شهد مجلس النواب، خلال الفترة الماضية، موجة هجوم شرسة ضد النائب محمد أنور السادات، اتُهم خلالها بتلقى تمويلات من الخارج، بدعوى صرفها على أنشطة جمعية أهلية يديرها، وذلك بعد اعتراضه على قانون «الجمعيات الأهلية» المقرر مناقشته بالمجلس خلال أيام. وتمثل هذا الهجوم تحديدًا فيما قاله النائب «أحمد بدوى»، الأسبوع الماضى، حول أن «نائبًا بالمجلس يمتلك منظمة حقوقية، تلقى و13 منظمة أخرى، تمويلاً أجنبيًا بطريقة غير مشروعة يقدر ب 45 مليون جنيه»، فى إشارة منه إلى «السادات» الذى ظهر بعدها معترفًا بتلقيه «تمويلًا» ولكن فى إطار «القانون» و«تحت رقابة الدولة». وفى الوقت الذى اشتعل فيه الهجوم على «السادات» هناك ما يقرب من 200 نائب يمتلكون جمعيات أهلية، وهو ما تكشفه «الصباح» فى السطور التالية، ورغم أن القانون لا يجرم ذلك، إلا أن هناك ممارسات عديدة تشهدها تلك الجمعيات على أرض الواقع، فى مقدمتها تلقى مبالغ طائلة نظير «أنشطة صورية» يتم تسجيلها فى الورق ولا تنفذ على أرض الواقع، فضلاً عن إثارة سؤال يبدو عقلانيًا للغاية: «كيف سيناقش هؤلاء النواب قانون الجمعيات الأهلية، وهم يملكون بعضها؟، ألا يعد ذلك تضاربًا وتداخلاً فى المصالح؟». البداية من رئيس المجلس ذاته، الدكتور على عبد العال، والذى رغم شنه هجومًا على النواب الذين يمتلكون جمعيات أهلية، إلا أنه شارك فى افتتاح جمعية أهلية تحت اسم «من أجل مصر»، فى مايو الماضى، تلك التى أسسها نواب ائتلاف «دعم مصر»، الذى يعد الظهير البرلمانى له فى المجلس. الجمعية سالفة الذكر، بحسب طارق الخولى، عضو الائتلاف، يمولها ويرأس مجلس إدارتها رجل الأعمال «محمد منظور»، على أن يكون جزء فى التمويل من بند «اشتراكات الأعضاء» المنضمين للجمعية. ومن ضمن المؤسسين للجمعية ذاتها أيضًا، والتى تعمل بنفس «قانون الجمعيات الأهلية»، الذى يسمح بتلقى تمويلات من الخارج، ومنح من الصندوق الاجتماعى وغيره، عدد من أعضاء مجلس النواب، وهم: «أحمد بدوى، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، داليا يوسف، وكيل لجنة العلاقات الخارجية، رشا عبد الفتاح، ووكيل لجنة التضامن الاجتماعى، سامر التلاوى، أمين سر لجنة التضامن الاجتماعى، شادية خضير». كما تضم قائمة المؤسسين للجمعية النواب: «طارق الخولى، أمين سر لجنة العلاقات الخارجية، عبد الحميد الدمرداش، عبد الهادى القصبى، كريم درويش، مارجريت عازر، محمد هانى الحناوى، محمود سعد، أمين سر لجنة المشروعات الصغيرة». وبحسب مصادر داخل مجلس النواب، هناك ما يقرب من 200 نائب يمتلكون جمعيات أهلية، ويتلقى بعضهم، تبرعات ومنحًا وتمويلات فى إطار العمل الأهلى. ومن ضمن النواب الذين يمتلكون أو يرأسون جمعيات أهلية، النائبة هالة أبو السعد، رئيس مجلس إدارة جمعية «سيدات أعمال المستقبل»، ومؤسس مركز «دعم حقوق المرأة»، وكلاهما بمحافظة كفر الشيخ، ونائب رئيس مجلس إدارة «الجمعية المصرية لمدربى التنمية» بالقاهرة. كما ترأس النائبة سلمى أبو الوفا، مجلس إدارة جمعية «الخير الأهلية» بمطاى فى محافظة المنيا. وأوضحت المصادر، رغم عدم إدانة أى من هؤلاء النواب المالكين لجمعيات أهلية فى شبهات فساد حتى الآن، أو حتى تلقى تمويلات أجنبية للأغراض غير الأعمال المختصة بها تلك الجمعيات، إلا أن الأمر يمثل شبهة فى استغلال النفوذ، والحصول على منح أو تمويلات من الجهات المانحة، فضلاً عن تضارب المصالح فيما يتعلق بمناقشتهم قانون «الجمعيات الأهلية». هذا، وكشف النائب أحمد بدوى، تولى لجان فى البرلمان مهمة التحقيق فى تلقى بعض المنظمات أو الجمعيات تمويلات خارجية، لافتًا إلى أن امتلاك نواب لجمعيات ومشاركتهم فيها لا يتعارض مع القانون، طالما هناك شفافية ووضوح فى الأمر، مضيفًا: «التمويلات التى يتلقونها يتم الإعلان عنها، وعن مصادر إنفاقها». وقلل «بدوى» من احتمالية «تعارض المصالح»، مؤكدًا أن القانون الجديد للجمعيات الأهلية الذى يناقشه المجلس حاليًا سيتابع جميع الجمعيات، التى يمتلكها النواب وغير النواب. واتفق معه النائب سمير غطاس، والذى قال: «يجب أن يسرى القانون على الجميع، دون تمييز بين نائب أو مواطن عادى، وأن تقدم أى مخالفات أو استغلال للنفوذ للمحاكمة»، مضيفًا: «معظم أعضاء البرلمان غير متفرغين للعمل البرلمانى، وما زالوا بأماكنهم الأخرى سواء فى الشركات أو الجمعيات أو المنظمات، ويتقاضون منها على رواتب». أما النائبة منال ماهر، فأوضحت أنه وفقًا لإحدى الدراسات، فإن نسبة الجمعيات التى تتلقى تمويلات من الخارج لا تتعدى 5 فى المائة، فيما تنقسم النسبة المتبقية على الدعم الداخلى أو التبرعات أو موارد للجمعية، وبعضها يعتمد على بعض المشاريع الخاصة فى الإنفاق.