أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    بث مباشر لحفل أنغام في احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية بعيد تحرير سيناء    «تنمية الثروة الحيوانية»: إجراءات الدولة خفضت أسعار الأعلاف بنسبة تخطت 50%    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    فودين يقترب من محمد صلاح.. ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    الأرصاد تحذر من نشاط للرياح وسقوط أمطار تصل إلى حد السيول    استعد للتوقيت الصيفي.. طريقة تعديل الوقت في أجهزة الأندرويد والآيفون    رانيا يوسف وسيد رجب أبرز الحضور.. انطلاق فعاليات حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بدورته ال 10    «لا تحاولي إثارة غيرته».. تعرفي على أفضل طريقة للتعامل مع رجل برج الثور    وزير الصناعة الإيطالي: نرحب بتقديم خبراتنا لمصر في تطوير الشركات المتوسطة والصغيرة    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    غدًا.. قطع المياه عن نجع حمادي لمدة 12 ساعة    الزمالك في المجموعة الثانية ببطولة أفريقيا للطائرة سيدات    محافظ الإسكندرية يستقبل الملك أحمد فؤاد الثاني في ستاد الإسكندرية الرياضي الدولي    عضو «مجلس الأهلي» ينتقد التوقيت الصيفي: «فين المنطق؟»    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    "الأهلي ضد مازيمبي".. كل ما تريد معرفته عن المباراة قبل انطلاقها مساء الجمعة    محمد الباز: يجب وضع ضوابط محددة لتغطية جنازات وأفراح المشاهير    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    حمادة أنور ل«المصري اليوم»: هذا ما ينقص الزمالك والأهلي في بطولات أفريقيا    بيان مهم للقوات المسلحة المغربية بشأن مركب هجرة غير شرعية    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    التنمية المحلية تزف بشرى سارة لأصحاب طلبات التصالح على مخالفات البناء    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    جوائزها 100ألف جنيه.. الأوقاف تطلق مسابقة بحثية علمية بالتعاون مع قضايا الدولة    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    10 ليالي ل«المواجهة والتجوال».. تعرف على موعد ومكان العرض    هشام نصر يجتمع مع فريق اليد بالزمالك قبل صدام نصف نهائي كأس الكؤوس    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    إدريس: منح مصر استضافة كأس العالم للأندية لليد والعظماء السبع أمر يدعو للفخر    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    هل تحتسب صلاة الجماعة لمن أدرك التشهد الأخير؟ اعرف آراء الفقهاء    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    النيابة العامة في الجيزة تحقق في اندلاع حريق داخل مصنع المسابك بالوراق    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    "ميناء العريش": رصيف "تحيا مصر" طوله 1000 متر وجاهز لاستقبال السفن بحمولة 50 طن    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. ياسمينة حيدر:النحت على الزجاج يخاطب العقل والمشاعر
نشر في أكتوبر يوم 10 - 10 - 2010

موهبتها وإصرارها وعشقها للابتكار كلها عوامل تضافرت مع نشأتها فى بيئة حاضنة للإبداع لتشكل فنانة من طراز خاص جدا..
أناملها الذهبية داعبت فقرات البيانو منذ نعومة أظافرها فعزفت أعزب الألحان، ثم دفعها عشقها للفن إلى سبر أغوار مجال آخر تماما هو النحت على الزجاج فأبهرت كل العيون التى طالعت أعمالها.. وأصبحت مجسماتها ضمن مقتنيات أهم المتاحف والمعاهد الفنية فى العالم..
إنها عاشقة الزجاج الدكتورة ياسمينة حيدر الاستاذة بكلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية التى تمتلك من التنوع الثقافى والثراء الفكرى والإبداع الفنى ما يستحق التوقف عنده للتعرف على نموذج ناجح جدا للفتاة المصرية التى استطاعت بالإصرار والإرادة أن تشكل جسرا فنيا يربط بين مصر والعالم.
