استبعاد قيادات تعليمية في قليوب وإحالتها للتحقيق وإعادة الانضباط داخل المدارس    مدبولي: أكبر شركة سيارات كهربائية في العالم ستبدأ التصنيع في مصر.. ولا توجد فقاعة عقارية بالبلاد    ليبيا تحمِّل إسرائيل مسؤولية سلامة مواطنيها بأسطول الصمود    إيلي بريمر: الإغلاق الحكومي الأمريكي يهدد بخفض الناتج المحلي    ارتبط اسمه بالأهلي.. كانافارو يقترب من تدريب أوزبكستان    منتخب ناشئي اليد يواجه المغرب في بطولة العالم تحت 17 عاما    عمرو زكي يرد على شائعات مرضه: أنا بخير وبصحة جيدة    مكتشف النجوم وادارى العصر الذهبي.. محطات في مشوار محسن ابو جريشة مؤرخ الدراويش    مصدر أمني يكشف حقيقة فيديو تضمن حوارًا بين فرد شرطة وضابط بالجيزة: قديم منذ 2015    تحقيق عاجل بعد اتهام مدير مدرسة بالاعتداء على طالب في شبين القناطر    إسلام فوزي يحتفل بإطلاق مسلسله الجديد يوميات عيلة كواك في حفل بالقاهرة    ماجد الكدواني يتصدر إيرادات السينما بفيلم «فيها إيه يعني» أول أيام عرضه    فردوس عبد الحميد: تكريمي في مهرجان الإسكندرية السينمائي له طعم خاص    تكريم حنان سليمان في الدورة الثالثة لمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    «الصحة» تبحث مع البنك الدولي تعزيز التعاون في الرعاية الصحية والتنمية البشرية    «الصحة» تعلن بدء تطوير مستشفى قلاوون للرمد بالقاهرة    22 لاعبا فى قائمة الإسماعيلى لمواجهة سموحة بالدورى    محمود حجاج مؤلفًا لمسلسل مصطفى شعبان فى رمضان 2026    أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية لمواجهة التنمر المدرسي    هدف الشحات ينافس على الأفضل في الجولة التاسعة للدوري    تعرف على نتائج الجولة السابعة من دورى المحترفين    قائمة ألمانيا لمواجهتي لوكسمبورج وأيرلندا الشمالية.. تواجد فيرتز وجنابري    فيفا يعلن منح أذربيجان وأوزبكستان حق استضافة مونديال الشباب 2027    وزير المالية: قانون الحياد التنافسي ساعدنا في ترسيخ المنافسة وبناء "شراكة الثقة مع القطاع الخاص"    5 أفلام عربية تتألق في مهرجان ريو دي جانيرو السينمائي بالبرازيل    السكة الحديد: تعديل مواعيد بعض القطارات على بعض الخطوط بدءا من السبت    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد: الدكتور عبد الكريم صالح شخصية العالم القرآنية في جائزة ليبيا الدولية    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    موعد انتهاء العمل بالتوقيت الصيفي وبداية تطبيق التوقيت الشتوي 2025    الرسوم الجمركية الأمريكية تؤثر سلبًا على إنتاج الصلب الأوروبي (تفاصيل)    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    المنشاوي يعقد اجتماعًا لمتابعة المشروعات الإنشائية بجامعة أسيوط    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    «النار دخلت في المنور».. كيف امتد حريق محل ملابس إلى عقار كامل في الهرم؟ (معايشة)    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    شراكة استراتيجية بين جامعة عين شمس و"هارفارد" لتعزيز قدرات أعضاء هيئة التدريس    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    الإصلاح والنهضة: انتخابات النواب أكثر شراسة ونسعى لزيادة المشاركة إلى 90%    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    براتب 290 دينار.. العمل تعلن عن وظائف جديدة في الأردن    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    المصرف المتحد يشارك في مبادرة «كتابي هديتي»    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    رئيس الوزراء: ذكرى نصر أكتوبر تأتى فى ظل ظروف استثنائية شديدة التعقيد    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد مصطفى موسى: دستور إخراج اللسان!
نشر في البديل يوم 29 - 10 - 2012

بقدر ما غضبت، بقدر ما سخرت، من مشهد ذاك الخمسيني الذي انتشى فرحاً، واستخفه الطرب، وأخذ يبتذل "كالردّاحات" ويتمايس ذات اليمين ويتمايل ذات اليسار، متغنجاً يخرج لسانه لمرشح الرئاسة السابق، المحامي خالد علي، لما سمع حكم المحكمة بإحالة الدعاوى القضائية بشأن حل الجمعية الدستورية، إلى المحكمة الدستورية العليا.
