أصدرت الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي تقرير تقييم نتائج المرحلة الأولى لمراقبة الاستفتاء على مشروع الدستور من خلال حملة "شركاء فى الوطن" بعد مراقبتها المرحلة الأولى للاستفتاء في مختلف المدن والمراكز بالمحافظات المصرية العشرة مستعينة بعدد 850 مراقبًا من إجمالى 2057 مراقبًا يشاركون فى مراقبة مراحل الاستفتاء، موزعين على 15% من إجمالي مراكز الاقتراع. وطبقًا لما انتهت إليه الجمعية من أعمال الرقابة لمجريات التصويت وعملية الفرز للمرحلة الأولى، يمكننا القول إن هذه الانتهاكات لم تنل من مصداقية عملية التصويت بشكل عام، والتي جرت في أغلبها وفقًا للقواعد القانونية المحلية، والمبادئ الدولية المتعارف عليها والخاصة بالانتخابات الحرة والعادلة. وقد استعرض التقرير أهم المؤشرات العامة للعملية الانتخابية والخاصة بأعمال المراقبة على الاستفتاء في تقريرها المبدئي للمرحلة الأولى على النحو التالى: الإيجابيات: استمرار ارتفاع معدل المشاركة، وعدم استخدام مرافق الدولة، والحفاظ علي سرية التصويت، وحياد القوات المسئولة عن تامين الاستفتاء، وغياب دور المال في شراء الأصوات، ووجود كشوف انتخابية محدثة، وعدم التدخل الإداري للتأثير على الناخبين. السلبيات: غياب تام للجنة العليا للإشراف على الاستفتاء، والتصويت الطائفي، واستمرار ظاهرة العنف الانتخابي، وتسويد بطاقات الاقتراع، والحملات الإعلامية السوداء، ووجود أشخاص غير مصرح لهم داخل اللجان، وغياب الإشراف القضائي الكامل، وعدم استخدام الحبر الفسفوري. وقد استفاضت الجمعية فى شرح الإيجابيات والسلبيات بالتفصيل على النحو الموضح: الإيجابيات: 1- استمرار ارتفاع معدل المشاركة: رغم دعاوى المقاطعة للاستفتاء ورفض المشاركة قررت جميع القوى الرافضة والمقاطعة عشية الاستفتاء المشاركة في فاعلياته واتخاذ قرار برفض الدستور باستخدام شرعية الصندوق، ويتكرر مشهد الانتخابات الرئاسية مرة أخرى، حيث جرت عملية تصويتية تنافسية حقيقية، ولا يستطيع أحد في ذات الوقت التنبؤ بنتائجها حتى اللحظة الأخيرة نظرًا لانقسام الشعب الواضح ما بين مؤيد ومعارض للدستور، وأدى التقارب الكبير بين الفصيلين إلى تباين نتائج استطلاعات الرأي وإلى ثقة كل فصيل في إمكانية فوز رؤيته، إما بتأييد الدستور أو برفضه. 2- عدم استخدام مرافق الدولة في الدعاية: تؤكد الجمعية علي أن الدولة سعت ومنذ دعوة المصريين للتصويت على الاستفتاء إلى عدم استخدام المرافق العامة في حث الشعب على تأييد الاستفتاء، حيث انعدم بوضوح تام أي استغلال لمرافق الدولة وأجهزتها في عملية التأثير على إرادة الناخبين، أو استغلال هذه المرافق في نقل وحشد مؤيدي الدستور؛ مما يؤكد أن هناك توجهًا عامًّا للقيادة بالدولة بعدم استغلال المال العام في تحقيق بعض المكاسب السياسية. 3- الحفاظ على سرية التصويت: رصد مراقبو الجمعية التزام القائمين على الإشراف وإدارة عملية التصويت بسرية التصويت، وما تم رصده من انتهاكات لا يهدم مبدأ سرية التصويت وتطبيقه في غالبية لجان المرحلة الأولى التي قامت الجمعية بمتابعتها. 