«أكتوبر» التقت مع الفنانة الدكتورة ياسمينة حيدر فى حوار خاص تكشف من خلاله عن أسرار فن النحت على الزجاج، وتقدم روشتة العلاج لاستعادة التاريخ العريق والسجل الناصع لمصر وللإسكندرية تحديدا مع هذا الفن الجميل والنادر.
* قدراتك الفنية العالية والمتنوعة تستدعى العودة إلى فترة تكوينك الأولى- الأسرة والعائلة والعوامل الأخرى- التى صنعت ياسمينة حيدر؟
** لقد نشأت فى أسرة مصرية متفتحة، عائلة سكندرية لها جذور إيطالية وتركية، تقدر التنوع والتفاهم واحترام الثقافات المختلفة والتمسك بالقيم الإنسانية النبيلة وبمبادئ الخير.
وفى ظل عمل أمى بتدريس الموسيقى، انجذب شعورى وعقلى لذلك العالم المجرد التى تتشابك خواصه بين الواقع والخيال، وكونى طفلة وحيدة، تنعم بالهدوء والخصوصية ظلت أناملى تلعب على البيانو وتكتشف التشكيل بالألوان والمواد البسيطة كالصلصال والجبس وفى ذلك الوقت كانت تعيش معنا فى المنزل جدتى لأمى وهى إيطالية الجنسية وقد تعلمت منها أشياء كثيرة منها الطهى والتفصيل والتريكو والكورشيه بالإضافة إلى الرسم والتطريز على القماش إلى أن أتممت سن العاشرة وقررت والدتى إلحاقى بكونسيرفاتوار موسيقى الإسكندرية الخاص لدراسة العزف الكلاسيكي على آلة البيانو بجانب ممارستى للرياضة ودراسة اللغات على التوازى مع دراستى بكلية النصر للبنات الإنجليزية التى حصلت منها على شهادة الثانوية العامة فى القسم العلمى عام 1995.
ورغم تفوقى فى العزف والأداء الموسيقى فإننى خالفت ظنون أساتذتى وأخترت الالتحاق بكلية الفنون الجميلة لرغبتى فى اكتشاف عالم الفنون التشكيلية عن قرب، وخلال المرحلة الإعدادية بالكلية، حصلت على دبلوم العزف الكلاسيكى المنفرد على البيانو من المدرسة الملكية للموسيقى بانجلترا من خلال كونسيرفاتوار موسيقى الإسكندرية، وقد اكتشف أساتذتى بالكلية موهبتى فى فن النحت حيث تخصصت فى قسمه العام اللاحق لأتفوق فى دراسته واتخرج عام 2000 بترتيب الأولى على الدفعة وأتعين بوظيفة معيدة لتتوالى السنون وأتخصص فى مجال نادر وهو النحت الزجاجي وأحصل فيه على درجة دكتوراة الفلسفة بتقدير امتياز عام 2009.
غموض الزجاج
* النحت على الزجاج تخصص صعب و نادر فما هو الدافع وراء اختيارك لهذا التخصص؟ وهل من الممكن أن نتعرف أكثر على هذه المادة وأسرارها؟
** من أكثر المواد إثارة بالنسبة للفنان المهتم بالأشكال والمجسمات هى مادة الزجاج، تلك المادة المتفردة التى تجسد الإثارة فيما تحمله من معانى الغموض بين ما هو مرئى وما هو ملموس فى حالات شفافيته وإعتامه وتغير ألوانه.
فالنظر من خلاله مثل النظر من خلال النفس الرقيقة التى يسكنها الضوء وينعكس منها ليكوّن طاقات طبيعية ترتقى بقيمة العمل الفنى ومغزاه..
وينفرد الزجاج بثراء أساليب تشكيله وبتنوع صفاته الطبيعية التى تقربه من المعادن فى صهره وصبه فى القوالب الحرارية والمعدنية وصفات أخرى تقربه من السوائل اللزجة مما يميزه بخاصية تشكيله المباشر فى حالته الساخنة، كما يمكن تشكيله أيضاً بالأساليب المباشرة فى حالته الباردة باستخدام بعض تقنيات تتماثل مع تقنيات نحت الأحجار الصلبة التي تتيح للفنان إبداع أعمال ضخمة الحجم وتطويع صفاته الطبيعية والميكانيكية لتتناسب مع تشكيل النحت المرتبط بالعمارة والعرض فى الهواء الطلق.
