تحتفي مصر حاليًا بمرور 150 سنة على تأسيس الحياة النيابية، بتنظيم احتفالية في أحد فنادق شرم الشيخ تضم جميع أعضاء مجلس النواب الحالي، بجانب رؤساء البرلمانات في 14 دولة، ومشاركة رئيس البرلمان العربي، الذي سينعقد في مصر على مدى 10 أيام، وحضور رؤساء البرلمانات الإفريقي والأوروبي، وعدد من الزعماء على مستوى العالم، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأكد عدد من المؤرخين أن الحياة النيابية في مصر لم يتجاوز عمرها 60 عامًا، وليس 150 كما هو متداول، حيث إن المجالس النيابية التي كانت موجودة قبل ثورة 1952 لم تكن برلمانات تعبر عن الشعب، ولا بالمفهوم المتداول حاليًا، ولم تحظ بأي دور تشريعي أو تمتلك سلطة حقيقية، بل كانت مجرد مجالس استشارية تشكل بأمر من الطبقة الحاكمة والرأس مالية التي كانت تمتلك الأطيان والثروات الضخمة. وكانت المجالس النيابية وقتها مؤلفة من الوزراء، الممثلين السياسيين، وكلاء الوزارات، رؤساء ومستشاري محكمة الاستئناف أو أي محكمة أخرى من درجتها أو أعلى منها، النواب العموميين، موظفي الحكومة الذين يكون مرتبهم 1500 جنيه على الأقل من الحاليين والسابقين، ولا يقل دخلهم السنوي عن ألف وخمسمائة جنيه من المشتغلين بالأعمال المالية أو التجارية أو الصناعية أو المهن الحرة ممن يدفع ضرائب سنوية لا يقل مقدارها عن 150 جنيهًا، بحسب المادة 75 من دستور 1923. وعقب ثورة 1952 ألغى النظام الجديد الأحزاب القائمة ورسخ فكرة التنظيم الحزبي الأوحد، وفي عام 1956 صدر الدستور الجديد، وتم بمقتضاه تشكيل مجلس الأمة في 22 يوليو1957 من 350 عضوًا منتخبًا، ولم يستمر سوى سبعة أشهر فقط وتم حله في عام 1958 لتأليف الوحدة بين مصر وسوريا، وألغي دستور 1956، وصدر دستور مؤقت للجمهورية العربية المتحدة في مارس سنة 1958، شكل على أساسه مجلس أمة مشترك من المعينين «400 عضو من مصر 200 عضو من سوريا». وفي عام 1964 صدر دستور مؤقت آخر في مصر، تم على أساسه إنشاء مجلس الأمة من 350 عضوًا منتخبًا، نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، انعكاسًا لصدور قوانين 1961 الاشتراكية، إضافة إلى عشرة نواب يعينهم رئيس الجمهورية، واستمر الحال حتى وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وتولى الرئيس محمد أنور السادات الذي أصدر دستور 1971، واستمر العمل به حتى 2011، حيث أقر مبادئ التعددية الحزبية، وجرت أول انتخابات على أساس تعدد المنابر «الوسط واليمين واليسار» داخل الاتحاد الاشتراكي العربي، وهو التنظيم السياسي الوحيد الذي كان قائمًا في ذلك الوقت. وفي منتصف 1979 أجريت أول انتخابات تشريعية على أساس حزبي، منذ إلغاء الأحزاب السياسية 1952، وشاركت بها عدة أحزاب سياسية بعد صدور قانون الأحزاب السياسية في عام 1977. قال الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث: الحياة النيابية في مصر مرت بمرحلتين الأولى من محمد على مرورًا بالخديوي إسماعيل، والثانية بعد ثورة 1952 ودستور 1956، ولم تشهد المرحلة الأولى حياة نيابية بالمفهوم الحديث، إنما كانت مجرد مجالس استشارية تعقد على فترات ويكون أغلب أعضائها معينين من الخديوي أو الملك، حيث كان التعيين مقتصرًا على الأعيان وكبار التجار والبشوات في ذلك الوقت، وكان يشترط أن يكون الأعضاء من الذين يدفعون 150 جنيهًا ضرائب كحد أقصى، وهو ما يعني أنه عضو يمتلك أكثر من 300 فدان، حيث كان يتم دفع نصف جنيه على كل فدان سنويًّا. وأضاف أن الخديوي إسماعيل أسس أول مجلس في عام 1866 وكان يعقد شهرين فقط في السنة، ويقتصر على مناقشة الأمور الداخلية، من مشكلات طرق وصحة ومياه، وليس له علاقة بالتشريعات والقوانين، وكان أعضاؤه معينين من جانب الخديوي. وتابع: استمر الحال حتى صدر دستور 23 الذي نص على أن يكون الأعضاء من الأغنياء فقط، وبعد ثورة 1952 تغير الوضع، حيث نص دستور 1956 على أن يتألف البرلمان من كل أطياف الشعب؛ العمال والفلاحين والموظفين، وأن يكون بالانتخاب، ويمتلك سلطة تشريعية وتوصيات وقرارات ملزمة للدولة.