تقدم المحامي شحاتة محمد شحاتة، مدير "مركز النزاهة والشفافية الحقوقي" ببلاغ للنائب العام ضد الرئيس السابق حسني مبارك الذي يحاكم في اتهامات تتعلق بالتحريض على قتل المتظاهرين واستغلال النفوذ، يتهمه فيه بالتسبب فى قتل 6 آلاف من عناصر قوات الأمن المركزي خلال ما عرفت بأحداث انتفاضة الأمن المركزي في عام 1986، وطالب بإعادة فتح التحقيق فى هذه الأحداث. وذكر شحاتة في البلاغ رقم 9501 لسنة 2011 بلاغات النائب العام، أنه في مساء يوم الثلاثاء 25 فبراير 1986 انفجرت انتفاضة جنود الأمن المركزي في منطقة الأهرامات وتطورت على نحو واسع وقد انطلقت الانتفاضة من معسكرين من معسكرات الأمن المركزي يقع أولهما على طريق القاهرةالفيوم، ويقع الثاني على طريق القاهرةالإسكندرية. ففي السادسة من مساء ذلك اليوم بدأ ثمانية آلاف جندي مظاهرات احتجاجية بعد أن ترددت بينهم أنباء تفيد بأنه تقرر مد فترة التجنيد الإجباري لأفراد الأمن المركزي من ثلاثة سنوات إلى أربع سنوات، وأن تخفيضا صغير سوف يلحق بمرتبات الجنود لسداد ديون مصر، وتطورت الأحداث بعد ذلك فيما يشبه انتفاضة شاملة امتدت إلى ستة معسكرات مختلفة من الجمهورية (القاهرة، والجيزة، والقليوبية، وسوهاج، وأسيوط، والإسماعيلية). وبدأ الجنود في تحطيم الفنادق الموجودة في منطقة الهرم مثل فندق جولى فيل ومينا هاوس وهوليداى أن، وكذلك قسم شرطة الهرم وواجهات بعض المحلات التجاريه وخلال ساعات استطاع الجنود احتلال منطقة الهرم بأكملها بما في ذلك مداخل طريق الإسكندرية الصحراوي وطريق الفيوم وترعة المنصورية. وفي الثالثة من صباح الأربعاء 26 فبراير أعلنت حالة الطوارئ وتم فرض حظر التجول بتلك المنطقة, وفي حوالي السادسة صباحًا انتشرت قوات الجيش واحتلت عددًا من المواقع التي يتواجد فيها الجنود المتمردون، وبدأوا في حصار الجنود. وبعد معارك ضارية استطاعت قوات الجيش أن تسيطر علي المنطقة. وحتى ذلك الحين لم يكن ما يجرى في منطقة الأهرام قد امتد إلي بقية العاصمة، وما كادت ساعات صباح الأربعاء الأول تمر حتى بدأت الانتفاضة في أغلب معسكرات الأمن المركزي الأخرى في العاصمة، في شمالها وشرقها وجنوبها الغربي. وتعالت أصوات اشتباكات الرصاص مع قوات الجيش التي كلفت بسحب السلاح من جنود الأمن المركزي في كافة المعسكرات، بعد أن تزايدت الشكوك من اختراق سياسي واسع داخل جهاز الأمن المركزي. وتابع البلاغ: بدأت الأحداث تنتشر حيث وقعت أول هذه الأحداث في معسكر الهايكستب القريب من مطار القاهرة. وفي الثامنة والنصف تجمهر جنود الأمن المركزي بمعسكر لهم يقع في شارع جسر السويس، وحين وصلت القوات المسلحة إلي المعسكر اشتبك معهم الجنود وتحول الاشتباك إلي مطاردة في الشوارع الجانبية المتفرعة من جسر السويس، وشوهدت آثار الدماء علي أرض الشارع، واحترقت إحدى سيارات الجيش علي الأقل، وتم إغلاق شارع جسر السويس وتعزيز قوات الجيش. وفي الدراسة، حيث يقع معسكر ضخم لقوات الأمن المركزي، تبادل الجنود المحتشدون النار مع قوات الجيش، ولجأ بعض جنود الأمن المركزي إلي البيوت