تمثيلية يؤديها مدمن كوكايين.. صحفية أمريكية تعلق على تصريحات زيلينسكي حول وقف إطلاق النار    إغلاق ميناء العريش البحري بسبب سوء الأحوال الجوية    إصابة طالب بحروق إثر حادث غامض في البراجيل    في حوار خاص.. رئيس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يتحدث عن التحديات والرهانات والنجاح    حقيقة تعاطي قادة أوروبا الكوكايين خلال عودتهم من أوكرانيا    برلماني أوكراني يشير إلى السبب الحقيقي وراء الإنذار الغربي لروسيا    مباشر.. القناة الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك اليوم في السوبر الإفريقي لكرة اليد    جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة: الهلال والنصر.. مصر وغانا في أمم إفريقيا للشباب    تراجع أسعار الذهب اليوم الاثنين 12 مايو في بداية التعاملات    تراجعت 3 جنيهات، اسعار الدواجن اليوم الإثنين 12-5-2025 في الفيوم    «إسكان النواب» تستمع لمستأجري الإيجار القديم اليوم.. ووزير الأوقاف السابق يوضح موقفه من القانون    جريمة زوجية وجثة حسناء في سهرة حمراء وانتقام للشرف.. أكتوبر على صفيح ساخن    موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 وقيمة الحد الأدنى للأجور    أسعار سبائك الذهب 2025 بعد الانخفاض.. «سبيكة 10 جرام ب 54.851 جنيه»    أغنية مش مجرد حب لرامي جمال تقترب من تحقيق مليون مشاهدة (فيديو)    المطورين العقاريين: القطاع العقاري يُمثل من 25 إلى 30% من الناتج القومي    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    أمن الإسماعيلية: تكثيف الجهود لكشف لغز اختفاء فتاتين    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    لبنى عبد العزيز لجمهورها: الحياة جميلة عيش اليوم بيومه وماتفكرش فى بكرة    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب غربي الصين    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    أمريكا تعلق واردات الماشية الحية من المكسيك بسبب الدودة الحلزونية    وفري في الميزانية واصنعيه في البيت، طريقة عمل السينابون    أصالة تدافع عن بوسي شلبي في أزمتها: "بحبك صديقتي اللي ما في منك وبأخلاقك"    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 12 مايو    جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف كبيرة فى رفح الفلسطينية جنوبى قطاع غزة    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    ملخص أهداف مباراة الاتحاد والفيحاء في دوري روشن السعودي    خاص| سلطان الشن يكشف عن موعد طرح أغنية حودة بندق "البعد اذاني"    عمرو سلامة عن مسلسل «برستيج»: «أكتر تجربة حسيت فيها بالتحدي والمتعة»    من أجل تدعيم صفوفة قبل المونديال.. الأهلي يفاضل بين شكري وتوفيق محمد لدعم الجبهة اليسرى    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    ندوة "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فتاوى دار الإفتاء المصرية" بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    مشاجرة عائلية بسوهاج تسفر عن إصابتين وضبط سلاح أبيض    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    عاصفة ترابية مفاجئة تضرب المنيا والمحافظة ترفع حالة الطوارئ لمواجهة الطقس السيئ    بسبب ذهب مسروق.. فك لغز جثة «بحر يوسف»: زميله أنهى حياته ب15 طعنة    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    مواعيد عمل البنك الأهلى المصرى اليوم الاثنين 12 مايو 2025    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد الشوربجي يكتب: رسالة إلى عدلى منصور والسيسي.. حظر الجماعات الدينية الآن.. ليس غدًا
نشر في الدستور الأصلي يوم 18 - 01 - 2014

كثيرون يكتبون عن مشهد غاية فى الألم وهم جالسون على الكراسى فى الغرف المكيفة.. فهل تراهم يستطيعون أن يصلوا إلى الوصف الصحيح؟

الدولة فاشلة فى تحديد استراتيجية واضحة تحدد نقطة البداية والنهاية والمراحل الزمنية المختلفة لعلاج المشكلات

من أراد الحل الأمنى «المجرد» ودون اتفاق أراد فوضى لا يعلم مداها إلا الله

لا بد أن يكون الحل جذريًّا شاملاً ولا حلاً تكتيكيًّا جزئيًّا وإلا ستكون هدنة يعاد بعدها شن الغارات

تحسين أوضاع الدعاة وضم الأوقاف للأزهر هو الحل لتحسين الخطاب الدينى

رسالة

إلى السيد الرئيس والفريق أول عبد الفتاح السيسى

إنهم يستقوون علينا بعجزنا

إنهم يستقوون علينا بضعف رؤيتنا

إنهم يستقوون علينا بفشلنا فى تحديد أهدافنا

■ هذه إجابة عن سؤال واحد: لماذا يستمر التيار الإسلامى فى الحشد والاستقواء على الشعب؟

■ لأن هناك عجزا وضعفا فى الرؤية، وفشلا فى تحديد الأهداف، نعم فالدولة فاشلة فى تحديد استراتيجية واضحة محددة مبنية على دراسات تحدد نقطة البداية والنهاية والمراحل الزمنية المختلفة لعلاج هذه المشكلة، التى زاد عمرها على ال85 سنة، وما زالت قائمة وتمثل ارتباكا واضحا ومعيقا لتقدم الدولة وتحررها وبنائها، وللأسف نحن نتعامل معها بالقطعة، بالفعل ورد الفعل، فهل هذا يليق بدولة عريقة؟ أو حتى غير عريقة بل أى دولة هل يليق أن تتعامل الدولة بالقطعة؟ بسيب وأنا أسيب، بخُد حتة وأنا آخد حتة.

