الحكومة تقر العقوبات.. والنقابة تهدد بالتصعيد منى مينا: مخالف للدستور ويحمي قيادات الوزارة ويتعسف ضد صغار الأطباء المبادرة الوطنية: القانون يدفع الأطباء للهجرة للخارج.. ولا يعالج فساد الصحة
إقرار تعديل على قانون 14 لسنة 2014 بإضافة فصل جديد تحت عنوان "التأديب"، كان هذا هو تصريح مجلس الوزراء قبل أيام، معلنًا عن تعديلات لقانون معاقبة الأطباء، فيما انتفض الأطباء رافضين القانون في ظل اعتبار نقابة الأطباء القانون القديم حقًا مكتسبًا لأعضائها. وفي رد فعل قوي، قال الدكتور إيهاب طارق، أمين عام نقابة الأطباء، ل"المصريون": "نحن موافقون تمامًا على وجود عقوبات لأي مخطئ من الأطباء وموافقون تمامًا على تحسين المنظومة الصحية بيد أن المشروع المقدم لا يوفر ذلك والعبرة ليست في عنوان القانون ولكن في التفاصيل". وأضاف طارق، في تصريح خاص: "تفاصيل المشروع تتيح الفرصة لتعسف الإدارات بحق وبدون حق ضد الطبيب والممرض، وتفتح باب تهرب القيادات من المسئولية؛ لأنهم خصم وحكم في نفس الوقت علشان النظام القديم أي حد بيفصل عن العمل لابد أن يعرض على المحكمة الإدارية وهو نصب من نفسه محكمة ابتدائية للقيادة المباشرة". وتابع: "دلوقتي النيابة الإدارية التي تحقق في قضايا الفساد والوضع الجديد مفيش نيابة إدارية فنشتكي القيادة لنفسها وهي تاخد القرار والكلام ده يفتح باب الفساد مش بيقفله علشان كده معترضين على القانون بشدة ولا نعترض على العقوبات ضد المهملين والنقابة ذاتها تعاقب المخطئ ونريد العقاب ولكن بضمانات ويكون العقاب عادلاً". وأردف أمين عام نقابة الأطباء: "العقوبات تصل إلى الشطب من سجلات المهنة تمامًا وهذا القانون غير دستوري؛ لأنه ينزع سلطات المحكمة والنيابة الإدارية وفي النهاية هتبقى القيادات وزارة الصحة هي الخصم والحكم، وخاطبنا رئيس مجلس النواب ولجنة الصحة ورئيس مجلس الدولة والنيابة الإدارية بكل المواد الخطيرة بمشروع القانون". وأشار إلى أن القانون لا يضمن حق التظلم من قبل الأطباء، بعد أن تم إلغاء دور النيابة الإدارية، قائلًا: "من يُفصّل القوانين ترزي خايب، إذا كنا نريد تحسين المنظومة لابد من رفع موازنة الصحة، ووضع خطة حقيقية لتحسين المنظومة بكل مستشفيات الدولة طبقًا لجدول زمني محدد، وزيادة فرص الدراسات العليا". واستنكر الدكتور حسين خيري، نقيب الأطباء، ما وصفه بمرور الدولة بمرحلة إقرار قوانين في مجال الصحة بتعجل شديد دون التأني لدراسة هذه القوانين لصالح المنظومة الصحية". وأضاف خيري: "فوجئنا بالتعديل الأخير حول تأديب الأطباء ونحن لا نرفض التأديب والعقاب ولكن بشكل عادل للأطباء وبآلية محاسبة جيدة تضمن العقاب المناسب". جدل قانوني المستشار حسني السيد، المحلل السياسي والباحث القانوني، أكد ل"المصريون"، أن قانون العقوبات لابد أن يحمل عقوبات رادعة، حتى يتحقق انضباط العمل بالنسبة للأطباء وتغليظ العقوبات بشكل كبير يحقق الأمان للمرضى. وأضاف: "أنا شايف إن الإخوة الأطباء اعتراضهم ليس في محله بالنسبة لقانون العقوبات الجديد، خاصة ارتكاب أخطاء مهنية جسيمة تتطلب تغليظ العقوبة، لذلك هذا أمر قانوني يتفق مع الدستور وهذا القانون يحمى الأطباء والمرضى وأراه واجب التنفيذ وأناشد القضاء المصري سرعة تطبيق العقوبات لعدم وجود تراخٍ في المحاكمات ". وبدوره استنكر الدكتور حسين خيري، نقيب الأطباء، ما وصفه بمرور الدولة بمرحلة إقرار قوانين في مجال الصحة بتعجل شديد دون التأني لدراسة هذه القوانين لصالح المنظومة الصحية". وقال خيري: "فوجئنا بالتعديل الأخير حول تأديب الأطباء ونحن لا نرفض التأديب والعقاب ولكن بشكل عادل للأطباء وبآلية محاسبة جيدة تضمن العقاب المناسب". وأضاف النقيب: "فوجئنا بإقرار مجلس الوزراء لمشروع قانون، لإضافة فصل جديد إلى قانون 14 لسنة 2014 تحت عنوان "التأديب"، بدون عرضه على النقابة لإبداء الرأي فيه قبل إقراره، وهو ما يعد مخالفة لنص الدستور بإشراك النقابات المختصة في وضع القوانين المنظمة لها". وتابع: "تحسين المنظومة الصحية يحتاج حزمة متكاملة من الإجراءات بدايةً من رفع موازنة الصحة لتوفير الأدوية والأجهزة والمستلزمات، ومحاربة الفساد وإهدار المال العام، ووضع جدول زمني للإصلاح التدريجي للمنظومة الصحية طبقًا لخطة رفع الموازنة". وشدد بحسب بيان النقابة، على ضرورة وضع تشريع يكفل الحقوق العادلة ويحدد المسئوليات الواجبة على الأطباء لضمان تقديم ممارسة طبية علمية حقيقية مثل قانون الكادر الأصلي، ووضع منظومة تكفل توفير فرص الدراسات العليا لجميع الأطباء، ووضع خطة للتدريب وتوفير الحماية للأطباء أثناء ممارسة عملهم، وخطة للرقابة والجودة.
