كعادته دائماً ما زال الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي يصر على إشعال الشارع السياسي الفرنسي بتصريحاته وعباراته الصادمة والتي سجلها له التاريخ واستخدمها أعداؤه السياسيين ضده وضد سياساته. يوم الخميس الماضي وفي إحدى اللقاءات لأعضاء حزب الجمهوريين الفرنسي بعد أن غير ساركوزي اسم الحزب ليؤكد على ولعه المعروف للتجربة الأمريكية! وتحت سمع أبناء حزبه الجمهوريين انتقد الرئيس الأسبق لفرنسا والمفترض فيه الدقة في التعابير الكلامية . قرار الاتحاد الأوروبي بمنح 40 ألف حالة لجوء للدول الأوروبية للنازحين السوريين والأرتيريين الذين يصلوا لحدود إيطاليا واليونان. ولكنه كعادته طرح تشبيه صادم شبه فيه القرار والتوصيات بانفجار لماسورة مياه للصرف في مطبخ إحدى الشقق وعند استدعاء السكان لعامل الصيانة يعرض على سكان الشقة توزيع مياه الصرف علي باقي الشقة !! وبأسلوبه الساخر ووسط ضحكات الجمهوريين كانت انتفاضة اليساريين الذين اعترضوا على سوء التشبيه للاجئين المشردين لأوروبا بمياه الصرف الصحي. وفي اليوم التالي ووسط صخب الردود الغاضبة من تشبيه الرئيس الأسبق، علق أحد الصحفيين الإذاعيين علي تصريحات ساركوزي بشكل غير مباشر وبطريقة ساخرة استعرض فيها بالأرقام والإحصائيات أعداد اللاجئين السوريين والعراقيين والتي وصلت أعدادهم لملايين وزعوا ما بين لبنان ومصر والأردن وتركيا. ومذكراً بأعداد المسيحيين اللاجئين ودور الكنائس الأوروبية في المشاركة في رفع المعاناة عنهم واستنكر علي الساسة الأوروبيين المنافقين مواقفهم نظير ما قدمته الدول العربية المكدسة بالمشاكل لمساعدة اللاجئين الفارين من أهوال الضياع والتشرد والألم المرير للحروب. وانتقض الصحفي تصريحات الرئيس الأسبق والذي أساء التعبير ليطرح من جديد وجه قبيح للأوروبيين المتغنيين بالشعارات الإنسانية علي الدوام. ورغم رد الفعل الواسع الذي جرم تصريحات ساركوزي إلا إنني أري أنه قد بدأ بالفعل الاستعداد لانتخابات 2017 وأن ظهوره الإعلامي وتحركاته السياسية المدروسة تشير لتأكيد ترشحه في إنتخابات فرنسا القادمة وهو ما سيكون حالة نادرة التكرار إن حدث ونجح في الفوز بها، خصوصاً في ظل هذا التراجع في شعبية نظيره الحالي هولاند الذي أخفق في حل مشاكل الفرنسيين. ولا يخفي علي الأعين هذا التقدم الملحوظ بالتوازي في شعبية اليمين المتطرف الذي زادت شعبيته ونجح في استقطاب أصوات فرنسيين كثر منهم حتي، وهو المثير للدهشة كثير من فرنسيين من أصول عربية وإفريقية. في اعتقادي الانتخابات الفرنسية القادمة قد تحمل في طياتها مفاجأة حقيقية . فإما عودة ساركوزي الصدامي المنهج وأما تقدم اليمين المتطرف المتصادم دوماً.