فيا أيتها الدولة المصرية، ويا أيها السادة المسؤولون المحترمون فى مصر، أرجوكم هاتوا من الآخر وحلوا حلولا نهائية وإلا ستكونون ممن يجرمون فى حق هذا البلد وفى حق هذا الشعب المحترم، ستكونون ممن أجرموا، لأنكم أجلتم فقط قتل أبناء هذا الوطن وإفساد عقولهم ودينهم وتدينهم وعيشتهم لحين إشعار آخر، لأنكم فقط أجلتم يتم أطفال وأبناء المسؤولين فى الدولة والتيار الإسلامى لحين إشعار آخر، لأنكم فقط أجلتم ترمل النساء وثكل الأمهات وانحناء ظهر الآباء لحين إشعار آخر، لأنكم ستكونون أجلتم وأسهمتم فى عدم تقدم البلد وتحرره فهل تريدون ذلك؟

■ إن كنتم تريدون ذلك فخليكوا زى ما أنتم ماشيين فى طريقكم دون رؤية واضحة ولا بصر ولا بصيرة، فقط بالفعل ورد الفعل، فقط بالوساطات والاتفاقات، ويا بخت من نفع واستنفع.

■ ■ ■

فيا سيادة الرئيس المستشار رجل القانون عدلى منصور

ويا سيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسى

رمز الجيش والوطنية فى مصر

■ إن بلدكم وأبناء ووطنكم جميعا أمانة فى أعناقكم، وإن رجال القانون والعسكرية والحرب لا يلقون الحمل من على ظهورهم لثقله، لأنهم رجال يملكون قوة العزم ورجاحة العقل وبعد الرؤية والتدبير، ولا يسيرون هملا دون تخطيط واضح محكم، ولا يعرفون اليأس، بل يموتون وأيديهم ترفع الراية ودماؤهم تسقى جذورها وتثبتها فى الأرض، فقد آلوا على أنفسهم منذ أن وطئت أقدامهم كلياتهم فى بداية مشوارهم التعليمى أن يقولوا الحق ولو كان مرا، وأن ينطقوا به وينحازوا إليه، قطعوا على أنفسهم عهدا ووعدا أن يضعوا نهاية حاسمة لكل من تسول له نفسه أن يتجاوز أو يعتدى أو يخرب، فضلا عن أن يقتل حريات الناس وأرواحهم وعمران الدولة ومؤسساتها، فيا أمل مصر لا تنتقلوا من هذه المرحلة إلا وقد وضعتم حلا حاسما، ورؤية استراتيجية واضحة، تحمل حلا كاملا لا أنصاف حلول، وارحموا أبناءكم ووطنكم والحاضر والمستقبل الذى سيأتى، فإن فات الوطن هذه المرحلة وتركتموه عزَّ بعد ذلك أن تدركوه أو تلاقوه، واسمحوا لدمع العين ساعتها أن يكون مدادا يكتب بحروف كبيرة وا أسفاه على وطن تركه رجاله!!

فهل تتركونه؟ لا.. لا.. لا أظنكم تتركونه.

■ ■ ■

السيد رئيس الجمهورية المستشار عدلى منصور

سيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسى

■ قد تقولون إن ما سبق هى مجرد عواطف نبيلة ومشاعر صادقة ولكن المشاعر والعواطف لا تحل مشكلة، وأنا أؤكد لكم يا سيادة الرئيس والفريق أن هذه ليست مجرد مشاعر، لكنها مقدمة صادقة لرؤية واضحة سأقدمها لكم من جندى من جنود هذا الوطن عاش مع هذه الجماعات عشرين عاما مبنية على البحث والدرس والمعاينة والتدقيق، وخرجت بنتائج واضحة سأقدمها لكم فى ورقة حل، وأنا أعلم أن القائد العام لا يبنى قراره إلا بناء على رؤية وتقرير واضح مفصل من القائد الميدانى على الأرض. فمن أحد جنود هذا الوطن على الأرض أقدم لسيادتكم هذه الرؤية معقبا إن جاز لى التعقيب على مبادرة الدكتور أحمد كمال أبو المجد، الذى أشرُف بمجرد نطق اسمه أو كتابته، فهو قامة لا يزيدها مدحى شيئا، فإلى أبى الروحى والمعلم الملهم الدكتور أحمد كمال أبو المجد وغيره من السادة المفكرين والمنظرين والباحثين، أقدم هذه الرؤية، ليس لأننى أعلم ولا أفهم أكثر، ولكن لأن الهدهد أحاط بفضل الله بما لم يحط به سليمان، لأنه ببساطة رأى ما لم يره سليمان، وقديما قيل ليس من رأى كمن سمع، وليس المخبر كالمعاين، وليست النائحة الثكلى كالمستأجرة.

■ فليس كل من درس وكتب ونظر، كمن عايش وتعايش ونفذ وذاق ولمس، واستخدم كل الحواس الخمس التى تجعل التجربة أكثر مصداقية والنتائج أكثر وعيا وأقرب ما تكون من أى شىء آخر إلى الحقيقة، فالنظرية غير التطبيق. وقديما اشتكى أحد الأمراء من شدة أحد الفقهاء فقال له وزيره الملهم: «أسكنه الحضر وأذقه البقل وأغدق عليه النعم يتغير»، فالبيئة والمعايشة يكون لها أشد الأثر على الإنسان فكثيرون يكتبون عن مشهد غاية فى الألم والفظاعة وهم جالسون على الكراسى الوثيرة فى الغرف المكيفة، فهل تراه يستطيع أن يصل إلى الوصف الصحيح وإن وصل فهل يشعر ويعيش نفس حالة أصحاب الحدث، وهل تكون نتائجه مستقاة من الواقع الفعلى؟!

■ فالدكتور أحمد كمال أبو المجد، والدكتور محمد عمارة، وسليم العوا، والمستشار طارق البشرى، والأستاذ فهمى هويدى، كتبوا كتابات عظيمة، وأسهموا بجهد كبير فى مجال الفكر الإسلامى استفاد منه فقط كل من أراد أن يترك التيار الإسلامى، ولم يستفد منه التيار الإسلامى، بل قاطعوه وتركوه وحاصروه وشوهوه فى أعين أفرادهم، وصغَّروه ووضعوا عليه علامات الحذر والتحذير والريبة ولكنهم «القادة» يلجؤون إليهم فى الشدائد والأزمات ليخرجوا منها، ثم يرجعوا مرة أخرى منغلقين مقاطعين متجاهلين لهم واضعين عليهم العلامات!!

