المحليات أصبحت مؤسسات للرشوة.. والأهالي يصرخون من سيادة المحسوبية تراخيص بناء أبراج في الحواري جريمة تنذر بوقوع كارثة "أؤكد أن مواجهة الفساد ستكون شاملة.. لن أقول إنه لن يكون هناك تهاون مع الفاسدين، وإنما لن تكون هناك رحمة مع أي ممن يثبت تورطهم في قضايا فساد أيا كان حجمها"، بهذه الكلمات توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الشعب معلنا عن قوته وتوعده للمخالفين. السيسي، في حديثه عن الفساد أشار إلى المحليات وأزماتها المزمنة، وتحدث عن خطة لإعادة ترسيم المحافظات، ولكن ساكنا لم يتحرك حتى الآن، فيما يردد الأهالي والمثقفون والخبراء بمحافظات مصر المختلفة أن المحسوبية والمركزية وانعدام الرقابة وراء تفشي الفساد بالمحليات فى كافة ربوع المحروسة، مطالبين بضرورة إتاحة انتخابات محلية نزيهة، وإنهاء ظاهرة التعيين فى المحليات، لتحقيق تنمية حقيقية وعدالة اجتماعية ناجزة. ففي دمياط، يقول محمد صادق، مهندس، إن عملية التطوير تحتاج إلى إرادة سياسية وتمويل كبير لأن القرى مثلا ظلت عقودا من الزمن طى النسيان، والمحليات لا تقوم بدورها فى تطوير الأداء والعمل على تحديث منظومة الخدمات المقدمة لأنه ما من مجلس محلى جاء بانتخابات نزيهة، وكل الانتخابات المحلية التى تمت فى الماضى شابها التزوير فجاءت بأشخاص لا يهتمون إلا بمصالحهم ومصالح من أوصلوهم لمقاعدهم. وأضاف أن بداية التطوير لن تكون إلا من خلال مجالس محلية منتخبة انتخابا حرا نزيها بأعضاء جاءوا باختيار المواطنين حتى يتمكنوا من حسابهم، ولكن للأسف المحليات لم يتم حلها وإجراء انتخابات كما تم الوعد بذلك، كذلك تحتاج عملية تطوير القرى إلى ميزانيات ضخمة، ولعل الدولة لن تستطيع الآن بسبب الحالة الاقتصادية، وعليه يجب البحث عن بدائل لتمويل مشروعات تحديث البنية التحتية فى القرى من خلال رجال الأعمال والشركات الكبرى برعاية الدولة وتحت إشرافها بنظام يتناسب مع ظروف وحال البلد والمواطنين. وفي الغربية، قال عبد العزيز أبوسليمان، إن الفساد مازال موجودا في المحليات، ولابد من تدريب شباب الموظفين فى كافة مؤسسات الدولة على أساليب العصر الحديث فى الإدارة وإعطائهم فرص تقلد مناصب قيادية بعد مرورهم بذلك التدريب، والاستفادة من أراضى الأوقاف وأملاك الدولة فى إنشاء مناطق صناعية داخل المحافظة، والاعتماد فى اختيار القيادات على أهل الخبرة والكفاءة وليس أهل الثقة، والبعد عن المحسوبية والروتين والبيروقراطية، والأخذ بأساليب العصر الحديث فى وضع خطط اقتصادية وخطط للمحاسبة والمتابعة. وقال عبد الغنى سعيد، القيادى العمالي بالمحافظة، إن الفساد زاد وانتشر في المحليات وكأنه سرطان تفشى في جميع أنحاء الجمهورية بل وتربع، متسائلا عن المسؤول عن اختيار المحافظين؟، فمحافظ الغربية على سبيل المثال لا يهتم بالمحافظة ومشاكل مواطنيها، وأصبحت المحليات مؤسسات للرشاوى والمحسوبيات بل والإتاوات لإنهاء مصالح المواطنين، وأصبح كل شيء يريد التطهير. وأضاف أن أبواب المسؤولين دائما مغلقة في وجه المواطنين، والأشد مرارة أن معدلات البطالة زادت وكذلك الأسعار، ولا توجد جهات رقابية ولا يتحرك المسؤول إلا بعد "خراب مالطة"، وبذلك فالمحليات لا تطبق البرنامج الذي وعد به الرئيس. وقالهيثم عبد العزيز، محام من محافظة البحيرة: "كنت آمل أن أرى تقدما ملحوظا فى الشارع المصرى، وأن أشهد تطهير المحليات من الفسدة والمخربين والعاملين ضد الدولة، من خلال تعيين وزير قادر على إداره المحليات خاصه وأنها الأقرب للشعب، والأكثر ملامسة لمشاكله اليومية من نظافة ومرافق وتجميل. بينما في الإسكندرية، أثار خبر إنشاء لجنة تنمية المجتمع السكندري برئاسة رجل الأعمال عبد الفتاح رجب، وعدد من أعضاء نادي روتاري،جدلا بين النشطاء بالمحافظة، وكان الأكثر جدلا هو مديونية رئيس اللجنة لمصلحة الضرائب بمبلغ 85 مليون جنيه، مما أثار أسئلة حول الهدف من تشكيل لجنة تقدم دراسات تقييمية وتقوم بمراقبة أداء رؤساء الأحياء، برئاسة رجل أعمال متهرب من دفع الضرائب. ويقول معتز الشناوي، أمين الإعلام بالتحالف الشعبي الاشتراكي، إن الإسكندرية محليا وإداريا تزداد سوءا يوما بعد يوم، ولم يعد المواطن يلمس أي دور للأحياء، بل زادت قيمة تذاكر المواصلات كالترام للضعف، وهي الوسيلة الوحيدة المتاحة للمواطن البسيط. وقال جمعة صرصار، القيادى العمالى بالإسكندرية، إن الحل في وجود محافظ قوي يستطيع رقابة رؤساء وموظفي الأحياء، فلا زالت العمارات الشاهقة تقام في الحواري والأزقة وبلا تراخيص، وهذا ينذر بكوارث محدقة إذا ما انهارت العمارات، وهنا لن تستطيع سيارات الإنقاذ أو المطافي أو الدفاع المدني إنقاذ الأرواح لضيق الحواري التي لا يزيد عرض أكبرها عن 5 أو 6 أمتار، فمنظومة المحليات بالكامل في حاجة لإعادة نظر. وفي محافظة المنيا، يتركز كم كبير من الفساد داخل الوحدات المحلية وخاصة أقسام التنظيم التي تسهل التعديات على أملاك الدولة والزراعات، وعجزت الجهات المختصة عن مواجهتها، وكانت "البديل" قد رصدت بالمستندات تورط موظفين بالمحليات في تسهيل التعديات، وأحال المحافظ عددا من الموظفين بالإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة العدوة للنيابة العامة، بسبب التلاعب في قرارات الإيقاف ومحاضر مخالفات المباني بحي شرق وغرب المدينة.