قال الشيخ " صالح عبد العزيز القطعاني " - عضو لجنة الحكماء بالمجلس الانتقالي بليبيا - إنه يقوم حاليًا بدور الوساطة لتحقيق المصالحة بين الليبيين داخل مصر؛ بمن فيهم أبناء عشيرة القذافي ( القذاذفة) ضمن مشروع يهدف إلى تحقيق المصالحة بين كل أطياف وأبناء الشعب الليبي. وأكد أن المصالحة سوف تشمل الجميع؛ ولن يتم عزل أي مجموعة مهما كان توجهها؛ لأن العهد الجديد في ليبيا ضد سياسة الإقصاء أو التهميش؛ إلا من تلطخت يداه بالدماء أو قام بنهب أموال الشعب الليبي، مشيرًا إلى أنه حتى هؤلاء المذنبين سوف ينالون محاكمة عادلة بمن فيهم رموز نظام القذافي وعائلته، وعلى رأسهم سيف الإسلام. مضيفًا أن اللجنة تعمل حاليًا على تنفيذ خطة شاملة لنزع السلاح من المقاتلين والمواطنين؛ وتنسيق عملية دمج المسلحين من الثوار الذين قاتلوا ضد القذافي في قوات الجيش والشرطة. أشار - في حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إلى وجود عناصر من المسلحين تمارس دورًا أمنيًا داخل طرابلس؛ باعتبارها عناصر خاضت القتال وأسهمت في سقوط نظام القذافي، وأن معظم هذه العناصر ليست من أبناء العاصمة؛ وهو ما يسبب بعض المشاكل. وحول سبب انتشار السلاح بهذه الصورة المخيفة في أنحاء ليبيا؛ قال إن القذافي قام بفتح مخازن السلاح أمام المواطنين، كما فتح السجون التي تضم المجرمين الخطرين؛ وهو ما أدى إلى انتشار السلاح؛ خاصةً في طرابلس وبعد انهيار نظام القذافي استولى المواطنون على ما تبقى من أسلحة القذافي. وأكد الشيخ القطعاني أن لجنة الحكماء هي امتداد لما كان يعرف ب" الصلح الشعبي " الذي كان منتشرًا في عهد القذافي، وكان يقوم بدور الوساطة العشائرية بين المواطنين، وهو نفس الدور المنوط به الآن بهدف منع الفتنة التي كان يمكن أن تشتعل مع انهيار نظام القذافي. موضحًا أنها منذ انهيار نظام القذافي أخذت على عاتقها القيام بدور فاعل في تحقيق المصالحة الوطنية؛ حيث قامت بجولة إلى كافة المدن الليبية بهدف تطهير ما تبقى من رواسب تركها النظام السابق. ونوه في هذا الصدد بالدور الذي قام به نظام القذافي؛ في زرع الفتنة وإشاعة الكراهية بين الليبيين؛ حتى يكون الولاء للنظام غالبًا على الولاء للأسرة أو الوطن. وأضاف أنه جاء إلى مصر لاستكمال الدورالذي بدأ بالداخل؛ من خلال رعاية الجرحى والمصابين في أحداث الثورة الليبية؛ بالإضافة إلى حل القضايا العالقة للمواطنين. وشدد على أنه لا مجال للثأر أو الانتقام؛ لأن الليبيين شعب متسامح ولديه تجربة سابقة إبان الاحتلال الإيطالي؛ حيث تم تجنيد عدد كبير من ضعفاء النفوس؛ إلا أن المحررين عند الاستقلال تسامحوا معهم رغم تعاونهم مع الاحتلال، وجرت مصالحة شاملة بين الجميع. وحول المخاوف من نشوب نزاع واسع النطاق - على غرار ما جرى بالعراق مثلاً بعد انهيار نظام صدام حسين - أكد الشيخ القطعاني أن الحالة الليبية مختلفة؛ لأنه لا توجد طوائف يمكن أن ينشب بينها قتال، مشيرًا إلى أن ما يجري من اشتباكات هنا أو هناك لا يمكن أن يتحول إلى صراع شامل. وحول دور العشيرة في النظام الليبي الجديد؛ قال القطعاني: " إن من أهم أهداف ثورة 17 فبراير إبعاد القبائل عن السلطة؛ لأن تدخلها يعتبر كارثة، ومطالب الشباب هي أن تكون القبيلة مظلة اجتماعية