ذهبت المحكمة الدستورية العليا فى جلستها المعقوده بتاريخ 21/4/2012 إلى القضاء بعدم اختصاصها بنظر التعديل الذى أقره مجلس الشعب باضافة البند رقم (4) للمادة (3) من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم (73) لسنة 1956 المعروف إعلامياً بقانون العزل السياسى والمحال إليها من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لاستيضاح رأيها فى مدى دستوريته حتى يطمئن إلى عدم مخالفته لأحكام الدستور قبل إصداره 0 والحقيقة اننا قد خلصنا فى مقال سابق على صدور هذا الحكم إلى ذات النتيجة التى أنتهى إليها حيث توصلنا بعد بحث دقيق ومتعمق إلى عدم اختصاص المحكمة الدستوريه العليا بمد رقابتها القضائية السابقة على دستورية القانون المشار إليه ، وقد اختلفنا فى ذلك الوقت مع الكثير من الأراء التى نادت بأحقية المجلس العسكرى فى عرض هذا القانون على المحكمة الدستورية لاستيضاح رأيها فى مدى دستوريته على سند من القول بأنها تختص بفرض رقابتها السابقة عليه لإرتباطه الوثيق بقانون الإنتخابات الرئاسية 0 ولإيضاح جوانب الرقابة القضائية السابقة على دستورية القوانين التى أخذ بها المشرع الدستورى المصرى نشير إلى أن النظام القانونى المصرى قد عرف أسلوب الرقابة السابقة على دستورية القوانين لأول مرة بمقتض تعديل نص المادة (76) من دستور سنة 1971 والذى جرى فى 25 مايو لسنة 2005 ، وقد أضاف هذا النص نظاماً جديداً للرقابة على دستورية القوانين فى مصر لم يعهده من قبل النظام الدستورى المصرى فى مجال رقابة دستورية القوانين، والتى كانت تتميز منذ فجر ظهورها وعبر مراحل تطورها المختلفة بأنها رقابة قضائية لاحقه 0 وبمقتضى النص المنوه عنه أصبح النظام الدستورى المصرى يأخذ بنوعين من الرقابة الدستورية ، إحداهما : رقابة لاحقه تمارسها المحكمة الدستورية العليا – كأصل عام – على سائر القوانين واللوائح ، والأخرى رقابة سابقة تمارسها المحكمة ذاتها استثناء من هذا الأصل على القانون المنظم للإنتخابات الرئاسية ،دون أن تتعداه إلى غيره من القوانين 0 وبهذه المثابة تنصب الرقابة القضائية السابقة على قانون محدد على سبيل الحصر هو القانون المنظم للإنتخابات الرئاسية ، وذلك بعد إقراره من السلطة التشريعية وقبل اصداره ، ومن ثم لا يجوز أن تمتد تلك النوعيه من الرقابة إلى غيره من القوانين الأخرى ، ولا يحول ذلك دون حق المحكمة الدستورية العليا فى رقابتها السابقة مستقبلاً على أى مشروع يتناول بحسب موضوعه تعديل قانون الإنتخابات الرئاسية النافذ – والفرض أنه قد خضع بالفعل لرقابة المحكمة الدستورية السابقة – أو أى قانون آخر يتناول الانتخابات الرئاسية من جديد 0 والجدير بالذكر فى هذا المقام أن القانون المنظم للإنتخابات الرئاسية يخضع لرقابة قضائية إلزاميه على دستوريتة ، إذ يتعين عرض هذا القانون على المحكمة الدستورية العليا بعد إقراره وقبل إصداره ، ولا يعنى ذلك أنها رقابة تلقائية ، إذ يجب أن يحركها رئيس الجمهورية – أو من يقوم مقامه – وذلك دون أن يملك فى ذلك أيه سلطة تقديرية فى إحالة هذا القانون من عدمه ، ومن ثم فإن إحالة هذا القانون من قبل رئيس الجمهورية لا يتوقف على الشك فى دستورية نص أو اكثر من نصوصه ، وانما يتم احالته برمته إلى المحكمة الدستورية والتى تقوم بدورها ببحث دستورية كافة نصوص هذا القانون فى مجمله ، وذلك من الناحيتين الشكلية والموضوعيه دون أن تقتصر على نصوص بعينها ، وفضلاً عن ذلك فإن إحالة مشروع القانون المنظم للإنتخابات الرئاسية إلى المحكمة الدستورية لبحث مدى دستوريته يترتب عليه وقف إصداره لحين انتهاء تلك المحكمة من فحص دستورية 0 وعلى الرغم من سقوط دستور سنه 1971 عقب قيام ثورة 25 يناير المجيدة لعام 2011 وما يستتبعه ذلك من تلاشى نظام الرقابة القضائية السابقة الذى ابتدعته المادة (76) منه ، غير أن الإعلان الدستورى الصادر من المجلس العسكرى بتاريخ 30 مارس 2011 قد حرص على الابقاء على ذات النظام ، ويبدو ذلك بجلاء فيما جاء بنص المادة (28) من هذا الإعلان والتى تنص على أنه :- " تتولى لجنة قضائية عليا تسمى "لجنة الإنتخابات الرئاسية" ، الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية ، بدءاً من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الإنتخابات 000000000 ويعرض مشروع القانون المنظم للإنتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستور ، وتصدر المحكمة الدستورية العليا قرارها فى هذا الشأن خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها،فإذا قررت عدم دستورية نص أو أكثر وجب إعمال مقتضى قرارها عند إصدار القانون ، وفى جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزماً للكافة ولجميع سلطات الدولة ، وينشر فى الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره 0