بقلم : د. أحمد نوار [email protected] ولد الفنان عصمت داوستاشي بالإسكندرية يوم 14 مارس عام 1943 بأجمل أحياء مدينة الاسكندرية بحي بحري العتيق الذي يطل مباشرة علي مياه البحر المتوسط تخرج في قسم النحت بكلية الفنون الجميلة بالاسكندرية عام 1967 صدفة جميلة ان يقام في شهر مولده وأيضاً في اليوم التالي لإحتفالات عيد الام لتكون أعماله الفنية المعروضة بقاعة الفنون التشكيلية بدار الأوبراً عن المرأة بتاريخها الممتد وبأمومتها الفياضة وبجمالها المكنون فيها همس في أذني أثناء الافتتاح انني عدت بشوق الي »حامل الرسم« وواجهت المسطحات البيضاء بحنين جارف ومتصل حتي رسمت هذه المجموعة من الأعمال الفنية »وقال وشدد علي ذلك عندما جلست امام اللوحات وهي بيضاء وجدت نفسي في حالة توتر وكأني لأول مرة أرسم وألون »هذا الاحساس الرائع لفنان مبدع يعمق روح ميلاد الأفكار والإبداع بإطاره المتكامل ويعتبر كل لوحة هي ميلاد لطاقة مختزلة بداخله يستدعيها للخلاص علي فضائه الابيض ليشكل عالماً وبيئة تفرد بها ممزوجة بالأسطورة والحضارة المصرية العريقة ليبدع لنا عالماًً تسبح فيه مفرداته المتنوعة والأصيلة »المرأة - الطفل - آلة الموسيقي - الثعبان - الطائر - السمكة - القطة - الكلب - التاج - الديك... الخ« مفردات إمتدت في فنوننا القديمة وحملت كثيراً من المعاني والدلالات كما استخدمها بعض الفنانين في حركة الفن الحديث في مصر أمثال الفنان الراحل حامد ندا والفنان الراحل عبد الهادي الجزار« وتعود أهمية هذه العناصر الي علاقتها بالانسان وما تحمله من صفات ومعتقدات في حياة الناس لذلك تتأصل قيمتها في أعمال الفنانين. وأعمال الفنان بالمعرض تتسم بالبساطة والرقة والشفافية والطاقة الروحية كمنظومة تتوحد فيها ثقافة الفنان وخبرته الفنية الثرية والمتنوعة وليس غريباً أن يفاجئنا داو ستاشي بهذه الأعمال الجديدة لأنه يتميز بالجسارة وشجاعة الفارس في إقتحام تجارب جديدة بإرادة وتحد ويقول عنه في صدر كتالوج المعرض الفنان والناقد الفني عز الدين نجيب »علي مدي رحلته الابداعية منذ عام 1962 لم يكف عصمت داو ستاشي عن إقتحام تجارب فنية جديدة أقرب الي المغامرات التجريبية بالأشكال انه ما ان يستقر عند رؤية جمالية بعض الوقت حتي ينقلب عليها فجأة بتجربة مدهشة ان وراء ذلك عشق للخامات والأدوات المستعملة التي يجلبها من اسواق الروبابيكيا وشغفه بإستنطاقها وتدويرها في أشكال فنية فيجعلها تتوالد بين يديه كائنات جديدة لا نهاية لها ولعل ذلك ما جعله يبتعد طويلاً عن لوحة حامل الرسم التي أنجز في إطارها أعمالاً جيدة في سنوات شبابة وبعض مراحل نضجه الفني خاصة أعمال معرضه المميز (مخلوقات فنجان القهوة) لكن إختياره للمرأة ليس موضوعياً فحسب بل هو جمالي كذلك فلم يجد فنانو الحضارات المتعاقبة جسداً يعزفون عليه أعزب الالحان وأرق النغمات خيراً من جسدها لكن عصمت جعل خطوط هذا الجسد تنساب وتتلوي.. تتكور وتتحور.. تتطاول وتتمايل.. مثلماً يفعل الساحر بمزمار فيجعل الحية ترقص وتنتشي فتنتقل عدوي نشوتها الي المتفرجين. ويعد داوستاشي من الفنانين المجددين والمحفزين للتفكير في الفن.. ويحتضن الكثيرين من الفنانين الشباب الذين تعلموا معني الفن الأصيل بمرسمه.