التعليم العالي تعلن القوائم المحدثة للمؤسسات التعليمية المعتمدة جامعات ومعاهد    تعليم الفيوم تعلن عن مسابقة لشغل الوظائف القيادية من بين العاملين بها    رئيس الأركان يشهد انطلاق فعاليات المؤتمر العلمى الدولى الخامس للاتصالات    الكهرباء تنجح في إعادة تشغيل محطة محولات جزيرة الذهب بكامل طاقتها (صور)    أسامة ربيع: قناة السويس الطريق المستدام الأمثل والأكثر توفيرًا    روسيا تعلن حالة الطوارئ في الجزر التي ضربها تسونامي بعد الزلزال    لتنديدهم بحصار غزة، اعتقال عشرات الحاخامات اليهود في أمريكا    الأمور تعقدت، تطورات أزمة تجديد أليو ديانج في الأهلي    مصرع 3 فتيات وإصابة 14 آخرين في انقلاب ميني باص بالمنيا    نقابة المهن التمثيلية تنعي لطفي لبيب    - هجوم بالشوم على موظف في قرية أبو صير بالبدرشين    من هم «بنو معروف» المؤمنون بعودة «الحاكم بأمر الله»؟!    أول رواية كتبها نجيب محفوظ وعمره 16 سنة!    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    حفل جماهيري حاشد بالشرقية لدعم مرشح حزب الجبهة بالشرقية    محمد السادس: مستعدون لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    تحليل جديد: رسوم ترامب الجمركية سترفع نفقات المصانع الأمريكية بنسبة 4.5%    الخارجية الأمريكية: قمنا بتقييم عواقب العقوبات الجديدة ضد روسيا علينا    "الزراعة" تنفيذ 286 ندوة إرشادية والتعامل مع 5300 شكوى للمزارعين    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    هل اجتمع الجنايني مع عبد القادر لإقناعه اللعب للزمالك؟    لم نؤلف اللائحة.. ثروت سويلم يرد على انتقاد عضو الزمالك    وزارة التموين تنتهى من صرف مقررات شهر يوليو 2025 للبقالين    ميناء سفاجا ركيزة أساسية في الممر التجاري الإقليمي الجديد    انخفاض تدريجي في الحرارة.. والأرصاد تحذر من شبورة ورياح نشطة    جدول امتحانات الشهادة الإعداية 2025 الدور الثاني في محافظة البحيرة    البترول: السيطرة على حريق سفينة حاويات قرب «جنوب شرق الحمد»    تعدى ال 200 حريق دون تفسير.. خوف ورعب بقرية "برخيل" بسوهاج    عبدالغفار التحول الرقمي ركيزة أساسية لتطوير المنظومة الصحية    وزير الإسكان يُصدر قرارًا بإزالة 89 حالة تعد ومخالفة بناء بمدينة الشروق    ليلى علوي تعيد ذكريات «حب البنات» بصور نادرة من الكواليس    عزاء شقيق المخرج خالد جلال في الحامدية الشاذلية اليوم    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    تختلف في البنات عن الصبيان، دراسة تكشف تأثير استخدام الهواتف بسن مبكرة على الصحة النفسية    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين الحكومي والخاص    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    الخارجية الباكستانية تعلن عن مساعدات إنسانية طارئة لقطاع غزة    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    «مش كل حريف أسطورة».. تعليق مثير من محمد العدل على تصريحات عمرو الجنايني بسبب شيكابالا    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    نبيل الكوكي يقيم مأدبة عشاء للاعبى وأفراد بعثة المصرى بمعسكر تونس    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الآخبار
گأنها گوگب دري
نشر في الأخبار يوم 23 - 10 - 2012

ينفرد الفن الاسلامي بالمشكاوات، مصدر الضوء، ولان الضوء كاشف، رمز للحياة فلابد ان يكون مصدره جميلا، ومصر قدمت للعالم هذه القطع الفنية التي اتأملها كثيرا
الخميس
ما من مرة افترشت فيها صحن مسجد الا وتعلق بصري بالمشكاوات الزجاجية المتدلية من السقف، والتي تنافس الفنانون المسلمون في تجميلها، وزخرفتها بحيث اصبح لها حضور خاص بين سائر الاواني المصنوعة من الزجاج.. ألم ترد في القرآن الكريم؟
اتطلع الي تلك الآنية ذات الخصر الاضيق مرتلا في وعي الاية الكريمة »سورة النور«
»الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكوة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مبركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور علي نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثل للناس والله بكل شيء عليم«
وكثيرا ما اشرق او اغرب في المكان، وفجأة القي نفسي مرتلا هذه الآية الكريمة مستعيدا اشكالا مختلفة من المشكاوات.
