السفير ماجد عبدالفتاح يكشف تفاصيل موافقة 143 دولة على منح فلسطين عضوية الأمم المتحدة    اتهام جديد ل عصام صاصا بعد ثبوت تعاطيه مواد مُخدرة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    تراجع عيار 21 الآن.. سعر الذهب في مصر اليوم السبت 11 مايو 2024 (تحديث)    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    زيادات متدرجة في الإيجار.. تحرك جديد بشأن أزمة الإيجارات القديمة    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن قمح    وزير الرى: الانتهاء من مشروع قناطر ديروط 2026    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    بلينكن يقدم تقريرا مثيرا للجدل.. هل ارتكبت إسرائيل جرائم حرب في غزة؟    يحيى السنوار حاضرا في جلسة تصويت الأمم المتحدة على عضوية فلسطين    الإمارات تستنكر تصريحات نتنياهو بالدعوة لإنشاء إدارة مدنية لقطاع غزة    مجلس الأمن يطالب بتحقيق فوري ومستقل في اكتشاف مقابر جماعية بمستشفيات غزة    نائب بالشيوخ: موقف مصر ثابت تجاه القضية الفلسطينية    سيف الجزيري: لاعبو الزمالك في كامل تركيزهم قبل مواجهة نهضة بركان    محمد بركات يشيد بمستوى أكرم توفيق مع الأهلي    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    الاتحاد يواصل السقوط بهزيمة مذلة أمام الاتفاق في الدوري السعودي    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    بيان مهم من الأرصاد الجوية بشأن حالة الطقس اليوم: «أجلوا مشاويركم الغير ضرورية»    أسماء ضحايا حادث تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    إصابة 6 أشخاص إثر تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    عمرو أديب: النور هيفضل يتقطع الفترة الجاية    حظك اليوم برج العقرب السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    حظك اليوم برج العذراء السبت 11-5-2024: «لا تهمل شريك حياتك»    بتوقيع عزيز الشافعي.. الجمهور يشيد بأغنية هوب هوب ل ساندي    النجم شاروخان يجهز لتصوير فيلمه الجديد في مصر    رد فعل غريب من ياسمين عبدالعزيز بعد نفي العوضي حقيقة عودتهما (فيديو)    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    الطيران المروحي الإسرائيلي يطلق النار بكثافة على المناطق الجنوبية الشرقية لغزة    الخارجية الأمريكية: إسرائيل لم تتعاون بشكل كامل مع جهود واشنطن لزيادة المساعدات في غزة    تفاصيل جلسة كولر والشناوي الساخنة ورفض حارس الأهلي طلب السويسري    مران الزمالك - تقسيمة بمشاركة جوميز ومساعده استعدادا لنهضة بركان    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    «آية» تتلقى 3 طعنات من طليقها في الشارع ب العمرانية (تفاصيل)    نيس يفوز على لوهافر في الدوري الفرنسي    انخفاض أسعار الدواجن لأقل من 75 جنيها في هذا الموعد.. الشعبة تكشف التفاصيل (فيديو)    تراجع أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 11 مايو 2024    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    طولان: محمد عبدالمنعم أفضل من وائل جمعة (فيديو)    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    وظائف جامعة أسوان 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    إدراج 4 مستشفيات بالقليوبية ضمن القائمة النموذجية على مستوى الجمهورية    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصادر الغربية تؤكد عدم وجود استراتيجية لإنهاء العمليات العسكرية في ليبيا
