شهد الأسبوع الماضي عددًا من الأحداث على الصعيدين الدولي والإقليمي، وكان للسياسة الخارجية المصرية نصيب واسع منها، بدءًا من تجدد التوتر بين مصر وقطر على خلفية تدخل الدوحة في الشأن المصري، مرورًا باستنكار القاهرة لتقارير منظمة العفو الدولية، وصولًا إلى زيارات لعدد من المسئولين الألمان والأمريكان لمصر؛ للمشاورة فيما يخص قضايا المنطقة. قطر وتركيا تعلقان على «قضية التخابر» ومصر ترد بدا واضحًا في الأيام القليلة الماضية اشتداد الأزمة الدبلوماسية بين مصر من جهة وقطر وتركيا من جهة أخرى، على خلفية الأحكام فيما عُرف إعلاميًّا بقضية التخابر مع قطر، والتي صدرت بحق الرئيس المعزول محمد مرسي وعدد من متشارية وإعلاميين في مصر وقطر. وتدخلت قطر وتركيا مستنكرين الحكم الصادر ، فردت وزارة الخارجية المصرية على نظيرتها القطرية متهمة "الدوحة" بمعاداة مصر وشعبها، واعتبر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، في بيانه، أن "صدور مثل تلك البيانات ليس مستغربًا ممن كرس الموارد والجهود على مدار السنوات الماضية لتجنيد أبواقه الإعلامية لمعاداة الشعب المصري ودولته ومؤسساته". وأكد أبو زيد أن القضاء المصري شامخ، ولا يضيره إطلاق مثل تلك الادعاءات المرسلة، التي تكشف نيات من يبوح بها، وجهله بتاريخ ونزاهة ومهنية القضاء المصري الذي يمتد تاريخه لعقود طويلة، وشدد على أن التاريخ والشعب المصري لن ينسيا من أساء إليهما، مختتمًا تصريحاته بالقول إن العلاقات والوشائج الأخوية التي تربط الشعب المصري بالشعب القطري الشقيق ستظل راسخة لا تهتز، وستبقي مصر شقيقة، وفية ترعى مصالح جميع الشعوب العربية، ولا تتدخل في شؤون الدول الأخرى، وتحافظ على أمن وسلامة أمتها. وكانت وزارة الخارجية القطرية استبقت البيان المصري، وأصدرت تعقيبًا على الحكم أعلنت فيه رفضها واستنكارها للزج باسمها في القضية، وقال مدير المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية القطرية، أحمد الرميحي، في بيانه، "إنه على الرغم من أن الحكم الصادر عن محكمة جنايات القاهرة غير باتٍّ، إلا أن هذا الحكم عارٍ عن الصحة، ويجافي العدالة والحقائق"، وذلك لتضمنه "ادعاءات مضللة تخالف سياسة دولة قطر تجاه جميع الدول الشقيقة، ومن بينها مصر"، على حد قوله. وبينما ردت القاهرة على البيان القطرى بشكل يوحي بتجدد الأزمة المكبوتة بين الجانبين، فيما تجاهلت الخارجية المصرية البيان التركي في إشارة إلى أنه لا يستحق الرد. ويشير هذا السجال الدبلوماسي إلى أن مسألة المصالحة المصرية مع أنقرةوالدوحة والتي كانت دائمًا تأتي برعاية سعودية باتت في مهب الريح، وذلك بعد تعنت كافة الأطراف في تقديم تنازلات من شأنها أن تحرك المياه الراكدة في هذا الإطار. العفو الدولية تثير أزمة ريجيني مجددًا في خطوة تصعيدية أخرى في قضية ريجيني الطالب الإيطالي الذي قتل في مصر، تقوم المنظمات غير الحكومية كل فترة بإثارة الأزمة، وجاءت منظمة العفو الدولية في مقدمة هذه المنظمات حيث أرسلت بريدًا إلكترونيًّا إلى وزير الخارجية الإيطالي، وجاء فيه أنه لا بد من الضغط علي مصر؛ لأنه ليس هناك أي تقدم لإثبات مقتل الطالب الإيطالي ريجيني بالطريقة المأساوية، ولم تقم مصر بتحقيق إحراز كبير في تقديم الحقائق والمسوؤليات للجانب الايطالي. ورحبت منظمة العفو الدولية