شاهدت المستشارة تهانى الجبالى لأول مرة عام 1990، كنت أتابع مظاهرات عمال المحلة، لجريدة الشعب التى أعمل بها، حيث تم القبض على عشرات من العمال، وأحيلوا إلى نيابة أمن الدولة العليا طوارئ، داخل النيابة فى المحلة كانت تهانى الجبالى حاضرة متطوعة مع المحامين المقبوض عليهم. كانت تهانى الجبالي محامية ناشطة فى مجال حقوق الإنسان، تعمل متطوعة بشكل منفرد، ليس لديها منظمة حقوقية تتمول من الغرب، ولا هى مستندة لحزب سياسى أو جهة ما تقف خلفها وتسندها، كانت تهانى الجبالى تتطوع للدفاع عن المظلومين، خاصة المظلومين سياسيا ومن يجرى اعتقالهم وفقا لقانون الطوارئ.
تهانى الجبالي المحامية وعضو مجلس نقابة المحامين، لم تكن شريكا فى السلطة فى يوم ما، ولا هى عضو فى حزب سياسي متحالف مع الحزب الحاكم، وإنما محامية ناشطة فى المجال العام، على حساب بيتها الشخصى، ودون أن تتقاضى أجرا، مثل غيرها، ممن أصبح لهم مكاتب وأرصدة فى البنوك بالملايين.
وحين تقرر تعيين المرأة فى القضاء، اختيرت تهانى الجبالى العضو السابق بنقابة المحامين، واتحاد المحامين العرب لتصبح أول قاضية فى أعلى محكمة فى مصر وهى المحكمة الدستورية العليا، نظرا لتاريخها وليس بسبب قربها من سوزان مبارك كما يشيع جهلة الإخوان.
وحين اندلعت ثورة 25 يناير كانت تهانى الجبالى فى قلب ميدان التحرير طيلة 18 يوما، لم يهمها أنها قاضية فى المحكمة الدستورية، تعاملت مع الأمر باعتبارها مواطنة ومحامية سابقة، ومناضلة فى سبيل الحربات العامة، رغم أنها كانت تعلم جيدا أن فشل هذه الثورة يعنى أن يتم التضحية بها وفصلها من القضاء.
نجحت الثورة التى تبنت أهدافها تهانى الجبالي طيلة حياتها العملية، وحين استقرت الثورة وانتقلنا من الشرعية الثورية للشرعية القانونية، جاء دستور الإخوان الذى تم تفصيل مادة خاصة فيه حتى تخرج تهانى الجبالى من المحكمة الدستورية وتترك منصة القضاء.
غدا يصدر الحاج محمد مرسي قانونا بإعادة تشكيل المحكمة الدستورية من أقدم 11 قاضيا، ويخرج سبعة قضاة من بينهم تهانى الجبالي التى تترك المحكمة الدستورية، مرفوعة الرأس، بينما من طبخوا هذا الدستور وزيفوا إرادة الشعب، ومن سيصدر قانون المحكمة الدستورية سيخرجون من الأبواب الخلفية.. وسيذكر التاريخ تهانى الجبالي بكل فخر.. بينما سيلحق العار بكل من تواطئ لإخراجها.