4- حياد القوات المسئولة عن تأمين الاستفتاء: في البداية تشيد الجمعية بتعاون الجهات الأمنية والقوات المسلحة مع الناخبين في تسيير عملية التصويت وفي حماية وتأمين كافة مراكز الاقتراع، وتؤكد أن القوات المسلحة ينبغي عليها ألا تنخرط في أى عمل ذات صبغة سياسية، وأن تكون في أدائها على مسافة واحدة من جموع المصريون في أية عملية انتخابية أو سياسية، وأن تحترم كافة المواقف المختلفة لكل المصريين، فالمقاطعة كانت وستبقى سلاحًا سياسيًّا وموقفًا احتجاجيًّا ينبغي احترامه وعدم التقليل من شأنه. 5- غياب دور المال في شراء الأصوات: ظاهره كانت تؤرق الاستفتاءات المصرية في الوقت الحالي وتحتاج إلى المزيد من الدراسة والبحث، خاصة في ظل إيمان العديد من المواطنين بأهمية أصواتهم وقناعاتهم ببعض التيارات السياسية أو ببعض المرشحين،إلا أن فريق حملة شركاء في الوطن رصدوا ولأول مرة اختفاء تلك الظاهرة خلال الاستفتاء على الدستور بعد أن أصبح المصريون جميعًا طرفًا في العملية السياسية، وإن كان هناك من يرى أن اختفاء تلك الظاهرة كان بسبب زج الدين بالسياسة حيث أصبح الوازع الديني أغلى من أي مال وأفضل من حيث الحشد. 6- وجود كشوف انتخابية محدثة: أعلنت اللجنة القضائية العليا المشرفة على الاستفتاء ومنذ اللحظة الأولى أن قاعدة الناخبين المصوتين في الاستفتاء اختلفت عن سابقتها في الرئاسة، حيث ارتفعت القاعدة من 50 مليون ناخب إلى 51 مليونًا و330 ألفًا، وأن اللجنة قد اعتمدت على سجلات مصلحة الأحوال المدنية المحدثة. 7- عدم التدخل الإداري للتأثير على إرادة الناخبين: يمكننا القول إن الجهات الحكومية المعنية بعملية التصويت وفاعليتها المختلفة التزمت الحياد أثناء عملية التصويت، باستثناء بعض الحالات الفردية، خاصة في ظل وجود تشكيك في كون السادة الذين قاموا بالإشراف على عملية التصويت بوصفهم قضاه هل هم بالفعل لديهم الصفة القضائية أم لا؟ كما أن بعض رؤساء موظفي اللجان قد سمحوا لبعض الأشخاص الذين ليس لديهم أي حق بالتواجد داخل اللجنة. كما أن مراقبي الجمعية رصدوا وقوع أخطاء من جانب بعض رؤساء اللجان الفرعية والتي تمثلت في محاولات بعضهم التأثير على إرادة بعض الناخبين للتصويت لصالح اتجاه محدد، أو التعنت مع مراقبي الجمعية والتضييق عليهم في أداء دورهم أثناء متابعتهم لعملية التصويت والفرز، وهى حالات فردية عكست قصورًا في الفهم الخاص بدور المراقبين, وتأثير الانتماءات الفكرية والسياسية لهؤلاء الأفراد، وهو الأمر الذي يحتاج لمزيد من التدريب والتأهيل لكافة الأطراف الحكومية المشاركة في إدارة عملية التصويت. السلبيات: 1- غياب تام للجنة القضائية العليا للإشراف على الاستفتاء: افتقرت اللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء للقدرة التنظيمية الجيدة، ويعاب عليها أن الترتيبات اللوجيستية للجنة داخل بعض المحافظات كانت دون المستوى، وهو الأمر الذي بدا واضحًا في العديد من حالات تأخر فتح لجان الاقتراع بسبب تأخر وصول القضاة إلى مقار الاقتراع، إضافة إلى عدم جاهزية مقار الاقتراع لاستقبال الناخبين أو ضيق أماكن الاقتراع. جدير بالذكر أن اللجنة فشلت تمامًا في تنظيم عملية المراقبة بعد إسنادها للمجلس القومى لحقوق الإنسان والذى أصدر 24 ألف تفويض لجمعيات ومراكز أغلبها