■ ■ ■

■ فيا أيها السادة، لقد عشتم تقرؤون وتفكرون وتبدعون وتكتبون، لقد عشتم فى أروقة الحكم والمناصب والسياسة والأضواء والمال والجاه والأبهة فى الداخل والخارج، تكتبون فقط تكتبون لكن هل عشتم؟ لا لم تعيشوا بين أبناء هذا التيار، وفى أروقته وتحت إمرة قادتهم تأتمرون بأوامرهم، وتنفذون خططهم وتنغلقون على مناهجهم وتسجنون السنين الطوال، أو تقتلون على فكرهم أو ترون القتلى والجرحى والموتى والحمقى بأم أعينكم.

■ من الآخر أنتم أساتذتى، أنتم من سكن الحضر وذاق البقل وأغدق الله عليه النعم، ثم فكر وكتب، لكن لم تعيشوا قسوة البادية الفكرية وحرها، ولم تمشوا فى دروبها وتخبروا شعابها، ولم تحترقوا ولم تكتووا بنارها ولهيبها، أنا أعرف نياتكم جيدا وما تهدفون إليه، أنتم لا تريدون وكلنا معكم قتلا ولا دمارا ولا تدميرا ولا تخريبا، ولكن كيف؟ أرجو أن تسمعوا ممن رأى ولم يسمع، ممن عايش وعاين ولم يخبر، وقد قالوا اسأل مجرب ولا تسأل طبيب، فاعتبروا أن ما سأذكره هى رؤية مجرب، أضعها أمامكم أيها السادة الأطباء، فاجروا عليها الاختبارات وجربوها بعلم الطب الذى نؤمن به.

فإلى سيادة الرئيس

والفريق أول عبد الفتاح السيسى

إلى كل من يهمه الأمر أقول

■ ■ ■

أسس ومرتكزات الحل

إن أى رؤية أو حل لكى يكون صحيحا لا بد أن يكون قائما ومرتكزا على الأسس الآتية:

1- لا بد أن يكون حلا جذريا استراتيجيا نهائيا شاملا كاملا، وليس حلا تكتيكيا جزئيا وقتيا، وإلا ستكون هدنة تعاد بعدها شن الغارات والحرب مرة أخرى، على حساب أبناء الوطن ومقدراته وتقدمه، فلا داعى لرهن الوطن فى صفقات، ولنكن على قدر المسؤولية الوطنية، ونواجه المشكلة بلا أنصاف حلول رحمة بهذا الوطن، وخلاصا له من هذا العك، حرام عليكم خلينا نبص كيف يتقدم هذا الوطن، ونخوض هذه المعركة، مش معركة أنت مسلم صح ولّا بتهزر، مش هنمشى من المرحلة دى إلا لما نقول إحنا عايزيين إيه، كفاية بقى.

2- إن أى حل قائم على مجرد الحوار وعقد المصالحة والحل الأمنى مع التيار الإسلامى فاشل فاشل، ليه لأن التاريخ القريب والبعيد أثبت أن التيار الإسلامى لا يقبل الحوار ولا المصالحة فى الأزمات إلا ليمر منها وينجوا فقط، ثم يكون العود أحمد، ويشهد على ذلك ما كتبه عاصم عبد الماجد، فى كتب مبادرة الجماعة الإسلامية التى خرج على أساسها من السجن، حين قال واعترف: «أن الصدام مع الدولة كان المستفيد الوحيد والأول منه أمريكا وإسرائيل»، يعنى أنه اعترف كتابة أنه أفاد وعمل لمصلحة أمريكا وإسرائيل، فخرج من السجن وجاءت الثورة ليقول إنى أرى رؤوسا قد أينعت وما عليك يا سيادة الرئيس إلا أن تنزل السكين، وما زال يمارس علينا دور الحجاج و.. و.. و.. و.. وكثير من ذلك الآن لماذا؟ لأن خلاف التيار الإسلامى مع الدولة وكل ما فيها هو خلاف دينى شرعى عقائدى، وبالتالى لن يحل بمجرد المصالحة خلاف سياسى حتى لا نكرر نفس الأخطاء كأنها دائرة ملعونة لا نريد الخروج منها.

3- إن الحل الأمنى المجرد يستفيد منه طرفان فقط، فاهمين بعضيهم كويس، بناء على عقد صامت ومكرر تكون بموجبه اللعنة والخسران والذل والإفقار للوطن وأبنائه، أما النعمة والإنعام والربح الطائل والغفران فللطرفين.

الطرف الأول: داخل الدولة لا يريد لها التحرر والقدرة على الحساب أو رفع الرأس والكرامة، ظنا منه أنه يحمى مصالحه ويديم بقاءه ويستبقى حظوته.

الطرف الثانى: داخل التيار الإسلامى خوفا من فض سوقه وبوار تجارته.

لكن على الجميع أن يعلم أنه حدث متغير جديد فى المعادلة، وهى ثورة الشعب الذى يريد أن يعيش، وبالتالى فمن أراد الحل الأمنى المجرد ودون اتفاق أراد فوضى وثارات لا يعلم مداها إلا الله.

4- عاجل وضع نص فى الدستور يحظر كل الكيانات أو الجماعات أو الهيئات خارج إطار القانون، إلا تفعلوه تكن فتنة فى الوطن وفساد كبير.

■ ■ ■

لماذا تنشأ التنظيمات الدينية؟

أما عن رؤيتى فهى:

إنك لو سألت أى شخص فى التيار الإسلامى أو قرأت فكرهم لماذا أنشأتم هذه الجماعات؟ ستكون إجابته لسببين:

1- لأجل تطبيق الشرعة الإسلامية.

2- لأننى أريد أن أكون متدينا.

