدما كان رابع العالم في مونديال قطر 2022، والمرشح الأول لتحقيق اللقب. وبات المنتخب الذي حقق حلم الأفارقة والعرب بمقارعة الكبار في المونديال مطالبا باعتلاء منصات التتويج في البطولة القارية التي استعصت عليه كثيرا. أسود الأطلس حل رابعا في كأس العالم 2022 كأول فريق إفريقي وعربي يحقق ذلك الإنجاز، لكنه لم يقدم ما يشفع له خلال نسخ عديدة من كأس إفريقيا. الكرة المغربية تعيش طفرة كبرى على جميع المستويات، بداية من إنجازه في كأس العالم 2022، مرورا بتحقيق لقب كأس العالم للشباب، وكأس إفريقيا للمحليين، ومؤخرا كأس العرب. المغرب يستضيف النسخة ال35 من كأس إفريقيا على أراضيه وبين جماهيره المتعطشة.. فهل ينجح الأسود في استغلال هذه الطفرة وفك عقدة "بابا" وتحقيق اللقب الثاني؟ 24 منتخبا من القارة السمراء يتنافسون على من يرتقي على عرشها لمدة عامين مقبلين، في الفترة من 21 ديسمبر وحتى 18 يناير 2026. ويأتي منتخب المغرب بقيادة مدربه وليد الركراكي ونجومه ياسين بونو (الهلال السعودي) وأشرف حكيمي (باريس سان جيرمان) وبراهيم دياز (ريال مدريد) على رأس المرشحين للظفر باللقب. طفرة على جميع المستويات نالت الكرة المغربية إعجاب الجميع بعد الطفرة التي شهدتها على جميع المستويات، سواء المنتخبات أو الأندية أو اللاعبين المحترفين، وكذلك الفئات السنية والمدربين. منتخب الرديف الذي يقوده طارق السكتيوي حقق منذ أيام قليلة لقب كأس العرب، الذي شهد منافسة شرسة وأهدى أكثر من 7 ملايين دولار لخزائن بلاده. السكتيوي ذاته قاد منتخب بلاده لتحقيق لقب النسخة الأخيرة من كأس أمم إفريقيا للمحليين. أسود الأطلس للمحليين نجحوا في التتويج ب3 نسخ أعوام 2018 في المغرب، و2020 في الكاميرون، و2024 (أقيمت عام 2025) في أوغندا وكينيا وتنزانيا كتنظيم مشترك. ونجح المغاربة في الفوز ببرونزية أولمبياد باريس 2024 بعد احتلال صدارة المجموعة الأولى التي ضمت الأرجنتين وأوكرانيا والعراق، بقيادة السكتيوي أيضا. فيما نجح محمد وهبي في قيادة شباب المغرب للتتويج بالميدالية الذهبية في كأس العالم للشباب بعد الفوز على حساب الأرجنتين بثنائية ياسر الزابيري، ليمنح بلاده الميدالية الذهبية. وعلى المستوى الخارجي، قاد الحسين عموتة منتخب الأردن لبلوغ نهائي كأس آسيا للمرة الأولى في تاريخه، وخسر النهائي على يد قطر بعد مستويات مذهلة. عموتة سلم قيادة منتخب الأردن لمغربي آخر وهو جمال السلامي، الذي قاد النشامى لتأهل تاريخي إلى كأس العالم 2026، كما أذهل الجميع بالوصول لنهائي كأس العرب أمام منتخب بلاده. وعلى مستوى اللاعبين المحترفين، حقق أشرف حكيمي دوري أبطال أوروبا مع باريس سان جيرمان، وتوج مؤخرا بجائزة أحسن لاعب في إفريقيا 2025. كما نال الواعد ياسر الزابيري جائزة هداف كأس العالم للشباب التي أقيمت في تشيلي. FilGoal.com تواصل مع حمزة اشتيوي الناقد الرياضي المغربي الذي قال: "الطفرة تأتي بسبب المشروع الكبير الذي يرعاه الملك محمد السادس ملك المغرب، ونفذه اتحاد الكرة المغربي برئاسة لقجع". وأضاف: "تم إنشاء العديد من أكاديميات كرة القدم في جميع أرجاء المملكة وفقا لمعايير دولية، وأبرزها بالطبع أكاديمية محمد السادس". أكاديمية محمد السادس جاء افتتاحها عام 2010 لحل معضلة تكوين الناشئين التي عانت منها الكرة المغربية لسنوات. وعن ذلك قال طارق الخزري مسؤول الاستقطاب في أكاديمية محمد السادس، في تصريحات نقلتها صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية: "عندما يلتحق شاب بالأكاديمية فإنه يحظى بالرعاية الكاملة من مسكن وتغذية وتعليم ورعاية طبية". وأضاف: "أكاديمية محمد السادس في مدينة سلا المغربية بالقرب من الرباط، وتضم نحو عشرة ملاعب