المرأة الحديدية.. المرأة التي هزت عرش الإخوان.. قاضية مصر الأولي.. ألقاب عديدة حصدتها المستشارة تهاني الجبالي عضو المحكمة الدستورية العليا السابق طوال فترة عملها بالمحكمة نظرا لوقوفها بالمرصاد لقيادات جماعة الإخوان المسلمين خصوصا فترة مابعد الثورة.. الجبالي قادت معارك ضارية ضد الجماعة لم يستطع الطرف الثاني الانتصار فيها إلا بتفصيل قانون أطاح بها من منصبها في المحكمة الدستورية.. الجبالي قررت هذه المرة نقل معاركها عبر القلم من خلال استعدادها لكتابة مذكراتها والتي تنفرد "الموجز" بنشر بعض أجزائها ومن المقرر أن تتناول المذكرات الخمس سنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق حسني مبارك قبل اندلاع الثورة فضلا عن تناولها للفترة والأحداث الساخنة التي شهدتها مصر عقب الثورة خصوصا قرار حل المحكمة الدستورية واستشهادها بالمواقف والملابسات التي صنعت هذا القرار وعن أسباب اختيارها لهذه السنوات الخمس في حكم مبارك أكدت الجبالي أنها السنوات الأخطر في حكمه والتي شهدت تصاعد وتنامي الغضب الشعبي الذي أنهي حكمه. وأضافت أن تلك الفترة شهدت أيضا مجموعة من الأحكام التي أصدرتها المحكمة الدستورية العليا فيما يتعلق ببطلان العديد من قرارات الرئيس والحكومة معا بالإضافة لحكم ببطلان نتائج انتخابات مجلس الشعب وهو ما أدي إلي الدخول في صدام مع السلطة ونتج عنه صراع بين السلطتين التنفيذية والدستورية. وأكدت الجبالي أن الهدف من تلك المذكرات هو تأريخ تلك المرحلة الزمنية التي مرت بها مصر بكل ما احتوته من خير وشر , لتكون بمثابة شهادتها أمام ضميرها والتاريخ. وأشارت الجبالي إلي أنها ستتناول معركة "الدستور" في مذكراتها خاصة المادة التي وضعت بهدف الإطاحة بها وأن هذا الدستور "انتقامي" ولايعبر عن توافق المجتمع ويهدف إلي تصفية الحسابات فالدستور عصف باستقلال القضاء وأنهي استقلالية المحكمة الدستورية العليا كما أنه تعمد تركيز الصلاحيات في يد الرئيس محمد مرسي بالإضافة إلي هيمنته علي الأجهزة الرقابية الهامة. وأوضحت أن الإخوان المسلمين سيحظون بجزء كبير من هذه المذكرات خاصة ماقام به الرئيس مرسي الذي أعلن منذ انتخابه في يونيو الماضي الحرب علي القضاء عندما قام بدعوة مجلس الشعب للانعقاد علي الرغم من الحكم بحله , وكذلك سعي رجاله للتخلص من النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود في محاولة لإزالة الحواجز التي تحول دون الاستيلاء علي السلطة من قبل الإخوان المسلمين. وأكدت الجبالي أنها ستتناول تفاصيل المؤامرة التي تعرضت لها الدولة من قبل الجماعة عامة والرئيس مرسي خاصة لافتة إلي أن ممارسات الإخوان كلها تمثل عدوانا غير مسبوق علي دولة القانون وسلطة القضاء وادعاء أن هناك مصلحة عليا هو غير حقيقي , فالمصلحة العليا التي يمكن أن تعصف بدولة القانون هي الفوضي. وأوضحت الجبالي أن ماقام به الإسلاميون من حصار للمحكمة الدستورية سوف تصفه في مذكراتها ب "اليوم الأسود" لأن حصار المحكمة، المسئولة عن الرقابة الدستورية، وقضاؤها ملزم لجميع سلطات الدولة، يعني أننا وصلنا لمرحلة الانهيار. وأشارت الجبالي إلي أن المجلس العسكري الذي جاء إلي السلطة كان هدفه الحفاظ علي مؤسسات الدولة ونقلها للرئيس الجديد المنتخب. لافتة إلي أن الثورة المصرية غير محظوظة لأنها لم تنجح في فرض قياداتها ومشروعها الفكري وبناء عليه انهارت الأرض من تحت أقدام الثورة حتي وصلت إلي ماهي عليه الآن. وحول ثورة 25 يناير والمجلس العسكري في مذكراتها قالت الجبالي: الشباب الذين قاموا بالثورة لم يكن لهم قائد يتحدث باسمهم ويعبر عن آرائهم وبالتالي كان هناك مجال مفتوح لكثير من التيارات والأفراد الذين ركبوا الثورة وزعموا أنهم صانعوها ما كان سببا في دخولها النفق المظلم. وأوضحت الجبالي أن المذكرات سوف تتناول جزءاً بسيطاً عن نشأتها وحياتها العملية ومنها أنها ولدت لأسرة بسيطة من إحدي محافظات شمال مصر الغربية حصلت علي المركز الخامس علي مستوي مصر في شهادة الثانوية العامة ثم دخلت كلية الحقوق جامعة القاهرة وتخرجت منها العام 1973 وأنها عقب تخرجها عملت لفترة قصيرة كمديرة للشئون القانونية بجامعة طنطا بمحافظة الغربية ثم قدمت استقالتها وتفرغت للعمل كمحامية حرة في عام 1987 وهي المهنة التي عملت بها حتي قرار تعيينها كقاضية , تم انتخابها كأول عضوة في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب لتصبح بذلك أول سيدة مصرية وعربية تنتخب في هذا المستوي بالاتحاد منذ تأسيسه في عام 1944 , وبعدها تولت لجنة المرأة في الاتحاد نفسه لتمثل المرأة العربية وأيضا رئاسة لجنة "مناهضة العنصرية والصهيونية" بالاتحاد ، بالإضافة إلي عملها كمحاضرة أساسية في مركز التدريب وتكنولوجيا المعلومات التابع لاتحاد المحامين العرب ، وأيضا عضو بمجلس أمناء المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة ، وخبير قانوني في منظمة الأممالمتحدة ومحكم تجاري دولي ومحاضر في المعهد العربي لحقوق الإنسان في تونس وعضو اللجنة التشريعية والسياسية بالمجلس القومي للمرأة , في 22 يناير 2003 صدر قرار جمهوري بتعيينها ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا كأول قاضية مصرية، حتي عام 2007 حيث عينت الحكومة المصرية في ذلك العام 32 قاضية, وكانت القاضية الوحيدة في المحكمة الدستورية , ما جعلها صاحبة أعلي منصب قضائي تحتله امرأة في مصر. واختتمت الجبالي حديثها بالتأكيد علي رفضها التطرق لأي أمور شخصية أو عائلية في مذكراتها.