■ ■ ■

خطوات الحل

وبناء على ما تقدم تكون هناك أربع خطوات محددة، إذا فعلناها انتهت مشكلة التيار الإسلامى أو 90% منها على الأقل وتتمثل فى:

الخطوة الأولى: إعلان تطبيق الشريعة الإسلامية

وقبل أن ينزعج البعض أو يسخر آخرون أو يصدم من هذا البند أوضح الآتى:

أولا: الشريعة الإسلامية هى نظام قانونى مثله مثل أى نظام قانونى فى العالم، له وجوده الحقيقى والواقعى والفعلى الذى لا يستطيع أحد أن ينكره أو يتجاهله:

■ فقد أخذت عنه كثير من الأنظمة الأوروبية مثل إنجلترا وفرنسا وإسبانيا، وهذا ثابت تاريخيا واعترفت به أوروبا الحديثة والمنظمات الدولية والعالمية، ففى المؤتمر الدولى للقانون المقارن الذى انعقد فى لاهاى سنة 1932، أشير إلى التقدير الكبير للشريعة الإسلامية الذى بدأ يسود بين فقهاء أوروبا وأمريكا فى العصر الحاضر، كذلك مؤتمر القانون الدولى بلاهاى أيضا سنة 1937، الذى قرر أن الشريعة الإسلامية مصدر من أهم مصادر التشريع العام، وأنها شريعة حية صالحة للتطوير، وأن الشريعة الإسلامية تمثل نظاما متكاملا يقوم على مبادئ أساسية، وهى بذلك جديرة بأن تشغل مكانة ممتازة بين مصادر القانون المقارن، ثم مؤتمر الحقوق الدولى المنعقد بباريس سنة 1951، والمؤتمر الدولى للقانون والتنمية الاقتصادية سنة 1968، والذى قرر اعتبار الشريعة الإسلامية مصدرا لجميع التشريعات العصرية لما امتازت به من مرونة كبيرة، ثم مؤتمر حقوق الإنسان بفرنسا سنة 1973، والذى اعتبر الشريعة الإسلامية من المصادر الهامة لمواثيق حقوق الإنسان، فهو أحد الأنظمة القانونية المعتمدة عالميا ينطلق من فلسفة تشريعية مثله مثل النظم الأخرى، اللاتينية، والأنجلوساكسونية، والجرمانية.

■ ولكن هذا النظام القانونى وقع فى مشكلة، بين فريقين، فريق يرى أن الشريعة الإسلامية فى مصر غائبة تماما، وأننا مجتمع جاهلى يجب إعادته للإسلام، وعرض ومارس باسم الإسلام جهلًا ينفر من هذا النظام القانونى، وهو منه براء، فنشأ فريق آخر يتخوف من الشريعة ويعارضها، بناء على ما طرحه هذا التيار من تصورات وجهل منه وعدم اطلاع، والحقيقة بعيدة تماما عن كلا الفريقين، لأننا هنا فى مصر نحتكم ونطبق فى قوانيننا ومحاكمنا ما يزيد على 95% من الشريعة الإسلامية، فلا الفريق الذى يرى أن الشريعة غائبة مصيب، لأن هذا غير حقيقى، ولا الفريق الذى يتخوف من الشريعة وينكرها محق، لأنه يتحاكم إليها فعليا، فهل وجد فيها غضاضة؟

■ لذلك لما سئل البابا شنودة سنة 1985 فى جريدة «الأهرام» عن رأيه فى تطبيق الشريعة الإسلامية قال: «إننا نتوق أن نتحاكم بقانون الشريعة الإسلامية الذى يقول لهم ما لنا وعليهم ما علينا».

■ وقد أقر الأستاذ السيد ياسين: «أن العودة للشريعة الإسلامية عودة للأصالة الحضارية»، وهذا صحيح وإدراك عميق من أحد القمم الثقافية فى مصر، فكل نظام قانونى له فلسفته التى تعبر بحق عن واقع وأحلام وطموح وثقافة وبيئة واعتقاد مجموع معين من البشر، لذا تكون له الطاعة والاحترام، فإن فقد هذه الأشياء فقد احترامه. والحقيقة أننا لم نسمع أحدا نادى بإلغاء النظام القانونى اللاتينى أو الجرمانى مثلا، بينما ينادى البعض عن جهل بإلغاء التظام التشريعى الإسلامى، أما يوسف إدريس فحينما سئل عن رأيه فى تطبيق الشريعة الإسلامية قال: «إن من يرفض الشريعة الإسلامية مجنون»، وأشار إلى أننا نرفض من يتحدث باسمها أو نتخوف ممن يريد تطبيقها وليس من تطبيقها.

■ فإذا كانت هذه هى الرؤية العالمية للشريعة، وكانت هذه آراء كل هؤلاء وإذا كان الواقع أننا مطبقون ل95% على الأقل من الشريعة الإسلامية، وإذا كنا نحتكم إليها فعليا فمشكلتنا أننا لا نجيد تسويق ال95% بتخريجها على أحكام الشريعة الإسلامية، وتدريسها لطلبة كليات الحقوق لتخرج الآلاف كل سنة من هذه الكليات تنشر بين الناس أن قوانيننا فعلا موافقة للشريعة الإسلامية بنسبة 95%، حتى إن المستشار طارق البشرى ظل قرابة السنة يكتب عن تطبيق الشريعة الإسلامية فى مجلة «الأزهر»، ثم انتهى فى آخر حديثه أننا لا نتكلم عن تفاصيل القوانين، لأننا لو تكلمنا على التفاصيل لوجدنا أكثرها موافقا للشريعة الإسلامية، أو يسهل تخريجه عليها، ولم يجد بدا من أن يقرر أن مشكلتنا مع الشريعة فى مصر هى إظهار مرجعيتها فقط.

■ ■ ■

سؤال

■ قل لى ما المخالف للشريعة الإسلامية فى القانون الإدارى أو القانون الجوى أو القانون البحرى والجوى، أو القانون الزراعى، أو حتى القانون المدنى بعدد مواده ال1149 مادة؟

إجابة

■ الإجابة لا شىء! فلمَ الخوف والقلق إذا كان إعلان تطبيق الشريعة الإسلامية لن يغير كثيرا فى نظامنا القانونى؟ ولم نصنع مشكلة ونعطى التيار الإسلامى حجة وذريعة يبرر بها وجوده؟ ويجند بها شبابنا، وينشر بها التدين المغلوط الملغوم، والفتنة والقتل والمتاجرة بالدين.