قدر ما شعرت بالغثيان أو بالأحرى التقزز، من المشهد الذي لا يليق إلا ببنت هوى، في ماخور موبوء، قدر ما احترمت خالد علي، إذ وقف يرنو إلى "الرقّاص" ذي الفيه المفتوح واللسان الممطوط، واللعاب السائل على شعر اللحية، وعلى شفتيه بسمة استخفاف، ولسان حاله يقول: إذا أنت حدثك سفيه، أو ناوشك رقيع، فلا تجبه فخير من إجابته السكوت، وإذا أنت خاطبك الجاهلون، فما ينبغي لردك إلا أن يكون تسامياً وترفعاً.
على أن ما اقترفه "الرجل" مع الاعتذار لمفردة الرجل، بكل ما تحتويه من قيم أخلاقية، لا يؤخذ باعتباره تصرفاً فردياً، ولا يجوز أن يؤخذ كذلك، فالفعلة الشنيعة الشنعاء، والتصرف الأهوج الهائج، يترجم بدرجة كبيرة منهج التيار الذي ينتمي إليه.
تيار يلهج لسانه بالتقوى، وقلبه يستعمره الزيغ والزوغان.. يجهر بآيات القرآن، ولا يردعه ضمير عن عقد صفقات ظلام، متذرعاً بما يسميه تارةً: المكر السياسي، وحيناً: ضرورات المرحلة، ومرةً: مقتضيات الواقع، وما إلى ذلك من مسميات فارغة جوفاء، لا تنتمي إلى ما يدعيه من فضيلة، من قريب أو بعيد.
"الرجل" مع الاعتذار للمفردة مجدداً، الذي يريد دستوراً إسلامياً، أخذ يتراقص، وسط رهط من جماعته، من دون أن نرى فيهم مستهجناً أو نسمع منهم رفضاً واستنكاراً، بل على العكس، فغروا أفواههم وتدلت أشداقهم، واستغرقوا في ضحك هستيري، بانت له نواجذهم، أو بالأحرى أنيابهم، واهتزت كروشهم ارتفاعاً وانخفاضاً، وارتعشت خدودهم.
سعداء كانوا بما يقترف، وإنهم لمنتشون بنصرهم، في غزوة الدستور المظفرة، ضد القوى القائلة بمدنية الدولة، فلماذا لا يحتفلون ويقصفون وقد صاروا على مرمى حجر من إلغاء الكل وابتلاع الكل؟
لن يصابوا بعسر هضم، فأمعاؤهم تهضم الحديد، وأنيابهم تطحن الزلط، وحلاقيمهم واسعة، بما يسمح بمرور خريطة وطن.
سيواصلون كتابة دستورهم، سيجعلونه محصناً لا يجوز المساس به، لمدة عشر سنوات، وسيفصلونه قصيراً فوق الكعوب بشبرين، فضفاضاً كالجلاليب الوهابية، لجعل كلمة الله هي العليا، وكلمة الله عندهم، هي أن ينكحوا الفتيات في ريعان الطفولة، فما أروعه من دستور، يرضي غرائزهم، بما لا يخالف شرع الله.
دستور سيؤسسون عليه لتشييد خلافة مرجوة، وأستاذية وهمية، عبر ترسيخ هيمنة رئيس واحد، متفرد ذي سلطان وجلال، خليفة لله على أرض الله وما فيها ومن فيها، لا نائب له، وسلطاته مطلقة لا محدودة، وبوسعه متى يشاء، أن يقذف بكل ذي رأي يخالفه، إلى نار ذات لهب، وأن يختزل سلطات القضاء والتشريع في شخصه المبجل، وربما رويداً رويداً، يتحول نمروذاً، يحيي ويميت، كما زعم النمروذ لخليل الله ابراهيم عليه السلام.
إنهم فرحون يتراقصون، يحتفلون يقصفون، يشمتون يلعنون، وهم يحوقلون ويحسبنون، يبدون عكس ما يخفون، يرفعون الكتاب على أسنة رماح، فيما يخرجون ألسنتهم!
لكن.. ماذا عن الثورة وشبابها وأهدافها وأحلامها والدماء التي أريقت في ميادين الحق والحرية والتحرير؟
هذه هرطقات ليست مهمة، فالثورة ليست غاية، وإنما وسيلة، لإخراجهم من غياهب السجون، وإدخالهم قصر الرئاسة، وبوسعهم أيضاً أن يفعلوا فعل صاحبهم "الرقّاص" لإغاظة القائلين بها، فهؤلاء الليبراليون والعلمانيون في رأيهم محض حشرات.
هكذا إذن.. يتشبثون بدستور نكاح الأطفال، وصناعة "نمروذهم" كي يتمترسوا ببطشه وسلطانه، لكن رويداً ومهلاً، فالنمروذ سقط صريعاً، بسبب حشرة.. قتلته ناموسة دخلت من أنفه، واستقرت في دماغه، وظلت تطلق أزيزاً، لم يكن يهدأ إلا إذا ضربه الخدم، بالنعال على رأسه.
[email protected]
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.