من اللغة الي الصناعة
المشكاة لفظ عربي اصيل، يعني كل كوة في الجدار غير نافذة سواء كانت معقودة او مقعرة، نصف دائرية او متوازية المستطيلات، حتي الان نراها في القصور او المساجد او بيوت الريف البسيطة، تغور في الجدار كتجويف قد يبطن بالفسيفساء او الرخام او يصبح مجرد تجويف في جدار بسيط من الطوب اللبن، توضع فيها تحف او قناديل، وكثيرا ما تتخلل الجدران الخارجية بغرض الزخرفة.
ثم امتد اللفظ ليشمل كل زجاجة او قنديل يوضع فيه المصباح وكانت وظيفته حفظ النار من هبات الرياح، وتحويلها الي ضوء مشع ينتشر في المكان.
المصباح يوضع داخل المشكاة، يثبت اليها بواسطة سلوك تمتد من الحافة الي القلب، اما المشكاة نفسها فتعلق بواسطة سلاسل تتصل بالسقف او عوارض تمتد في فراغ المسجد، وتلتف حول بدن المشكاة، احيانا كانت هذه السلاسل من الذهب في القصور، او الفضة، اما الان فلا نراها مصنوعة الا من الحديد.
تشبه المشكاة في شكلها العام اناء الزهور فهي ذات بدن فسيح ينساب الي اسفل، وينتهي بقاعدة لها رقبة علي هيئة قمع متسع الوانها بين الاخضر والاحمر والابيض والوردي.
وتتصل صناعة المشكاوات بصناعة عريقة القدم، الزجاج.
الزجاج الاسلامي
يذكر المؤرخ الفينيقي بليني ان تجارا فينيقيين خيموا علي شاطيء نهر بيلوس وطهوا طعامهم علي قطع من النطرون كانت معهم، وفي الصباح وجدوا ان الرمل والصودا اللذين تتكون منهما تلك القطع قد اتحدا وكونا مادة زجاجية. وهكذا عرف الانسان الزجاج.
لكن يثبت الواقع ان الانسان قد عرف الزجاج منذ حقب بعيدة ويحدد علم الآثار ثلاثة مراكز في الشرق كانت اول من صنع الزجاج، مصر والشام والعراق، وفي العصر الاسلامي شهدت الصناعة تطورا كبيرا خاصة في الحقبة المملوكية، ورث الصناع خبرة طويلة تمتد الي آلاف السنين، كانت الحقبة المملوكية ذروة هذا الفن وفيها تطورت اساليب النفخ واستخدام القالب والزخرفة بالاضافة الي القطع والطبع والتهذيب والتلوين والبريق المعدني.
يقول الدكتور حسن الباشا ان الصناع المصريين والسوريين ورثوا التقاليد القديمة في عصر الايوبيين والمماليك، وساروا بها نحو الشمال.
في العصر المملوكي تفوق صناع الزجاج في فن تمويه الزجاج بالمينا والذهب واستخدموا هذه الطريقة في زخرفة كثير من الاواني الزجاجية المختلفة كالأكواب والقنينات والكئوس والصحون وغيرها، وكانت زخارفهم للمشكاوات تتم بهذه الطريقة ولكن الامر بالنسبة لهذه الانية بالذات يختلف، اذ كان الشعور الديني العميق يتجلي في مدي العناية بها ومحاولة الوصول بها الي ذري الفن الانساني، الم يرد ذكرها في القرآن الكريم؟
هذا الشعور الذي يرقق الزخارف والالوان نجده في سائر الفنون التي لها صلة بدور العبادة عامة، وفن زخرفة وكتابة المصاحف، لم يكن الفنان المسلم يمارس صناعته كعمل مجرد، ولكن باعتباره نشاطا وثيق الصلة بعالمه الروحي، بانسانيته.
