فتنة «المهاجرين» و«الأنصار» تضرب داعش ■ أزمة «دير الزور» تسبب فيها استبعاد والى سورى لصالح آخر عراقى.. و«أنصار بيت المقدس» شهد انشقاق قيادات رفضت الخضوع لوالى من «الرقة » شيشانى كنت أو بريطانى.. تونسى أو سعودى.. «مهاجر» أم من «الأنصار»، فلن تحميك جنسيتك أو تصنيفك الداعشى لتقفز على قيمتك الحقيقية ك«وقود» فى حرب داعش المقدسة، أو لأن تتجاوز أطماعك التنظيمية الخط الأحمر، حيث يقبع فقط أصحاب الدم الأزرق من «العراقيين».. المبشرين ب«حكم داعش». 1- داعش تنظيم «عولمى» نجح تنظيم داعش فى تدشين نفسه كتنظيم «عولمى» عابر للجنسيات، بفضل الآلاف من المقاتلين والأعضاء الذين تفوق فى جذبهم وضمهم إليه من جميع أنحاء العالم، وكحالة متفردة من حالات الانصهار الجنسى والعرقى، هى الأولى من نوعها- بهذا الحجم- داخل التنظيمات الإرهابية فى العالم بأكمله. فيما وصلت الظاهرة الداعشية إلى الحد الذى أصبح يهدد - وفقا لعدد من الخبراء - بتغيير ديمغرافى فعلى فى المناطق التى أصبح يسيطر عليها التنظيم، بسبب انصهار ذلك العدد الضخم من المقاتلين والأعضاء من جنسيات متباينة، تحولوا إلى مستوطنين حقيقيين لتلك المناطق، سواء باصطحاب عائلاتهم إليها، أو بإقامة علاقات نسب على نطاق واسع مع عائلات وعشائر المناطق التى يسيطر عليها التنظيم أو انضمت مسبقا إليه. بدوره، وضع أبوبكر البغدادى خليفة «الدولة الإسلامية» المزعومة حجر الأساس فى الترويج لداعش كتنظيم عولمى متعدد الجنسيات، فى خطابه الوحيد الذى خاطب فيه رعاياه والعالم فى إعلان دولة الخلافة «حيث يعيش العرب وغير العرب.. البيض والسود..الشرقيون والغربيون جميعا كإخوة» وأن «العراق ليست للعراقيين فقط، وسوريا ليست للسوريين فقط» وأن «الأرض لله وحده». وبدأ الجيش الإلكترونى الداعشى أيضا فى عمليات التجنيد على قدم وساق لمئات الأعضاء والمقاتلين الجدد، كما بدأت الآلة الإعلامية لداعش بعد ذلك فى الترويج له كتنظيم عالمى على أرض الواقع، أصبح يضم وفقا لآخر الإحصائيات 31 ألف مقاتل أجنبى - مرشحين للزيادة - من 100 دولة تضم بلادًا مثل تشيلى وفنلندا وجزر المالديف نفسها! لكن ماظل دوما بعيدا عن رصد الكاميرات والإصدارات الداعشية، فهو الآثار الجانبية التى أصبح يعانى منها جسد التنظيم، الذى تحول إلى «عولمى»!، وحالة التذمر والغليان المكتوم التى أصبح يعيشها عدد من أعضائه على مختلف دوافعهم وجنسياتهم، بعد أن برزت على السطح قضيتى صراع تنظيمى، هما الأبرز كأهم تجليات ظاهرة «عولمية» داعش، أولهما أفضلية المقاتلين الأجانب وتدليلهم داخل التنظيم، والثانية، السيطرة الكاملة للعنصرالعراقى على المناصب العليا فى التنظيم دون الجنسيات الأخرى. 2- العراقيون.. «الدم الأزرق» الداعشى أسس المُنظر الأكبر للقاعدة وداعش عبد الله بن محمد، فى مؤلفه الشهير «استراتيجية خاصة بالصراع العالمى ومكان التيار الجهادى منه» حتمية «عرقنة » القيادة فى كل ولايات التنظيم، وأنه «آن الأوان لعملية نقل واسعة للكوادر العاملة فى بلاد الرافدين إلى الداخل الشامى لتتولى وتشارك فى مسئولية قيادة وتدريب وتوجيه دفة الجهاد فى بلاد الشام»، وهى الاستراتيجية التى تأسست فى التنظيم المركزى فى العراق، بإبعاد أى قيادة لا تنتمى لبلاد الرافدين عن مواقع اتخاذ القرار فى التنظيم، ثم جرى تصديرها بعد ذلك إلى الشام بعد أن قررالتنظيم تدشين فرع له فى الشام «جبهة النصرة»، حيث تم نقل قيادات عراقية تتولى التنظيم هناك لضمان الولاء خوفا من الانشقاق على البغدادى، وهو ماتم بعد ذلك. كما كانت استراتيجية تعيين ولاة عراقيين على فروع داعش فى الخارج، سببا فى حدوث انشقاقات واسعة - بحسب المصادر- داخل تنظيم أنصار بيت المقدس بعد أن أعلن بيعته لخليفة «الدولة الإسلامية» وتحوله إلى «ولاية سيناء». 