تصاعدت حدة التوتر بين الإماراتوالصومال مؤخرا، وتعددت خلفياتها من سياسية واقتصادية وعسكرية ولوجستية؛ على خلفية إبرام شركة موانئ دبي العالمية اتفاقًا مع جمهورية أرض الصومال غير المعترف بها، حتى صادر الصوماليون أموالًا وصلت مطار مقديشو على متن طائرة إماراتية خاصة. وما لبث المرضى والمسنون الصوماليون أن صدموا بخبر إغلاق مستشفى إماراتية، كفصل جديد من التوتر بين مقديشو وأبوظبي، الأمر الذي فتح النقاش حول إخضاع العامل الإنساني لأغراض سياسية، فإغلاق المستشفى جاء بعد قرر السلطات الصومالية بمصادرة معدات عسكرية إماراتية كانت في طريقها إلى أبو ظبي عبر مطار صومالي. وسبب إغلاق الإمارات لمستشفى الشيخ زايد في مقديشو صدمة للصوماليين، فالمستشفى كان يقصده يوميًا مئات المرضى في هذا البلد الفقير، وترددت الأنباء أنه يجرى نقل تجهيزات المستشفى إلى السفارة الإماراتية في الصومال.
وتتلاحق حلقات التدهور في العلاقات بين البلدين بشكل سريع، فأحيانًا لا يفصلهما سوى يوم أو اثنين ليتجدد التصعيد بينهما، فمنع السلطات الأمنية الصومالية في مطار "بوصاصو" لبوتلاند شمال شرقي الصومال شحن معدات وصناديق تحتوي على معدات عسكرية، كان ضباط إماراتيون يحاولون نقلها إلى بلدهم بطائرة عسكرية خاصة، سبقه إنهاء الدور الإماراتي في تدريب القوات الصومالية، ومصادرة الصومال حوالي 10 ملايين دولار من على متن طائرة إماراتية بمطار مقديشو الدولي. واتهمت الصومالالإمارات بإدخال تلك الأموال في البلاد بطرق غير شرعية، كما ألغت مقديشو اتفاق تعاون عسكري مع أبو ظبي يعود إلى عام 2014، ليأتي بعدها إعلان الإمارات أنها قررت أيضا إنهاء مهمة قواتها التدريبية لبناء الجيش الصومالي، وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية أن القرار يأتي على خلفية ما وصفته بحادث احتجاز السلطات الأمنية الصومالية طائرة مدنية خاصة مسجلة في الإمارات بمطار مقديشو، مع العلم أن الإمارات كانت تدفع رواتب ألفي و407 جندي صومالي، وفقًا لمصادر إعلامية إماراتية. وثمة علامات استفهام حول الدور الذي تلعبه الإمارات في الصومال وسياستها في منطقة القرن الإفريقي، فالمتابعون للعلاقات بين البلدين وصفوها بالمتوترة؛ بدأت في الاتجاه نحو الأسوأ بعدما أخذت الصومال موقف الحياد من الأزمة الخليجية، الأمر الذي دفع أبو ظبي لدعم الحكومات الإقليمية على حساب الحكومة المركزية، في محاولة للضغط عليها لتغيير موقفها، فعمدت الإمارات عبر شركتها "موانئ دبي" إلى إبرام اتفاق مع إقليم أرض الصومال غير المعترف به دوليًا، لتشغيل ميناء بربرة لمدة 30 عاما، والخطوة من شأنها إضعاف السلطة المركزية في الصومال، التي لا تعترف أصلا بأرض الصومال كإقليم مستقل. واعترضت الصومال بالفعل على الخطوة الإمارتية التي بدأت بالتدخل في شؤونها الداخلية، فلجأت إلى الجامعة العربية ومجلس الأمن للمطالبة بكف الإمارات عن تدخلاتها في الصومال، معتبرة هذه الاتفاقية تعديًا على سيادته، وأعقب ذلك تصويت البرلمان الصومالي بالإجماع لصالح منع شركة موانئ دبي من العمل في البلاد. وفي الشمال الشرقي، يوجد إقليم "بونتلاند" الصومالي الذي يزعم استقلالا هو الآخر لا يعترف به أحد، نجد أن الإمارات مدت أذرعها هناك وقدمت دعمًا عسكريًا وماليًا وتدريبًا، حيث تشرف أبو ظبي على برنامج قوات الشرطة البحرية في الإقليم المعنية بمكافحة الإرهاب والقرصنة، ويرى محللون صوماليون أن الإمارات تزرع قوى تابعة لها وتشجع الانفصاليين عن الحكومة المركزية. وهناك عامل آخر يجذب أنظار الإمارات باتجاه الصومال، فالأولى مندفعة بقوة تجاه البحر الأحمر ومضائقه وموانئه تجاريًا أو حتى عسكريًا، ولا يبتعد اليمن عن دائرة الاستهداف أيضا، وهو ما يلاحظ من ميناء عدن إلى جزيرة سقطرى، والصومال يتربع على منفذ استراتيجي من المياه، فواجهة مطلة على القرن الإفريقي والمحيط الهندي، وغير بعيد عنه هناك خليج عدن وباب المندب عند مدخل البحر الأحمر. تجاذبات أطراف الأزمة الخليجية باتت تلقي بظلالها على الحياة السياسية في الصومال؛ ففي 9 أبريل الجاري قدم رئيس البرلمان الصومالي، محمد عثمان جواري، استقالته، بعدما خسر معركة مع الحكومة كادت أن تدخل البلاد في حرب أهلية، بسبب إصراره على تمرير قانون يلغي مشروع تطوير ميناء بربرة من قبل الإمارات.