مخالف للدستور وقالت الدكتورة منى مينا، وكيل نقابة الأطباء: "الحكومة تحاول أن تغسل يدها من جميع أوجه العوار الموجودة بالمنظومة الصحية، وتوهم المواطنين بأن الأطباء هم المسئولون عن انهيار منظومة الصحة، ولذلك يجب تأديبهم، فهذا أشبه بدفن الرؤوس في الرمال، وتحريض للمواطنين على الأطباء، ولن يؤدى إلى أي تحسين بالمنظومة الصحية، لافتةً إلى أن المشروع يحمل العديد من مظاهر العوار والسلبيات، من بينها مخالفة المادة رقم 77 من الدستور، حيث إنه لم يتم أخذ رأى النقابات المعنية في القانون قبل إقراره، إلى جانب كون القانون سيحاسب الفئات المخاطبة بقانون 14، ولن يطبق على العديد من الفئات غير الخاضعة لهذا القانون من أطباء الجامعة والتأمين الصحي والمؤسسة العلاجية". وأفادت بأن "المادة رقم 22 الخاصة بواجبات الأعضاء وفق القانون الجديد، نصت على أن "يتفرغ العضو، للقيام بالعمل المنوط به بدقة وأمانة"، دون توضيح هل المقصود هو التفرغ الكامل للعمل الحكومي بمثل هذه الأجور المتدنية، أم أن المقصود هو دفع أعضاء المهن الطبية للاستقالة من العمل الحكومي، ويتم تشكيل مجلس تأديب له صلاحيات المحكمة التأديبية الابتدائية، حتى الفصل من العمل، مكون من أربعة أعضاء من قيادات الوزارة إلى جانب واحد فقط من الهيئات القضائية، وهو ما سيفتح الباب أمام التعسف الإداري الواسع ضد أي طبيب لأي سبب". وتنص المادة 25 الخاصة على الوقف عن العمل، حيث إنه من الممكن أن يتم إيقاف عضو المهن الطبية عن العمل طوال العمر، بالإضافة إلى غل يد النيابة الإدارية عن التحقيق مع شاغلي الوظائف العليا، ونزع سلطاتها في التحقيق في المخالفات المالية مما يتصادم مع الدستور والقانون بالمخالفة للمادة 179 من الدستور، والقانون 480 لسنة 1954 بشأن النيابة الإدارية، والمنصوص عليها بالمادة 79 مكرر من قانون 47 لسنة 1978، بالتالي فإنه يجوز نظريًا أن يقوم أحد قيادات الوزارة بارتكاب مخالفات إدارية جسيمة أو مخالفات مالية".
إصلاح الصحة الدكتور عبدالعال البهنسي، مؤسس المبادرة المصرية الوطنية لإصلاح القطاع الصحي، أكد أن القانون الجديد لن يقدم جديدًا في مسيرة تطوير وإصلاح القطاع الصحي، إضافة إلى أن الجزاءات المذكورة في مجلس التأديب هي نفسها الموجودة في قوانين الدولة المعمول بها، متسائلًا عن سر اتجاه الحكومة لتمرير مثل هذا القانون خلال الوقت الحالي. وأضاف: "نطالب بقوانين تؤثر على شكل وجودة الخدمة الطبية فنحن بحاجة إلى قانون لإعادة هيكلة أجور الأطباء إلى جانب هيكلة قطاعات الصحة المختلفة، وتأمين المستشفيات وتأمين المستلزمات الطبية والأدوية، وأرى أن مقترح إنشاء مجلس التأديب يمثل وجهة نظر للوزير شخصيًا وتمثل أداة ردع تصب في مصلحته في مواجهة أعضاء المهن الطبية، والنقابات المختلفة وسيؤدي إلى عجز في التخصصات الطبية، وهجرة الأطباء للخارج". واستنكر عدد من الأطباء من محاولة تمرير الحكومة للتعديلات الجديدة على قانون 14 حول باب التأديب، وقالت إحدى الطبيبات: "القانون لا يطبق على أعضاء هيئة تدريس الجامعات أو قيادات الوزارة، ولا يجوز أن يتم التحقيق معهم بمعرفة النيابة الإدارية، ويجيز لمجلس التأديب وقف الطبيب عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، والتجديد له، فيما لم يذكر كم مرة يحق للمجلس تجديد إيقاف الطبيب وهذا بمثابة استخفاف بعقول الأطباء، في حين أن أسباب الأخطاء في المستشفيات تعود على انخفاض ميزانية الصحة بالمخالفة للدستور".
وأضافت: "قبل الحساب وفروا للأطباء قانون لتحسين وضعهم علميًا وماديًا حتى يكون الحساب موضوعي إحنا شغالين بأقل مرتب وبإمكانيات ضعيفة وظروف صعبة ومع ذلك نحاسب بأشد العقاب".