3- «أنصار» سوريون.. وأجانب «مهاجرون» بمجرد تحول «الدولة الإسلامية فى العراق» إلى «الدولة الإسلامية فى العراق والشام.. داعش»، وتوسعها بعد ذلك لفروع تلبى صورة الخلافة التوسعية ل«الدولة الإسلامية»، ظهر فورا التصنيف العنصرى للجنسيات داخل التنظيم بين أصحاب الأفضلية من العناصرالعراقية المؤسسة للتنظيم، و«الأنصار» وهم السوريون الذين انضموا إليه فى الشام، و«المهاجرون» وهم العناصر الوافدة لأراضى الدولة الإسلامية فى العراقوسوريا، سواء من الأجانب من الجنسيات الغربية، أو الوافدين من الدول العربية الأخرى، لتبدأ بذلك سيناريوهات الكواليس الحقيقية بين تلك التصنيفات الثلاثة وبعضها، داخل تنظيم داعش «العولمى»! وشهدت سوريا خيبة الأمل الأولى ل «الأنصار» فى أزمتهم الشهيرة فى دير الزور، بعد أن رفض التنظيم طلب عامر الرفدان بعودته إلى منصبه كوال على «الأنصار» هناك، لصالح والى عراقى قرر التنظيم تعيينه. وعادة ماتعم الغيرة فى صفوف التنظيم من المقاتلين الأجانب الذين يتلقون فى بعض الأحيان رواتب تصل إلى ضعف راتب المقاتل العربى، كما يتم اختيار الأماكن الفاخرة لسكنهم، وغير ذلك من الميزات المادية للمقاتلين الأجانب. غير أن هذا الوضع يختفى تماما بعدما يترقى عضو أومقاتل التنظيم ويصل إلى حد معين من التدرج فى السلم التنظيمى، حيث يكتشف المقاتل العربى والأجنبى على حد سواء، حتى لو كان «أميرا» داخل التنظيم، أنهم فى النهاية مجرد «وقود» للحرب ، وأنهم خارج اللعبة، فى تلك المرحلة المتقدمة، والدائرة الضيقة التى تقتصرفقط على العراقيين، «أصحاب التنظيم» فقط، فيما أصبح يطلق عليها صراحة فى الكواليس الداعشية، «المافيا العراقية» التى تحكم التنظيم. 4- وقود الحرب التنظيم يدلل المقاتلين الأجانب «المهاجرون»، ويستفيد من إمكانياتهم التكنولوجية والعسكرية إلى الدرجة القصوى، ويلجأ إليهم فى صناعة إصداراته وفيديوهاته المصورة بإمكانيات هوليودية متطورة، كما يستغلهم فى عمليات التجنيد ضمن الجيش الإلكترونى للتنظيم على مواقع التواصل الاجتماعى كما فى حالة قرصان داعش الأشهر البريطانى حسين جنيد، والأهم أنه يستخدمهم فى فيديوهات الدعاية له وفى تصديره للعالم بصورة التنظيم العالمى الذى يضم كل الجنسيات، فى سبيل جذب أعداد أخرى من الأجانب، وهو ماحدث فى حالة جون الجهادى البريطانى سفاح داعش الذى ظهر فى فيديو ذبح الأقباط المصريين، وكذلك الفرنسى مكسيم هوشارد الذى أعدم الجنود السوريين. من ناحية أخرى فإن المقاتلين الأجانب، خاصة الذين أسلموا حديثا والتحقوا بالتنظيم عادة مايكونون أكثر حماسة لفكرة الاستشهاد، وإقناعهم بتنفيذ العمليات الانتحارية أسهل من المقاتلين العرب. 5- غليان شيشانى مكتوم ولا يمكن تجاهل الكفاءة العسكرية منقطعة النظير التى يمتاز بها المقاتلون الأجانب - الشيشان تحديدا فى المواجهات والمعارك الدامية التى يخوضها التنظيم نظرا لخبرتهم السابقة فى المواجهات العسكرية، وباستثناء القائد الظاهرة أبو عمر الشيشانى، هم الأكثر حنقا وإحباطا من عدم تصعيدهم إلى المكانة التى يرون أنهم يستحقونها داخل التنظيم الذى كانوا أصحاب الفضل فى أخطر انتصاراته العسكرية الفيصلية، وهم الأكثرتطلعا كذلك لكسرالسيطرة العراقية على التنظيم، ومحاولة تجاوز عقبة عدم التحدث باللغة العربية التى يصدرها التنظيم كمانع حقيقى فى تقليد الأجانب مواقع قيادة المناصب العليا. وفى كل الأحوال لا يزال المقاتلون الأجانب «المهاجرون» يعانون من نظرة الشك إليهم داخل داعش، إلى الدرجة التى اضطر التنظيم معها لتشكيل شرطة عسكرية لمراقبة المقاتلين الأجانب الذين يتخلفون عن أداء مهامهم، وكذلك فرض قيود على قيام الشاحنات بنقل مقاتلين بين الولايات خوفا من هروبهم. وتطفو على السطح عدد من الأسباب الأخرى كدوافع لعدد من المقاتلين الأجانب فى حالات الهروب التى اكتشف التنظيم بعضها وأعدم بسببها 100 من أعضائه فى مدينة الرقة السورية كانوا قد حاولوا الفرار، منها خيبة الأمل فى بعض الأحيان لدى البعض فى المقابل المادى الخيالى والحياة المرفهة التى كانوا يتخيلونها داخل التنظيم، ومعاناة عدد منهم من قسوة التنظيم مع أعضائه وشعورهم الدائم أنهم أصبحوا رهائن محتجزين لديه، وعدم قدرتهم على التكيف، وكذلك يجدون أنفسهم متورطين فى أغلب الأحيان فى مواجهات تصفية الحسابات بين داعش والتنظيمات المنافسة له بدلا من مقاومة النظام السورى.