نشر في القاهرة يوم 29 - 03 - 2011

وسط ترتيبات لدور مستمر لحلف الناتو في العملية قصفت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ليبيا بصواريخ "توما هوك " واستخدمت الطيران الحربي بكثافة، وشنت الغارات الجوية منذ السبت 19 / 3 في أعقاب قمة عربية أوروبية أفريقية بحضور وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، في محاولة لمنع القذافي من مواصلة سحقه للمعارضة الليبية، وبعد إصابة العشرات من الأنظمة المضادة للطيران وغيرها من المنشآت الدفاعية، أعلن القذافي البحر المتوسط " ميدان حرب "، مؤكدا أن ليبيا ستهاجم كل هدف مدني وعسكري في البحر المتوسط، وأن مصالح الدول الكبري التي شاركت في العدوان ستتعرض للخطر بسبب ما أطلق عليه "العدوان الجنوني الصليبي" علي ليبيا والكفيل بإشعال الحرب . وجاء قصف الدول الكبري للمنشآت الدفاعية الليبية تنفيذا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973، بفرض منطقة حظر جوي علي ليبيا، وأعلن قائد هيئة أركان الجيش الأمريكي الأدميرال مايكل مولن في اليوم الثاني للقصف أي في 20 / 3 أن الضربات الجوية التي شنها " التحالف " علي ليبيا حققت نجاحا أتاح إقامة منطقة الحظر الجوي، لكن هدفها ليس هو الإطاحة بالعقيد معمر القذافي، مؤكدا بأن الأهداف العسكرية محددة، وأن منطقة الحظر الجوي أصبحت قائمة. وفي توضيح لمسار الخطة الجوية المعتمدة من جانب الدول الكبري، قال الأدميرال مولن إن ماتم هو المرحلة الأولي من عملية تشمل عدة جوانب، وأنه تم إيقاف تقدم قوات القذافي نحو بنغازي (أكبر مدن الشرق الليبي، ومعقل الثوار الذين يريدون الإطاحة بنظام القذافي)، وأنه تم تدمير العشرات من الآليات العسكرية والدبابات، وأنه يجري تدمير الطوابير العسكرية الليبية، وأن دوريات جوية فوق بنغازي تستمر علي مدار الأربع والعشرين ساعة، وحتي بداية المرحلة الثانية من القصف، أكدت مصادر أن قوات القذافي لاتزال تتقدم بريا في عدة مدن ليبية. وبعد اسبوع من القصف للمنشآت الليبية، أعلن مسئول أمريكي رفيع المستوي توصل الدول ال ( 28 ) الأعضاء في حلف شمال الأطلنطي لاتفاق سياسي ليتولي الحلف كل العمليات العسكرية في ليبيا، وليس فقط منطقة الحظر الجوي. عملية «فجر الأوديسا» بعد أيام من بدء تنفيذ عملية -فجر الأوديسا- وهو الاسم الذي اختاره التحالف الدولي لتنفيذ عملية فرض الحظر الجوي علي ليبيا، سادت حالة من الخلط الشديد علي مستوي المشاركين في تنفيذ العملية العسكرية، وأيضا علي مستوي ردود الفعل العربية والدولية في موضوع القصف الجوي علي ليبيا. فمن ناحية، أكد رئيس الأركان الأمريكي مايكل مولن أن الضربات الجوية علي ليبيا ليس هدفها الإطاحة بالعقيد معمر القذافي، وأنه يمكنه البقاء في السلطة بعد التدخل العسكري، وأن أهداف الحملة محدودة وهي وقف استهداف المدنيين، وإتاحة الفرصة لتوصيل المساعدات الإنسانية، وأنه لن يكون هناك غزو أو احتلال بري لأراضي ليبيا . ومع الاعتراف بإمكانية بقاء القذافي، أثيرت تكهنات باحتمال أن تمر ليبيا بالسيناريو الأسوأ وهو أن تنقسم البلاد بين الشرق الذي يسيطر عليه الثوار، والغرب الذي يستمر في حوزة القذافي، أو أن تشهد ليبيا تكرارا لما سبق مع الزعيم الصربي سلوبودان ميلوسيفتش الذي تعرض للقصف لعدة أشهر من قبل قوات حلف الأطلنطي، ثم استسلم بعد ذلك عسكريا بين ليلة وضحاها في يونية 1999، غير أن وليم هيج وزير