لا تستطيع أن تعدو من أمام محل " طرشى " الجناين العتيق بشارع مسجد الديرى الأثرى بوسط مدينة بنى سويف دون أن تجذبك رائحة الخلطة السحرية لمخلل " السيدة وداد " أو تستطيع الابتعاد عن الألوان الجذابة لكافة أنواع الخضر التى تتزين بها جنبات المحل داخل زجاجات محكمة الغلق. اللتقينا صاحبة المحل وأبنائها لمعرفة بعض أسرار وخبايا تلك المهنة وفوائد وأضرار المخلل خاصة وأن شعبنا يعتبره من موروثاته الشعبية على مائده إفطاره وسحوره. فى البداية تقول الست وداد، " قام زوجى عويس مرسي، منذ ما يقرب من 80 عاما بتعلم تلك الحرفة الصعبة وهو فى مهده وقام بشراء المحل منذ 60 عاما فى أكثر المناطق شعبية وقتها وهو حى الديرى، كانت تلك المنطق تقدس المخلل وكانت المحافظة بأكملها تأتى الينا حيث كان زوجى يعمل دون منافس وبعد فتره قام بتعليم تلك الحرفه لأربعة آخرون من عمال المحل ليصبحوا منافسون لنا الآن بعد أن ذاع صيتهم. وانتقلت بنا السيدة وداد من الذكريات لبعض أسرار مهنتها قائلة : " أقوم بشراء الزيتون والليمون من الفيوم أرض الموالح أما اللفت والجزر نقوم بشرائه من روض الفرج سابقا وسوق العبور الان واللفت نوعان البلدى واليابانى والاخير يختص به فقط أصحاب المحلات التى تقدم الطرشى مع أطعمتها لأنه متماسك ويتميز بالشكل الجذاب أما اللفت البلدى فالاهالى تحبه لطعمه المييز وطمأنت الجميع من الالوان الحمراء التى يشاهدوها فى مياة المخلل حيث أن وزارة الصحة هى المصدر الوحيد لها ولا تشترى من مكان آخر . ماء اللفت شفاء للمريض ومنظف للبطن بهذه الكلمات تجاذب معنا أطراف الحديث إبنها الاكبر ممدوح حيث أكد لنا بأن " الدقة " التى يقوموا بوضعها مع الخضار من كمون وشطة وفلفل وثوم بالنسب السرية التى علمها لهم الوالد سر شفاء العديد من الامراض واضاف بأن الخضار المستخدم فى التخليل يتراوح ما بين 3 الى 8 شهور لكى يصبح جاهزا للإستعمال ويحتاج خامات ومجهود ومتابعة ومخازن بمواصفات صحية محده فالليمون يستغرق 8 أشهر ليصبح مخللا دون فتحه وهنا تظهر الحرفيه. أما الجزر 3 أشهر والزيتون خمسه أشهر وفجر ممدوح مفاجأه حينما قال الشركات المتخصصة فى انتاج المخلل يقوموا بتجهيز الفلفل الاخضر للإستخدام فى أسبوع فى حين أنه يحتاج لعام كامل ليصبح مخللا بالفعل وفتح النار على تلك الشركات حينما قال هناك العديد منها يستخدم الاصباغ والمواد الضاره ليسرع بعمليات التخليل خاصة الزيتون وحذر الاهالى منها وخرج بنا ممدوح للحديث عن موقف طريف حدث له عندما كان فى القاهرة فى إحدى شهور رمضان وذهب لزيارة أقاربه وقدموا له وجب الافطار ومعها طبق مخلل وعندما تناولته عجبت لأننى الذى قمت بعمله أنا ووالدتى وعندما تتبعت الامر وجدت أن المحل الذى يقوموا بالشراء منه يأخذ الطرشى من عندنا ببنى سويف . وفى النهاية طمأنت الست ودادا راغبى ومحبى المخلل بأن يأكلوه بعد أن يشتموه فإن فتحت الشهية فهو صحى وجيد وان جذعت أنفسهم منه فإنه بالطبع سيكون فاسد وتمنت لو أن رمضان يأتى فى الشتاء فقط حيث تضعف السوق الشرائية للمخل فى الحر بسبب خوف الاهالى من العطش .