وليست مظلة تسلطية." وأشار في هذا الصدد إلى أن توزيع المناصب في الدولة الليبية الجديدة سيكون على أساس الكفاءة وليس الانتماء القبلي أو المناطقي، وأن معيار التفوق سيكون حاكمًا لأي منصب بغض النظر عن القبيلة أو المنطقة أو حتى الجنس أو الدين. وعن دور المرأة في ظل حكم الثورة؛ أكد عضو لجنة الحكماء الليبية أن المرأة دفعت ثمنًا يفوق دور الرجل في هذه الثورة المجيدة، ولا يمكن تجاهلها أو إقصاؤها. وحول مستقبل ليبيا الاقتصادي؛ أكد الشيخ القطعاني أن بلاده غنية بالثروات والموارد الطبيعية، ويمكن أن تكون جاذبة للاستثمارات من كل دول العالم في كافة المجالات وليس النفط فقط؛ إلا أن رأس المال يبحث دائمًا عن الاستقرار، مشيرًا إلى أنه يمكن تحقيق درجة عالية من الاستقرار في غضون أشهر قليلة. وأعرب الشيخ القطعاني عن أمله في أن يسهم الإعلام بدور أساسي في نقل الصورة الحقيقية عن الأوضاع في ليبيا؛ حيث إن المشكلة الكبرى هي نقل صورة مغايرة للواقع؛ خاصةً ما يتعلق بتضخيم الأحداث الأمنية، وهو ما يؤدي إلى إشاعة أجواء من القلق بشأن ليبيا داخليًا وخارجيًا. وحول المخاوف من سيطرة الإسلاميين على مقدرات الأمور في ليبيا الجديدة؛ أكد أن الإسلاميين الليبيين يمثلون السلام المعتدل الوسطي، وأن هناك اتفاقًا على أن تحكم الشريعة، وهذا أمر مرتبط بطبيعة الشعب الليبي المسلم المتسامح، ولا يجب أن يكون ذريعة لأعداء ليبيا حتى يستغلوه ضدها. وحول علاقة ليبيا الثورة بمصر ما بعد مبارك؛ قال الشيخ " صالح عبد العزيز القطعاني " - عضو لجنة الحكماء بالمجلس الانتقالي بليبيا - إن الشعب المصري شريك أساسي لليبيين، ورغم قسوة الأوضاع في مصر إلا أنها ظلت رئة الثورة الليبية، وقدمت الكثير للثوار؛ من قوافل للأدوية، والأطباء المتخصصين، والأغذية، وغير ذلك من الدعم المادي والمعنوي ". وأضاف أن الدم المصري يختلط بالدم الليبي خلال علاقات المصاهرة والنسب والجوار الجغرافي؛ مؤكدًا أن ما جرى من محاولات لزرع الفرقة بين مصر وليبيا لن ينجح أبدًا؛ لأن امتدادات القبائل الليبية منتشرة في ربوع مصر. وحذرعضو لجنة الحكماء الليبيين من طابور خامس يريد إفساد العلاقة بين مصر وليبيا؛ رغم كل الروابط التي تجعل العلاقة بين البلدين فريدة، مشيرًا إلى أن المرحلة القادمة سوف تشهد تطورًا كبيرًا في العلاقة بين مصر وليبيا، خاصةً أنه لولا دعم الشعب المصري للثورة لما كانت قد نجحت. وأكد أن المستقبل يدخر خيرًا كبيرًا للشعب المصري؛ بمقتضى العلاقة التاريخية بين الشعبين الشقيقين؛ لأن قضيتهم واحدة وعدوهم واحد، موضحًا أن العمالة المصرية والاستثمارات المصرية سوف تكون لهما الأولوية؛ خاصةً وأن تلك العمالة أثبتت حضورًا رائعًا ومجربًا خلال السنوات الماضية. وأشار إلى أن الفرع المصري لجمعية ليبيا الدولية لحقوق الإنسان والتنمية يقوم بدور فعال في معالجة جرحى الثورة الليبية، كما كان له دور كبير خلال الحرب القذرة التي شنتها كتائب القذافي ضد الثوار. ونوه في هذا الصدد إلى اتحاد الثوار العرب الذي تم تأسيسه برعاية مصرية، ويرأسه مصري ينتمى لقبيلة ذات امتداد ليبي، وهو " ياسين السمالوسي " بهدف مناصرة الثورات العربية، ومد يد العون بكافة أشكاله للثوار في البلدان التي تشهد الربيع العربي.