بالإجراءات التي قام بها الجانب الإيطالي، ومنها استدعاء السفير الإيطالي من مصر ، ورحبت أيضًا بأن السفير سيبقى في إيطاليا، وأكدت انه لا بد من تحقيق شامل بالتزام دولي بشأن مقتل ريجيني وتقديم الجناة إلى العدالة. من جانبه استنكر المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أسلوب التحريض الجديد الذى بدأت تنتهجه منظمة العفو الدولية ضد مصر، معتبرًا ذلك منحى جديدًا في أسلوب الاستهداف، بعد أن دأبت على توجيه انتقاداتها فى السابق من خلال تقارير دورية. وأعرب عن اندهاشه لكون المنظمة لم تنتقد فى خطابها عدم تعاون جامعة كامبريدج مع أسرة الطالب الإيطالي ورفضها موافاة محامى الأسرة بأية معلومات قد تسهم في الكشف عن أسرار الحادث، مشيرًا إلى أن هذا الأسلوب يؤكد مجددًا عدم حيادية أو مهنية المنظمة، وتعمدها انتقاد الأوضاع فى مصر. زيارات ألمانية وأمريكية للقاهرة وفي اليومين الماضيين توالت زيارات المسؤولين للقاهرة؛ وذلك لمناقشة الوضع في المنطقة، حيث استقبل سامح شكري وزير الخارجية "بريت ماكجيرك" مبعوث الرئيس الأمريكي للتحالف الدولى ضد داعش؛ بهدف التنسيق والتعاون وتبادل الرؤى بين البلدين حول جهود مكافحة تنظيم داعش الإرهابي. وكان مبعوث الرئيس اوباما في محاربة داعش أجرى عددًا من الزيارات في الأيام القليلة الماضية في صورة توضح التحركات الأمريكية في المنطقة بعد معركة الجيش العراقي مع داعش بالفلوجة؛ في محاولة لإظهار جدية التحالف الدولي في محاربة داعش، حيث توجه ماكجيرك إلى إقليم كردستان قبل أن يزور الأردن ويلتقي خلال الزيارة الملك الأردني، وبحث خلالها جهود التحالف، حيث أكد العاهل الأردني "استمرار الأردن، إلى جانب مختلف الأطراف الاقليمية والدولية، في جهود التصدي وبكل حزم لخطر التنظيمات المتطرفة، وفي مقدمتها عصابة داعش الإرهابية". وفي زيارته للقاهرة أطلع المبعوث الأمريكي سامح شكرى على التقييم الأمريكي للنجاحات التى تحققت على مسار المواجهة مع تنظيم داعش فى كل من سوريا والعراق مؤخرًا، وآخرها الانتصارات التى حققها الجيش العراقى ضد داعش فى محافظة الفلوجة العراقية، كما أعرب المسئول الأمريكي عن تقدير بلاده للدور الهام الذي تضطلع به مصر في مجال مكافحة الفكر المتطرف في إطار عضويتها بالتحالف الدولي ضد داعش، مشيدًا بالدور الدعوي والفكري الذي يضطلع به كل من الأزهر ودار الإفتاء المصرية فى هذا المجال، موجهًا الدعوة لوزير الخارجية للمشاركة في الاجتماع الوزاري للدول الأعضاء في التحالف الدولي ضد داعش، والمقرر عقده في العاصمة الأمريكيةواشنطن يوم 21 يوليو القادم. ومن ناحية أخرى استعرض وزير الخارجية خلال اللقاء رؤية مصر للتطورات السياسية والأوضاع الأمنية في كل من سوريا وليبيا والجهود التي تقوم بها مصر بهدف استعادة الاستقرار وإيجاد حلول جذرية لبؤر التوتر المختلفة في الشرق الأوسط وعلى جانب آخر التقى شكري بكريستوف هويسجن مستشار الأمن القومي الذي اهتم أيضًا بالتعرف على وجهة النظر المصرية تجاه مختلف القضايا الإقليمية، حيث قدم وزير الخارجية استعراضًا للرؤي والجهود المصرية المتواصلة لتسوية الملفات الإقليمية الهامة وعلى رأسها الوضع في كل من سوريا وليبيا، وكذلك محاولات إحياء المسار التفاوضي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وجهود مكافحة الإرهاب.