يعاني الأشخاص ذوو الإعاقة من الظلم منذ فترة طويلة فى المجتمع المصرى، والسبب الرئيسى فى هذه المعاناة هو غياب الثقافة الواعية بحقوقهم، وتجاهل الحكومات المتتالية لهم، وغياب دور الإعلام الواعى، ولذلك كانوا بمثابة عنصر مهمل داخل المجتمع، بما يتنافى مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان وجميع الشرائع السماوية، ونجد هذا التجاهل على أكثر من صعيد فى "المبانى السكنية، والمبانى الحكومية، ومناهج التعليم، والثقافة، والصحة، وغيرها من منظومة المجتمع". ولعب الإعلام – ومازال – دورًا سلبيًا فى مناقشة القضايا التي تهم الأشخاص من ذوي الإعاقة، وتعامل معها بالأساليب القديمة، في الوقت الذي زادت فيه أعدادهم بشكل كبير فى مجتمعنا، وبدأ يصورهم على أنهم متسولون أو فاقدو الأهلية مما يشوه صورتهم أمام المجتمع. قالت إيفون الزعفرانى – محامية معاقة – مؤسس حركة "معاقين ضد التهميش"، إن الإعلام له دور كبير في إلقاء الضوء على حقوق ذوي الإعاقة باعتباره منبرًا مهمًا لرفع أصوات أصحاب القضية للمسئولين بالدولة، مشيرة إلى أنه رغم الاهتمام الإعلامي بمسألة تهميش ذوي الإعاقة والمشاركة السياسية وغير ذلك، إلا أنه يوجد من يعرض صورة المعاق كمتسول أو عالة على المجتمع. وأكدت أن هناك من ينتقي قصص النجاح الفردية لعرضها على الشاشات لكي تجلب نسبة مشاهدة عالية، دون الاهتمام برصد الحقوق القانونية أو المطالب التي ينادي بها المعاقون في مصر منذ عقود؛ قائلة: "إحنا بيتم استخدامنا أحيانا لعمل شو إعامي للحكومة لتحسين صورتهم مجتمعيًا". وتشكو "الزعفراني" من التعنت الواضح ضد النماذج الناجحة في مجال الإعلام من ذوي الإعاقة، رغم أن بعض الصحف خصصت صفحات للحديث عن مشكلات المعاقين، إلا أنه لا يوجد حتى الآن برنامج خاص بذوي الإعاقة بأي قناة فضائية كبيرة، سوى بعض البرامج الإذاعية والتي باتت يتم إيقافها واحد تلو الآخر دون إبداء أي أسباب. وطالبت بأن تشجع الدولة كل الإعلاميين من ذوي الإعاقة الذين يتميزون عن غيرهم من الأسوياء ويتغلبون على كل المصاعب التي تواجههم دون أن يرتكنوا إلى تعاطف الجمهور معهم لمجرد انتمائهم لفئة الإعاقة، مشددة على أنه يجب ألا يذكر المسئولون دائمًا أن هذا صحفي أو مذيع "معاق"؛ فهي صفة تذكر حين المطالبة بالحقوق القانونية فقط. من جانبها، قالت داليا عاطف مصطفى – مدير إدارة الطفل والمرأة بالمجلس القومي لشئون الإعاقة، إن هناك حالة من التعنت المتعمد ضد الصحفيين والمذيعين من ذوي الإعاقة، حيث تتم إهانتهم وضربهم وطردهم من عملهم دون أن يحرك مسئول ساكنًا، مع العلم بأنه في كل الدول التي تحترم آدمية ذوي الإعاقة يتم استثناؤهم من الأعمال الشاقة، فضلاً عن منحهم امتيازات لا يتمتع بها الأسوياء. وأضافت أن الوضع في مصر بات مأسوفًا عليه، بعد رصد العديد من الانتهاكات التي يمارسها أصحاب المصالح الحكومية والمؤسسات القومية، والتي لا يكفيها عدم الالتزام بتعيين نسبة ال 5% التي حددها القانون، بل تقوم بتحدي موظفيها وتشق عليهم ورغم لأنهم يتحملون إلا أنهم يتم طردهم دون إبداء أسباب، وطالبت "داليا" نقابة الصحفيين بعمل عضوية استثنائية لكل الصحفيين المعاقين وإعطائهم "كارنيه النقابة"، وأن يتمتعون بخدمة التأمين الصحي والاجتماعي كتشجيع لهم على وصولهم إلى تلك الوظائف، وأن تلتزم الجرائد القومية بتعيين النسبة التي أقرها الدستور. وفي السياق ذاته، أكد محمد صلاح جمالي، مقدم برنامج "أسوياء ولكن" على راديو جمعية رسالة الإلكتروني، أنه فوجئ بقرار من إدارة الراديو بإلغاء البرنامج دون تبليغه، ودون وجود أي سبب واضح لإلغائه، رغم أنه يقدم هذا البرنامج منذ أربع سنوات تقريبًا. وأضاف "جمالي"، أنه قدَّم 110 حلقات من هذا البرنامج المختص بشئون ذوي الإعاقة، مشيرًا إلى أنه قام بعمل العديد من الحملات التطوعية من أجل حل مشاكل المعاقين، وأن هدفه كان توصيل الصورة الحقيقية لذوي الإعاقة في عيون الإعلام وقدراتهم على إنجاز العديد من الأشياء، ما توفَّرت لديهم الإمكانات المطلوبة. وأشار مقدم برنامج "أسوياء ولكن" المتوقف، إلى أنه خاطب إدارة راديو جمعية رسالة لمعرفة سبب إلغاء البرنامج، ولم يجد أي رد منهم، فما كان منه إلا أن صعَّد الأمر وأبلغ مجلس إدارة الجمعية الذي تعهَّد له بالتحقيق في الأمر وموافاته بالنتائج. وعلى الوتيرة ذاتها، قال أحمد عيد مراد، الصحفي الذي يعاني من إعاقة في قدميه وقضى بمؤسسة الأهرام قرابة 3 سنوات تحت التدريب: "عندما حان وقت التعيين بالمؤسسة، قام أحمد السيد النجار رئيس مجلس الإدارة بتسريحي بدعوة أنه لا توجد تعيينات بالمؤسسة". وتابع "مراد" بأن "النجار" قام بفصله دون النظر لظروفه الصحية بقرار تعسفي، منوهًا عن أنه بعد 9 أشهر من عمله بالمؤسسة تقاضى 250 جنيها، حتى تم فصله بعد ثلاث سنوات من العمل، لافتا إلى أنه طالب مؤسسة الأهرام بالتعيين، نظرًا لأنه يعاني من "إعاقة" حتى لو في وظيفة إدارية بالمؤسسة، من قبل تعيينات ال 5% للإعاقة، لكنهم رفضوا. وأضاف: "قررت الإضراب عن الطعام في أول يوم من شهر رمضان، وخاطبت كل الجهات وتقدمت بمذكرة لمجلس النقابة، بعد الإضراب بأيام، ولكن لم أتلقَ ردًا، والآن سمع المجلس شكواي، مؤكدين أن مشكلتي سيتم حلها خلال أسبوع، ولكن لم يحدث هذا". وانتقد "مراد"، حسام المساح الأمين العام للمجلس القومي لشئون الإعاقة، بوصفه المسئول عنهم بالمجلس، وذلك لعدم قدرته على التدخل والحفاظ على النسبة التي اكتسبها المجلس لأعضائه في التعيينات، وهى نسبة ال 5٪ لمتحدي الإعاقة.