أكدت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار الدكتور محمد مسعود رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين أحمد الشاذلى والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وعبدالقادر أبو الدهب ومبروك حجاج نواب رئيس مجلس الدولة على أن شرط تسجل الفيلات في مجلد التراث المعمارى تحقق إحدى أربع حالات أن يكون الطراز المعمارى مرتبطاً بالتاريخ القومى أو بشخصية تاريخية أو بكونها تمثل حقبة تاريخية أو تعتبر مزاراً سياحياً فإذا لم تتحقق فلا يجوز لرئيس الوزراء بتسجيل الفيلا بمجلد التراث المعماري. وقضت بإلغاء قرار رئيس الوزراء فيما تضمنه من قيد العقاررقم 142 شارع عبد السلام عارف – زيزينيا – قسم الرمل كود 1983 خلف قصر الصفا التابع لرئاسة الجمهورية بسجلات التراث المعماري لمحافظة الإسكندرية ، وما يترتب على ذلك من آثار.
قالت المحكمة أن المشرع حظر الترخيص بالهدم أو الإضافة للمبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز المرتبطة بالتاريخ القومى أو بشخصية تاريخية أو بكونها تمثل حقبة تاريخية أو تعتبر مزاراً سياحياً، وأناط المشرع برئيس مجلس الوزراء وضع معايير ومواصفات المبانى والمنشآت المشار إليها، وأوجب تشكيل لجنة أو أكثر بكل محافظة تكون مهمتها حصر تلك المبانى والمنشآت ومراجعة هذا الحصر بصفة دورية على أن ترفع قراراتها فى هذا الشأن إلى رئيس مجلس الوزراء لاعتمادها، وعلى أن يخطر ذوو الشأن بما تم اعتماده منها، مع وجوب تسجيل البيانات الخاصة بهذه المبانى والمنشآت فى السجلات التى تعد لذلك.
وأضافت المحكمة أن المبانى والمنشآت التى تخضع للحظر المنصوص عليه فى القانون رقم 144 لسنة 2006 في شأن تنظيم هدم المبانى والمنشآت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري، يتعين أن يكون قد تحقق فى شأنها وضع من تلك الأوضاع الأربعة المشار إليها سلفاً، بحسبان تحقق أى منها يمثل علة التميز الذى لأجله فرض حظر الهدم أو الإضافة، ومن ثم تنأى عن نطاق هذا الحظر المبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز لعلة أخرى غير تلك الأوضاع التى حددها المشرع، وبالتالى فإذا كان التميز لسمات معمارية مجردة عن تحقق واحد منها كان مناط الخضوع لذلك الحظر منتفيا. وأوضحت المحكمة أن رئيس مجلس الوزراء أصدر قراراً بقيد العقارات الموضح بياناتها وموقعها وأسماء شاغليها ومالكيها بالمجلد المرفق بهذا القرار والكائنة بأحياء محافظة الإسكندرية، ومن بينها العقار المملوك للطاعن بشارع عبد السلام عارف – زيزينيا - محافظة الإسكندرية على أساس أنه المبنى ذو طراز معمارى متميز ويمثل حقبة تاريخية. كما ورد باستمارة بيانات مبانى الحفاظ على التراث الحضاري للإسكندرية وكتاب نائب رئيس الأمانة الفنية للحفاظ على التراث والقائم بأعمال رئيس اللجنة برقم 94 في 18/6/2013 المرفق بحافظة مستندات الجهة الإدارية، والمتضمن أن الفيلا تقع في ضاحية الرمل والتى تعتبر من مناطق الفيلات في الإسكندرية وتقع مباشرة خلف قصر الصفا التابع لرئاسة الجمهورية، ويفصل بينهما شارع محمود الديب ، وتنفرد الفيلا بتميز طرازها المعمارى التابع لطراز البحر المتوسط وهو من الأمثلة النادرة في المدينة والتى تتبع حقبة الخمسينات من القرن الماضى حيث يتميز باستخدام الأسقف المائلة على مناسيب مختلفة والمغطاة بالقرميد الأحمر الأسباني. كما يتميز باستخدام مزيج من البياض والحجر الطبيعى في الواجهات واستخدام مداخن الدفايات كعناصر رأسية في الواجهة، وأهم ما يميزها هو تنسيق الموقع والحدائق في شكل تراسات متدرجة على مناسيب مختلفة ، وإزاء السجال فى شأن ما إذا كان هذا المبنى يرتبط حقا بحقبة تاريخية أتى طرازه المعماري متميزا لارتباطه بها. وأشارت المحكمة أنه فى عام 2016 انتدبت لجنة من كبار أساتذة الهندسة والفنون الجميلة والأثار بجامعة القاهرة لبيان ما إذا كان العقار موضوع الطعن ينطبق عليه وصف الطراز المعمارى المتميز وبيان الطراز الذى يصنفه تحت أى طراز معمارى وأوجه تميزه ومدى ارتباطه بحقبة تاريخية معينة ، مع تحديد تلك الحقبة ومظاهر ذلك ودلالته. وقد أودعت اللجنة تقريراً تضمن ما قامت به من أعمال وما خلصت إليه من رأى فنى فى ضوء المعطيات التى ذكرتها بالتقرير، منتهية إلى أنه "بعد مطالعة ملف القضية والمرفقات ومعاينة المبنى وتحليل البيانات المتاحة ، فقد خلصت اللجنة إلى ما يلى : (المبنى محل التداعى مسجل فى سجلات التراث المعمارى لمحافظة الإسكندرية تحت رقم كود (1983) وتحت بند منشآت ذات طابع معمارى مميز ويمثل حقبة تاريخية، ويوجد خلاف فى الصورة التى تم الحصر على أساسها والموجودة فى استمارة الحصر واستمارة التظلمات وبين ما هو قائم على الطبيعة حاليا، وطراز المبنى الحالى غير واضح وغير محدد ، وإنما عبارة عن تجميع مجموعة من المفردات الزخرفية والتى لا تمثل طراز فى حد ذاتها والمبنى لا يمثل حقبة تاريخية معينة ، وإنما طراز معمارى معدل على أصل المبنى الذى يرجع إلى خمسينات القرن الماضى ولم يشهد المبنى أى أحداث تاريخية هامة على مستوى دولى أو محلى. واختتمت المحكمة أنها اطمأنت إلى تقرير اللجنة ومنها أن طراز المبنى حالياً غير واضح وغير محدد وإنما عبارة عن تجميع مجموعة من المفردات الزخرفية والتى لا تمثل طراز فى حد ذاتها، ولا يمثل حقبة تاريخية معينة وإنما طراز معماري معدل على أصل المبنى الذى يرجع إلى خمسينات القرن الماضى، ولم يشهد المبنى أى أحداث تاريخية هامة على مستوى دولى أو محلي، على خلاف ما ذهبت إليه لجنة الحصر والذى صدر القرار المطعون فيه على أساس مما تبنته، ولما كان القرار المطعون فيه الصادر من رئيس مجلس الوزراء قد تمثل سببه فى أن المبنى ذو طراز معمارى مميز ويمثل حقبة تاريخية، فمن ثم يغدو هذا السبب غير مستخلص استخلاصاً صحيحاً من واقع ينتجه، ويضحى القرار الطعين مخالفاً صحيح حكم القانون لقيامه على غير سبب صحيح.