قليلة هى الأيام التى تكون فاصلة فى حياة الشعوب ومن هذه الايام يوم 25 فبراير 1986 الذى يعتبر يومًا فاصلاً فى تاريخ الأمن المركزى، ففى هذا اليوم اندلعت ثورة فى صفوف الامن المركزى انتهت بالإطاحة باللواء أحمد رشدى وزير الداخلية فى ذلك الوقت وراح ضحية تلك الانتفاضة 107 مجندين من أبناء مصر. خرج الآلاف من الجنود من معسكرين للأمن المركزى فى منطقة الأهرامات مساء 25 فبراير 1986 مندفعين بخوذاتهم ورشاشاتهم وبنادقهم فى مظاهرات مسلحة إلى فندق "الجولى فيل" الذى يقع فى مواجهة أحد المعسكرين، وقد حطم الجنود وجهاته الزجاجية ثم اقتحموا الفندق وأحرقوا محتوياته، كما أحرقوا فندق هوليداى سفنكس، ومبنى قسم شرطة الهرم، وفندق ميناهاوس، وبعض المحال التجارية الكبيرة فى المنطقة.. وخلال ساعات نجح الجنود فى احتلال منطقة الهرم بأكملها بما فى ذلك مداخل طريق الإسكندرية الصحراوى وطريق الفيوم وترعة المنصورية، وفى الثالثة من صباح الأربعاء 26 فبراير أعلنت حالة الطوارئ وتم فرض حظر التجول فى تلك المنطقة. وفى السادسة صباحاً انتشرت قوات الجيش واحتلت عدداً من المواقع التى يتواجد فيها الجنود المتمردون، ونجحوا فى حصار الجنود.. وبعد معارك ضارية نجحت قوات الجيش فى السيطرة على المنطقة، وانتقلت بعدها الإضرابات إلى باقى معسكرات العاصمة، حتى إن كتلة من الفواعلية وعمال التراحيل والشحاذين والطلاب والعاطلين فى شارع الهرم انحازوا إلى جنود الأمن المركزى، وشاركوهم تحطيم الكباريهات والفنادق الموجودة فى المنطقة ومنها "كازينو الليل"، والأهرام، وبرج الهرم، والأريزونا، مما أزعج الطبقة الحاكمة وتم إعلان حظر التجول فى كافة مناطق العاصمة، وتحذير المواطنين من البقاء فى شوارع المدينة بعد ساعتين من قرار الحظر، خوفاً من أن تشجع حركة الجنود فئات أخرى على التحرك ضد النظام، خاصة أن عناصر من المهمشين والعاطلين بدأت تشارك جنود الأمن المركزى الفارين فى الهجوم على السيارات والمحال التجارية فى منطقة الدقى. وكان الوضع خارج القاهرة أقل حدة، حيث انحصرت انتفاضة الجنود فى القليوبية والإسماعيلية وسوهاج داخل المعسكرات، واستطاعت قوات الجيش أن تحاصرهم وتنزع أسلحتهم بسهولة.. وكان الاستثناء الوحيد فى أسيوط حيث كانت الأحداث أشد عنفاً. يذكر أن محافظ أسيوط آنذاك كان زكى بدر فتح القناطر فى أسيوط دون وصول جنود الأمن المركزى من معسكرهم فى البر الشرقى الذى أحرقوه وخرجوا منه، وذلك على غرار حادثة كوبرى عباس الشهيرة، واستخدم الجيش الطائرات لضرب جنود الأمن المركزى، مما رشحه لتولى وزارة الداخلية لجهوده فى مواجهة الأحداث. وراح ضحية انتفاضة الأمن المركزي أكثر من نحو 107 قتلى من شباب مصر معظمهم من الجنود 104 فى القاهرة و3 فى أسيوط، و719 جريحاً، وبعد سيطرة الجيش على الأوضاع آنذاك.. تم القبض على آلاف من الجنود من مواقع الأحداث بالإضافة إلى أعداد من المهمشين، وتم طرد 21 ألف جندى من الخدمة، وفور انتهاء مذبحة الجنود سارع زعماء المعارضة من أحزاب الوفد، والتجمع، والعمل، والأحرار إلى لقاء "مبارك"، وأعربوا عن استنكارهم لانتفاضة الأمن المركزى، وتأييدهم المطلق لسياسة النظام فى مواجهة الأحداث. لم تكن هذه الانتفاضة هى الأخيرة لهم فى فترة "مبارك" ففى عام 2009 رفضت كتيبة الأمن المركزى بمعسكر ناصر بالدراسة.. أوامر القيادات بالتوجه لرفح بعدما وصلتهم أنباء عن مقتل مجند على الحدود بنيران العدو الإسرائيلى والتكتم على الخبر، بعدها اعتقلت أجهزة الداخلية مجموعة من الضباط قرابة 250، وأحالتهم للاحتياط. وفى نفس العام سيطرت وزارة الداخلية على ثورة 6 آلاف مجند وعسكرى ضد رؤسائهم بسبب سوء المعاملة فى معسكر التشكيلات لقوات الأمن، ففى أثناء طابو التمام فؤجئت الإدارة بتمرد جميع المجندين بالمعسكر وحطموا مبانى إدارة المعسكر والاستراحة المخصصة للضباط وصالة الألعاب والسجن العسكرى، وكعادة نظام "مبارك" قمعوا جميعًا. وجاءت ثورة يناير لتحدث تغيرا فى انتفاضات مجندى الأمن المركزى ففى عام 2011 شهد قطاع الأمن المركزى بمنطقة الدخيلة بالإسكندرية حالة تذمر بين الجنود بسبب تعدى أحد ضباط القطاع على مجند، استولوا على أثرها على الأسلحة وإطلاق عدة أعيرة نارية فى الهواء وحطموا كل ما قابلهم داخل القطاع ثم خرجوا إلى الشارع وحاولوا تحطيم عدد من السيارات حتى وصلوا إلى قسم الدخيلة المواجه للقطاع وأشعلوا النيران فى سيارتى شرطة أمام القسم، ولولا قرار اللواء منصور عيسوى وزير الداخلية وقتها، بوقف الضابط المعتدى عن العمل، وأحال الواقعة إلى قطاع التفتيش بالوزارة للتحقيق فيها لما تمت السيطرة على غضبهم. وفى 2012 تمرد قرابة 10 آلاف جندى بمعسكر الأمن المركزى بالعبور نتيجة شائعة بوفاة أحد زملائهم، فخرجوا من معسكرهم وقطعوا طريق النهضة وحطموا المعسكر ورشقوا المبانى بالحجارة حاملين أسلحتهم فى وجه الضباط وتم السيطرة على الموقف بعد نفى الخبر. وجاء عام 2013 ولم يحدث انتفاضة للامن المركزى حتى الآن، والسؤال هنا بعد 27 عامًا على انتفاضة الأمن المركزى.. هل يثور الجنود من جديد فى عهد الإخوان؟!! أخبار مصر – البديل Comment *