خارجية بريطانيا استبعد المقولة التي تستبعد استهداف القذافي، مشيرا إلي أنها "مسألة ظروف". من ناحية أخري، وعلي مستوي قيادة التحالف الدولي الذي تشكل لتنفيذ عملية " فجر الأوديسا "، فقد شهد خلافات بين الأطراف الدولية، حيث اتجهت الولايات المتحدة للتخلي عن "زعامة" التحالف والعملية العسكرية، ونقلها إلي آليات حلف الناتو، بينما طالبت فرنسا وبريطانيا ببقاء القيادة علي مستوي الدولتين . هذا، بينما أصدر الناتو بيانا بموافقة سفراء الحلف علي ما أطلق عليه " خطة عمليات " في المرحلة الثانية من العملية لاستكمال تطبيق " حظر الأسلحة " الذي فرضته الأمم المتحدة علي ليبيا، خاصة أن حظر السلاح يتضمن استخدام طائرات وسفن لمنع وصول الأسلحة إلي ليبيا، بما فهم منه وجود اتجاه لإيجاد دورمستمر لحلف الناتو في ليبيا، بعد فترة الحرب، والاقتراب أكثر من الشأن العربي وفي هذا الصدد، جاء موقف تركيا، العضو في حلف الناتو معارضا لتدخله، ورافضا أصلا للتدخل العسكري في ليبيا، بدعوي أن شركاء الحلف في منطقة المتوسط تضم 7 دول عربية مع اسرائيل، وتخشي تركيا أن موافقتها علي التدخل العسكري، وإشراك الناتو في عملية ليبيا، سيضر بصورة تركيا في العالم العربي، لكن في مرحلة تالية، شاركت تركيا في عملية فجر الأوديسا، وأصبحت من ضمن التحالف الدولي (الذي يتمتع بغطاء عربي واضح)، ويتردد أن العملية أصبحت برمتها في حوزة حلف الناتو. وكانت فرنسا المشاركة بقوة في التحالف الدولي قد عارضت نقل قيادة عملية ليبيا إلي الناتو علي أساس ما تسميه "سمعة الحلف السيئة " في العالم العربي بسبب عملياته في أفغانستان، مما سينتج عنه النظر إلي عملية ليبيا علي أنها اعتداء من جانب الحلف أمام الرأي العام العربي، وبالتالي منعه من القيام بدور بارز في الشأن الليبي. وساهم في تعقيد الموقف الانتقادات التي صدرت عن الجامعة العربية حول القصف العسكري الدولي لليبيا، وسقوط مدنيين، علي الرغم من أن الجامعة قد وافقت علي صدور قرار من مجلس الأمن بفرض الحظر الجوي علي ليبيا، كما شارك عمرو موسي شخصيا في قمة باريس التي قررت " بتفويض دولي عربي وأفريقي وأوروبي" علي بدء تنفيذ العملية، وبحضور هيلاري كلينتون هذه القمة، حيث بدأت عملية الأوديسا بعدها بساعات. وعلي الصعيد الميداني، جاءت تأكيدات الجنرال الأمريكي كارتر هام قائد قوات القيادة الأفريقية للقوات الأمريكية أن هذه القوات، وقوات التحالف لاتوفر دعما جويا للمعارضة في ليبيا، وأن استهداف القذافي ليس جزءا من مهمتها، وأنه سيجري توسيع منطقة الحظر الجوي فوق ليبيا، والتي وافقت عليها الأمم المتحدة، لتغطي منطقة تصل إلي 1000 كيلو متر. وفي المجمل العام لما يجري فوق ليبيا، يلاحظ مارك غوارتمان الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ( سي . اس. اي . اس ) أن خطورة العملية العسكرية في ليبيا تتمثل في أنها لن تنتهي سريعا، وبصورة حاسمة، ويمكن تصور أن القذافي بقواته المسلحة يقدر علي أن يستمر في الحكم . أما مستشار الأمن الوطني في البيت الأبيض فقد كان أكثر تحديدا بقوله " إن تنفيذ حظر الطيران، ومدته، ونهايته، سيعتمد علي قرارات الحلفاء، والشركاء "، وعلقت صحيفة التليجراف البريطانية بأنه ليس معروفا المدي الزمني لعملية ليبيا، وأن ثمة خلافات بين شركاء الأطلنطي في مجال العملية وزمنها والقيادة المحددة لها، علما بأن 13 دولة تعتبر مشاركة فيها، وربما يمر وقت علي تأكد الجميع من حقيقة الموقف الميداني في ليبيا، بالرغم