ليست لديها أي خبرات سابقة في مجال المراقبة وحديثة العهد بالعمل الحقوقي ويغلب عليها الطابع الحزبي والسياسي، في حين أن الجمعيات المتخصصة في المجال لم تحصل على أي تفويضات (ونجحت الجمعية في الحصول علي تفويضاتها عشية الاستفتاء)، وهو الأمر الذي شكل عائقًا أمام العشرات من المراقبين في أداء عملهم المنوط بهم، وتتطلع الجمعية إلى أن تكون هذه الأخطاء لأسباب لها علاقة بضعف الإمكانيات والخبرات لدى الجهاز الإداري للجنة. كما أن التصاريح أو التفويضات لم تتضمن أية معلومات موثقة حول المراقب أو الجمعيات أو المؤسسات التي يمثلها، فأصبح من الممكن لأي شخص أيًّا كان أن يحصل على تفويض ويدخل أي لجنة ويحضر الفرز رغم عدم انتمائه لأي منظمة وانعدام الخبرة لديه في العمل الحقوقي ومراقبة الاستفتاء، وهذا بالأساس يؤدي إلى إهدار قيمة المراقبة، ويسمح بتدخل الأحزاب السياسية فيها من خلال العمل الحقوقي. كما لم توجد أى آلية اتصال وتواصل بين غرفة عمليات اللجنة العليا وغرفة عمليات المنظمات الحاصلة على تصاريح المراقبة لتبادل المعلومات وتلقي الشكاوي والبيانات الصادرة عن المراقبين الميدانين للمنظمات بما يكفل سرعة مواجهة الانتهاكات والحد منها بشكل سريع وعاجل. كما فشلت اللجنة في توفير إشراف قضائي كامل على الاستفتاء رغم تقسيم عملية التصويت على مرحلتين وسمحت للأحزاب السياسية بالتلاعب وانتحال البعض لصفة قاضٍ ورئيس لجنة من أجل التلاعب في نتائج الاستفتاء. ولذلك تطالب الجمعية بضرورة إنشاء لجنة مستقلة ودائمة لإدارة كافة الفاعليات الانتخابية، وبموازنة سنوية وجهاز إدارى وأمانة فنية بما يطور أداءها ويمنحها قدرة تنظيمية أكبر على إدارة مختلف الفاعليات الانتخابية وعلاقة أوثق وأكبر تفاعلية مع منظمات المجتمع المدني ومراقبيها الميدانيين. 2- التصويت الطائفي: شهدت المرحلة الأولى للاستفتاء وخلال الأيام السابقة للتصويت دعاية، حيث عادت أشكال الدعاية الدينية المتمثلة في الحشد عبر المساجد والكنائس، وبرزت من جديد صور الدعاية الدينية بين المؤيدين والمعارضين وكان واضحًا من خلال متابعة مراقبينا الميدانيين أن هناك اتجاهًا طائفيًّا في عملية التصويت. ولعل أشكال الدعاية الدينية المتمثلة في الحشد عبر المساجد والكنائس كانت واحدة من الظواهر الواضحة في مرحلة الدعاية الانتخابية وبشكل كبير، إلا أن ما نقصده هنا هو اختفاء صور الدعاية الدينية المتمثلة في تكفير المرشحين المنافسين، وهو الشكل الذي استفحل في الانتخابات البرلمانية، إلا أنه توارى بشده في الاستفتاء على الدستور واقتصرت عمليات الاستقطاب الديني والدعاية الدينية قبل عملية الاقتراع حول قضايا تطبيق الشريعة الإسلامية أو الاستقطاب عبر الدعوة للتصدي للمد الديني الإسلامي وحماية الأقباط في مصر. 3- ظاهرة العنف الانتخابي: لا يزال التعصب السياسي واحدًا من أبرز المشاهد في الانتخابات المصرية، وهو الأمر الذي شهدته عملية التصويت، حيث رصد مراقبونا وقوع العديد من حالات التشابك ما بين المؤيدين والمعارضين، وعادت إلى أذهاننا مشاهد أعمال العنف الانتخابي قبل الثورة والتي كانت تسفر عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى في أي عملية انتخابية تشهد تنافسًا حقيقيًّا, وفي هذا السياق تؤكد الجمعية المصرية على خطورة تلك الظاهرة التي لا تستقيم معها أى فاعلية انتخابية قادمة، وتطالب بتفعيل القواعد والنصوص القانونية في هذا الشأن. 