من هنا كان للمشكاة موقع خاص لان القرآن الكريم ذكرها لانها شبهت بالكوكب الدري، لان موقعها دائما بأعلي، فاذا تطلع الانسان اليها فانما يتطلع الي السماء في نفس الوقت، ولانها ايضا مصدر النور الذي ذكره الباريء تعالي، والذي يعبر عن مضمون سورة كاملة في القرآن الكريم.
نماذج مشهورة
وصل الينا من العصر المملوكي عدد كبير من المشكاوات الرائعة، تتوزع الان علي متاحف العالم، انها ابرز ما نراه في الاقسام المخصصة للفن الاسلامي في برلين، في الارميتاج، في اللوفر، أما متحف الفن الاسلامي في القاهرة فيحتفظ بمجموعة نادرة.
ما يلفت نظرنا ليس شفافية الزجاج وصفاء ألوانه وعليها نري زخارف مستوحاة من عالم النبات وكتابة عربية، هذه الكتابة اما دينية او تذكارية او تاريخية.
الاولي تشمل آيات من القرآن الكريم وكثيرا ما تكتب الآية الكريمة التي تذكر فيها المشكاة، والواردة في سورة النور، او الآية الكريمة »انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر« او آيات اخري، اما الكتابات التذكارية علي المشكاوات فتتضمن حقائق تاريخية واجتماعية قد تساهم احيانا في اثراء مصادر التاريخ اذ تحوي اسم من امر بعمل المشكاة نفسها، وقد يلحق بالاسم وظيفة صاحبه، وتاريخ الصنع، ودعاء له، والمكان الذي صنعت من اجله المشكاة، واحيانا نجد اسم الصانع متواريا، وبأصغر حجم ممكن.
الكتابة
تحيط الكتابة بدن المشكاة علي هيئة شريط، عند الرقبة، او القاعدة، وجميع المشكاوات التي وصلت الي زمننا من العصر المملوكي كتبت بخط فخم جميل يعرف بالخط النسخ المملوكي وهو قريب من خط الثلث، وكان قد احتل مكانة الخط الكوفي القديم بدءا من القرن السادس الهجري وبلغ ذروة جماله في السابع الهجري.
وكثيرا ما نري الكتابات علي المشكاوات تتخلل زخارف نباتية او العكس مستوحاة من اوراق الغصون والازهار، وهذا اسلوب شائع في الكتابة العربية عندما يمتزج الخط والحرف بالغصن والزهرة في المشكاوات يتحقق اقصي قدر من المهارة التي تحقق التوازن بين النبات والخط.
احيانا تتخلل شرائط الخط العربي دوائر تحمل رنك السلطان، او الأمير، او الشخص الذي امر بصنع المشكاة، والرنك اي الشعار او العلامة التي يتخذها صاحب سلطة معينة للدلالة علي نفسه وما يتمتع به من قوة او نفوذ.
ولكن هذا لا يحتل الا اضيق المساحات في ذلك الجسم الزجاجي، جميل التكوين، بديع النسب، الذي يشع منه الضوء وفي السنوات الاخيرة لاحظت بسبب الحيوية في صناعة المشكاوات، حيث تقدم بعض محلات التحف الشرقية نماذج منها تستوحي الميراث الطويل ، ولكن تظل المشكاة مرتبطة ابدا بالمسجد، فمن سقفه تتدلي وفي فراغه يضيء النور منها سواء كان مصباحا تقليديا في القديم او كهربائيا في زمننا، مرسلا اشعاعه مذكرا دائما بالمصدر الأسني ، كأنها كوكب دري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.