أدعوكم للخروج من عباءة «السمع والطاعة» الضيقة إلى رحابة الفكر والنقد، لا أقول لكم اتركوا جماعتكم، على العكس، أوصيكم بالبقاء ولكن افسحوا لأنفسكم مساحة من التواصل الخلاق البناء، مساحة من الشك، مساحة من الحب.
أعتقد أن الحياة أرحم وأرحب وأوسع مما نظن بكثير، فاشتهوا جوهركم الشفاف، والمسوا كل المناطق الحيوية داخل أجهزتكم الإنسانية بيد رحيمة، ورفق آخاذ، واستخلصوا ما بداخلكم، واعيدوا تقليبه بين أيديكم ثم ابعثوا فيه الروح، فتلوح شموع كنت تظنونها بعيدة.
لا تفقدوا رونق تكامل الحالة، فجمالها فى تكوينها، من تنافر وتشابك، ضعف وقوة، رغبة وامتناع، أمل وإحباط، صراع دائم نحو الأفضل والأجمل والأعلى والأرقى والأنقى.
لا تتبعوا الأوامر وفقط، بل استجيبوا لها مع التفكير فى جدواها، حاولوا بناء المستقبل بسواعدكم، وليس بتعليمات فوقية، قد لا تدركون مغزاها إلا متأخرا، فتودون الارتداد لسنوات، حتى تتخذوا قرارات غير التى كانت، وتتمنون لو كنتم تفاعلتم معها بشكل أكثر إيجابية، وبمعطيات كانت غائبة عن أذهانكم فى تلك الفترة.
أدعوكم أن تمنحوا أنفسكم فضيلة التمرد، وأن تسمحوا للإنسان الذى بداخل كل فرد منكم أن يتفاعل مع الجميع، ولينتج فى النهاية ما ينتج، بشرط أن يكون ما توصلتم إليه نابعا من كينونتكم، ورؤاكم الخاصة الخالصة من أى ضغوط، فمصر تعول على شبابها أن يغيروا من الأفكار الصلبة، وفقا لمعطيات الواقع، وتبدل الأحوال، فأنتم الأمل والمستقبل، والنور القادم من وسط ظلام طويل ممتد.
إذا لم تستطيعوا ان تولدوا بداخلكم القوة، وانتم فى أحلك الظروف، فلن تأتى اليكم طواعية وأنتم فى أفضل الأحوال، فإما أن تنظروا، فى نسيج الحياة، إلى نقاط التقاء الخيوط المعقودة، فتتوقفون عندها، أو تشاهدوا مربعات الفراغ المتعددة، فتنطلقون من خلالها.
وأختم ببيت من الشعر لمحمود درويش، يمنحنى دائما الكثير من القوة: «لا بر إلا ساعداك.. لا بحر إلا الأسود الكحلى فيك». فافتحوا فى قلوبكم شبابيك الحرية، وامضوا بلا وجل.