لم يجعل المسلمون من وحدات الإضاءة مجرد أدوات صماء عارية من الزخرف، مادام الغرض منها هو توفير الإضاءة ليلا فى المنازل ودور العبادة ولكنهم اتخذوا منها موضوعا فنيا افرغوا فيه كل ابداعاتهم. ولم يغفل الفنانون المسلمون تلك الفوارق المالية بين الأغنياء والفقراء، فعنوا بصناعة أدوات الإضاءة من مواد مختلفة منها الأرخص سعرا مثل مسارج الفخار، والمتوسط الكلفة مثل مشكاوات الزجاج، والغالى الثمن كالشمعدانات بل منها الباهظ التكلفة كالثريات أو التنانير، ومع هذا التباين فى أسعار وحدات الإضاءة الإسلامية لم يغفل الفنان المسلم إضفاء الطابع الفنى على كل منتجاته. تعد المسارج والمصابيح الفخارية الأبسط والأرخص من بين وحدات الإضاءة الإسلامية وأن حظيت بالزخارف المحزوزة فى الفخار وتميزت بشكلها الانسيابى المؤلف من قاعدة تحمل البدن الشبيه بقارب ينتهى بما يشبه الصنبور الذى تخرج منه الفتيلة المغموسة فى الزيت، وهذا الشكل هو الأثير لدى الرسامين والسينمائيين وهم يتناولون قصة علاء الدين والمصباح السحرى. أما المشكاوات الزجاجية فهى أوسع أدوات الإضاءة انتشارا وأكثرها استخداما فى إنارة المساجد خلال العصور الوسطى وخاصة فى مصر والشام وبلاد العرب، ويقصد بالمشكاوات تلك الزجاجات أو?القناديل التى كانت توضع فيها المصابيح، وقد استمدت هذه التسمية مما كان ينقش عليها من الآية الكريمة: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )النور: 35. من اين تصنع المشكاوات؟ وتصنع هذه المشكاوات بحسب الأسلوب القديم فى تشكيل الزجاج، حيث يصهر الرمل (أوكسيد السليكون) بعد خلطه بنسب معينة من كربونات الصوديوم وأكاسيد أخرى ويشكل الزجاج بعد ذلك بواسطة النفخ تمهيدا لعملية الزخرفة. وقد استخدمت فى زخرفة المشكاوات طريقة التذهيب والطلاء بالميناء وذلك عبر مراحل فنية متعددة، إذ كان الصناع يضعون الزخارف المذهبة على المشكاة بواشطة الريشة، وذلك عند رسم الخطوط الخارجية بالفرشاة فى المساحات الكبيرة وبعد أن تحرق المشكاة فى الفرن للمرة الأولى يحدد موضوع الرسم باللون الأحمر ثم يطلى بالمينا المختلفة الألوان.