صناعة وتشكيل الزجاج من الصناعات اليدوية التراثية القديمة التي ترجع إلي عصر الفراعنة فهي مهنة دقيقة تعتمد علي الفن والمهارة والحرفية.. دخل الزجاج في أغراض عديدة من حياة الإنسان واشتهرت الاسكندرية بالزجاج النفخ وقاموا بصناعة الكريستال الذي يحتوي علي نسب مختلفة من أوكسيد الرصاص وكذلك كانت تنتج زجاجاً متنوع الألوان أطلق عليه الايطاليون في عصر النهضة الأوروبية "ميللفوري" أي الألف زهرة وهو ابتكار فرعوني. الزجاج مادة عديمة اللون تصنع أساساً من السيلكا المصهور في درجات حرارة عالية مع حمض البوريك أو الفوسفات ومع تعرض الزجاج للحرارة العالية التي تصل إلي 1200 درجة مئوية يتحول إلي سائل ويختلف لونه طبقاً لمكوناته وتعتبر رمال الزجاج من أهم المواد التي تدخل في الصناعة والتي تمتاز بدرجة عالية من النقاوة ويكون لونها "أبيض" لاحتوائها علي نسبة ضئيلة جداً من المواد الملونة مثل أكسيد الحديد والكروم والتيتانيوم. أكد عمال الزجاج أنهم يقفون أمام نار شديدة تصل درجة حرارتها إلي 1200 درجة وأنهم يصنعون الزجاج حسب متطلبات السوق. "المساء" رصدت أقدم وأكبر المصانع بالاسكندرية لصناعة الزجاج. يقول رمضان عبدالصمد - 54 عاماً - إنه يعمل في الزجاج منذ عام 1970 وهي مهنة شاقة جداً وتحتاج لجهد وحذر شديد أثناء العمل وأن رملة الزعفران من اساسيات العمل ونجلبها من سيناء والتي تخلط مع كربونات صوديوم وحجر جيري وتوضع جميعا في داخل الفرن علي درجة حرارة 1200 درجة ثم تشكل علي حسب طلب السوق. أضاف نقوم بتصنيع جميع أحداث الكهرباء الخاصة بالزجاج للنجف وكذلك أطباق الزجاج بالأشكال المختلفة. أضاف محمد السيد "نافخ زجاج" ان صناعة الزجاج اليدوي تعتمد علي موقد ناري للصهر وأنبوبة للنفخ ويمكن انتاج أدوات عديدة مثل الكؤوس والمشربيات والأباريق والقناديل وكلها تحمل الطابع الشرقي. أوضح ان الحرفي يستطيع ان يرسم علي الأواني بعد صبها ويحتاج لمهارة في الخط والرسم بالريشة. كما يمكنه كتابة آيات قرآنية أو رسوم شرقية علي منتجاته وكذلك يستطيع ان يحفر علي الزجاج عن طريق غمس الآنية بالشمع والرسم عليها ويمكن الحفر بواسطة الشمح لتزيين القطع الشرقية. أشار علي السيد - 45 عاماً - إلي ان تشكيل الزجاج يحتاج إلي كميات كبيرة من الرمال التي تحتوي علي المواد الأولية التي يصنع منها الزجاج. ويضاف عليها حجر معين وبعض الصودا والحجر الجيري وتصهر هذه المواد معاً في درجة حرارة عالية تتعدي 1000 درجة مئوية ليتكون سائل مرن عند التبريد وسهل التشكيل وتتم اضافة مركبات معينة لاضفاء اللون وننفخ في الأنبوب الذي تكون ليتحول السائل إلي فقاعة مملوءة بالهواء وتشكل حسب ذوق الصانع وحرفيته والزخرفة تكون بالضغط علي الآنية وهي لينة باليد. أكد السيد إبراهيم السيد أنه لا يوجد بالاسكندرية سوي مصنع محرم بك وآخر في سموحة وأنه يقوم بتصنيع جميع قطاع الزجاج وأننا نقف أمام نار جهنم في الشتاء والحر وان كل فرقة لها عدد يمكن ان يصل إلي 44 فرداً ما بين صبي وصنايعي ومهندس وان من أساسيات العمل الفرن وماكينة الطرد ورمال الزعفران التي نحضرها من سيناء خصيصاً للعمل بها داخل المصنع. أضاف أننا نورد لغالبية تجار القاهرة والعطارين والمنشية.. وعن كيفية صناعة الزجاج اليدوي. يقول أحمد شعبان إنه يبدأ بتقطيع المواسير الزجاجية ثم تشكيل أجزائها باستخدام المشاعل اعتماداً علي المهارات الفردية للعامل عن طريق النفخ للحصول علي الاتساع والامتداد المطلوب للقطعة الزجاجية. وباستخدام بعض المعدات البسيطة لعمل الأشكال المطلوبة علي الزجاج أثناء تعرضه للهب المشعل ويتم تلوينها بألوان خاصة "اللساتر" وتتوفر منها مجموعة الألوان الحرارية أهمها الأحمر والأخضر والتركواز والروز لكي يتم تثبيت اللون يجب ادخالها بالفرن الكهربائي علي درجة حرارة 600 درجة مئوية وهي درجة الثبات. أضاف انه ينتج منها مصابيح وكئوس أطقم للشاي والقهوة ومكاحل وعبوات للعطور وقطع فنية مصنوعة بشكل فني بديع وأسعارها في المتناول تسوق بعضها بخان الخليلي والبعض يصدر للخارج.. ويعرب محمد حمدي عن مدي حبه لتلك المهنة التي تعلمها منذ سن صغيرة.. ويضيف انه برغم ما تمتلكه مصر من ثروة كبيرة متمثلة في رمال سيناء والتي تمتاز بصفات خاصة تجعلها أفضل خامة لتكوين الزجاج البايركس الذي يتحمل درجات الحرارة العالية حتي 2000 درجة مئوية إلا انه يتم تصدير تلك الرمال للخارج ليتم تصنيعها بدول أخري ثم نستوردها مرة أخري في شكل مواسير زجاجية شفافة وذلك لعدم توفر مصنع لتصنيع الرمال بمصر نظراً لتكلفته العالية التي تساوي تكلفة مصنع الحديد.