كما يمتاز أيضا بثراء خصائصه البصرية من حيث الشفافية والاعتام وتفاعل المادة مع اللون والضوء وبالتالى التفاعل مع البيئة المحيطة.
* اكتشفت أبعادا تشكيلية خاصه بالنحت المباشر على الزجاج ما هى نوعية هذه الاكتشافات؟ وهل هى مسجلة باسمك؟
** قمت بعمل مسح شامل لاستخدامات هذه المادة فى مصر فوجدت أن بعض الفنانين يستخدمونها فى حدود تقنيات الصهر والصب والبعض الآخر يستخدمونها فى بعض من الفنون التشكيلية القائمة على تقنيات الصهر وهى غير منتشرة، وبنظرة متوسعة فى العالم وجدت فى أمريكا أن الفنانين يتبعون تقنيات تشكيل الزجاج الساخن من خلال عمليات النفخ التى تتيح للفنان إنتاج أعمال صغيرة الحجم ويصعب عليهم إمكانية تطويع المادة لتنفيذ أعمال ميدانية وصرحية كبيرة الحجم.
أما فى أوروبا فوجدت أن لديهم نفس المشكلة وهى العجز عن إنتاج أعمال نحتية كبيرة الحجم باستثناء بعض الدول كإيطاليا وفرنسا وعلى رأسهم تأتى جمهورية التشيك والتى تعتبر الدولة الأكثر تميزا فى إنتاج الأعمال الزجاجية على المستويين الساخن والبارد واستطاعوا من خلال تسخير التكنولوجيا والعلم أن ينتجوا أشكالا ذات أحجام كبيرة جدا ولكن عن طريق الصب.
وأصبح لدى مشكلتين الأولى هى كيفية تطوير هذه المادة لكى تعود إلى مصر الريادة فى فن الزجاج فالإسكندرية كانت أشهر مدرسة فى العهد الرومانى فى هذا الفن والأعمال المصرية القديمة متواجدة الآن فى كل المتاحف المتميزة والمشهورة فى العالم، والمشكلة الأخرى هى عدم وجود إمكانيات تكنولوجية فى مصر تتيح لى القدرة على إنتاج أحجام كبيرة عن طريق الصب كما هو متاح فى الغرب.
وهنا تفتق ذهنى إلى محاولة إنتاج أعمال كبيرة الحجم عن طريق النحت آخذة فى الاعتبار الصعوبة التى حتما سأواجهها وأنا أقوم بهذه العملية لأن الزجاج ذراته غير منتظمة، وبالتالى النحت عليه محفوف بالمخاطر، فكان لابد من دراسة وتحليل المادة من الناحية الكيميائية والفيزيائية ودراسة تكنولوجيا تصنيعه والبحث والتطوير فى التقنيات المستخدمة وأبتكر وأضيف عليها تقنيات جديده لكى أصل فى النهاية إلى مرحلة السيطرة على المادة والقدرة على الحصول على أفضل نتائج ممكنة، وبالفعل نجحت فى الوصول إلى الهدف المنشود وإنتاج أعمال صرحية كبيرة الحجم عن طريق النحت لأول مرة على مستوى العالم.
وقد سجلت تجاربى السابقة برسالتين: الماجستير ثم الدكتوراة التى تم تنفيذ الجوانب التطبيقية منها فى إيطاليا وألمانيا وتركيا.
* وماذا عن الأدوات التى تستخدمينها فى نحت الأعمال الزجاجية وهل هناك أخطار من الممكن أن تواجهك أثناء العمل؟
** استخدم أدوات القطع المحملة بحبيبات الماس من خلال ماكينات كهربائية أو ماكينات تعمل بضخ الهواء بالإضافة إلى المناشير والصاروخ الكهربائى وبالتأكيد هناك أخطار تواجهنى أثناء النحت منها الغبار المتطاير الناتج عن عمليات القطع وهو ضار جدا على الصحة ومن يتعرض له بشكل مباشر يصاب بمرض السليكوزيس المسبب لتيبس الرئة والأخطر من ذلك هو ارتفاع درجة حرارة الزجاج أثناء عملية النحت مما يؤدى إلى انفجار العمل وبالتالى تحدث إصابات وأضرار جسدية نتيجة التعامل الخاطئ مع الزجاج، بالإضافة إلى أن التردد العالى للآلات المستخدمة فى النحت تسبب التهاب أعصاب اليد.
