نفسى أقولها من قلبى بصدق بلا ادعاء أو رغبة فى رفع الروح المعنوية وإفشاء روح التفاؤل -مع أنها مبررات مقبولة- أن هذا العام سيكون أفضل، ومصر قادرة على تجاوز المحنة الكبيرة التى نعيشها وتستطيع أن تستعيد بعضا مما فقدته وهو كثير! التفاؤل يحتاج إلى أسباب ومعطيات ليست موجودة أمامنا وبين أيدينا، ولكن لو فقدناه لماذا نعيش؟ الموت أيسر وأفضل. أخطر ما فقدناه هو الحب بين المصريين، الكره شاع وانتشر، والتخوين صار لغة الحوار، وأصبحت تتوقع الطعنة من الصديق قبل العدو، ومن الجار قبل البعيد، فضاع الأمان وضاع معه الاقتصاد. أحاول الهروب من تفاصيل الأزمة فتجرفنى بداخلها وأجدنى مرة أخرى فى طريقى للإحباط وأنا أفتش عن الأمل! أكثر ما أخشاه، ونحن نستقبل العام الجديد، هذا التشوه الذى ألصقه البعض بالدين الإسلامى، وجعل الكثير من الشباب يعيد النظر والتأمل فى دينه لا فى من يشوهه، وأصبح لا يمر يوم دون أن أسمع استغاثة تسألنى عن شيخ ثقة يعيد ارتداد ابن أو زوجين أصابهما الارتباك والشك. أيضاً يفزعنى هذا التآكل السريع للانتماء، تلك الكلمة المستهلكة قديما، فكثيرون الآن يشعرون أنهم غرباء فى الوطن، وأنه لم يعد لهم، وليس لهم دور فيه، وليت المسئولين -إذا كان لدينا هذا النوع المنقرض- يبحثون ويعلنون لنا أعداد الذين هاجروا أو طلبوا الهجرة، أو تقدموا بطلبات إقامة أو تأشيرات فى دول أجنبية وعربية! كثير من رجال الأعمال أوقفوا استثماراتهم أو نقلوها للخارج أو باعوها للأجانب بعد أن تعرضوا لضغوط لبيعها بأبخس الأثمان لمن يملكون الأمر السياسى والاقتصادى فى مصر، والثمن الآخر معروف: إما الأمان والعفو أو النيابات والمحاكم والتحفظ والمنع من السفر! مصر فى مفترق طرق، إما أن تذهب بعيدا بعيدا وتصبح عودتها صعبة وقاسية، وإما أن يلحق حكامها الآن، والآن فقط، بما تبقى من أمل لا تبدو له ملامح فى تغيير الخطاب والفعل السياسيين والتراجع عما يفرق ليثبتوا أن مصر للجميع وليست لفريق أو جماعة، ولا يستمعوا لأصدقاء السوء فى الداخل والخارج، فمصر لن تكون أبدا إلا بالمصريين وللمصريين. كل عام وأنتم بخير ويبقى الأمل دوما لا ينقطع فى رحمة الله وكرمه وحفظه لهذا البلد الأمين الذى ذكره كثيرا فى كتابه الحكيم.