كان هذا اهداءه الغالب الى معجبيه ومحبيه، وقد كتبها إليّ يوم ذهبت إليه معجبة بدرجة مذيعة، فقد ذهبت ومعى عدد ممن تتشابه أسماؤهم معه «أنيس منصور» وكان ذلك ضمن برنامج بعنوان «أسماء وشخصيات».. وقد كان بينهم أحد الاقباط اسمه «أنيس منصور» وتدفقت المناقشات والطرائف والقفشات دون طائفية أو غيره مما نسمعه فى هذه الايام التعيسة. المهم.. اتذكر أنه كان اللقاء الاول مع الاستاذ ويومها أهدانى بعض كتبه كاتباً «مع محبتي» أنيس منصور.. كلمتين وبس على رأى العظيم أحمد بهجت.. أشعلتا خيالى وقتها ولساعات ظللت أفكر.. هل أعجب بى الكاتب الاشهر أنيس منصور؟ هل وهل؟ لقد كان ذلك خيال الشباب الذى يقترب حيثيا من عالم الادب والشهرة.. إلى أن دخلت دنياه وعرفت أنه كلام لطيف ودود لا يحمل إلا ذلك الود الانساني، واسمحوا لى أن استطرد مع ذكرياتى فى هذه اللقاءات العديدة التى كانت لى مع هذه الموهبة الفلسفية والادبية والثقافية النادرة والتى اسمها «أنيس منصور» لقد وجدتنى أشير إليه بأنه «أبو الكتب» وقد كان ضيفاً فى العام الاول من برنامج «زيارة لمكتبة فلان» فأنيس منصور هو كتاب، بل هو واحد من أمهات كتب الثقافة والفكر فى مصر فى العصر الحديث، ومكتبته ومهما ضمت من الكتب حوالى 55 ألف كتاب فى أماكن مختلفة، إلا أن الكتب الاهم كانت فى رأسه، يقلبها ويكتبها ويؤلفها من جديد.. واقرأوا أيها الشباب الذين أحبكم والذى كتب من أجلكم أجمل وأرق وأكثر الكلمات «عصرية» حتى يصل إليكم.. أعود لاقول للشباب الذين لم يغب عنهم ابداً، اقرأوا انيس منصور.. وكتبه على رفوف المكتبات، اقرأوا وتعلموا وعيشوا ايامكم وعصركم وعلومكم ولكن دون أن يتوه منكم الطريق فالمعاصرة لا تلغى الاصالة.. وتذكروا أن قضية الاصالة والمعاصرة طالت عهدا سابقاً ولكننا نحتاجها الآن ونحن نبنى من جديد أيها الشباب.. لا أدرى لماذا أجدنى أخاطبكم أنتم على وجه الدقة عندما اكتب وتتدفق ذاكرتى عن انيس منصور.. أم لانه وضع الفلسفة على لسان الشعب وجعلها تعنى معناها وترجمة كلمتها «حكم الشعب» بعد ان تعود الناس على فلاسفة الابراج العاجية.
أنيس منصور هو السهل الممتنع.. وذاكروا علاقاته بالكبار مثل العقاد وعبدالرحمن الابنودى والرافعى وغيرهم، وسافروا معه فى رحلاته وأدب الرحلات الذى كان رائده، وتعلموا من الكلمة العميقة النافذة والناجزة دون أن تخرج أو تنزف دماً، ثم راقبوا إنسانيته.. ابن المنصورة وعلاقته بالزوجة والحبيبة العزيزة «رجاء منصور» كما تناديها، وبأبنائها الذين أهداهم محبته كما أهداها لكل من حوله.
الذكريات كثيرة.. كثيرة والروايات طويلة.. طويلة.. لأن أنيس منصور رواية طويلة خالدة من روايات نجيب محفوظ صاحب نوبل، سوف يسجلها الزمان، وفى ذات الوقت هو قصة قصيرة -لأن الحياة قصيرة - من قصص الرائع يوسف إدريس، وأخيراً وليس آخراً، تذكروا أن أنيس منصور.. لم يصرخ منادياً بحقه فى «نوبل» بل اكتفى بنوبل المصرية، وظل دائماً يكتب «مع محبتي» .. إمضاء أنيس منصور.. لكننا اليوم نكتبها إليه.. ونردها إلى صاحبها ونحن نودعه.. أنيس منصور.. مع محبتى ومحبة الملايين.