الهجوم على قانون الإيجارات القديمة له أهداف أخرى فى مقدمتها إثارة البلبلة والقلاقل فى المجتمع. بالتأكيد أنا لست ضد المستأجرين الخاضعين لقانون الإيجارات القديمة المطبق منذ أكثر من 60 عاما.. لكننى أرفض استمرار الظلم الذى وقع على ملاك هذه العقارات طوال هذه الفترة دون أن تجرؤ أى حكومة سابقة على التصدى لهذه المشكلة والتدخل لحلها جذريا.. ومع ذلك فالحلول التى قدمتها الحكومة الحالية ليس فيها تجنٍّ على المستأجرين كبار السن وأصحاب المعاشات وهى الفئة التى يخشى الاضرار بها من تطبيق القانون الجديد. فى الجلسة الأخيرة التى وافق فيها مجلس النواب على مشروع القانون الجديد وافق المجلس على اقتراح تقدمت به الحكومة على لسان المستشار محمود فوزى وزير الشئون النيابية والقانونية والاتصال السياسى يحمى كبار السن من الطرد من مساكنهم - وهى الكلمة التى تثير حساسية شديدة إذا ما استخدمت فى الحديث عن هذا القانون - بعد انتهاء مهلة السبع سنوات التى حددها القانون لتحرير العلاقة بين ملاك ومستأجرى العقارات القديمة .. أكد الاقتراح الذى أقره المجلس وستلتزم به الحكومات المتعاقبة أنه لا إخلاء للمستأجر الأصلى قبل توفير البديل بسنة على الأقل.. أى أن المستأجر الأصلى سيكون مطمئنا تماما إلى توافر البديل قبل عام على الأقل من انتهاء مهلة السبع سنوات لتحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر وهى فلسفة القانون التى استندت إلى حكم الدستورية فى نوفمبر الماضى بالتوجه نحو تحرير العلاقة وبالتالى وطبقا لما أكده الوزير المستشار محمود فوزى فإن المادة الخاصة بتحرير العلاقة هى مادة جوهرية ولا يمكن التخلى عنها.. وأضاف ردا على الدعوات بإلغاء هذه المادة أنَّ تمسُّك الحكومة بالنص نابع من حرصها على حل هذه المشكلة جذريا.. ومن هنا جاء اقتراحه بالحل الوسط الذى أقره المجلس والخاص بالتزام الحكومة بتوفير البديل للمستأجر الأصلى قبل سنة على الأقل من انتهاء مهلة السبع السنوات.. وأكد الوزير أن الدولة المصرية التى بادرت بالقضاء على العشوائيات نهائيا لن تسمح أن يكون هناك مواطن مصرى بلا سكن أو مأوى.. وطبقا للسيناريو المتوقع سيتم إطلاق منصة الكترونية لتلقى طلبات الحصول على وحدات سكنية للمستأجرين الذين ستنطبق عليهم مهلة السبع سنوات.. وسيختار المستأجر من بين ثلاثة بدائل مناسبة للجميع لمحدودى ومتوسطى الدخل ووحدات للإيجار التمليكى وتمويل عقارى وسيتقدم المستأجرون الذين ستنطبق عليهم مهلة السبع سنوات خلال أسابيع بطلبات الحصول على البديل المناسب لكل منهم وستعلن النتائج فى توقيت لاحق هذا كله بالإضافة إلى قدرة الدولة على بناء وحدات سكنية جديدة قبل انتهاء المهلة المحددة. من ناحية أخرى.. وخلال المناقشات فى جلسات الاستماع حول هذا القانون طرحت الحكومة فكرة أخرى جديرة بالاحترام وهى إنشاء صندوق لدعم الإيجار لكبار السن وأصحاب المعاشات الذين لا يستطيعون الوفاء بالإيجارات العالية التى سيواجهونها. صحيح أنه لم يتم الإعلان عنها رسميا لكنها فكرة ممتازة وتنفيذها سهل إذا خلصت النية.. بتصديق الرئيس السيسى على مشروع قانون الإيجارات القديمة ونشره فى الجريدة الرسمية منذ أيام أصبح نافذا وطبقا لنص القانون يبدأ تطبيق الزيادة فى القيمة الإيجارية اعتبارا من تاريخ استحقاق أول إيجار وهو أول سبتمبر القادم حيث يبدأ ملاك العقارات القديمة تحصيل الإيجارات بحد أدنى 250 جنيها لمدة 3 شهور بجميع المناطق السكنية لحين انتهاء لجان الحصر بالمحافظات من حصر وتصنيف المناطق السكنية بين مناطق اقتصادية ومتوسطة ومتميزة وقد تمتد هذه الفترة لثلاثة أشهر أخرى بحد أقصى يتحدد بعدها الإيجار بواقع 250 جنيها فى المناطق الاقتصادية و400 جنيه فى المناطق المتوسطة و1000 جنيه فى المناطق المتميزة ويسدد المستأجر المستحق عليه على أقساط على عدد الشهور التى استغرقها حصر وتصنيف المناطق السكنية.. وتزيد الأجرة سنويا بواقع 15٪ لمدة 7 سنوات يتم بعدها تحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر. بمجرد الإعلان عن تصديق الرئيس على هذا القانون تضاعفت الثورة ضده على وسائل التواصل الاجتماعى وزادت حدة الهجوم بشكل واضح والتهديد برفع دعاوى بعدم الدستورية بصورة تؤكد أن هذا الهجوم على القانون له أهداف أخرى فى مقدمتها إثارة البلبلة والقلاقل فى المجتمع خاصة عندما نرى أصحاب هذا الهجوم يفترضون ادعاءات غريبة عن الأسباب الخفية وراء إصرار الحكومة على تمرير هذا القانون من بينها بيع منطقة وسط البلد وتحصيل مليارات الجنيهات من الضرائب العقارية وغيرها!! ضجيج عال لا يتوقف، نواياه غير طيبة لكنه فى النهاية ضجيج بلا طحين!