ترجع بداية صناعة الزجاج إلى 3500 عام قبل الميلاد، في بلاد الرافدين بشمال سوريا، وكذلك في الدولة القديمة في مصر، ثم تطورت الصناعة في أواخر الإمبراطورية الرومانية القديمة بفضل بيئة مصر المناسبة لحفظ الآثار، حيث وجد بها أغلب الزجاج الأثري. وقال محمد بكير، الباحث في علم المصريات، إن ظهور الزجاج في مصر من العصر الحجري الحديث بالقرن الخامس قبل الميلاد، وكانت معظم قطع الزجاج على شكل خرز، وكان اقتنائها في عصر الدولة الحديثة نوعًا من الترف؛ بسبب صنعها على شكل زهريات، وطعمت به زخارف الأثاث والجدران. وأضاف بكير، أن المصريين القدماء كانوا يطحنون المواد لتحويلها إلى مسحوق دقيق بأعلى درجة ممكنة قبل تسخينها، وكان الزجاج القديم يلون بإضافة صبغة مثل مركبات النحاس والحديد إلى الزجاج الخام للحصول على اللون الأزرق المخضر، وأكسيدات النحاس للحصول على اللون الأحمر أو البرتقالي، ومركبات الكوبالت للحصول على اللون الأزرق المعتم. كيفية صناعة الزجاج أوضحت نوران محمد، باحثة أثرية حرة، أن صناعة الزجاج لها طريقتان الأولي النفخ بالهواء، وهو أن يجلس الصانع أمام الفرن ويلتقط بأنبوب معدني من النحاس مصهور الزجاج وينفخ في الإنبوب عن طريق حركة دوران الهواء، ليتشكل الإناء والجسم ساخنًا، ثم يوضع في جيوب التبريد لكي يتماسك ويدخل الفرن في درجة حرارة مناسبة، ثم تأتى عملية الزخرفة، أما الطريقة الثانية فهي النفخ حتى يأخذ المصهور الزجاجي شكل القالب. عملية الزخرفة أشارت محمد، إلي أن الأساليب المستخدمة في زخرفة الزجاج هي المينا المتعددة الألوان والتذهيب، حيث أن خاماتهم تتصف بكثرة الفقاقيع، وعديمة اللون أو تميل اللون العسلي أو رمادي خفيف، أما مادة المينا فكانت بيضاء ناصعة أو حمراء أو زرقاء أو خضراء أو صفراء وأحيانا سوداء، ولم يتم استعمالها إلا في القطع الزجاجية المملوكية، وازدهر هذا الأسلوب في النصف الأول من القرن الثامن الهجري، وقد تفوقت مصر في هذا المجال الزجاج المطلي بالمينا، إلا أنه يرجع الفضل في تقدمها لسوريا «حلب – دمشق» حيث كانتا المركز الرئيسي لصناعة الزجاج المملوكي. وأكدت محمد، أن تنفيذ عملية الزخارف تكون على القطع عن طريق خط أحمر رفيع يملئ بالمينا المتعددة الألوان ويتم تذهيبها، وغالبًا يتم زخرفة الأسطح بالكامل أو من الداخل أو من الخارج، مشيرة إلي أنه صعب التفريق بين الإنتاج المصري والسوري، وذلك لأن الحرفيين استخدموا نفس الأساليب الفنية فى الزخرفة ونفس المادة الخام. التدهور التدريجي والسريع واستكلمت محمد، مع نهاية القرن التاسع الهجري نكبت الدولة بهزيمة الناصر محمد على يد تيمورلنك أثناء غزو الشام «حلب- دمشق»، فجاءت ضربة قاسمة لفن الصناعة وزخرفة الزجاج المملوكي، بالإضافة إلي الكساد الاقتصادي وتغير الأذواق وعدم وجود رعاة فن من عليه القوم، مما أدى إلى تدهور الصناعة خاصة المموهة بالمينا والمذهبة.