لم يكن 22 يناير 2003 يوما عاديًّا في حياة تهاني الجبالي، حيث صدر قرار جمهوري بتعيينها ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا كأول قاضية مصرية حتى عام 2007، حيث عينت الحكومة المصرية في ذلك العام 32 قاضية، ولكن لم تضف أي قاضية أخرى في المحكمة الدستورية، مما أبقى "الجبالي" في أعلى منصب قضائي تحتله امرأة في مصر. وأثار قرار تعيينها جدلًا واسعًا في الأوساط الدينية والسياسية والقضائية، القضاة المعارضون اعتبروا عمل المرأة في القضاء أمرًا تمنعه الشريعة الإسلامية، أما المؤيدون بتحفظ فقد فضلوا أن يبدأ عمل المرأة كقاضية من المحاكم الشخصية والابتدائية لا مباشرة في العمل بأعلى محكمة قضائية في البلاد، على أن شيخ الأزهر قبل تعيينها أكد أن تولي النساء منصب القضاء أمر مقبول من الناحية الشرعية. وبعد ثورة 25 يناير ظهر دور "الجبالي" واضحا ك "شوكة" في ظهر الإخوان المسلمين، والذي ظهر جليا في حديث لها مع جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن اقتراحها على المجلس العسكري وضع إعلان دستوري يحجم من سيطرة الإخوان المسلمين على البلاد. وكانت الجبالي من أشد المؤيدين لحكم حل البرلمان الذي قضت به المحكمة الدستورية، وكانت هذه بداية المعركة مع الإخوان المسلمين، واتهموها بالخيانة والعمالة وفلول الحزب الوطني، وشنت الكتائب الإلكترونية حربًا عارمة عليها بصفحات "فيس بوك". وتعرضت شقة المستشارة تهاني الجبالي للسرقة مرتين. وبلغت سطوة التيار الإسلامي أقصى حدودها حينما قاموا بحصار المحكمة الدستورية خوفا من إصدار حكم بحل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية التي تولت وضع الدستور المزمع الاستفتاء عليه منتصف الشهر الجاري. واتهمت "الجبالي" الإخوان المسلمين بأنهم يريدون حرق مصر بنيران الفتنة وهدم استقلال مؤسسة القضاء، وأن الدستور المقبل أسوأ الدساتير التي كتبت في تاريخ مصر؛ لأنه يعصف بالمحكمة الدستورية العليا. وما زالت اتهامات الإخوان المسلمين تنهال على المستشارة تهاني الجبالي وهي تقف في وجوههم، مما جعل البعض يصفها بأنها المرأة الحديدية التي لا تقهر.