المحيطة بالمعسكر ومنطقة المقابر بعد نفاذ ذخيرتهم. أما في معسكر شبرا فقد رفض الجنود الاستسلام للجيش وانتشروا في المنطقة المحيطة بهم، وكادوا ينجحوا في تحطيم أكبر محطة للكهرباء في القاهرة. وكان تحرك الأمن المركزي في منطقة طره أخطر التحركات جميعًا، فأثناء محاولة الجيش استلام المعسكر واجههم الجنود بإطلاق النار، وبدأت طائرات الجيش الهليكوبتر بقذفهم بالرصاص. وخرج جنود المعسكر بالآلاف فارين إلي الشوارع حاملين معهم أسلحتهم وتوجهوا إلى سجن طره واستطاعوا أن يقتحموا السجن ومساعدة السجناء علي الهرب وبحثوا عن الضباط كي يقتلوهم. وبدأ الوضع يأخذ منحى آخر في شارع الهرم، حيث انحاز بعض المواطنين من كافة الطبقات والعاطلين عن العمل، الذين يسكنون في الطالبية، إلي جنود الأمن المركزي، وبدءوا يشتركون معهم في تحطيم الكباريهات والفنادق الموجودة في المنطقة: كازينو الليل، والأهرام، وأوبرج الهرم، والأريزونا، وغيرها. عند هذا الحد انتاب الذعر الطبقة الحاكمة وتم إعلان حظر التجول في كافة مناطق العاصمة، وتم تحذير المواطنين من البقاء في شوارع المدينة بعد ساعتين من قرار الحظر، خوفاً من أن تشجع حركة الجنود فئات أخرى علي التحرك خاصة أن عناصر من المهمشين والعاطلين بدأت تشارك جنود الأمن المركزي الفارين في الهجوم علي السيارات والمحلات التجارية في منطقة الدقي. وكان الوضع خارج القاهرة أقل حدة بكثير، حيث انحصرت انتفاضة الجنود في القليوبية والإسماعيلية وسوهاج داخل المعسكرات، واستطاعت قوات الجيش أن تحاصرهم وتنزع أسلحتهم بسهولة. وكان الاستثناء الوحيد في أسيوط حيث كانت الأحداث أشد عنفًا. فقد قام محافظ أسيوط آنذاك زكي بدر (الذي أصبح وزيرا للداخلية بعد ذلك) بفتح الهويس (القناطر) في أسيوط للحيلولة دون وصول جنود الأمن المركزي من معسكرهم في البر الشرقي الذي أحرقوه مما أدى إلى وفاة أكثر من ثلاثة آلاف جندي منهم. وبعد أن فشل الجيش في السيطرة على الموقف، أمر مبارك الجيش بقصف الأمن المركزي بالمقاتلات الحربية ما أدى إلى تضاعف أعداد القتلى الذي وصل إلى ما يقرب من سبعة آلاف جندي الكثير منهم لم يتوصل ذووهم إلى جثثهم حتى اليوم حتى أن أعداد القتلى ذاته مازال مجهولا حتى اليوم نظرا لشدة العنف والوحشية التي استخدمت لقمع انتفاضتهم. واعتبر البلاغ أن أمر به مبارك من استخدام للعنف والوحشية جريمة ضد الإنسانية وضد مواطنيه بكل مقاييس الجريمه أطرافها معلومون ومازال الكثير منهم على قيد الحياة، كما أنها ليست من الجرائم التى تسقط بالتقادم، وهي جريمه مكتملة الأركان ويندى لها جبين البشرية، بحسب موقع "أخبار مصر". وطالب الاسترشاد بأقوال قادة الجيش الذين كانوا في الخدمة وقتها ومازال الكثير منهم على قيد الحياة عن تفاصيل هذه الجريمة البشعة التى يندى لها جبين الإنسانية، كما يصفها مقدم البلاغ. والتمس البلاغ بناء على ما ذكره فتح التحقيق اللازم في الوقائع المذكورة لإجلاء الحقائق التاريخية حولها وحتى يعاقب كل من أمر بهذه المجازر أو اشترك فيها سواء بصفته فاعل أصلي أو شريك أو محرض.