قال الشيخ صالح عبد العزيز القطعانى، عضو لجنة الحكماء بالمجلس الانتقالى بليبيا، إن اللجنة تعمل حاليا على تنفيذ خطة شاملة لنزع السلاح من المقاتلين والمواطنين وتنسيق عملية دمج المسلحين من الثوار الذين قاتلوا ضد القذافى فى قوات الجيش والشرطة. وأضاف الشيخ القطعانى، فى تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، الجمعة، أن لجنة الحكماء التى تضم شيوخ ووجهاء العشائر الليبية أن المواجهات التى تشهدها بعض مناطق ليبيا، خاصة طرابلس العاصمة، تحدث بسبب وجود بعض العناصر غير المنضبطة بين الثوار بالإضافة إلى انتشار السلاح. وأشار إلى وجود عناصر من المسلحين تمارس دورا أمنيا داخل طرابلس باعتبارها عناصر خاضت القتال وأسهمت فى سقوط نظام القذافى، وأن معظم هذه العناصر ليست من أبناء العاصمة وهو ما يسبب بعض المشكلات. وحول سبب انتشار السلاح بهذه الصورة المخيفة فى أنحاء ليبيا، قال إن القذافى فتح مخازن السلاح أمام المواطنين، كما فتح السجون التى تضم المجرمين الخطرين وهو ما أدى إلى انتشار السلاح، خاصة فى طرابلس، وبعد انهيار نظام القذافى استولى المواطنون على ما تبقى من أسلحة القذافى. وأكد الشيخ القطعانى أن لجنة الحكماء هى امتداد لما كان يعرف ب"الصلح الشعبى" الذى كان منتشرا فى عهد القذافى وكان يقوم بدور الوساطة العشائرية بين المواطنين وهو نفس الدور المنوط به الآن بهدف منع الفتنة التى كان يمكن أن تشتعل مع انهيار نظام القذافى. وأوضح عضو لجنة الحكماء الليبية أن اللجنة تشكلت مع بدء الشرارة الأولى للثورة ضد نظام القذافى فى 17 فبراير من العام الماضى بمحافظة البيضاء بالمنطقة الشرقية "الجبل الأخضر" وتضم مشايخ القبائل والأعيان والحكماء بهدف نزع فتيل الأزمة قبل أن تنشب سواء بين المواطنين الليبيين أو بين ليبيا وجيرانها كى لا تؤثر بالسلب على مجريات الأحداث. وقال الشيخ صالح عبد العزيز القطعانى، عضو لجنة الحكماء بالمجلس الانتقالى بليبيا، إنه يقوم حاليا بدور الوساطة لتحقيق المصالحة بين الليبيين داخل مصر بما فيهم أبناء عشيرة القذافى "القذاذفة" ضمن مشروع يهدف إلى تحقيق المصالحة بين كل أطياف وأبناء الشعب الليبى. وأكد أن المصالحة سوف تشمل الجميع ولن يتم عزل أى مجموعة مهما كان توجهها، لأن العهد الجديد فى ليبيا ضد سياسة الإقصاء أو التهميش إلا من تلطخت يداه بالدماء أو نهب أموال الشعب الليبي، مشيرا إلى أنه حتى هؤلاء المذنبون سوف ينالون محاكمة عادلة بما فيهم رموز نظام القذافى وعائلته وعلى رأسهم سيف الإسلام. وأوضح أن لجنة الحكماء منذ انهيار نظام القذافى أخذت على عاتقها أداء دور فاعل فى تحقيق المصالحة الوطنية، حيث نظمت جولة إلى جميع المدن الليبية بهدف تطهير ما تبقى من رواسب تركها النظام السابق. ونوه فى هذا الصدد بدور نظام القذافى فى زرع الفتنة وإشاعة الكراهية بين الليبيين حتى يكون الولاء للنظام غالبا على الولاء للأسرة أو الوطن. وأضاف أنه جاء إلى مصر لاستكمال الدور الذى بدأ بالداخل من خلال رعاية الجرحى والمصابين من أحداث الثورة الليبية، بالإضافة إلى حل القضايا العالقة للمواطنين. وشدد على أنه لا مجال للثأر أو الانتقام لأن الليبيين شعب متسامح ولديه تجربة سابقة إبان الاحتلال الإيطالى حيث تم تجنيد عدد كبير من ضعفاء النفوس إلا أن المحررين عند الاستقلال تسامحوا معهم رغم تعاونهم مع الاحتلال وجرت مصالحة شاملة بين الجميع. وحول المخاوف من نشوب نزاع واسع النطاق على غرار ما جرى بالعراق مثلا بعد انهيار نظام صدام حسين، أكد الشيخ القطعانى، أن الحالة الليبية مختلفة لأنه لا توجد طوائف يمكن أن