■ إذن بداية الحل أن نعلن مراجعة القوانين فى مصر لتكون موافقة للشريعة الإسلامية، لقد فعلها الرئيس السادات رحمه الله حين إدراك أن وجود التيار الإسلامى خطر على الدولة، وأنه بدأ ينشر الفتن والشغب، فأراد الخلاص منه فأعلن عن طريق مجلس الشعب سنة 1978 تقنين الشريعة الإسلامية، وتكونت اللجان لذلك، واستعجلهم، فقالوا له إننا لا نستطيع الفراغ من مراجعة كل القوانين لنجعلها موافقة للشريعة الإسلامية قبل شهر يوليو 1982، أدرك الرئيس السادات أن الشريعة الإسلامية هى المبرر والحجة لوجودهم، وأدرك أن الشريعة الإسلامية لا تخيفه، لأنه كان مثقفا ثقافة حقيقية، ولأنه كان رجل سياسة حقيقيا، فأراد أن يقضى على هذا التيار بالضربة القاضية مرة واحدة، أراد أن ينهى سبب ومبرر وجوده ليصبح موته أمرا حتميا، فما كان منهم إلا أنهم سارعوا بقتله وموته قبل أن يموتوا هم! والمفاجأة أن مجلس الشعب برئاسة الدكتور صوفى أبو طالب ظل يعمل على إنجاز هذا المشروع وأنجزه بالفعل، وأخرج لنا حقائق هامة، أهمها أن قوانيننا لا تحتاج إلى كثير من التغييرات لتكون موافقة بنسبة 100% للشريعة، ثانيها فى الأهمية أن الرئيس مبارك تسلم المشروع ووضعه فى الأدراج ليظل لهذا التيار مبرر للوجود، إلى الآن ويظل للطوارئ مبرر، ويظل لانتهاك الحريات والكرامة مبرر، ثم كانت قمة الكارثة أن أعطى لهذا التيار الحق أن يتكلم باسم الشريعة جهلا وهبلا وخبلا، ولأناس يدعون أنهم مثقفون وإعلاميون وسياسيون يخدمون على هذا التيار بكلام فارغ، مثل إلغاء المادة الثانية من الدستور، والسخرية من الشريعة الإسلامية وتشويهها، بدلا من السخرية من هذا التيار أو نقده ليمكّنوا بكل قوة لهذا الخبل والهبل، ويعطونه مبررا للوجود، وتنشأ أجيال كاملة على هذا الخبل وهذا الجهل، لنجد أنفسنا فى ما نحن فيه الآن إلغاء المادة الثانية، ولّا إلغاء للمادة 219، ومصر إسلامية «اكتشاف حديث»، ومصر ليبرالية علمانية يا بيه، بالفطرة إسلامية، ولّا مدنية مدنية، ولّا إسلامية المادة الثانية، ولّا 219، هل هذه جريمة اتفقت عليها هذه الأطراف علشان غلب الشعب المصرى ومراره، أم أن المجرم الحقيقى يحرك الجميع من خلف ستار، أم أننا على رأى فضيلة الشيخ على جمعة أمام جهل مشلتت، نتشلتت ونتنطط فيه كلنا، والمثقفون والسياسيون غائبون، فارحمونا وهاتوا سياسيين أو حتى اسمعوا طالما هذا نصيبنا، فلماذا نصنع مشكلة من لا مشكلة؟ ونعطى ذريعة وحجة لتيار يعيق الدولة ويعطل حركة المجتمع بهذا الزعم الواهى.

إذن الحل

إعلان مراجعة القوانين فى مصر لتكون موافقة للشريعة الإسلامية، ولدينا مشروع جاهز يمكن أن نضيف عليه أو نعدل فيه، وهو مشروع د.صوفى أبو طالب فى عصر السادات، والمحفوظ الآن فى الأدراج. هذا ما نادت به النيابة العامة فى مرافعتها أمام هيئة المحكمة فى قضية مقتل الرئيس السادات، وكان أحد الأسباب التى جعلت هيئة المحكمة فى ذات القضية لا تحكم بالإعدام على أناس اعترفوا على أنفسهم بالقتل والسرقة والاعتداء، فهل آن لنا أن نحل مشكلة هى محلولة من الأساس، بقى فقط أن نعلن الحل أمام الكافة، ونضع حدا نهائيا لهذا الجدل العقيم فى هذه القضية.

■ ستواجهنا فقط مسألة الحدود، وهذه مسألة فيها كلام كثير محصور فى ثلاثة أشياء:

الأول: حدود نستطيع الآن وفورا تطبيقها بلا أى مشكلة، مثل حد القتل فإذا كان القاتل يقتل فى القانون بما يعرف بالإعدام، فما الضَّير إذا أكملنا وقلنا إن من حق ولى الدم العفو أو الدية أو التصالح على أكثر أو أقل من الدية؟ سنحل مشكلة كبيرة مثل مشكلة الثأر فى الصعيد، إذ يشعر صاحب الدم أنه هو صاحب القرار فى حقه، هل القصاص أم الدية أم العفو؟ فيرتاح قلبه وينطفئ غضبه لشعوره أنه مالك لحقه متصرف فيه -وهذا سيؤدى إلى حل على ثلاثة مستويات: سياسية تشعر صاحب الدم بالانتماء لمجتمعه واهتمام مجتمعه به. اجتماعية تحل كثيرا من المشكلات فى مجتمعات الثأر. أمنية تحد من تتابع جرائم القتل، إذ الدم مولد للدم- كذلك حد مثل حد شرب الخمر، اقرأ معى هذه التفاصيل واحكم لمَ لا نطبق هذا الحد؟!

■ هناك فكرة عن أن الحدود تعنى الجلد بكرباج منقوع فى محلول حار من الشطة، يضرب به عبد أسود الوجه ضخم الجثة مكفهر الوجه عبوس، يصرخ بأعلى صوته عليك اللعنة واللحمة يا عدو الله. وتلك خرافات من خرافات «ألف ليلة وليلة» لا علاقة للشريعة بها، ولا علاقة بها للشريعة، فقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم «ضرب وليس جلد» فى حد الخمر أربعين. وفى الحديث الصحيح ورد: «فمنا الضارب بيده، ومنا الضارب بثوبه، ومنا الضارب بجريدة» (فين الكرباج المنقوع فى محلول الشطة الحار؟!) مافيش فقط ضرب باليد والثوب. ترى هل قصد بذلك العقوبة أم الزجر؟

■ ثم المُقام عليه الحد لا يُصلب ولا تنزع ملابسه. واحد يضرب بثوب فوق ملابسه هل هذه مشكلة تخيف أحدا؟!