وفصولا دراسية وقاعات للتمارين الرياضية والألعاب، فضلا عن أجنحة للنوم، ومطعما كبيرا، ومركزا طبيا من 3 طوابق". وتابع: "الأكاديمية تضم هذا العام 121 تلميذا، تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاما، وهم قادمون من مدن أو قرى من مختلف مناطق المغرب". وأوضح: "قبل أن يصل هؤلاء إلى الأكاديمية، يتم اكتشافهم في أحيائهم من جانب مدربين منتدبين من الأكاديمية لاكتشاف أفضل اللاعبين". بينما قال المدرب الفرنسي لوران كوجير، الذي يعمل في أكاديمية محمد السادس منذ 7 سنوات: "رأيت حالات عائلية صعبة جدا لأطفال بدأوا من أسفل السلم الاجتماعي، ولذلك عندما يتمكن لاعب من تحقيق دخل مالي جيد بفضل كرة القدم، فإنه ينقذ عائلة بأكملها". وأوضح: "على سبيل المثال، ياسر الزابيري هداف مونديال الشباب تم تصعيده إلى فئة تحت 17 عاما عندما كان في الخامسة عشرة، لكنه لم يكن يلعب كثيرا لصغر سنه، وكان يخشى ألا يتم الاحتفاظ به في الأكاديمية، لكنه بصم بعد ذلك على مسار متميز، وساهم مع زملائه السابقين في الأكاديمية في تحقيق لقب كأس العالم في إنجاز تاريخي". كيف يجلب المغرب اللاعبين من أوروبا؟ شاهدنا في السنوات الماضية تفوقا واضحا للمنتخب المغربي في جلب اللاعبين أصحاب الأصول المغربية والاستفادة منهم في خدمة المنتخبات الوطنية. تابعنا كيف فضل حكيم زياش الانضمام لمنتخب المغرب بدلا من هولندا، وكيف اقتنع براهيم دياز بتمثيل أسود الأطلس، وغيرهما من اللاعبين الذين قدموا الإضافة. كما نجح المنتخب المغربي أيضا في الاستفادة من اللاعبين صغار السن الذين تكونوا في أوروبا، على غرار عثمان معما الذي خطف الأضواء في مونديال الشباب. وتعمل السلطات المغربية بطريقة منهجية للوصول لمواهب يمكن للبلاد الاستفادة منها في دول مثل هولندا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، بعكس الأسلوب غير المنتظم السابق في التعامل مع المواهب المغتربة. حمزة اشتيوي قال ل FilGoal.com عن هذا الأمر: "المغرب نهج سياسة المنقبين أو الكشافين الذين كانوا يعملون في أوروبا بشكل تطوعي، وتم التعاقد معهم". وأضاف: "كما أن الاتحاد المغربي يوجه الدعوة لأسر هؤلاء اللاعبين، ويأتون لزيارة وتفقد المنشآت ويرون حجم العمل، وحين تصعب الأمور في بعض الحالات يتدخل فوزي لقجع ويحاول الوصول لحلول". المغرب أصبح لا ينتظر بزوغ النجوم في سماء كبار الدوريات والأندية للبدء في محاولات إقناعهم بتمثيل بلدهم الأصلي، بل إن العملية أصبحت تبدأ في وقت مبكر جدا داخل الأكاديميات والفئات السنية للمنتخبات. هل يتأثر الأسود بالضغوط في أمم إفريقيا؟ يمتلك المغرب منتخبا رائعا فيه مزيج بين لاعبي الخبرة والشبان، وهو الأمر الذي يجعل آمالا كبيرة معلقة على تألق أشبال المدرب وليد الركراكي في العرس الكروي القاري. الركراكي يبدو أنه يعاني من ضغط الشارع المغربي، وهذا ظهر بوضوح حينما قرر إلغاء المؤتمر الصحفي الخاص بإعلان قائمة منتخب المغرب لخوض كأس إفريقيا. الركراكي قال إن قرار إلغاء المؤتمر الصحفي كان قرارا شخصيا رغبة منه في إضافة المزيد من التركيز على معسكر أسود الأطلس، وهذا اعتراف ضمني بتعرضه للضغوط من خلال الأسئلة التي توجه له في المؤتمرات الصحفية. قائمة مدججة بالنجوم، ورفاهية الاختيار بين العديد من اللاعبين المحترفين بجميع أنحاء العالم، إلى جانب اللعب وسط أرضك وبين جماهيرك، كلها عوامل تضع الركراكي تحت الضغط. المدرب الذي أبهر العالم في مونديال قطر 2022 ستكون كأس إفريقيا فرصته الأخيرة لتثبيت أقدامه مع منتخب المغرب، خاصة أن الإخفاق يعني أنه قد لا يستمر في منصبه خلال كأس العالم 2026. نجاح أسماء على غرار طارق السكتيوي وجمال السلامي ومحمد وهبي، ومن قبلهم حسين عموتة، يضع الركراكي في موقف حرج قبل البطولة المنتظرة من الشارع المغربي بأكمله. لماذا غاب أبطال كأس العالم للشباب؟ قائمة الركراكي لخوض كأس أمم إفريقيا 2025 شهدت غياب عناصر منتخب المغرب للشباب الحاصل على لقب كأس العالم. عثمان معما وياسر الزابيري، الثنائي الأبرز ضمن هذا الجيل، كانا من المتوقع تواجدهما ضمن خيارات الركراكي، لكن ذلك لم يحدث. وقال حمزة اشتيوي ل FilGoal.com عن هذا الأمر: "المغرب لم يعتمد على أي لاعب من منتخب الشباب، خاصة الزابيري ومعما، لأن الركراكي لديه وفرة في الخيارات، واللاعبان ظهرا مؤخرا في كأس العالم للشباب، لذلك قرر التريث والحكم عليهما بشكل أكبر قبل ضمهما لصفوف المنتخب في المنافسات المقبلة". وشهدت القائمة تواجد محمد الشيبي مدافع بيراميدز، وكذلك أشرف حكيمي نجم باريس سان جيرمان. وجاءت القائمة على النحو التالي: حراسة المرمى: ياسين بونو (الهلال السعودي) – منير المحمدي (نهضة بركان) – المهدي لحرار (الرجاء) خط الدفاع: نايف أكرد (أولمبيك مارسيليا الفرنسي) – غانم سايس (السد القطري) – نصير مزراوي (مانشستر يونايتد الإنجليزي) – أشرف حكيمي (باريس سان جيرمان الفرنسي) – محمد الشيبي (بيراميدز) – جواد الياميق (النجمة السعودي) – أنس صلاح الدين (أيندهوفن الهولندي) – عبد الحميد آيت بودلال (ستاد رين الفرنسي) – آدم ماسينا (تورينو الإيطالي). خط الوسط: عز الدين أوناحي (جيرونا الإسباني) – سفيان أمرابط (ريال بيتيس الإسباني) – بلال الخنوس (ليستر سيتي الإنجليزي) – إسماعيل الصيباري (أيندهوفن الهولندي) – إلياس بنصغير (باير ليفركوزن الألماني) – نائل العيناوي (روما الإيطالي) – أسامة تيرغالين (فينورد الهولندي). خط الهجوم: يوسف النصيري (فنربخشة التركي) – سفيان رحيمي (العين الإماراتي) – أيوب الكعبي (أولمبياكوس اليوناني) – عبد الصمد الزلزولي (ريال بيتيس الإسباني) – إبراهيم دياز (ريال مدريد الإسباني) – إلياس إخوماش (فياريال الإسباني) – شمس الدين الطالبي (سندرلاند الإنجليزي). قائمة البدلاء: يوسف بالعمري (الرجاء) – حمزة إجمان (ليل الفرنسي). حلم اللقب الثاني يملك منتخب المغرب على مدار السنين ترسانة من النجوم المتوهجة في الدوريات الأوروبية الكبرى، وظروفا مواتية ومهيأة مرارا وتكرارا للتتويج، لكن المحصلة لقب وحيد خلال 54 عاما منذ المشاركة الأولى. أسود الأطلس حصلوا على لقب وحيد في عام 1976، وتأهلوا إلى المباراة النهائية مرة واحدة في كأس إفريقيا 2004، التي انهزموا فيها أمام المنتخب التونسي. ظهر منتخب المغرب في كأس إفريقيا للمرة الأولى عام 1972، وودع البطولة من دور المجموعات، لكن مشاركته الفعلية بدأت في كأس إفريقيا 1976، حينما تمكن زملاء أحمد فراس، أحد أهم اللاعبين في تاريخ أسود الأطلس، من التتويج باللقب الوحيد حتى الآن. منتخب المغرب تأهل إلى كأس إفريقيا 19 مرة، ويستعد لخوض المشاركة ال20، لكنه خرج في غالبية مشاركاته من الدور الأول، وتأهل إلى ثمن النهائي في 2019 و2023، وربع النهائي في 2021، ونصف النهائي في 3 مناسبات، فيما تأهل مرة واحدة إلى النهائي في كأس إفريقيا 2004. حصيلة لا تتناسب مع تاريخ وإمكانيات ومواهب الكرة المغربية، التي تملك باعا طويلا على المستوى العالمي، بخلاف القاري الذي استعصى عليهم كثيرا. ويلعب المغرب ضمن المجموعة الأولى رفقة: مالي – زامبيا – جزر القمر. وجاءت مواعيد مباريات المجموعة كالتالي: الأحد 21 ديسمبر.. المغرب × جزر القمر - 9 مساء الاثنين 22 ديسمبر.. مالي × زامبيا - 4 عصرا الجمعة 26 ديسمبر.. زامبيا × جزر القمر - 7:30 مساء.. المغرب × مالي - 10 مساء الاثنين 29 ديسمبر.. جزر القمر × مالي - 9 مساء.. زامبيا × المغرب - 9 مساء