إبداع يدوي شهد به الغرب قبل الشرق، وتصميم دقيق يحتاج أياماً ويعيش للأبد في عصر غلبت فيه الآلة علي الحرفية، مكان اجتمع فيه الاتقان وانعكاس قيمة الحضارة المصرية القديمة بدأ بجهد وافر من المبدع «سعيد الصدر» في اواخر الخمسينيات وتوالت فيه الاجيال التي تخلف لنا آلاف من التحف والإبداعات. إنه مركز الحرف التقليدية بالفسطاط الذي تنبهر من جمال انتاجه اليدوي وتأسف في ذات البرهة علي تجاهلنا له سواء من المثقفين او محدوي الثقافة، فبعد حالة غزو المنتجات الصينية والانتاج الميكني تدهورت ثقافتنا واضمحل تذوقنا الفني وهذا ما نحاول ان نلقي عليه الضوء في السطور القادمة. يوضح احمد وحيد مشرف انتاج في المركز ان المركز يحتوي علي خمسة اقسام من نجارة وقسم للزجاج المعشق بالجبس فضلا عن قسم الحلي والخيامية التي ترجع للعصر الفرعوني ونري ذلك بوضوح في بعض الملابس الفرعونية المزخرفة بشرائط مضافة عن طريق التطريز مثل رداء توت عنخ آمون الموجود بالمتحف المصري وامتدت للعهدين اليوناني والروماني واستمر الأقباط يعملون بالحرفة تحت الحكم العربي أيضا . ويستطرد وحيد أن العاملين بالمركز ليسوا حرفيين فقط بل خريجي جامعات من كليات الفنون المختلفة امتصوا مفاهيم التصميمات التراثية بشكل خاص واهمية التكوين. ويؤكد ان الانتاج بالمركز مقسم لنوعين بين " شغل السوق " علي حد وصفه الذي يتم انتاج مئات القطع منه بشكل متتالٍ، وشغل للقطعة الفنية وهذا ليس له خط انتاج لانه متميز ويصمم وينفذ بالقطعة وبصفة عامة المركز لا يهدف للربح التجاري بل إنعاش الصناعات اليدوية والتأكيد علي أصل الحضارة المصرية. وعن مراحل التصنيع التي يجهل الكثيرون اسرارها يكمل وحيد بانها تبدأ بالتشكيل والتجفيف ثم مرحلة الحرق والزخرفة لتختتم بالتلوين والحرق مجددا، وهناك منتجات تظل في شكلها العادي كالفخار. وتحتاج كل قطعه فنية خمسة حرفيين لاتمام صنعها وذلك لتقسيم العمل بين مراحله المختلفة وتستغرق ما يقرب من شهر. ويكشف وحيد عن ان منتجات المركز تتميز بالدقة العالية لانها منتجات يدوية وذات خامات رفيعة المستوي، لكن المشكلة انه علي الرغم من انخفاض سعرها مقارنة باسعار هذه المنتجات في المعارض الخاصة الا ان المصريين اصبحوا غير مقدرين لقيمة العمل اليدوي وحرفيته بجانب قلة الدعاية التي يعاني منها انتاج المركز بصفة عامة وكل الأعمال اليدوية بصفة عامة. واضاف وحيد ان لهذه المنتجات عملاء متنوعين خاصة من الاجانب ولهذا حققت المعارض الاخيرة التي اقيمت في لندن وباريس نجاحاً باهراً لانهم اكثر انبهاراً بمنتجاتنا، واتضح ذلك جليا في التعاون بين المركز والمدرسة الاميرية التي تعد واحدة من أهم المدارس والمراكز المهتمة بالحرف التراثية علي مستوي العالم وتقوم بأعمالها تحت رعاية سمو الأمير تشارلز . وكشف وحيد ان مبيعات الخزف تحتل المرتبة الاولي من المبيعات بينما تعاني ورش النجارة من قلة الاقبال نظرا لضيق المساحات الحالية للعقارات، بجانب احتياج التصميمات العربية اليدوية لديكور محدد في المنزل.