تأخذ الأزمة السياسية بين الصومالوالإمارات أبعادا جديدة يومًا بعد آخر، بعد سنوات من تناغم سياسي، بلغ حد التعاون والشراكة في مجالات عديدة. الاحتقان والفتور، المخيم على العلاقات السياسية بين البلدين، ناتج، وفق محللين، عن قرارات سياسية ودبلوماسية إماراتية، ردا على موقف مقديشو الحيادي من الأزمة الخليجية، بعد أن أخفقت ضغوط دبلوماسية مورست عليه من الدول المقاطعة لقطر للعدول عن موقفه، خاصة أن مواقف مقديشو السياسية كانت غالبا ما تتوافق مع سياسة العواصم الخليجية، ولا سيما الرياض. وبدأت الخلافات تظهر على السطح باتفاقية مثلت ميناء بربرة والتي تعتبر نقطة تحول للوضع من أزمة تباين مواقف بين مقديشو وأبوظبي إلى أزمة تمس السيادة، بعد أن أقدمت الإمارات على إبرام اتفاقية ثلاثية مع كل من إقليم “أرض الصومال” وإثيوبيا، ما أثار حفيظة الحكومة المركزية، واعتبرتها “اتفاقية باطلة”. الاتفاقية جاءت كرد على فسخ جيبوتي عقدا مع شركة موانىء دبي العالمية؛ ما دفع الإمارات إلى الإسراع في إبرام اتفاقية، دون اعتبار للجهات المعنية بهذا الشأن، ما أعطى الأزمة زخما تصاعديا بلغ حد التراشق الإعلامي بين مسؤولين في البلدين العربيين. بعد أزمة اتفاقية ميناء بربرة، قدمت الصومال شكوى رسمية ضد الإمارات في مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية، متهمة إياها بممارسة تدخلات صارخة، وتوقيع اتفاقية باطلة تمس سيادة الصومال. واستدعت الخارجية الصومالية السفير الإماراتي في مقديشو، محمد أحمد عثمان الحمادي، للاستفسار عن شرعية الاتفاقية الثلاثية وسبب تزامنها مع زيارة رئيس الحكومة للدولة الخليجية، إلا أن السفير “لم يقدم إجابات مقنعة”، حسب مصادر ووثائق رسمية نشرتها وكالة الأناضول. على الجانب الآخر، سلمت الإمارات ورقة احتجاج إلى القنصلية الصومالية في أبوظبي حول “احتجاز طائرة إماراتية والاستيلاء على أمول مخصصة للجيش الصومالي”، مطالبة الحكومة بتقديم اعتذار الرسمي. وحسب مصادر في الخارجية الصومالية، فإن الإمارات قدمت في الجامعة العربية شكوى رسمية ضد الصومال بشأن احتجاز الطائرة، دون الإشارة إلى الأموال. فيما قررت الإمارات إنهاء مهمة قواتها التدريبية في الصومال لبناء الجيش الصومالي، والتي بدأت منذ عام 2014. ووفقا لما نشرته وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، يأتي هذا القرار على خلفية حادث احتجاز السلطات الأمنية الصومالية طائرة مدنية خاصة مسجلة في دولة الإمارات وعلى متنها عناصر قوات الواجب الإماراتية. وقامت بعض العناصر الأمنية الصومالية بمصادرة المبالغ المالية المخصصة لدعم الجيش الصومالي ودفع رواتب المتدربين الصوماليين. وفي سياق تصعيد الموقف أوقفت، الامارات العمل في مستشفى الشيخ زايد الذي أقامته في العاصمة الصومالية مقديشو، دون أي تصريح رسمي من الجانبين. وقد أوردت وسائل إعلام عربية محلية هذا الخبر دون أن تذكر مصدره. لكنها أشارت الى أن موظفاً في المستشفى لم يرغب بعدم ذكر اسمه خوفاً من فقدان وظيفته، هو من أعلنه لإحدى وسائل الاعلام المحلية. وقد أوردت وسائل الاعلام ان القرار جاء بعد ان منع مسؤولون صوماليون طائرة إماراتية من مغادرة مطار بورت لاند، الأسبوع الماضي، نتيجة رفض ركابها وهم مدربون عسكريون اماراتيون تسليم أمتعتهم ليتم فحصها وتفتيشها. في حين أوردت صحيفة "الامارات اليوم" نقلاً عن أحد موظفي المستشفى، أن هذا القرار جاء بعد أن "صادرت السلطات الصومالية مبالغ مالية قدرت بحوالى 9.6 مليون دولار على متن طائرة إماراتية بمطار آدم عدي في مقديشو الأسبوع الماضي"، وأكد الموظف أن جزءاً من هذه الأموال كان مخصصاً لأدوية ورواتب موظفي المستشفى. وفي إشارة لبدء أزمة دبلوماسية بين البلدين، اعتمدت الصحيفة الامارتية على تقارير إخبارية تفيد بأن "الإجراءات الاستفزازية التي اتخذتها حكومة الصومال جاءت بإيعاز وتحريض من قطر"، حسب قولها. وانتهت قرارت التصعيد بين البلدين حتى الآن بقرار الإمارات إنهاء مهمتها التدريبية لمساعدة الحكومة الصومالية في إعادة بناء جيشها.