■ لا حدّ على متعاطى الحشيش والأفيون والبودرة وجميع ما ورد بجداول قانون العقوبات فى المخدرات ، فلا حدّ إلا فى الخمر «وهذا على رأى الجمهور».

■ من يشرب الخمر فى بيته وتعلم الشرطة بذلك لا يجوز لها فى الشريعة اقتحام مسكنه، ولا استصدار أمر بضبطه والقبض عليه لإقامة الحد.

■ للسائحين والأجانب: وفقا لما هو معتمد فى المذهب الحنفى يجوز بيع الخمور لهم إذن ما المشكلة فى تطبيق هذا الحد وفقا لما سبق؟

■ حدّ البغى: «هو حدّ مطبق الآن فى القانون المصرى» إذ هو موازٍ لجريمة الإضرار بالأمن والسلم العام، كما أنه ليس له عقوبة حدية مقدرة فى الشريعة الإسلامية، فالأمر متروك فى تقديرها للحاكم بما يوافق مصالح المجتمع.

■ إذن هذه ثلاثة حدود من مجموع سبعة حدود، نستطيع أن نطبقها بكل بساطة بكل بساطة وبلا وجل ولا أدنى مشكلة.

الثانى: هناك حدود مختلف فيها، لنا فيها فسحة، والأمر يرجع لصالح المجتمع فى الأخذ بها من عدمه.

الثالث: هناك حدود قد لا نستطيع تطبيقها الآن، فما المانع من تقنينها، ثم نقول إننا نوقف العمل بها لعدم الاستطاعة والقدرة وهما شرط فى التكليف.

خلاصة

■ ومما سبق نستخلص أن: الشريعة الإسلامية مطبق أغلبها فى مصر، واتخذتها التنظيمات الإسلامية ذريعة لحشد أفرادها وتجنيد أعضائها، الآن علينا أن نكشف هذا الزيف بإعلان فضيلة شيخ الأزهر بأننا سنقوم بمراجعة القوانين فى مصر، لتعديل ما يكون مخالفا فيه أو منها للشريعة الإسلامية، لنكتب شهادة الوفاة لمبرر وجود هذه التنظيمات.

الخطوة الثانية: حل جميع الأحزاب الدينية وتقنين ما يتم إنشاؤه

■ إذا أعلنّا أننا سنقوم بمراجعة القوانين لتنقيتها مما يخالف الشريعة الإسلامية، تصدر الدولة فورا قرارا بحل جميع الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، ولا يسمح بقيام أحزاب تستخدم هذه المرجعية، ولا شعارات تعتمد أو تلوح بالشريعة الإسلامية، ولا تستخدم المساجد والمشايخ فى العمل السياسى، عندها ينتهى الاتجار بالدين نهائيا، ويكون التنافس تنافسا سياسيا على مربع الظلم والاستبداد والفقر والمرض والجهل، اللى معاه برامج جادة لمعالجة هذه المعضلات أهلا وسهلا به، وهذه الأشياء هى عين أعيان الشريعة الإسلامية، بل هى الشريعة الإسلامية الغائبة! وإن أردت التأكد من ذلك فاقرأ القرآن لتجد 600 آية تأمر بالعدل وتنهى عن الظلم من 6236 آية هى مجموع عدد آيات القرآن. اقرأ قول الله عز وجل: «وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْه إِنَّ رَبِّى قَرِيبٌ مُجِيبٌ».

قال الفقهاء: «استعمركم فيها، أى خلقكم لعمارتها وطلب منكم ذلك»، فالإنسان مخلوق لعبادة الله وعمارة الكون.

■ وإن أردت أن تتأكد فاقرأ قوله تعالى: «وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ. رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. رَّبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَة مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ».

فرتب العبادة وهى الشكر على حصول الأمن والرزق، لذا قال أبو حامد الغزالى: «إن نظام الدين قائم على نظام الدنيا، فنظام الدنيا شرط لقيام الدين».

■ وإن أردت أن تتأكد أيضا من ذلك فارجع إلى مقاصد أحكام الشريعة الإسلامية فى أصول الفقه، لتجد أن المقاصد من كل أحكام الشريعة الإسلامية وقوانينها هى: إقامة العدل وتحقيق المصلحة والرحمة والكرامة، ولذلك كانت الضرورات الخمس هى «حفظ النفس والدين والمال والعرض والنسل»، وكانت الحاجات الخمس المطلوب توفيرها وإيجادها والمحافظة عليها وتحسينها هى «الغذاء والماء والكساء والسكن والدواء»، فهذا هو الدين الغائب وهذه هى الشريعة الغائبة.

خلاصة

ضرورة حل جميع الأحزاب الدينية، أو التى تقول إنها ذات مرجعية إسلامية لمنع الاتجار بالدين والشراء به ثمنا قليلا «يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار...»، وتحويل الصراع من صراع سياسى يهدف إلى حياة أفضل، إلى صراع دينى عقائدى مدمر للمجتمع ومفسد للحياة.

الخطوة الثالثة: تقنين أوضاع كل الجماعات والتنظيمات الدينية

■ تقنين أوضاع كل الجماعات والتنظيمات الدينية، فلا يسمح بعمل أى جماعة خارج الإطار القانونى، فلا توجد دولة محترمة فى العالم كله تترك جماعات وكيانات هلامية، تسبح فى الفضاء هكذا دون رقيب، وللأسف هذه الجماعات تتحدث عن الدين وتدعو إليه، وهى تحمل مفاهيم خاطئة وكارثية، وتصورات مغلوطة، وبالتالى فهى تنتشر بين الناس، وينضم إليها الشباب ويتلقون منها ما يحض على الكراهية والعنف، وتفريق المجتمع وإضعافه، فالتدين الخاطئ خطر، واللعب بدين الناس خطر، فيجب حظر هذه الجماعات، ومن أراد أن يتدين أهلا وسهلا، كلنا نريد الدين ولا يرفضه أحد، ومن أراد أن يكون مجموعة تدعو للدين والتدين أهلا وسهلا، ولكن تكون وفقا للقانون وفى إطاره، كجمعية بشروط ثلاثة:

1- ترك السياسة والحديث فيها، فهى جمعية دينية وليست حزبا سياسيا، فلا يصح لها العمل بالسياسة، وهى تدعو للدين لا للسياسة.