من أن الحكومة الفرنسية أكدت مؤخرا أن العمليات العسكرية في ليبيا " نجحت بشكل تام " وأن نظام القذافي بدأ في التفكك، وذلك بناء علي عملية تنصت حصلت عن طريق أجهزة فرنسية. المشكلة الليبية في إطار تواصل العمليات العسكرية لقوات التحالف الدولي ضد منشآت القذافي أكدت عدة مصادر غربية أنه يجري إعداد خطة "لما بعد القذافي في ليبيا"، وأن جهات وزارة الخارجية الأمريكية تجري اتصالات مكثفة مع جهات المعارضة الليبية لبحث سبل دعم ليبيا علي المدي البعيد، بما يوحي بأن ما يجري هو الدرس الأخير للقذافي، وأن نظامه لم يعد يحوز علي درجة مقبولة علي المستوي الدولي، ومع ذلك، ظل سؤال الساعة هو: هل سيتمكن الثوار من اقتلاع جذور الموالين للقذافي من جذورها؟ وهل يحتاج الأمر إلي تدخل بري من جانب التحالف الدولي؟ وهل من المحتمل أن يبقي القذافي في السلطة، ويخرج الديكتاتور منتصرا علي الصعيد السياسي، بينما يتداعي تدريجيا التأييد الدولي للعملية العسكرية؟ وخلف هذه التساؤلات أفكار أخري علي غرار أن تنحي أو رحيل القذافي لاينهي المشكلة في ليبيا، تلك الدولة ذات المساحة الشاسعة، وعدد سكان قليل (4.6مليون نسمة) يتركز معظمهم علي قطاع ضيق علي امتداد الساحل، وماذا يعني مايطلق عليه (الشعب المسلح) كأحد مبادئ الكتاب الأخضر للقذافي، وتكهنات بأن لدي القذافي 120 ألف مقاتل، 50 الف برية، 8 آلاف بحرية،و 18 ألفا جوية، وميليشيات شعبية تصل إلي40 ألف مقاتل؟ وبالنظر إلي طبيعة ليبيا كدولة، صحيح أنها غير منقسمة علي أساس عرقي، أو طائفي، ولا تحيط بها دول مجاورة تسعي لإثارة حركات تمرد (مثلما هو الحال في باكستان والعراق او ايران) غير أن انهيار دولة القذافي البوليسية، سيعني الحرية لجماعات كثيرة في الداخل، وقد تتولد صعوبات قبلية متأصلة علي عكس المظهر العصري للدولة الحديثة، في ظل صراعات 140 قبيلة وعشيرة، أبقاها القذافي تحت السيطرة، وعاملها بمزيج من الوحشية واغراءات المال، ومنح بعضها سلطات وظفها لمصلحته .وفي سياق كهذا، تكررت أحاديث مثل: الحاجة إلي «قوات سلام» دولية وعربية في ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة، أو دور متنام ومستمر لحلف الناتو أيضا في ليبيا بموافقة إقليمية، وتردد أنه في هذه الحالة، قد تتم عمليات إنزال للمارينز، لتوصيل مساعدات إنسانية. وأيا كانت احتمالات بقاء القذافي مرجحة، أو سقوطه المفاجئ، فقد اتخذت دول الجوار الأوروبي اجراءات يزداد معها تعقيد المشكلة الليبية، في ظل عقوبات أوروبية مرجحة تتضمن تجميد أصول شركة النفط الوطنية الليبية وفروعها في اراضي الاتحاد الأوروبي، وتوسيع العقوبات لشركات النفط والغاز الذي يعد أحد المصادر الرئيسية للدخل في ليبيا، واجراء الاتحاد الأوروبي اتصالات مع (الأوبك) للتعاون المستقبلي في قطاع الطاقة. وفي العموم تبقي التساؤلات ماثلة: ما حدود الدور المنتظر للمجلس الوطني الانتقالي للمعارضة؟ وهل تنجح خطوة تعيين محمود جبريل رئيسا لحكومة مؤقتة كلف بتشكيلها؟ وهل تنجح النداءات الغربية للمحيطين بالقذافي للانشقاق ضده خشية تعرضهم للمساءلة الجنائية الدولية؟ لقد حذر بان كي مون القذافي من مواصلة استهداف المدنيين، الأمر الذي قد يفتح الباب لقرار آخر من مجلس الأمن الدولي، ويعلق الكاتب ارفيه آسكين علي الموقف في ليبيا بأنه قد يحتاج إلي تدخل أجهزة استخباراتية غربية، تتولي بعض العمليات حتي لو كان ذلك بالمخالفة للقرار 1973. المشكلة العربية الصورة العامة التي انطبعت في دوائر الغرب والعالم حول التوجهات العربية ناحية ليبيا والقذافي أن أحدا في العالم العربي لايذرف الدموع علي القذافي ونظامه الديكتاتوري البشع، حتي لوتعاطف معه عدد قليل، فما أكثر العداوات التي خلقها نظامه، فالسعودية تتهمه بتخطيط عملية لقتل الملك منذ سنوات، ويحمله شيعة لبنان مسئولية اختفاء موسي الصدر، وأخيرا بدا القذافي امام الشارع العربي أنه الرئيس الذي يعامل شعبه كما تعامل اسرائيل الفلسطينيين قتلا وإجراما، لشعب يطالب بالحرية، والتخلص من الحكم المستبد. ومع ذلك كله، تبقي قضية التدخل الأجنبي، والتدخل العسكري بصفة خاصة قضية عربية جدلية بامتياز . صحيح أن السياق العربي تغير، ولم تعد هناك النظرة التقليدية إلي التدخل الغربي علي أنه "استعمار غربي مباشر"، والتي كانت تدفع بالجماهير العربية إلي الشوارع لتصب جام غضبها علي أمريكا وأوروبا، غير أن الموقف اليوم يبدو حاملا في طياته "تناقضات صارخة" هي في ذاتها المعبر الحقيقي عن الخلط السافر في الموقف العربي الراهن برمته، فالجامعة العربية تقريبا استغاثت بالقوي الكبري حتي توافق في مجلس الأمن الدولي علي مشروع القرار بفرض الحظر الجوي علي ليبيا، وأشاد بيان الاتحاد الأوروبي بدور الجامعة العربية، ومن وصفهم بالشركاء العرب للمضي قدما في الخطة الدولية ضد القذافي بهدف توفير الأساس الدولي لحماية السكان المدنيين الليبيين من اعتداء القذافي الوحشي، وأيد مجلس التعاون الخليجي، والسعودية تحديدا، التدخل الدولي لحماية المعارضة الليبية، ولإسقاط القذافي، اكثر من ذلك، تقدمت عدة دول عربية للمشاركة في الجهد العسكري ضد قوات القذافي (قطر، الامارات، الكويت، المغرب) كما لايخفي أن المجلس الوطني المؤقت للثوار الليبيين طالب القوي الكبري بالمساعدة في فرض حظر جوي علي القذافي. ولكن، تبدّي الجانب الآخر من الصورة من خلال انتقادات موجهة
للتدخل الدولي العسكري في ليبيا، أو الرفض المبدئي للتدخل في شئونها، وذلك من خلال ثلاثة أطراف عربية، كل علي حسب مصالحه، علي الوجه التالي أولا: دول عربية تخشي من مواجهة مصير القذافي لأنها تتعرض لبوادر ثورة داخلية وهي سوريا، والجزائر -ثانيا: الدول التي وقعت في تناقض صارخ بين قبولها التدخل العسكري في ليبيا، ورفضها القاطع لأي تدخل دولي في شئونها هي، ومن ذلك اعلان مجلس التعاون الخليجي رفض التدخل الدولي في شئون منطقة الخليج، وخاصة حالة البحرين واليمن في مواجهة ثورة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير والإصلاح السياسي، وإرسال السعودية قواتها لحماية بقاء أسرة آل خليفة، وارسال الإمارات قواتها إلي البحرين، تحت مسمي "درع الجزيرة" لإخماد الثورات الشعبية، وكبت حريات شعوب المنطقة في هذا الصدد، وإزاء هذا التناقض ظهرت تكهنات بأنه ربما قايض زعماء الخليج الغرب، بأن تكون ليبيا مقابل البحرين -ثالثا: جاء الطرف الثالث الذي انتقد التدخل العسكري في ليبيا من قبيل "النقد البروتوكولي" ومنه: النقد من جانب أمين عام الجامعة العربية لما أطلق عليه " سقوط المدنيين في ليبيا بسبب التطبيق الدولي المختلف لفرض منطقة الحظر الجوي". ويبدو أن خبرة ومعرفة الجانب العربي في هذا الصدد تبدو محدودة، أو أنه لم يسع لفهم فكرة الحظر علي وجه مناسب، وقبل الفكرة علي عموميتها . أما الطرف الثاني الذي مارس "النقد البروتوكولي " فهو الأزهر الشريف الذي سكت طوال مراحل الأزمة، ولم يوجه نقدا لاعتداءات القذافي علي الشعب الليبي بالصورة اللائقة