\r\n \r\n و\"ساركوزي\" عارض الغزو الأميركي للعراق؛ في حين رأى \"كوشنر\"، وخلافاً لمعظم النخبة السياسية في كل من \"اليمين\" و\"اليسار\" الفرنسيين، أن الغزو العسكري من أجل الإطاحة بنظام صدام حسين أمر مبرر. علاوة على ذلك، فإن \"ساركوزي\" يعارض انضمام تركيا إلى حظيرة الاتحاد الأوروبي، بينما يدعم \"كوشنر\" ذلك. \r\n \r\n وفي هذا الإطار، يقول \"ريتشارد هولبروك\"، السفير الأميركي الأسبق في الأممالمتحدة وأحد أصدقاء \"كوشنر\" المقربين: \"إنه تعيينٌ مذهل وحدث مدهش في السياسة الخارجية الفرنسية\"، مضيفاً \"إن لدى كوشنر نزعة ضد الشمولية، سواء تعلق الأمر باليمين أو اليسار. ويمثل تعيينه أمراً إيجابياً جداً بالنسبة للعلاقات الفرنسية- الأميركية، لأنه ليس لديه غضب فطري من القوة العظمى الأميركية\". \r\n \r\n وقد اكتسب \"كوشنر\"، الطبيب ذو السبعة وستين عاماً، سمعته باعتباره نجم الإغاثة الإنسانية عبر تحدي السلطة، وكسر العادات، وشتم الخصوم، ووضع القواعد على طول الطريق؛ حيث يحب أن يقول: \"من أجل تغيير القانون، عليك أحياناً أن تخرق القانون\". أما بطرس بطرس غالي، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، فقد وصفه ذات يوم ب\"الصاروخ غير الموجه\". \r\n \r\n إلى ذلك، يعد \"كوشنر\"، الذي شغل من قبل منصب وزير الصحة وممثل الأممالمتحدة في كوسوفو، أيضاً السياسي الأكثر شعبية في \"اليسار\" على مدى عدة سنين. وبتعيينه وثلاثة \"يساريين\" آخرين في حكومة \"ساركوزي\" المحافظة، يكون هذا الأخير قد وفى بما كان قد تعهد به من أن فترته الرئاسية ستكون فترة \"انفتاح\"؛ غير أنه بذلك يكون قد سلب في الوقت نفسِه من الحزب الاشتراكي واحداً من رموزه، وذلك قبل أسابيع معدودة فقط من قيام الناخبين الفرنسيين باختيار برلمان جديد. (ذلك أن قبول كوشنر منصب وزير الخارجية أدى إلى خروجه من الحزب الاشتراكي الجمعة الماضي). \r\n \r\n ومن خلال هذا التعيين، يكون ساركوزي قد بعث بإشارات تفيد بجديته بخصوص وضع كل من حقوق الإنسان والتقرب من الولاياتالمتحدة في صلب سياسته الخارجية. أما \"كوشنر\"، الذي ساهم في تأسيس منظمة \"أطباء بلا حدود\" الحائزة على جائزة نوبل، فقد أقر يوم الجمعة في أول تصريح له بوزارة الخارجية قائلاً: \"إنه أمر غير عادٍ\"، مضيفاً أنه ما كان ليقوم بذلك لولا اقتناعه بضرورة \"خدمة بلدنا\". \r\n \r\n وخلافاً للسياسة الفرنسية \"الديجولية\" الطويلة، التي تقيِّم الأزمات من منظور المصالح الوطنية لفرنسا، فإن \"كوشنر\" يرى الأمور من زاوية إنسانية؛ حيث كان من أول وأشد المدافعين عن \"التدخل الإنساني\" –الحق في التدخل في شؤون بلد آخر في حال انتهاك حقوق الإنسان في ذلك البلد. فقد دافع عن التدخل العسكري في العراق لأسباب إنسانية، وليس لأن صدام حسين كان يسعى إلى امتلاك أسلحة غير تقليدية. وفي هذا السياق، قال \"كوشنر\" في 2004: \"كان الأمر يتعلق بخلع ديكتاتوري شرير، وكان من الصواب التدخل\". \r\n \r\n ومما قاله \"كوشنر\" أيضاً إن تركيا جزء من أوروبا وتستحق الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، هذا في حين عُرف عن \"ساركوزي\" قوله إن تركيا جزء من آسيا، وليس من أوروبا؛ ولا ينبغي أبداً أن تصبح عضواً. ويبدو أيضاً أن \"كوشنر\" مؤيد للحفاظ على حضور دولي -وفرنسي- قوي في أفغانستان إلى حين إرساء الاستقرار بهذا البلد. وبالمقابل، كان \"ساركوزي\" قد أعلن في وقت سابق أن القوات الفرنسية لن تبقى هناك إلى الأبد. \r\n \r\n في حوار صحفي عبر الهاتف، قال \"كوشنر\": \"بخصوص تركيا، وسحب القوات من أفغانستان، والعالم الثالث وأفريقيا، نحن متباعدان\"، مضيفاً \"كما أنني ضد فكرة الهجرة الانتقائية التي يتبناها. أما بخصوص مواضيع أخرى -مثل الشرق الأوسط، والحاجة إلى تحالف مع الولاياتالمتحدة، ودور فرنسا في أوروبا- فنحن متقارباًن جدا\". \r\n \r\n ومعلوم أن \"كوشنر\" سعى دون كلل إلى العودة إلى الساحة العالمية ولعب دور نجومي، ولاسيما بعدما لم ينجح في مسعاه إلى الفوز بمنصب مدير \"منظمة الصحة العالمية\" والمفوض الأممي السامي للاجئين. غير أنه أوضح أنه رفض فرصة ترؤس وزارة الهجرة والهوية الوطنية الجديدة عندما أثار \"ساركوزي\" الفكرة في وقت سابق من هذا العام إذ يقول: \"لقد رفضت رفضاً قاطعاً لأنني ضد هذه الفكرة\". \r\n \r\n والواقع أن \"كوشنر\"، الجذاب والفصيح والاندفاعي والمغرور أحياناً، ذهب إلى حد التفكير ذات مرة في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية شخصياً. فحين سئل خلال حوار صحفي 2004 بخصوص ما إن كان بمقدور أحد التغلب على ساركوزي، أجاب باللغة الإنجليزية قائلاً: \"أنا، على ما أعتقد\"، مضيفاً \"إنني لست متعجرفاً إلى درجة القول إنني جاد في ذلك؛ ولكنني أكثر شعبية منه\". \r\n \r\n واللافت أن المرشحة الرئاسية الاشتراكية \"سيجولين رويال\"، تجاهلت \"كوشنر\" إلى حد كبير، وذلك خلافاً ل\"ساركوزي\". حيث كان الرجلان يتحدثان بشكل منتظم رغم أن \"كوشنر\" انتقد ساركوزي صراحةً ووصفه في إحدى المرات ب\"الرجل الذي لا يشعر بالحياء\" نظراً لسعيه لاستمالة \"اليمين\" المتطرف. وعندما قال ساركوزي إن \"الاستغلال الجنسي للأطفال\" من الأرجح أنه خلل جيني، رد \"كوشنر\" بالقول إن هذا التصريح \"خطير جداً، وينم عن الافتقار إلى روح المسؤولية\". \r\n \r\n أما أصدقاء \"كوشنر\" فسعداء بخبر تعيينه وزيراً للخارجية؛ ولكنهم لا يخفون قلقهم من أن تؤدي صراحته وارتجاليته إلى التصادم مع رئيسه الجديد. وفي هذا السياق، يقول \"ماكس ريكاميي\"، وهو أحد الأطباء الذين ساهموا رفقة \"كوشنر\" في تأسيس \"أطباء بلا حدود\": \"إن آراء ساركوزي مختلفة تماماً مع آراء برنار\"، مضيفاً \"لقد تردد كثيراً قبل القبول. ولكن ما يدفعه إلى ذلك ليس السعي وراء السلطة، وإنما الرغبة في نشر العدالة وتخفيف المعاناة في العالم. وإنصافاً للرجل، ينبغي التذكير بأنه يبلغ من العمر 67 عاماً. فهو ناضج -تماماً مثل النبيذ المعتقة\". \r\n \r\n \r\n إلين سيولينو \r\n \r\n مراسلة \"نيويورك تايمز\" في باريس \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n