بوادر أزمة جديدة بين الأطباء ووزارة الصحة على خلفية قانون "تأديب المهن الطبية" التى انتهت الوزارة من إعداد تعديلاته مؤخراً، مما سبب حالة من الاستياء الشديد بين جموع الأطباء بسبب ما تضمنته التعديلات من مواد اعتبرها البعض تعسفاً واضحاً ضد الأطباء خاصة، إضافة إلى قيام مجلس الوزراء برئاسة المهندس شريف إسماعيل بإقرار التعديلات دون عرضه على النقابة لإبداء الرأي فيه. فى البداية، قال الدكتور رشوان شعبان الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء إن المجلس الخاص بتعديلات مشروع القانون تم تشكيله من 5 أعضاء منهم 4 قيادات من وزارة الصحة وأحد نواب رئيس مجلس الدولة وهذا ما نرفضه على الإطلاق فبهذا التشكيل لم تتوافر أى حيادية فى قضايا التأديب فهم بذلك يكونون بمثابة الخصم والحكم فى نفس الوقت، مما يؤكد أنه لن يكون هناك حيادية فى المحاسبة. وأبدى "شعبان" اندهاشه مما قامت به وزارة الصحة خاصة فيما يتعلق بمحاولتها الإسراع فى إقرار مشروع قانون التأديب، وقال:"الموضوع عبارة عن نوع من التعسف الشديد تجاه الأطباء فهو يحثهم على ترك الوزارة إضافة إلى أن المشروع غير دستورى ومخالف للقانون كما أن القوانين الموجودة حاليا كافية للتأديب، وقد تم التركيز الناحية الإدارية فى التعديلات وليس فى النواحى الفنية". وأشار إلى وجود مشكلة في مشروع القانون الجديد تتمثل فى أن جميع قرارات مجلس التأديب ليس لها درجات تقاضٍ وأنها قرارات نهائية. وأكد "رشوان" أن جميع الأطباء يرفضون قانون التأديب وفى حالة إقراره ستلجأ النقابة للقضاء للطعن بعدم دستوريته، مشيراً إلى الحكم الذى حصلت عليه النقابة من قبل حول أحقية الأطباء في زيادة بدل العدوى والذى لم تنفذه وزارة الصحة حتى الآن، الأمر الذى سيجعل النقابة تلجأ للقضاء مرة أخرى لعدم تنفيذ الوزارة للأحكام القضائية. وأوضح أن رفض النقابة لمشروع التعديلات لا يرجع لعدم موافقتها على مجلس التأديب للطبيب فحسب فهم بالفعل موافقون على مبدأ الثواب والعقاب لأى مخطئ مهما كان منصبه ولكن يجب أن يتم إقرار التعديلات بموافقة نقابة الأطباء، فقد سبق وتقدم أعضاء النقابة عام 2011 للبرلمان بكادر مالي وإداري ينص على واجبات الطبيب قبل حقوقه، ولكنه قوبل بالإهمال وفى الوقت الحالى تقوم وزارة الصحة بالترويج لمشروع أعدته بنفسها دون مشاركة أعضاء النقابة وأخذ رأيها فى المشروع لضبط عمل الأطباء، وهو ما يعتبره معظم الأطباء تعنتاً مقصوداً ضدهم. ومن جانبها ذكرت الدكتورة منى مينا وكيل نقابة الأطباء، أن أعضاء النقابة لن يتراجعوا عن رفضهم النهائى للتعديلات التى أجريت على قانون المهن الطبية، لأنها لم تعرض على النقابة، مشيرة إلى أنه سبق وتقدمت النقابة بمقترحات لتعديل هذا القانون إلى وزارة الصحة والجهات المعنية أكثر من مرة ولكن لم تقم أى جهة بمحاولة مناقشة هذه التعديلات وهذا يعد مخالفة واضحة لنص الدستور وخاصة المادة 77. وأضافت "مينا" أنه فى حالة صدور قانون تأديب المهن الطبية الجديد ستكون المحاسبة خارج نطاق النيابة الإدارية العليا وسيتم محاسبة صغار الأطباء فقط وسيبتعد عن محاسبة القيادات العليا بالوزارة، موضحة أن قانون 14 القديم يتعامل مع الموظفين العاملين بالقطاع الطبى بما فيهم الوظائف العليا ولكن التعديلات الجديدة تلغى محاسبة القيادات العليا وهذا ما يعد تعنتاً واضحاً للأطباء فالكل سواسية أمام القانون وعلى أى طبيب يخطئ مهما كان مركزه أن يحاسب ويعاقب على أى خطأ مهنى فعله، ولكن القانون الجديد يزيد من حالة التعسف والاضطهاد ضد صغار العاملين بالقطاع الطبى. وأوضحت وكيل نقابة الأطباء أنه من ضمن شروط القانون التفرغ للقيام بالعمل المنوط به وهو الأمر الذى لن يستطيع أن يحققه الطبيب سوى فى حدود الأجر الحكومى، فالتفرغ مهم جداً وجدير بالنقاش ولكنه يحتاج إلى ضوابط، إضافة إلى أن هناك سلبيات أخرى بالتعديلات حيث أنه يمكن تكليف العاملين فى غير أوقات العمل الرسمية دون مقابل مادى، وفتح ساعات العمل إلى ما لا حدود. وطالب الدكتور حسين خيري نقيب الأطباء، ضرورة التأني فى تمرير أى قانون يتعلق بالصحة لمصلحة المنظومة الصحية ولكن للأسف الشديد ما يحدث حاليا عكس ذلك، مشيراً إلى أن ما فعلته وزارة الصحة يعد تعسفاً ضد الأطباء، حيث أن التعديل الأخير التى قامت بإقراره يظلم جميع الأطباء لأنه ليس عادلاً فقد تمت صياغته لكى يحقق المصالح الشخصية فقط، كما أنه يتيح الفرصة للسلطة التنفيذية للتعسف ضد صغار الأطباء ويفتح المجال لبعض لفساد القيادات العليا بالوزارة. وأضاف أن النقابة هى أول من تحاسب الطبيب فى حال وجود إهمال طبى، وليست الوزارة والتعديل الأخير يلغى عمل النقابة، وهو أمر لن نوافق عليه.