2- ترك الفتوى والابتعاد عنها، فلا يصح أن يكون للإخوان «مفتى» وللجهاد «مفتى» وللجماعة الإسلامية «مفتى» وللسلفيين «مفتى»، و«مفتى».. و«مفتى» أمّال دار الإفتاء دى بتعمل إيه، ولّا المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ولّا هيئة كبار العلماء؟ هذا تهريج وعبث يجب أن يوقف فورا.

3- ترك الكلام عن العقائد والحكم على الناس، فهم ليسوا حملة أختام وصكوك الكفر والإيمان والجنة والنار، يحكمون بكفر فلان، وتشيع علان، وفسق فلتكان، ومقاطعة الجهة الفلانية، والهيئة العلانية، هذا تدمير للمجتمع يسأل عنه من فعله ومن تركه، ويجب وقفه بلا تردد.

■ فهذه شروط ثلاثة يجب تطبيقها بكل حسم، ومن يخالفها تحلّ جمعيته ولا يحق له العودة مرة أخرى لممارسة نشاطه. وهنا سيسأل سائل ما هو عمل هذه الجمعيات؟ الإجابة أن عمل هذه الجمعيات ينحصر فى الدعوة للبر ومكارم الأخلاق بما لا يخالف السلم والأمن العام، فإن فعلوا ذلك أهلا وسهلا بهم، بل نقدم لهم كل الشكر والتقدير، فالحقيقة كلنا نريد لأبنائنا أن يرتقوا أخلاقيا، وأن يكونوا نماذج صالحة، فإن فعل التيار الإسلامى ذلك فهو يقوم بمهمة دينية، واجتماعية عظيمة وجليلة لخدمة المجتمع، وهى دعوة الأنبياء الحقيقية ولننظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بجلاله قضى 13 سنة هى أكثر من نصف عمر فى دعوة الإسلام يدعو فيها فقط لمكارم الأخلاق وتحرير الخلق من كل خوف إلا خوف الله تعالى، ولننظر لأحاديثه التى تبلغ 60 ألف حديث سنجد منها 5000 حديث تتحدث عن كل أحكام الشريعة الإسلامية، بينما 55 ألف حديث تتحدث عن البر ومكارم الأخلاق. ويقول الوحى على لسان النبى صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». لقد ابتعد التيار الإسلامى عن هذا المقصد، وشغل بلعاعات الدنيا، فقدم لنا نماذج أخلاقية تقول لنا وهى منتصرة: «موتوا بغيظكم أيها الحاقدون الحاسدون»، وتقول لنا وهى منهزمة: «أنتم عبيد البيادة وكارهو الدين، وسنسحق حضارتكم الفاجرة»، ويقدمون حضارتهم اعتداء على العلماء وأصحاب الرأى، سبابا وقدحا، وتجريحا وقتلا، فهل هذه أخلاق؟ لقد فشلت التنظيمات الإسلامية فى ذلك، بينما نجح التصوف الإسلامى الصحيح والحقيقى، لا الجاهل فى إخراج نماذج أخلاقية وتربوية وعلمية ودعوية راقية، مثل أبى حامد الغزالى، وأحمد التيجانى المجاهد العظيم وناشر الإسلام فى قلب إفريقيا، الذى أعدت فرنسا جيشا مخصوصا للقضاء عليه، كما أخرجت لنا الصوفية عبد القادر الجيلانى الذى أعاد البربر إلى الإسلام، بعد كفرهم مرات ومرات يرجعون بالحرب ويكفرون بانتهائها، فلما دعاهم عبد القادر الجيلانى إلى الإسلام آمنوا به ولم يخرجوا منه، فالإسلام وحجته ورحمته أقوى من السيف، لمن كان فارسا حقا. أخرجت لنا الصوفية أبو الحسن الشاذلى المجاهد، ونشرت الصوفية الإسلام فى غرب إفريقيا وآسيا، وفى بقاع كثيرة من الأرض، بمجرد حسن الأخلاق والمعاملة الصوفية، نشرت الإسلام وحببت الناس فيه، بينما التيار الإسلامى فرَّق أهل الإسلام وأخاف الناس منه، لأن الأولى اهتمت بالنموذج الأخلاقى، فانحاز لها جموع المسلمين من مختلف الطبقات والبيئات، فوجدنا ضابط الشرطة، والجيش والقاضى والمحامى، والوزير والمثقف والقارئ، والعامى وكل شرائح المجتمع، تتصوف، بينما الآخرون أخافوا الناس من الإسلام ففرقوا بينهم وألّبوا العالم علينا، فهنا نجاح للصوفية ونشر للإسلام، وهنا فشل للتيار الإسلامى وضرب للإسلام. فعلى التيار الإسلامى أن يعود للجادة إن أراد، وسيكون الكل معه، كما كان ولا يزال مع الصوفية، لأنهم اهتموا ببناء الإنسان، الذى يمارس السياسة لا بالسياسة. لأنهم حكموا على أنفسهم وحاكموها، ولم يحكموا على الناس ويحاكموهم ويشهروا الفتاوى فى وجههم وعلى رقابهم، برغم وجود العلماء الذين يستطيعون الفتوى والمؤهلين لها بينهم فهل وصلت الرسالة؟

الخطوة الرابعة: عودة الأزهر

■ الأزهر يا سادة، الأزهر يا من أفقرتم الأزهر علميا وماديا وقتلتموه اجتماعيا، فلما احتجتم إليه ليحارب التطرف وجدتم بينهم متطرفون يرتدون عمامته! لأنكم أفقرتموه علميا وماديا واجتماعيا، فكان هذا الحصاد، ما عادت الخيل تسير.. فتسابقت عرج الحمير. غاب الطبيب فارتدى التومرجى ثوبه، وزعم أنه طبيب وبدأ يعالج، فطبيعى أن تكون النتائج كارثية.