ينشب بينها قتال، مشيرا إلى أن ما يجرى من اشتباكات هنا أو هناك لا يمكن أن يتحول إلى صراع شامل. وحول دور العشيرة فى النظام الليبى الجديد، قال الشيخ صالح عبد العزيز القطعانى، عضو لجنة الحكماء بالمجلس الانتقالى بليبيا: "إن من أهم أهداف ثورة 17 فبراير هو إبعاد القبائل عن السلطة لأن تدخلها يعتبر كارثة، ومطالب الشباب هى أن تكون القبيلة مظلة اجتماعية وليست مظلة تسلطية". وأشار فى هذا الصدد إلى أن توزيع المناصب فى الدولة الليبية الجديدة سيكون على أساس الكفاءة وليس الانتماء القبلى أو المناطقى، وأن معيار التفوق سيكون حاكما لأى منصب بغض النظر عن القبيلة أو المنطقة أو حتى الجنس أو الدين. وعن دور المرأة فى ظل حكم الثورة، أكد عضو لجنة الحكماء الليبية أن المرأة دفعت ثمنا يفوق دور الرجل فى هذه الثورة المجيدة ولا يمكن تجاهلها أو إقصاءها. وحول مستقبل ليبيا الاقتصادى، أكد الشيخ القطعانى، أن بلاده غنية بالثروات والموارد الطبيعية ويمكن أن تكون جاذبة للاستثمارات من كل دول العالم فى جميع المجالات وليس النفط فقط، إلا أن رأس المال يبحث دائما عن الاستقرار، مشيرا إلى أنه يمكن تحقيق درجة عالية من الاستقرار فى غضون أشهر قليلة. وأعرب الشيخ القطعانى عن أمله فى أن يسهم الإعلام بدور أساسى فى نقل الصورة الحقيقية عن الأوضاع فى ليبيا، حيث إن المشكلة الكبرى هى نقل صورة مغايرة للواقع خاصة بتضخيم الأحداث الأمنية وهو ما يؤدى إلى إشاعة أجواء من القلق بشأن ليبيا داخليا وخارجيا. وحول المخاوف من سيطرة الإسلاميين على مقدرات الأمور فى ليبيا الجديدة، قال إن الإسلاميين الليبيين يمثلون السلام المعتدل الوسطى، وأن هناك اتفاقا على أن تحكم الشريعة وهذا أمر مرتبط بطبيعة الشعب الليبى المسلم المتسامح ولا يجب أن يكون ذريعة لأعداء ليبيا حتى يستغلوها ضدها. وحول علاقة ليبيا الثورة بمصر ما بعد مبارك، أوضح الشيخ صالح عبد العزيز القطعانى، عضو لجنة الحكماء بالمجلس الانتقالى بليبيا، أن الشعب المصرى شريك أساسى لليبيين، ورغم قسوة الأوضاع فى مصر إلا أنها ظلت رئة الثورة الليبية وقدمت الكثير للثوار من قوافل للأدوية والأطباء المتخصصين والأغذية وغير ذلك من الدعم المادى والمعنوى. وأضاف أن الدم المصرى يختلط بالدم الليبى خلال علاقات المصاهرة والنسب والجوار الجغرافى.. مؤكدا أن ما جرى من محاولات لزرع الفرقة بين مصر وليبيا لن ينجح أبدا لأن امتدادات القبائل الليبية منتشرة فى ربوع مصر. وحذر عضو لجنة الحكماء الليبيين من طابور خامس يريد إفساد العلاقة بين مصر وليبيا رغم كل الروابط التى تجعل العلاقة بين البلدين فريدة، لافتا إلى أن المرحلة المقبلة سوف تشهد تطورا كبيرا فى العلاقة بين مصر وليبيا، خاصة لأنه لولا دعم الشعب المصرى للثورة لما كانت قد نجحت. وأكد أن المستقبل يدخر خيرا كبيرا للشعب المصرى بمقتضى العلاقة التاريخية بين الشعبين الشقيقين لأن قضيتهم واحدة وعدوهم واحد، موضحا أن العمالة المصرية والاستثمارات المصرية سوف يكون لها الأولوية، خاصة أن تلك العمالة أثبتت حضورا رائعا ومجربا خلال السنوات الماضية. وأشار إلى أن الفرع المصرى لجمعية ليبيا الدولية لحقوق الإنسان والتنمية يؤدي دورًا فعالاً فى معالجة جرحى الثورة الليبية، كما كان لها دور كبير خلال الحرب القذرة التى شنتها كتائب القذافى ضد الثوار. وأشار فى هذا الصدد إلى اتحاد الثوار العرب الذى تم تأسيسه برعاية مصرية ويرأسه مصرى ينتمى لقبيلة ذات امتداد ليبي وهو ياسين السمالوسى، بهدف مناصرة الثورات العربية ومد يد العون بجميع أشكاله للثوار فى البلدان التى تشهد الربيع العربى.