سمبوزيوم الإسكندرية
* منذ أيام انتهت فعاليات سمبوزيوم الإسكندرية الدولى الذى اقيم فى مكتبة الإسكندرية وكنت أنت القومسير العام له، عرفينا أكثر على الجديد الذى قدمه السمبوزيوم هذا العام وما هى الاعمال التى لفتت نظر الجمهور؟
** قد تم اختيارى لإدارة هذه الدورة فى عام 2010 لتبنى فكرة التشكيل المجسم والنحت فى الزجاج كتجربة رائدة من نوعها، فيعتبر الملتقى الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط بما يقدمه هذا العام فى التشكيل المجسم باستخدام مادة الزجاج كمادة تشكيلية أساسية يبدع منها الفنانون أعمالاً فنية مبتكرة من المجسمات والنحت الزجاجى باستخدام تقنيات تشكيل الزجاج المختلفة، كالنفخ والصب والتجميع والحفر والنحت المباشر. استمر المعرض حتى 21 أغسطس 2010 ثم انتقلت الأعمال إلى أماكن مختلفة بالمكتبة لتصبح من ضمن مجموعة المقتنيات الفنية الدائمة للمكتبة.
وقد جمع الملتقى نخبة من الفنانين- 16 فنانًا- من مصر وإيطاليا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك، كلٌ ذو خبرة مختلفة. وقد قمت بالتجهيز لهذا الملتقى على مدار عام كامل بدءا من اختيار الفنانين الأجانب والمصريين وهى عملية صعبة نظرا لندرتهم الشديدة فى هذا المجال، ثم التواصل معهم لاختيار أعمالهم القابلة للتنفيذ ثم تجهيز متطلباتهم وأخيرا العمل معهم لتنفيذ الأعمال الفنية فى ورشة عمل السمبوزيوم خلال شهر يونيو 2010.
وقد كانت الإسكندرية خلال العالم القديم فى الحضارتين الفرعونية والرومانية هى أهم مركز لصناعة وتشكيل الزجاج؛ حيث انتشر منها للعالم حتى تطورت صناعته وفنون تشكيله بشكل مذهل، وهذا الملتقى يعيد للإسكندرية فرصة تقديم ذلك الفن الذى تباعد وتغير وتطور عبر العصور المتتالية.. كما يكشف هذا الملتقى عن جوانب إبداعية جديدة تتيح للفنان إبداع أعمال مختلفة تتناسب مع التشكيل المرتبط بالبيئة المحيطة وتكشف لنا أبعادًا تعبيرية فريدة.
* فى متحف المركز القومى للفنون المسرحية والموسيقى والفنون الشعبية بالقاهرة يوجد لك تمثالان من أعمالك أحدهما للفنانة أمينه رزق والآخر لنجيب سرور لماذا اخترت هاتين الشخصيتين تحديدا، وهل التمثالان من الزجاج؟
** التمثالان من لدائن البولى استر والمنهى سطحهما على شكل سبيكة البرونز، وقد قمت بتنفيذهما عام 2001 بناء على ترشيحى من المسئول على مشروع تنفيذهما بصفتى أجيد فن البورتريه. وقد استمتعت بتلك التجربة حيث قمت بعمل بورتريه الفنان نجيب سرور بالرجوع إلى بعض صوره النادرة فى مرحلة عمرية متوسطة تعكس ملامح شخصيته وتجسمه، وقمت بعمل بورتريه الفنانة أمينة رزق بالرجوع إلى بعض صورها ومشاهدة بعض الأفلام والمسرحيات لأمثلها أيضا فى مرحلة عمرية متوسطة بكل ما تحمله من معانى العمق الإنسانى والجذب والتألق وتفرد التعبير.