■ فهل آن لنا أن نعيد الطبيب وأن نحترمه وأن نجله، هل آن لنا أن نعيد الأزهر؟

فعاجل لإصلاح الأزهر:

أ‌- ضرورة التصفية فى الإعدادية والثانوية الأزهرية

ففى التربية والتعليم، حينما يحصل الطالب على شهادة الإعدادية يوزع حسب مجموعه على الدبلومات الفنية، ثم تأخذ أكبر مجموع على أساس أن هؤلاء هم المؤهلون لدراسة الثانوية العامة، أما فى الأزهر فكل من يخرج من الإعدادية الأزهرية يدخل الثانوية الأزهرية، فيدخل الثانوية الأزهرية ما يزيد على 75% من الطلاب لا يصلحون أساسا لدراسة الثانوية، كذلك حينما يحصل الطالب فى التربية والتعليم على شهادة الثانوية العامة يوزع حسب مجموعه على المعاهد والكليات، وتأخذ ما تسمى بكليات القمة من أعلى المجاميع، التى تصل إلى 97%، بينما فى الأزهر يدخل كلية أزهرية كل من حصل على شهادة الثانوية الأزهرية، ثم أقل المجاميع تدخل الكليات التى يناط بها الدعوة، وتخريج الدعاة، فيدخل كلية الدعوة الإسلامية من يحصل على مجموع 50%، وأحيانا 49%، وكأن الدعوة لها أقل الناس فهما وتحصيلا، ومن لا يستحق التعليم أصلا، فتكون النتيجة الكارثية هى إخراج داعية يعين فى الأوقاف أو يدرس فى الأزهر وهو لا يعرف أبجديات الدين، فلا يستطيع أن يفرق بين الداعية والفقيه والقاضى والمفتى، فتكون النتيجة أن يذهب لأبى إسحاق الفلانى أو العلانى، ليتعلم منه، ويصفه بأنه أعلم أهل الأرض! على الرغم أنه لو تعلم فعلا ودرس فى الأزهر حقا لكانت الثانوية الأزهرية كفيلة بأن تجعله يعلم أبو فلان وأبو علان، ونكون أمام خطيب وإمام أزهرى احتضنه الأزهر من الفشل، يسب ويشتم شيخ الأزهر ومفتيه، وتحتار معه كيف تفهمه أبجديات العلم والفهم غائب، وينشر بعمامته الأزهرية الكاذبة جهلا وجهالة فاضحة، لأن الأزهر من الآخر كده لمن لا يستحق التعليم أصلا.

■ ولأننا فضلنا مصلحة الجمارك والضرائب والبترول والبنوك والتأمينات والكهرباء والعدل و.. و.. إلخ، على وزارة الأوقاف، التى سرقت وضاعت أوقافها وأفقر أبنائها فهرب الناس والخلق والكفاءات من الأزهر والأوقاف وفقرهما، وأصبح العامل فى شركة الكهرباء الذى قد يجيد أو لا يجيد القراءة والكتابة بالعافية مرتبه يوازى راتب ثلاثة أئمة فى الأوقاف على الأقل، أما الضابط والقاضى فهؤلاء فى أعلى علّيين فى المجتمع وهذا وضع مقلوب، فإذا كان الضابط وظيفته ضبط المجرم بعد وقوع الجريمة، وإذا كانت وظيفة القاضى محاكمة والحكم على هذا الجرم، فإن وظيفة الداعية هى منع وقوع الجريمة من الأساس، والعمل على سلامة المجتمع منها، وتأهيل المجرم وإعادته صالحا مرة أخرى، فهل نجعل الداعية مثل الضابط أو القاضى إن لم يكن أفضل؟ أم يستمر مسلسل الإفقار علميا وماديا واجتماعيا ثم نقول أين الأزهر؟!

ب- عاجل ومطلوب على وجه السرعة تحسين أوضاع الدعاة علميا، وماديا، واجتماعيا، والتصفية فى مرحلة الإعدادية والثانوية الأزهرية وضم الأوقاف للأزهر، ويكون وكيل الأوقاف بمنزلة وزير، ويُختار من قبل هيئة كبار العلماء أو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، حتى لا تشكل وزارة الأوقاف ودعاتها بصبغة ولون الأحزاب السياسية، وأخيرا أقول إن إصلاح الأزهر فيه تفصيل كثير، ويحتاج إلى بحث مفصل، وسأطرحه فى دراسة لاحقة حتى لا يخرج البحث الحالى عن موضوعه، وحتى نستوفى ما يخص الأزهر جيدا، وذلك بحكم كونى أزهريا وأعمل ب«الأوقاف».

الختام

وختاما سادتى الأجلاء

يمكن عمل لجنة لدراسة أمثال هذه الرؤية المقدمة لحل مشكلة التيار الإسلامى والخروج منها بحلول نهائية حاسمة دائمة، وهذه اللجنة يكون عنصر أساسى فيها بعض القيادات والعناصر التى لها سابق تجربة مع التنظيمات الإسلامية من أمثال ناجح إبراهيم وماهر فرغلى وآخرين «جماعة إسلامية»، كمال الهلباوى وعبد الستار المليجى ومختار نوح وأحمد بان وسامح عيد« إخوان»، ونبيل نعيم القيادى السابق فى تنظيم الجهاد، وبعض الشخصيات المعارضة تماما للتيار الإسلامى حتى تطرح كل حججها ورؤاها بشأن التنظيمات الإسلامية وبعض المستقلين أصحاب الرؤى، كما يطلب من كل جماعة وتنظيم من التنظيمات الإسلامية تقديم ورقة عن تصورها لكيفية إنهاء مشكلتها مع الدولة والمجتمع، ويترأس اللجنة أحد الحكماء المستقلين مثل الدكتور أبو المجد لتخرج فى النهاية بنتائج وتوصيات بحثية، تقول لنا حلولا نهائية شاملة كاملة دائمة لمشكلة التنظيمات والجماعات الإسلامية.

حفظ الله مصر حرة أبيّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.