لدور الأزهر الشريف، وفي مرحلة متأخرة للغاية أصدر بيانه يحذر من الدور الأمريكي والأوروبي لتقسيم ليبيا، ويطالب بأن يوازي الحكام والرؤساء العرب بين تركهم لمناصبهم، والدماء التي تسيل أنهارا نتيجة تمسكهم بالبقاء في السلطة، وبالمرة، أدان البيان سلبية العالم العربي والإسلامي في التقاعس من اجل حل المشكلات السياسية والاقتصادية للشعوب، الأمر الذي فتح الباب للتدخلات الأجنبية. وبالطبع لم تخل ساحة المنتقدين للتدخل الدولي في ليبيا من أولئك الذين يرون أن أوروبا وأمريكا تلهثان وراء النفط العربي في كل مكان، وأن الهدف الأساسي هو الهيمنة علي نفط وغاز ليبيا، فأوروبا تستورد أكثر من 85 % من صادرات النفط الليبية، وأن قصة صدام حسين يعاد تصويرها بصورة تمهد لرسم مصير مشابه للرئيس الليبي. والحقيقة أنه بعيدا عن المواقف الرسمية والبروتوكولية، فإن للشارع العربي موقفه غير المبني علي الحسابات والتوازنات، ففي ظروف مختلفة كان يمكن أن يؤدي التدخل العسكري الدولي في ليبيا إلي خروج مظاهرات الغضب العارمة إلي الشوارع وصب اللعنات علي امريكا والغرب، ولكن الغريب أن المظاهرات العارمة لم تخرج علما بأنها لاينقصها الشحن الوطني، ولديها حاليا ما يكفي من الطاقة، الأمر الذي يفسر عدم خروجها بأن حالة إدراكية جديدة بدأت تسود الشارع العربي مؤداها أن العدوان الذي تتلقاه الشعوب علي أيدي الحكام لايقل قسوة عن التدخلات الخارجية، فالحاكم العربي المستبد يُعمل أقسي آلات الذبح والتدمير ضد الشعب الأعزل، فالقذافي استخدم الطائرات والدبابات والقنابل والصواريخ ضد الشعب الليبي حتي سقط منه حتي الآن حوالي 8 آلاف شهيد، وفي البحرين استخدمت الدولة القوة المفرطة لفض اعتصام المحتجين في دوار اللؤلؤة، ثم شرعت الدولة في إزالة الدوار نفسه في تجسيد غبي يعكس سذاجة السلطة الغاشمة، وفي اليمن تستمر ثورة شعب عظيم وباسل يأبي الاستسلام، ويسقط منه الشهداء في كل لحظة علي أيدي نمط صارخ من إجرام الدولة المستبدة، وشخصنة السلطة، وتحدي إرادة الشعب، وفي كل الحالات العربية، يتكرر النموذج الاستبدادي لطاغية يتمسك بالسلطة المطلقة حتي الرمق الأخير، كمسألة حياة أو موت بالنسبة له ولأبنائه، كما يتكرر نموذج الاستعانة بطبقة جديدة خلقتها السلطة هي طبقة " البلطجية" أو بلطجية النظام، من عتاة المجرمين الذين يخدمون النظام، وهو ابتكار عربي يستحق براءة الاختراع، لأنه يعفي الأجهزة الأمنية الرسمية من المساءلة القانونية، مهما أعملت آليات القتل في الشعب الأعزل. وطبعا في هذا الصدد، لامجال للحديث عن جوهر الفكرة الديمقراطية بأن الشعب هو مصدر السلطات، وهو من يمنح الشرعية. لذلك، يلاحظ أن الثورة تستمر كما في حالات تونس ومصر وليبيا واليمن، حتي تنسل السلطة تدريجيا من أيدي الديكتاتور، ويجد نفسه أمام الشعب والعالم، عاريا من السلطة والشرعية كليا. وفي غمار هذه الحالة العربية الاستثنائية، فإنه ربما تتغير بالنسبة للشعوب العربية القصة القديمة لمسألة "التدخل الأجنبي" ويبدو أن الشارع العربي يقبل التدخل بهدف الاستعانة بقوة توازي قوة السلطة الغاشمة، وتحت غطاء دولي قانوني، وبمبررات تتعلق بالمسئولية الإنسانية والأخلاقية للمجتمع الدولي، والمنظمات العالمية، وبوعي عربي جديد لاتنقصه طاقة المقاومة إذا لزم الأمر، وتحدي أية محاولة لفرض إرادة تخالف إرادة الشعوب العربية التي تثور من أجل الاستقلال والحرية والديمقراطية . المشكلة الأمريكية علي صعيد رسمي، جاءت تأكيدات وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس أن الليبيين أنفسهم هم الذين يقررون مستقبل بلادهم مشددا علي حدود التدخل العسكري الأمريكي في ليبيا، وأنه سيتم تسليم "المسئولية الأساسية للعملية" لآخرين، وأن الولايات المتحدة تريد أن تظل ليبيا دولة موحدة لأن تقسيمها سيؤدي إلي عدم استقرار دائم. غير أنه علي مستوي الداخل الأمريكي، فإن المشاركة الأمريكية العسكرية في عملية ليبيا اقترنت بتجديد حملة الانتقادات الموجهة ضد الرئيس باراك اوباما، مرة بدعوي أنه ورّط أمريكا مجددا في عملية عسكرية جديدة، بينما هي لم تبرأ بعد من عمليتين مؤلمتين في العراق وأفغانستان، ومرة أخري توجه انتقادات إلي أوباما بذريعة أنه تأخر في التدخل في ليبيا، وظهرت السياسة الأمريكية علي أنها بلا مبادئ محددة، وأن أمريكا أمامها فرصة نادرة للتخلص من طاغية جديد في العالم وهو القذافي، ولا يجب أن تبقي أمريكا في خلفية الصفوف علي الإطلاق. أما علي مستوي استطلاعات الرأي التي تتناول أي شأن داخلي أو خارجي علي الطريقة الأمريكية، فلم تختلف أيضا عن تباين المواقف والتوجهات ففي استفتاء أجراه مركز «بيو» في واشنطن جاء أن أكثر من 60 % من الأمريكيين يعارضون التدخل الأمريكي العسكري في ليبيا، ويؤيده 27 % فقط، وفي استفتاء أجراه تليفزيون " فوكس " أوضح أن 70 % من الأمريكيين يعارضون تأييد أمريكا لحكام مستبدين. ووفقا للشواهد، فإن مسألة التدخل العسكري الأمريكي في أية دولة أو نزاع علي مستوي العالم، تكتنفها حاليا صعوبات بالغة في الداخل الأمريكي ، حيث يري البعض أن حالتي العراق وأفغانستان تحديدا قد أورثتا الرأي العام الأمريكي مايشبه "الأزمة النفسية" التي لن يسهل تجاوزها في وقت قريب، هذا طبعا بالإضافة إلي الجانب المتعلق بالعبء الاقتصادي الإضافي الذي يمثله أي تدخل عسكري جديد في ظل ظروف الأزمة الاقتصادية المستمرة. وبالنظر إلي الانتقادات الموجهة لأوباما فيما يتعلق بإدارة السياسة الخارجية من جانب الحزب الجمهوري، ومجموعة حزب الشاي، فقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن التدخل العسكري الأمريكي في ليبيا ضمن التحالف الدولي، لن يتم تمريره بسلام بالنسبة لأوباما، وهناك عملية خلط دولي ربما لم تشهدها حالة تدخل عسكري من قبل، وربما كان ملفتا أن تؤكد هيلاري كلينتون في تصريحات لافتة بقولها " نحن لم نتول قيادة هذه العملية " فيما يرد عليها آخرون بأنه لولا الموافقة الأمريكية ما كان يمكن البدء في هذه العملية . أما النائب الأمريكي الديمقراطي دنيس كوسينيتش فيعتبر أن التدخل العسكري في ليبيا يشكل حربا جديدة لاتستطيع أمريكا تمويلها، واتهم أوباما بالالتفاف علي الدستور الأمريكي الذي يحصر الموافقة علي خوض نزاع عسكري بالكونجرس، وشدد جون بينر رئيس مجلس النواب من انتقاداته لأوباما بسبب ما يتعلق بتكلفة العملية العسكرية في ليبيا. وفي المجمل العام، فإن عملية ليبيا مثلت مشكلة داخلية للرئيس الأمريكي، خاصة في مواجهة تساؤلات لا إجابة لها، وفي مقدمتها: ما مقياس النجاح الحقيقي لعملية ليبيا، خاصة أن الولايات المتحدة لم تعترف بعد بالمجلس الوطني الليبي (كما فعلت فرنسا والبرتغال)؟ وبالرغم من وجود توجهات أمريكية قوية للبدء في تسليح المعارضة الليبية وتدريبها، غير أن انتقادات أمريكية شديدة توجه لهذه المعارضة بدعوي أنها مفككة، وغير راسخة، وأهدافها ليست واضحة تماما للأمريكيين.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.