* من هم أساتذتك فى هذا المجال وبمن تأثرت من الفنانين سواء من مصر أو من الخارج؟
** بما أننى فى مجال النحت الزجاجى أجمع بين تخصصين يندر اجتماعهما وهما فن النحت وفن الزجاج، فقد تتلمذت فى فن النحت على يد أساتذة الفنون الجميلة بالإسكندرية وعلى وجه الخصوص الأستاذ الدكتور جابر حجازى والذى أشرف على رسالتى فى مرحلة الدكتوراة مع الأستاذ الدكتور محمد سالم بمصر والبروفيسير بيير جورجو بالوكى بإيطاليا.
أما فى فن الزجاج، فقد اعتمدت على المراجع العلمية فى دراستى وتأثرت فنيا بالبروفيسير اليونانى كوستاس فاروتسوس وهو أشهر من ينفذ أعمالا صرحية من النحت المعمارى والبيئى من الزجاج والبروفيسيرالتشيكى ستانيسلاف ليبنسكى الذى يعد أبا فنانى الزجاج فى العالم.
مخاطبة العقل
* ما الفرق بين النحت الزجاجى والنحت الرخامى والجرانيتى والخشبى؟ وأيهم أصعب؟ وهل جربت العمل بهذه الخامات؟
** لقد تخصصت فى النحت العام قبل أن أتخصص فى النحت الزجاجى، فأعمل بجميع الخامات والمواد وكل له معطياته التشكيلية التى يجب أن يحترمها الفنان ويوظفها حسب خصائصها، وفى بعض الأحيان أقوم بدمج الزجاج مع مواد مختلفة من الأحجار والمعادن. وبدون تحيز لمادة الزجاج التى أعشقها حقا، يعتبر هوالأصعب فى التعامل مع خصائصه التى تتطلب دراسة متعمقة لكيمياء وفيزياء الزجاج حتى يتمكن الفنان من السيطرة على المادة ويدرك خطورة التعامل المباشر معها لأنها مادة لا تحتمل الخطأ ولا تخضع للتصويب.
ففى تشكيل ونحت الزجاج، نرى أن التكنولوجيا تؤثر تأثيرا مباشرا على توجُهات الفن مثلما تؤثر قضايا الفلسفة والاجتماع، وتتعاظم عمليات الإبداع الفنى بتطويع أساليب التشكيل والدراسة العلمية للمادة.
والنحت الزجاجى يتأثر فى شفافيته ولونه بطبيعة تكوينه وطرق تشكيله وعوامل البيئة المحيطة المنعكسة عليه، كذلك يؤثر العمل نفسه على البيئة المحيطة والمتلقى بشكل مباشر، فيعكس أبعادا تعبيرية ومفاهيم ثقافية تخاطب العقل أو الشعور أو كليهما، فيتأثر المتلقى بطاقات متعددة منبعثة من تلاقى الجسم ثلاثى الأبعاد مع البيئة المحيطة، وهو له ملامس مختلفة، ويشتت أو يعكس الضوء والألوان التى تستخدم فى إثارة انفعالات مختلفة.
* ما رأيك فى «موضات» النحت الجديدة كالنحت على الجليد والرمال؟
** هو نوع من النحت الممتع فى خامات مؤقتة ليست مستديمة، له بعد ثقافى واجتماعى مشوق، فيجتمع فى ملتقاياته الفنانون المحترفون والهواة وفى بعض الأحيان يقوم على العمل الجماعى مما يخلق روحا جميلة للجماعة والفريق.
* ماذا عن «الورقة المنسدلة» التى تزين أحد أهم الميادين فى اقليم توسكانا فى بلدة سيينا بشمال إيطاليا؟
** «الورقة المنسدلة» هى أول عمل ميدانى لى من النحت الزجاجى، وهى النحت الميدانى كبير الحجم الوحيد لى بأوروبا ويليها عمل «الإعصار» بالإسكندرية.