4- تسويد بطاقات الاقتراع: في واحدة من المظاهر التي شابت عملية التصويت بالاستفتاء بدرجة ضئيلة رصد مراقبو الجمعية في عدد من اللجان الانتخابية وجود ظاهرة البطاقات المسودة من قِبَل بعض منتحلي صفة قاضٍ ورئيس لجنة أو بعض الموظفين المعنيين بإدارة عملية التصويت داخل اللجان، وهو الأمر الذي تطالب الجمعية بسرعة إعلان نتائج التحقيقات فيها وتقديم المتورطين إلى المحاكمة. 5- الحملات الإعلامية السوداء: تحذر الجمعية من تواصل استخدام وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي من قِبَل حملات المؤيدين والمعارضين؛ للترويج لجملة من الشائعات التي تهدف إلى التأثير على إرادة واختيارات المصوتين بشكل أو بآخر. 6- وجود أشخاص غير مصرح لهم داخل اللجان: وقد رصد مراقبو الجمعية في عدد كبير من لجان الاستفتاء تواجد أشخاص من غير المصرح لهم قانونيًّا داخل اللجان الانتخابية، وعند السؤال عن ماهية دورهم داخل اللجنة يتم إخبارهم بأنهم موظفون احتياطيون، ومنهم من يقوم بالتأثير على الناخبين. 7- غياب الإشراف القضائي الكامل: كما لوحظ في أكثر من لجنة انتخابية غياب الإشراف القضائي رغم تأكيدات اللجنة العليا للانتخابات أن جميع لجان الاستفتاء يرأسها القضاة، وقد تبين من خلال ما تم رصده من مراقبي الجمعية وبعض الناخبين عند الشك في القاضي وبطلب إظهار هويته الشخصية تبين أنه موظف وليس قاضيًا، وقد تم رصد ذلك في أكثر من لجنة انتخابية. 8- عدم استخدام الحبر الفسفوري: رصد مراقبو الجمعية في العديد من اللجان الانتخابية وجود الحبر الفسفوري داخل اللجان ولكنه لا يستخدم في بعض الأحيان، ورصدوا أيضًا عدم وجوده نهائيًّا في لجان أخرى، وتم سير العمل رغم ذلك. وقد أوصت الجمعية بمجموعة من المطالب، وهي: إعادة النظر في القواعد القانونية المنظمة للعملية الانتخابية؛ لمواجهة القصور التشريعي الذي يحول دون تطبيق عقوبات رادعة وفعالة على مرتكبي التجاوزات القانونية. إنشاء لجنة مستقلة ودائمة لإدارة كافة الفاعليات الانتخابية، وبموازنة سنوية وجهاز إدارى وأمانة فنية بما يطور أداءها ويمنحها قدرة تنظيمية أكبر على إدارة مختلف الفاعليات الانتخابية وعلاقة أوثق وأكبر تفاعلية مع منظمات المجتمع المدني ومراقبيها الميدانيين. مطالبة لجنة الاستفتاء للرئاسية بالتدخل فورًا وإجراء تحقيقات سريعة مع مرتكبي التجاوزات الانتخابية، والعمل على ردع المخالفين وتطبيق نصوص القانون على الجرائم الانتخابية، خاصة جرائم العنف وانتحال الصفة والتسويد. واعتبرت الجمعية أن نسبة المشاركة مرتفعة وتماثل نسبة المشاركة في استفتاء تعديلات مارس 2011 والانتخابات النيابية والرئاسية التالية له، وتدعو جموع المصريين إلى المشاركة بقوة وفاعلية وكثافة في المرحلة الثانية من الاستفتاء؛ ليكون دستور مصر القادم مستندًا إلى أغلبية حقيقية تمثل الكتلة الأكبر من الناخبين المصريين المقيدين في جداول الناخبين. أخبار مصر – تقارير – البديل Comment *