المفكر الإسلامي طالب الإسلاميين بعدم التفكير فى الوصول للسلطة والاهتمام بالدعوة فقط الإسلاميون لن يكون لهم وجود على المسرح السياسي خلال فترة حكم السيسي نعيش حالة من الفوضي الإعلامية.. والراقصات حلت محل "المازني" و"العقاد" فى توجيه المصريين الأزهر مكبل ودوره ضعيف والحركات الإسلامية أكثر ديناميكية و ذكاء منه في ظل حالة الاستقطاب الحاد التي تسود المجتمع اليوم تبدو الحاجة ملحة لمعرفة كيف يري الإسلاميون المشهد السياسي الراهن وكيف ينظرون إلي حاضرهم ومستقبلهم فيه؟.. من هذا المنطلق أجرت "الموجز" هذا الحوار مع المفكر الإسلامي الدكتور ناجح إبراهيم حيث أكد أن المجتمع وخاصة الشباب يمر بحالة من الإحباط نتيجة تفشي الفساد والمحسوبية وأن المجتمع يعاني من تفشي الكراهية والاستقطاب وحالة التفسخ الأخلاقي والإجتماعي. وقال "إبراهيم" إنه لا يري دوراً للإسلاميين في المشهد السياسي الراهن ولا يتوقع أن يكون لهم دور في فترة حكم الرئيس السيسي.. مشيراً إلى أن فقه المراجعات ربما يكون هو الحل للخروج من النفق المظلم والأزمة التي تمر بها الدولة المصرية.. وإلي نص الحوار.. ما هي رؤيتك للمشهد السياسي الراهن ؟ المشهد السياسي الراهن يتسم باستقرار الحكم بعد فترة من القلاقل السياسية التى مرت بها مصر ولكن هناك حالة عدم رضا لدى الناس نتيجة غلاء الأسعار والضعف الاقتصادي وزيادة البطالة وعدم وجود آفاق أمل لدى كثير من الشباب وأنا ألتقي كثيراً من الشباب وأجدهم محبطين ويريدون أن يسافروا إلى الخارج. وما هي أسباب زيادة هذا الشعور في الفترة الأخيرة من وجهة نظرك ؟ زاد شعور الناس بهذه المشاكل الآن بسبب الضغوط الاقتصادية مع انهيار البلدان التي كانت تستوعب الملايين من العمالة المصرية مثل العراق وليبيا. وكيف ترى دور الإسلاميين في هذا المشهد السياسي؟ الإسلاميون انتقلوا من كرسي السلطة إلى السجون والآن ليس لهم وجود في المشهد السياسي علي الإطلاق وأحسب أنهم لن يكون لهم وجود في المشهد في السنوات المقبلة على الأقل في فترة حكم الرئيس السيسي نتيجة الصدام العنيف والذي حدث بين فصائل كثيرة إسلامية وبين الدولة سواء كان هذا الصدام جزء منه سياسي بارد وجزء آخر منه مسلح وعنيف فيه تفجيرات واغتيالات وأحسب أنه لو أن محمد مرسي كان قد اتخذ خيار الحسن بن علي وتنازل عن السلطة لكان للإسلاميين فرصة كبيرة في المشهد السياسي إلا أنهم ارتكبوا فى 2011 و2013 نفس الأخطاء التي ارتكبوها سنة 1954 وهذا جعلهم الآن ما بين هارب وسجين وينتظر السجن. فى اعتقادك.. هل تستقر مصر بالوضع الحالي أم نحن في حاجة لحراك معين يدعم تماسك المجتمع ؟ المجتمع المصري يمر بفترات كراهية خطيرة جداً لم يمر بها على مدى العصور فمثلاً حينما انتكس الجيش المصري عام 1967 أو لنقل حينما انتكست مصر في هذا العام كانت متماسكة ومترابطة ومتحابة وخاضت حرب 73 وهي متحابة ومتوادة وقد كنت شاباً في هذه الفترة وقد كانت مشاعرنا لوطننا وكنا نزور الجرحى ونأخذ منهم تذكارات ولكن انظر لحالنا الآن فبعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو هناك كم من الكراهية لا حد له وهناك كم كبير من التفسخ الأخلاقي والاجتماعي. وما الحل ؟ نحن في حاجة إلي إصلاح أخلاق المجتمع فوزارة الأوقاف ضعيفة جداً جداً ومكبلة والحركات الإسلامية في السجون ومنحاة ومقصاة فمن يعيد لهذا المجتمع تماسكه وأخلاقه مرة أخرى فهل من الممكن أن يكون التصوف الحقيقي هو المخرج وما أقصده هو التصوف البعيد عن البدع والمنكرات والموالد مثل تصوف والد الشيخ أحمد الطيب الشيخ محمد الطيب أو الشيخ عبدالحليم محمود فأزمة مصر الآن ليست أزمة سياسية فحسب ولا أزمة اقتصادية وإنما هي أزمة اجتماعية وأخلاقية أيضا ولو استمر هذا الوضع ستكون الأمور صعبة جداً . دور الدولة وما هو دور الدولة ومسئوليتها في هذا الأمر ؟ الدولة لا تقوم بأي دور وغير قادرة على فعل شيء لأنه ليس هناك تربية في المدارس ولا في الجامعات وليس هناك أي مكان يمكن أن يربى ويهذب الناس والمساجد فقدت دورها تماماً لأن الأوقاف أخذت المساجد ولم تصنع فيها شيئاً والكنائس تقوم بدور معقول ولا أدرى من الذي يمكن أن يقوم بهذا الدور فحتى مراكز الشباب كل همها اللعب و"التنطيط" والجامعات همها جلب المسارح ومحاربة النقاب وكأن أزمة الجامعات هي في النقاب والمسارح. التيارات الإسلامية.. هل ظلمتها الدولة المصرية أم هي مسئولة عما وصلت إليه ؟ التيارات الإسلامية ظالمة ومظلومة لأنها ظلمت نفسها ففي كل فرصة كانت تريد أن تقفز إلى السلطة وتترك مشروعها الدعوي طواعية لإقامة مشروعها السياسي ورغم ذلك فشلت فيها.. والدولة ظلمت هذه التيارات بتوسيع دائرة الاشتباه وفي هذا خطر شديد وزيادة للمشكلة فأنت حينما تحبس شاباً للاشتباه يدخل السجن وهو لا يؤمن بفكر التكفير ويخرج وهو مؤمن به فهل تكسب الدولة من ذلك أم تخسر؟!. كلامك يعنى أنه يجب على الإسلاميين ترك التفكير في كيفية الوصول للسلطة!! بالطبع.. وقلتها مراراً أنه كلما أراد الإسلاميون أن يجمعوا بين الدعوة والسلطة ضاع الاثنان وعليهم أن يكتفوا بالدعوة ويطوروا المجتمع ويتركوا السلطة ولو فعلوا ذلك فمن الممكن أن يكون هناك تطور كبير جداً فيجتمع السلطان مع القرآن. ولماذا يتجه الشباب لهذا الفكر المتطرف ؟ الشباب يتورط في ذلك لأنه لم يجد أحد يعلمه لا في المدرسة ولا في الجامعة إضافة للإحباطات التي يمر بها وكذلك وجود نماذج سلبية مثل "القاعدة" و"داعش" فيظن أنها نماذج تمثل الإسلام ووجود دعاة يظن أنهم يمثلون الدين وهم لا يمثلونه في شيء بالإضافة للضعف الاقتصادي والاجتماعي والاهتداء المجتمعي وغياب العدل السياسي و الاجتماعي. هل للممارسات الأمنية دور في دفع الشباب للتطرف ؟ توسيع قاعدة الاشتباه تضر كثيراً وعلينا أن نحسن معاملة الشباب المحتجزين خلال فترة احتجازهم لأنه إذا تم معاملتهم معاملة سيئة فسنرسخ فكرة التكفير فيه وهناك شباب كثيرون دخل السجون لأنه شارك في مظاهرة أو أشار بعلامة وهذا لا يستحق أن يمكث هذه الفترة في السجن فلنعلمه ونعطيه محاضرات ونعامله معاملة حسنة فإذا لم يحدث ذلك فأنت تصنع عضوا جديداً في التكفير والتفجير. وهل المجتمع نفسه أصبح متربصاً بالإسلاميين ؟ نعم هناك نسبة من التربص لدى كل الفئات حتى في الوظائف وأي إنسان يريد الزج بالآخر في السجن يقول عليه إخواني ومثلاُ حزب مثل حزب النور يقال عليه أنه مثل "داعش" وبعد أسبوع واحد من ترديد هذا الكلام يقوم تنظيم "داعش" باغتيال أمين عام الحزب بسيناء وهذا دليل على أننا لا نحكم على الأمور بمنطق واحد وأننا نتعامل ب 100 مكيال مع الإسلاميين والمطلوب فقط أن نعطيه حقه حينما يصيب ويخطئ. فى رأيك.. كيف تحمى الدولة شباب الإسلاميين من الانخراط في الفكر الداعشي والقاعدي ؟ على الدولة أن تستوعب التيار الاسلامي ليصب في نهر الدولة الجاري ولا يكون ضدها وهناك دول كثيرة فعلت ذلك مثل المغرب وتونس فهؤلاء الشباب طاقة موجودة لا يمكن إنكارها وإغفالها ولا بد وأن نجد له مسلكاً وممراً آمناً بحيث يفيد المواطن ولا يصطدم مع الدولة. مراجعة ذاتية ترى دور الأزهر في كل هذا ؟ هناك تيارات الآن قفزت من نقد الحركة الإسلامية غير المعصومة إلى نقد الإسلام المعصوم وقفزت إلى نقد علماء الإسلام بغير حق وهي غير مؤهلة لذلك والبعض شطط وطعن في القرآن الكريم وكل ذلك بحجة تجديد الخطاب الديني ونحن نريد التجديد لا التبديد ونريد التطوير لا الهدم والأزهر للحقيقة مكبل بأشياء كثيرة جداُ منها النمط الوظيفي والقيود الوظيفية وأيضاً هجمات الكثيرين عليه فالصحفيين والاعلاميين والاخوان يهاجمونه ومعظم الهجوم بغير حق وفي نفس الوقت يريدون منه الانطلاق فكيف ذلك. وهل الدولة داعمة له ؟ الدولة تريد أن تدعم الأزهر ولكنه لا يحسن الاستفادة من دعم الدولة فهو لا يملك الذكاء السياسي والاجتماعي في حين أن قطاعات أضعف منه بكثير أكثر ذكاءً منه . هل الحركات الإسلامية أكثر تأثيراً منه ؟ الحركات الإسلامية أكثر حيوية وأكثر حرية في التجديد والتطوير واستخدام الأساليب غير التقليدية ولكن الأزهر تقليدي والأوقاف تقليدية وهذا يعوقهما كثيراً لأن أي إنسان صاحب رسالة لا ينبغي أن يكون تقليدياً فصاحب الرسالة غير الموظف البيروقراطي فإذا أدرت اي رسالة بطريقة بيروقراطية ستموت هذه الرسالة. هل يكون خطة المراجعات وسيلتنا للخروج من الأزمة الحالية ؟ بالطبع.. كل مؤسسات مصر تحتاج إلى مراجعة فالتصوف يحتاج إلى مراجعة والأزهر والأوقاف يحتاجان للمراجعة والمؤسسات كلها تحتاج الى مراجعة من أعلاها إلى أسفلها والمراجعة شيء عظيم جداً وهي فقه النقد الذاتي وهذا الفقه هو الذي طور أوروبا. فوضى إعلامية كيف ترى الأداء الإعلامي وبرامج "توك شو" ؟ هناك فوضى إعلامية كبيرة جداً فهناك برامج للرقص فهل نحن "أمة اقرأ" أم "أمة أرقص" وهل ما ينقص الأمة الرقص أم العلم والأخلاق وتطوير العمل والجدية وما إلى ذلك؟!.. وأضرب مثلا ببرنامج " 5 مواه " فهل يجوز أن تحل راقصة محل المفكر عباس محمود العقاد وأن تأتي إنسانة غير حاصلة على الابتدائية لتعلم الأمة المصرية فهل هذه من ستعلمنا السياسة والدين والاجتماع؟!.. هذا غير ممكن وكان قديما من يعلم الناس هم المازني وأحمد شوقي وحافظ ابراهيم وغيرهم من الشعراء والأدباء والكتاب والمفكرين وليس " 5 مواه" و"نفسنة " وهذا الكلام الفارغ وللأسف كل البرامج عن مسابقات الرقص والغناء ولا نصيب للعلم وأهله على الإطلاق فلم يحدث مرة استضافة صاحب أحسن رسالة دكتوراه أو عالم قدم بحثاً فأين تشجيع العلم والعلماء وكيف نريد أن نبني حضارة... ألسنا من هواة تقليد الغرب فأوروبا بنت حضارتها بالعلم والديمقراطية والحرية والمساواة ونحن نريد أن نبني حضارتنا على إعلام توفيق عكاشة وقناة الفراعين والفوضى. . كيف رأيت أزمة توفيق عكاشة ؟ هذا رجل زوّر الدكتوراه والجميع كان يعلم بتزويره هذا لكنهم لم يغضبوا عليه إلا حينما أصبح مضادا لهم وهذه خطيئة أخلاقية فلا يجب أن تستعين بنموذج كهذا حتى لو كان موالياً لك فينبغي أن تجعل من يواليك ومن ينصرك نظيفاً شريفاً و عالماً فاضلاً وأن تقدم في الإعلام أفاضل الناس. كيف رأيت دعوته للتطبيع مع إسرائيل ؟ هذا من باب المزايدة والاحتماء وليس قناعة وتوفيق عكاشة لم يكن مقتنعاً بشيء فهو يجرى وراء مصلحته وهناك شريحة كبيرة من الذين يلهثون وراء السلطة ويجرون وراء مصالحهم وحيثما توجهت مصالحهم توجهوا ولا يملكون قناعة بالسلام ولا أي شيء فقط و"عكاشة" أراد الاحتماء بهذه الخطوة وهو ليس نموذج للإنسان الذي تقدمة الحكومة لتحريك أي أمور بين مصر وإسرائيل لأنه غير منضبط فكيف يمثل مصر لدى إسرائيل أو يكون الرسول بين مصر وإسرائيل. وكيف ترى إسقاط عضويته بالبرلمان ؟ أعتقد أنه من الأصل ما كان ينبغي أن يكون هذا وأمثاله في البرلمان فهناك نماذج في البرلمان تسيء إليه وتخصم من رصيده وتجعل الناس لا يثقون في هذا البرلمان وهذا كان منهم وهناك غيره. مثل من ؟ الناس تعرفهم ولست بحاجة لذكر أسمائهم.