وتم إقامة «الورقة المنسدلة» فى منتزة الكيانتى الطبيعية للنحت بشمال غرب إيطاليا فى بلدة سييناSiena، والتى شهدت تجارب فنية متميزة فى النحت البيئى.
وتعد «الورقة المنسدلة» عملا نحتيا تجريديا من الزجاج، ونشأت الفكرة من شكل ورقة شجرة البلوط، رمز القوة والبقاء، وهى تتكئ على قاعدة من رخام البورتورو Portoro المستخرج من بورتوفينيرى Portovenere بإيطاليا. ويؤكد التباين بين لون الزجاج الفيروزى نصف الشفاف وبين لون الرخام الأسود الذى يتخلله عروقاً من اللون الذهبى المشاعر الغامضة والمثيرة فى اللون الأسود الذى يحمل الشكل الزجاجى بلونه الباعث للهدوء والتجدد والتأمل مما يحمله من إيقاعات موسمية للأشجار والبيئة المحيطة، والتى تنعكس فى جسم النحت الزجاجى لإيجاد حوار متناغم بين الفن والطبيعة.
* وماذا عن الإعصار الذى تقتنيه الآن مكتبة الإسكندرية؟
** عمل «الإعصار»، الذى قمت بتنفيذه فى سمبوزيوم مكتبة الإسكندرية هذا العام، نحت فى 550 كيلو جراما من زجاج جير الصودا المصفح، ويعتبر هو الأول من نوعه فى مصر حيث إنه عمل صرحى ميدانى يصلح للعرض فى الهواء الطلق ويتفاعل مع البيئة المحيطة، منفذ عن طريق النحت المباشر فى الزجاج المصفح، وهى تقنية نادرة فى العالم بسبب صعوبة ممارستها وخطورتها... فيعرض هذا العمل إمكانيات تشكيلية فريدة لمادة الزجاج ليجعل منها مادة تشكيلية لها مكانتها فى فن النحت لتفتح آفاقا جديدة فى عالم الإبداع التشكيلى المستحدث.
* ما الفرق بين المتلقى العربى والمتلقى الأجنبى للمنحوتات الزجاجية سواء من الناحية الفنية أو المادية؟
** النحت الزجاجى معروف فى أوروبا وأمريكا وشرق آسيا على أنه فن نادر وله قيمة فنية ومادية كبيرة ويندر استيعاب تلك القيمة المادية فى بعض الأحيان لدى المتلقى العربى بسبب عدم الاعتياد عليه على الرغم من أنه يقدر تماما القيمة الفنية للعمل، والمتلقى الأجنبى يعمل بجهد على نشر قيمة العمل الفنية وتقديم كل تجربة فى مجالها الصحيح لإعطائها حجمها الحقيقى فى الحركة الفنية والثقافية.
* هل تشعرين بالحزن أو الإحباط لعدم معرفة الكثيرين بهذا الفن أو بنجومه؟
** عملى يقترن بالكثير من الجهد والمعاناة الفكرية والجسدية مما يتطلب التمتع بصفة الجلد والإصرار الذى لا يجتمع أبدا مع الإحباط. وقد أشعر فى بعض الأحيان بالحزن عندما لا يلاقى العمل التقدير الفعلى ولكنى تعلمت منذ مولدى أن أعمل للقيمة الحقيقية قبل أن أعمل للشهرة أو الكسب... ومتعة الفنان التشكيلى الحقيقية هى ممارسة عمله الذى يحس تجاهه بالولع عندما تولد تجاربه من عالم الخيال ويجلبها إلى عالم الحقيقة... ليعمل على تجسيد أفكاره فى أشكال تعبر عن مفاهيم حضارية وثقافية معينة وتبعث طاقات تؤثر بشكل مباشر على حيوية الإنسان وفكره والبيئة المحيطة وبالتالى تؤثر على المجتمع وتقوم على توجيه أداء الفرد وإثرائه.
ولا شك أن هذه المتعة تكتمل بالاطمئنان والاستقرار والتجدد عندما يلاقى الفنان دعم المجتمع من حوله فى تتويج وتنمية نجاحه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.